Powered By Blogger

الجمعة، 1 أغسطس 2014

رجال أمسنا حكموا وحكام اليوم خافوا فغابوا


كتب عيسى بن علي، أحد قادة جيوش العباسيين،  الى الخليفة المنصور لما هم يقتل أبي مسلم الخرساني بعد أن  بلغ  الأخير منزلة العظماء ومنافسا للخليفة العباسي وطامحا للخلافة:
إذا كنت ذا رأي فكن ذا تدبر         فإنَّ فساد الرأي أن تتعجلا

فأجابه الخليفة  المنصور
إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة         فإنَّ فساد الرأي أن تترددا

وكان  أبو مسلم غلاماً سراجاً، ومن ثم أُرسل إلى إبراهيم الإمام ليخدمه، فلمس فيه إخلاصاً، وحماساً، وشجاعة، فقربه، وأمره بتغيير اسمه وكنيته، وأرسله بعدها ليدعوا للعباسيين في خراسان،  فأمال الناس هناك  له لكرمه ولهيبته وتولى الإامارة فيها وطمح إلى المنصب الأعلى فخاف الخليفة منه وقتله بمكيدة نصبها له وكان عمره يوم مقتله 37 سنة.

أكتب هذا لأقول أن للعباسيين أبي مسلم وللأمويين حجاجهم إثنان تميزا بقدرة فائقة في ادارة الدولة والحكم ورغم الدموية والشدة التي إشتهرا بها كانت لهما انجازات لم يقم بمثلها لا من سبقهم ولا من أتى بعدهم.  هما ، وربما حصرا، أقاما الدولتين وهندسا الحكم فيها ووسعا رقعتها وساهما بالكثير مما لا يعرفه الناس. الحجاج أشرف على توحيد الخلافة وكان عند توليه البصرة للمسلمين خلفاء ثلاثة، واحد في الشام وآخر في مكة وثالث للخوارج في جنوب العراق. أبو مسلم جعل من الخلافة العباسية أهم حدث في تاريخ الإسلام فكانت رقعتها تمتد من الصين الى أفريقيا شمالها وأوسطها. الحجاج جعل من مصحف عثمان المصحف الاوحد يعد أن تعددت المصاحف. والكلام عما انجزا طويل طويل. لم يقصرا في نشر الإسلام ولكن ذلك لم يكن إنجازهم الأوحد ولم تكن الأقليات رغم تراجع نفوذها قد هجرت وسلبت ونهبت واسيء اليها بعرضها ومالها أو باذلالها.

اليوم وبعد أن تطورت الدنيا وتقدمت علما ومعرفة وثقافة وأصبح التواصل فيها سهل متوفر للجميع فقربت المسافات اتصالا وتواصلا، المعلومات والأخبار يعرفها الجميع ويطلع على تفاصيلها إذا أراد حال حصولها والناس تنتقل في اطراف الدنيا متى شاءت ولأي غرض كان،  يضاف الى كل ذلك وبما يتعلق فينا عربا و إسلاما تاريخ صنعته أجيال وأجيال فيه القبيح وفيه  الغني الصالح مما غير المفاهيم في الدنيا ايجابا. كل ذلك كان، ولنا حق الإفتخار به،  وقبل أن تتوافر ادوات الإتصال التي ننعم بها . الطب تطور بفضل سلفنا الطيب الصالح المعطاء والفن تطور والموسيقى تطورت وكذلك الغناء وعلوم الحساب والجبر والهندسة وعلم الهيئة وكل علم وفن مفيد أو جميلإستفاد منه الغربق وبنى عليه وحل محل ما كنا عليه وأصبح المرجع الذي نحن نغرف منه ونحسده عليه وعلى ما يتمتع به وكأننا ممنوعون من المساهمة في الرقي والتقدم والتمتع بما يوفره لنا كما هو يتميع.

نكرر ونقول أن كل ذلك لم يمنع الدولة الإسلامية والمنظمات والأفراد معمّمين أو حاسري الرؤوس الذين يدورون في فلكها أو يماشونها فعلا أو فكرا  يمارسون ما تمارس قولا أو فعلا، لم يمنعهم ذلك بان يقوموا كما هي تقوم به وكأن الإسلام أصبح نسيا منسيا  لم يعد دينا للناس يسيرون بهديه بل أداة للإنتفاع يلبسونها ما شاؤوا ويهدمون ويقتلون ويهجرون ويجرمون كي يربحوا بعض الدنيا باعتبار أن الآخرة مؤجلة أو هي أصلاّ غير موجودة وحتى الحواري لم يعد لهم ذكر وغابوا حتى عن الأحلام إلا لمن يبيعون لهم  بضاعتهم يعدونهم بهن، أي بالحواري، ليموتوا راضين ينتظرون "الشهادة" كي يحظوا بما وعدوا به  ويحقق البائعون مدعي الإسلام  بعضا من  أوهامهم.

أين العرب من كل هذا؟ خائفون خسارة ما يملكون في هذه الدنيا؟ ما الفرق إذن بينهم وداعش؟ الكل يسعى إما للحفاظ على ما إستحوذ أو الإستحواذ على ما فاته من مكاسب. وهل وصلهم قول المنصور في رده على قائد من قادته "فإن "فساد الرأي في أن تترددا".

العنف الذي طبع إنتفاضة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس يوحنا العاشر لما يجري في سوريا جديد علينا إذ أن بطاركة الشرق لا يتعجلون الكلام ولا يرمونه على عواهنه. هم رجال خبروا الحياة وعرفوا بلاد المشرق العربي ومكوناته معرفة اًصحابها لها وعاشوا وشركائهم فيها جيلا بعد جيل وذاقوا حلو هذا العيش ومرّه وبقوا كما الشركاء في الأوطان إياها قرونا عديدة ، أكثر من ألف سنة ونيف، وبقوا فيها جذورهم في الأرض ضاربة ولم يتركوها ولم يتخلوا عنها أبدا.

في شمال سوريا ضرب بعض الفصائل الإسلامية المسلحة طوقا على بلدة إسمها "محردة" وهي مسقط رأس المثلث الرحمات البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم وبلدة "السقليبية" في ريف مدينة حماة. يقدر عدد ساكنيها بحوالي ماية ألف أرثوذكسي وفيها عشر كنائس ومؤسسات إجتماعية وتربوية مدنية وأخري تابعة للكنيسة.

معلومات رجال الدين أن البلدتين تتعرضان لصواريخ وقذائف مدفعية تطلقها الفصائل المحاصرة. ,على ما يظهر فإن الكنيسة تتجه إلى مواقف تصعيدية في مواجهة الخطر الداهم وتقول أنها لن تسمح بأن تتكرر جريمة الموصل في محردة أو غيرها ولن تسكت عن الأمر وسط الصمت الرهيب المريب عما يجري ضدهم من تطهير ديني غير مسبوق. هل يعي العالم وعلى وجه الخصوص عالمنا العربي معنى حرب مسيحية—إسلامية فبي بلادنا وخطورتها  على العرب بجميع طوائفهم ومعتقداتهم أبنما كانوا؟

التقرير السنوي للخارجية الأميريكية عن الحريات الدينية  في العالم . تشير إلى "أن الوجود المسيحي في سوريا تحول ظلاّ." هرب مئات الآلاف من البلاد نتيجة عنف النظام كما المجموعات المتشددة . في حمص إنخفض عددهم  إلى ما يقارب الألف من ماية وستون ألفاّ قبل نشوب النزاع.

وفي مصر يقول التقرير إياه أنه وفي عهد محمد مرسي تتحدث التقارير عن إنتهاكات جماعية على اساس المعتقد وقام "غوغائيون" أو هكذا سموهم، باعمل عنف وترهيب وطرد ضد المسيحيين وجلهم من الطائفة القبطية. وتعرضت أكثر من 42 كنيسة للهجوم ما بين 14 و17 آب من العام الفائت في مختلف المحافظات.

البطريرك الأورثوذكسي يلوم الغرب للامبالاته ويلوم العرب وبالأخص المسلمين منهم على ما لا يفعلون لتفادي الكوارث التي ستصيب المسيحيين وسترتد بطبيعة الحال على غيرهم.

والغرب مشغول بأوجاع إسرائيل في حربها مع أهل غزة، يسلحهم لأن ذخيرتهم لم تعد تفي بحاجات هدم غزة وتقرر منحهم ما يقارب الربع بليون دولار لتحسين فعالية القبةالحديدية التي لم تنجح في منع صواريخ العدو من زيارة مدنهم وقراهم. هذا هو ما يهم الغرب أما مسيحييوا الشرق فهم ليسوا من أولوياته ولا يهمه مصيرهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق