Powered By Blogger

الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

إن خوطبوا كذبوا أو طولبوا غضبوا أو حوربوا هربوا أو صوحبوا غدروا

الدولة الإسلامية واقع قائم وهو ليس مرحليّ في وجوده بل هو تنظيم تكوّن بشكل طبيعيّ ووجد الأرض والظروف المناسبة وتحالف مرحلياّ مع غيرة ممن شاءت الصدف أو التخطيط وجوده في المكان والزمان حيث داعش، وهذا كان إسمها،  واستفاد من تحالفه وانفكّ عنه عندما بلغ غايته منه وحارب حلفاءه وربح عليهم ثم تحوّل إلى حرب أكبر وأجدى  مع النظام في سوريا وتمدّد وبسرعة وحكم وانتقل إلى العراق حيث كان ما كان وأعلن دولته.

الدولة الإسلامية كيان وعقيدة. والدولة قادرة والأيام تظهر أنها ليست وليدة صدفة إنما هي تنظيم أنتجته طاقات فكرية حديثة التفكير وتعرف من أين تؤكل الكتف. ولها موارد مالية كبيرة وأتاح لها تنظيمها وتمددها جغرافياّ تمَلّك موارد هائلة فلم تعد بحاجة إلى الدعم المالي الفردي ولا الدعم الذي توفّره منظمات ودول عربية وإسلامية وربما غيرها أيضا.

لا يعني هذا الكلام أن الدعم سيتوقّف أو ينحسر ولكن الدولة ومستقبلها مضمون مالياّ بدعم أو بلا دعم.  فهي إستولت على منابع النفط في سوريا وشمال العراق واسترجاع ذلك دونه الأهوال.

المساحة التي تقيم عليها دولتها أكبر بكثير من أكثر البلاد العربية. الإنتماء إلى هذة الدولة لا يقتصر على "مجانين" يحلو لهم القتل وسفك الدماء أتوا من أوروبا ودول إسلامية كانت تحت حكم السوفيات وأيضا عرب وغيرهم. هؤلاء لهم، على ما يظهر ، دورهم وسيمرّ وتبقى الدولة كباقي الدول قائمة حوربت أم لم تحارب وناسها هم ناس البلاد التي عليها يقيمون  والذين ذاقوا حلوها ومرّها ومكانهم هو حيث الجذور.

ما هو دور المنتمين المجانين؟ أعتقد أن دورهم هو بث الرعب في نفوس الناس وتكوين صورة للدولة بأنها تفعل ما تقول وإن على الجميع التنبه إلى جدّيتها ,انها هنا لتبقى. أما الهدف الأسمى لهم فهو إرباك المجتمع الدولي وتخويف كلّ بلد من أبنائه الذين وجدوا في داعش ما يرضي شهواتهم وغرورهم وتدريبهم القتالي وأنهم إلى بلادهم سيرجعون بعد أن يكتفوا أو يكلّفوا بمهمات قد لا تكون مريحة لبلادهم، والطامَة الكبرى هنا أي في رجوعهم.

ما يشجعُ على ما نستشرف من أمور هو الموقف الدولي وبالأخص الأميريكي منه. المتابع لا يستطيع إلاّ أن يتذكّر التهديدات التي بدرت عن رئيس أميركا ولم تنفّذ. كثرت الوعود وقلَ الفعل.

مرور الزمن له فعله وتكرار التهديد والوعيد لا يستقيم وما ينتظره من هو مهدّد ولا مع من يستمع وينتظر وتبؤ آماله بالفشل. التهديد لم تعد له جدوى. لو، واللوُ هذه لا معنى لها بعد أن حصل ما حصل . لو ضرب يوم هدد منذ سنتين لما كانت داعش اليوم هنا بهذه القوة والتصميم. والآن داعش هنا ومحاربتها ستكون مكلفة وقد تنجح  الحرب وقد تفشل ولكنها لن تستأصل الدولة الإسلامية.

الحرب على داعش اليوم في العراق باردة وباردة جدأ لأن أهدافها، حتى الآن، محدودة بحماية المصالح الأميريكية فقط وهذا ما أعلنه أوباما شخصيّا ولا أخبار جديدة تعلن عن تغيير في  وجهة الحرب المناوشة. هي بالفعل مناوشة لا تقدٍم ولا تؤخِر فلا داعش تملّكها الرعب ولا المسيحيون والأزيديون إسترجعوا ما سُبي لهم من نساء. ولا هم أكلوا أو لبسوا أو أُعطوا بصيص أملٍ بمستقبل مقبول.

يطالعنا وبوقاحة وليد المعلم أمس ليفرض شروطه لمن يريد أن يساهم في قتال داعش. تهمه ومعلِمه بشّار سيادة سوريا فلا طلعات جوية دون التنسيق معه وإلاّ فالويل والثبور وعظائم الأمور تضمنها له ولمعلِمه الروسيا وبلسان وزير خارجيتها وإيران بأحزابها الإلهيّة . المخجل هو أن بعض الدول تعطي هذا النفير القبيح البغيض بعضا من إهتمامها فهي تفكِر بما سمعته من وليد المعلم الجاهل بكل شيء وهو الذي لم نسمع لا منه ولا عنه شيئا لأشهر طويلة ثم ظهر. معلمه كان وضعه
على الرّف ولما إرتأى أنه مفيد نفض عنه الغبار والبسه ثياب الذلِ ليقول ما قال.

هل نسينا أن الربيع العربي وما أنتج كان واقعا تحت عبء ثقيل ثقيل مرهقٍ من النفايات المذهبية والمصلحية والمناطقية  التي تركها الحكام العرب  الذين عاشوا وعاثوا في البلاد ما لم يكن في الحسبان . أبدعوا في ابتداع أنواع الفساد ونشره والسوء الذي نبع من داخل نفوسهم والفجور الذي إرتكبوه عن معرفة وتدبير وحبور.  لم يكن الثائرون بسبب ألإرث الثقيل يتوقّعون أن تكون الأمور قد تدنّت إلى هذا القعر العميق وبهذا الثِقل وإلا لما أقدموا على ما أقدموا عليه.

نصلٍي ونطلب من الله عز وجلّ أن يمنح الحكام الصالحين بعض العقل والنزاهة والصدق والرؤيا البعيدة عن الصالح الشخصية ليقوموا بواجبهم، كلُ حسب مايقتدر ويجيد ويملك ، ولا يسمحوا للتاريخ أن يصبغهم بصبغة العجز والتلكؤ والجُبن والجَور وبالتالي إرتكاب الخطأ القاتل فيحظوا بما حظي به غيرهم من جزاء مكتوب.

قال عمر أبو ريشة في يوم عقدت مؤتمر القمة العربي العادي الخامس في مدينة االرباط عام 1969 قولا نفهمه اليوم:


إن خوطبوا كذبوا أو طولبوا غضبوا أو حوربوا هربوا أو صوحبوا غدروا
خافوا على العار أن يُمحى فكان لهم على الرباط لدعم العار مؤتمر
على أرائكهم سبحان خالقهم عاشوا وما شعروا ماتوا وما قبروا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق