Powered By Blogger

الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

الفتنة

زمار وسنجار بلدتان في محافظة نينوى شمال العراق تقطنها الطائفة الازيدية والمعوفة أيضا باليزيدية، إحدى أقليات بلاد ما بين النهرين لا يتجاوز عدد أتباعها الثمنماية ألف عانوا من قتل وتنكيل وتهجير أيام الحكم العثماني والآن يتعرض أهلها لحملة من الترويع والإضطهاد  وبالتالي التهجير أين منه ظلم بني عثمان ،على يد الجماعة التي إستساغت القتل والترويع وتسمّي نفسها زوراّ ودون حق "الدولة الإسلامية".

هذه الدولة المسخ وسعت نطاق عملها فأدخلت الأزيديين في العراق في برنامج اعتداءاتها  وأيضا متحالفة مع حزب الله والنظام السوري عمدا أو صدفة ، لا فرق، أدخلت في برنامجها هذا أيضا المسلمين السنة في مدينة عرسال غرب البقاع في لبنان. جيش لبنان يقاوم ويحارب وأهل عرسال يقاومون ويقتلون ويهجّرون وفي قتالهم لداعش هم يدعمون رغما عنهم وضد ما يشتهون نظام الأسد وحزب الله. النظام والحزب أدخلوا معهم شريكا مناه أن يختفي كل شيطان منهم وعلى شاكلتهم ويختفي معه ذكرهم ويشطبوا من صفحات التاريخ كي لا يقال يوما :من هنا مرت داعش وحزب الله  وبشار.

لبنان عانى على مدى عقود من الويلات ما يفيض عن قدرته على التحمل. حروب الآخرين هنا، كما وصفها غسان تويني أطلت برأسها مرة أخرى دون حجاب، دون تحفظ ودون إستئذان. "على عينك يا تاجر" كما يقول المثل. هذا البلد هو بتكوينه وامتداده وتنوعه يمثّل تحديا لا يفيد المتحجرين عقلاّ وديناّ ورؤيا والملتزمين بالحجاب والختان والحواري واللحى والدشداشة القصيرة والوالي الفقيه. ولبنان أيضا في تنوعه فقط تحد لا تريده إسرائيل ولا تقبل به وتسعى إلى تبديله وإن تعثّر ذلك فبالفتن على تنوعها، دينية مذهبية أو طبقية أو أي فتنة يدبرون.

وهل من فتنة أكبر وأوضح من منع الحزب مجلس النواب من إنتخاب رئيس للبنان؟ أيدري عون، وهو عون من أعوانه أنه يقدم للساعين إلى تدمير لبنان هدية لم يحلم بها أحد، لا الحزب ولا إسرائيل، حتى أكثر الناس خبرة في حياكة الفتن لم تخطر له على بال. بلد بلا رأس أو رأس فاسد خادم للأعداء ، الخيار واضح والحزب وعون قرروا معا أنهم يحكمون البلد أو لا بلد.

ألا ينضح كل ما قلنا بحقيقة التحالف المرئي والمكتوم بين داعش وإسرائيل والحزب ؟ ألا تلتقي مصالحهم في فلسطين والعراق وسوريا والأردن وهم في حروبهم الآن يرسمون لنا خريطة تحالفهم وأسلوب يتبعونه كلهم شكلا وموضوعاّ للوصول إلى الشاطيء الذي يحلمون ويخططون للرسو فيه ؟  

هل يعلم المسؤولون هنا وهناك وفي كل مكان أن لبنان لا يستطيع الطلب إلى مجلس الأمن أن يتدخل؟ ممنوع. الحزب يمنعه لأن قدرته العسكرية ستتأثر سلبا كما تأثرت في جنوب لبنان حيث الحزب هناك ليس حراّ لا في تنقلات عسكره ولا في نشر السلاح. وإن قام بذلك ففي السر والخفيةٍ فقط.

ماذا نأمل ونتمنى وعيننا بصيرة ويدنا قصيرة. العرب في غفوة مع أهل الكهف. أهل الكهف أفاقوا أما العرب فمرتاحون فلا عين تبصر ولا قلب يحزن. وهم لا يحزنون بل يدّعون لأن الإحساس عندهم إختفى أو أنه كان بالأصل غائبا، لا فرق فنحن نحتاجهم اليوم وليس عندما يستفيقون.

والغرب وأخص بالذكر أمريكا الولايات المتحدة ربيبتها أو هي ربيبة اليهود أيضا لا فرق، بلد الديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان والريادة في العلم والمعرفة والجامعات التي لا مثيل لها وإن كان تمويل بعضها يهودي وبالتالي يتميز اليهود فيها، كل تلك الصفات لم تتمكن من لفت نظر حكامها إلى أي من المشاكل والمجازر التي تستبيح جذور وحقوق الإنسان ومعتقداته في بلادي، البلاد التي وصفها نزار قباني  في قصيدته "خبز وحشيش وقمر" .

..... في بلادي..... في بلاد البسطاء ....حيث نجتر التواشيح الطويلة.. ...ذلك السل الذي يفتك بالشرق..... التواشيح الطويلة.. شرقنا المجتر....تاريخا.. و أحلاماً كسولة... و خرافاتٍ خوالي.. شرقنا، الباحث عن كل بطولة.. في أبي زيد الهلالي.

ونعتذر للشطط في السياق وقصدنا القول بأن "الحق الذي وراءه مطالب لا يموت". وبلادي لا تطالب والحق يموت وأوباما يستطيع أن يريح ضميره ، وضميره على كل مرتاح ، ويدعي أن العرب لم ينبّهوه لأمر كان بوسعه تفادي تداعياته.

تداعياته إن كان يدري طويلة الأمد. يقال أن البدوي إذا أخذ بثأره بعد أربعين عاما ، قالوا له :إستعجلت. وليأتي اليوم الذي ينسى الضحية حقه أمر بعيد وممن يأخذ حقه،  لا ندري ولا الضحية تدري،  وتهم الأرهاب ستستمر ما استمر الضحية في طلب ثأر يأخذه عن حق وتطول الأيام والسنون ما دام في غربته أو في أقسى في مخيمات لاجئين أو تحت حكم لا يرتضيه.

لماذا نحصر المسؤولية بالعرب، وانا مع الأسف الشديد عربي وأعتذر للقاريء عن إنتمائي فأنا كغيري لم أختر بل هكذا ولدت، ونحصرها في أميركا وقد درست في معاهدها ونشأت على الإيمان بما تمثله وإن خاب ظني  فالمشكلة ليست عربية ولا هي أميركية بل هي صدفة حكم  أساء لأميركا وللعرب وللإسلام ودق إسفينا في المعتقدات والقيم نأمل أن يحدها أمد قصير يأتي بعده أناس طيبون مؤمنون بالحق والعدل ويحاسبون ويصلحون ما أفسده حكام هذا الزمن الرديء.

لا ضرر في حلم جميل، فالنحلم.




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق