Powered By Blogger

الاثنين، 25 أغسطس 2014

لبنان

لبنان 

لبنان بلد ال 10452 كلم ، الصغير بمساحته الكبير بتاريخه وعطاءاته للعالم ، لبنان بلد الستة آلاف عام الجميل بموقعه ، جباله وسهوله والشواطيء والتي إنطلق منها إلى عالم قديم  لا نعرف عنه الكثير، ينشر الحرف ويعلّم ويثقّف ويكتشف ويعطي العالم مما تعلّم، كل العالم ودون تردّد وبلا مقابل كلّ ما أتاحت له الدنيا من علم ومعرفة كي يرتقي العالم إلى حيث تكون الحياة سبباّ للمسرّة  والمحبة وبالتالي  يكون العيش فيه  عيش يكرّم الإنسان فيه وترعاه من توكل إليه مهمة الرعاية
في الكثير من بقاع العالم مزارع وإقطاعيات وملكيات خاصة تفوق مساحتها مساحة لبنان مرّات ومرّات. يملكها من أعطاه الله أو أحدهم أو كانت سيرة مالكها مربحة، ولا نعتب ولا نطلق لخيالنا العنان ،  خيالنا الخصب عادة وإذا ما سمحت الظروف ووجدنا مجالاّ للتساؤل والخوض في كشف المستور. هذه هواية منتشرة  كما يعلم الجميع وهي أيضا رياضة نفسية يلجأ إليها من يحتاجها ومجالات الحاجة لها كثيرة وكثيرة جداّ
 لبنان ذلك الزمان وقبل أن يأتينا نافل القوم وصغار النفوس من الجهلة الطامعين بكل شيء عدا العدل والإنسانية بما تعني هذه الكلمات وتختزن ، لتحكم وتتحكّم وتنشر الرعب بدل المعرفة والفساد بدل الشفافية والقتل والهدم والتهجير  بدل الرعاية ولا ننسى ألذبح كي تثبت قدراتها وترجع العالم إلى حيث كان وقبل أن ينشر هذا البلد الصغير الحرف والمعرفة خدمة للعالم ودعماّ له. لبنان قام فبل أن نعرف إذا كان العالم يقتصر على أرض عرفنا حجمها آنئذ أو أن هناك بلاد لم تتوفر لنا معرفة ماهيتها، وهل هناك قارات وبلاد  وأين  تقع وما هو عددها وحجمها ومن يسكنها ، نقول أن لبنان  ألزم نفسه نشر العلم ولم يجبره على ذلك أحد ولم يكن هناك أحد غيره في أرض الله الواسعة ليتأثّر به
بالواقع، ما نريد قوله أن لبنان المعاني اليوم من مآسي وشطحات حكام العالم الجهلة يدفع اليوم ثمن كرمه في نشر المعرفة إذ أن من يقود العالم ويستثمر عطاءات هذا البلد الصغير مشكوك في أمر ثقافتهم وفهمهم والنزاهة التي يجب وفي حدها الأدنى أن تتوفر عندهم، البلد الذي بدأ نشر ما أوجزنا من علم ومعرفة قبل أن يولدوا وقبل أن يولد البلد الذي يحكمون ، وهم باشروا بهدم ما قدّم هذا اللبنان لهم. نقول ونؤكد أن من يقود العالم اليوم لا يستحق إرثا  كالذي أورثناه لهم وللعالم أجمع، إرثاّ غنياّ روعته أن الزمن وهو المحكّ  القاطع والأخير لا يغيره بل يؤكد مضمون ما  أورثناه
أهل هذا الوطن الصغير تتملكه رغبة  التمنّي، رغبة لم تعد تجدي فهي من نوع "لو" . ما يمكن أن يتمنى لو كان أقل كرماّ وأقل حبا للعلم وتطوير المعارف لكان العالم اليوم وحكّامه خصوصاّ، أجهل مما هم عليه وبالتالي أقل قدرة على فعل الشر الذي إمتهنوا ووجدوا له في حياتهم وأعمالهم  مكاناّ لا أعلى منه وهو في أحسن أحواله إلتزام منهم للشرّ يندى له كل جبين
في لبنان اليوم لاجئون من كل نوع وجنس عددهم يساوي على الأقل أو يفوق عدد نصف سكّانه ، أتوا ورحب لبنان بهم لأنه إعتبرهم إخوة وجيران لا يجوز أن يمنع عنهم اللجوء إلى أرضه. في الأصل، أصل سيرة وخبرة لبنان في اللجوء،  كان عن طريق من كانت بريطانيا العظمى بالتعاون والتنسيق مع عصابات الإرغون والهاغانا وغيرها قد أقامت وأصبحت تعرف بإسرائيل. هذه الإسرائيل بغضّ النظر عن من وكيف تأسست أنتجت للبنان نصف مليون لاجيء هجرتة العصابات بدعم من الغرب والشرق على حد سواء شاملين أميركا والروسيا إضافة إلى بريطانيا ومجلس الأمن المحكوم ممن دعم إنشاء إسرائيل
لبنان لا يزال يتحمل وزر هذا العمل الشنيع الذي كاد بمراحل مختلفة من تاريخه الحديث أن يقضي عليه
ومرّ زمن واجتاحت البلاد العربية ما سمي بثورات الربيع العربي واستقرت إحداها بعد لأي في سوريا، البلد المجاور الذي حكم لبنان أثناء تعرّضه للزوال وقبل أن تشغلها الثورات المطالبة بالحرية . النظام السوري المضمون بقاؤه من الروسيا وإيران والحواشي من فيالق فارسية وأحزاب تتبع الله عزّ وجلّ وتسمت بعضها بإسمه وإتخذ بعضها من لبنان مقراّ له ولأعماله الحربية وابتدأ الصراع داخل بلاد الجار وكان ولا يزال الصراع رهيباّ جداّ.  القتلى بمئات الآلاف واجرحى والمهجرين بالملايين نصيب لبنان منهم ، لا أحد يعرف بالضبط، حوالي المليونين. وبما أن لا أحد جرّب إختصار أمد الحرب وترك أمر القتل والترويع للأسد بشار والروسيا وإيران وتركت مقاطعات بأمها وأبيها "فالتة" وجد من أراد إستغلال الوضع الهش مكاناّ له وبمرور الوقت تجذر بعضها وكبر وأصبح نفوذ  أحدها شاملاّ لما يقارب الماية الف كيلومتر مربّع في سوريا والعراق. وكان النزوح وكان لبنان بلد اللجوء
هذا التوسع الكبير والخطير لمن ملأ الفراغ من منظمات مذهبية أصولية إسلامية لم يقتصر تأثيره على لجوء سوريين هاربين منه ومن نظام الأسد بل وجد في العراق الذي يعاني من بنية إدارية وعسكرية ضعيفة رثّة مسرحاّ له يبشر فيه بإسلام لا يعترف به سلفيوا الإسلام لشدة تأخّره وإرهابيته التي لم نرى في تاريخنا ما يفوقه سوءاّ. هاجم المسيحيين في العراق وخيّرهم بين إسلام أوجزية أو حد السيف وهجرهم بليلة ليلاء لا ضوء فيها من بيوتهم ولم يسمح لهم حتى حمل ثياب أو فرش ينامون عليه وانتظرهم على طريقهم إلى اللجوء وأخذ منهم كل ما كانوا يحملون من حلى ونقود واحتفظ ببعض النسوة سبايا له ولجنده
ما حصل هو أن هؤلاء المسيحيين المهجّرين وجدوا أن أكثر البلاد أماناّ لهم هو لبنان وبدأوا مسيرة الهجرة إليه. لا نعرف كم يكون العدد ولكنه لن يكون بالمئات. الجميع، إن إستطاعوا سيلجأون إلى لبنان
خطر داعش الذي أقلق أوباما هو ذبح مراسل جريدة الوول ستريت جورنال المأسور المحتجز منذ سنتين والذي لم تتمكن أو لم تأبه أميركا في تحريره. ذبحه إرهابي من داعش بريطاني الجنسية. لو كان المقتول ذبحا على يد غير أوروبية  لكان قلق أوباما وثورته على الحدث قد تضاعفت مرّات ومرّات. داعش تضمّ إرهابيين من كل الجنسيات الأوروبية والأميركية ومن بلاد جنوب شرق آسيا وطبعاّ عرب مسلمين وأفغان وباكستانيين ومن أردت أو استشرفت. نقول داعش فقط كمثال وهناك غير داعش الكثير من المنظمات التي تنافس داعش أو تسير وراءها وعلى خطاها. وهناك الأسد والحزب وفيالق الحرس القومي الفارسي وغيرهم كثيرون
وهناك غزّة  والضفّة فكل ما يطرأ على أو في فلسطين له مردود على وفي لبنان. كيف لا والفلسطينيون المقيمون في لبنان والذين أصبحوا بعد ستة عقود ونيّف جزءا من نسيجه الوطني . يفرح لبنان لما يفرحهم ويحزن لما يحزنهم. هذا هو واقع الحال
كما نرى وإذا أمعنّا النظر في ما سبق وأدرجناه في هذا المقال نجد أن تأثير ما يجري في الجوار على لبنان يتعدى القضايا الأمنية إلى الشؤون السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمالية وقضايا الإنتماء وما شاكل من موضوعات ذات الأهمية الحياتية
مثال ذلك عدم قدرة لبنان ومجلسه النيابي عقد جلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية بعد أن إنتهت ولاية الرئيس الاخير منذ تلاتة شهور. إيران وسوريا تمنعان ذلك وعلى عينك يا تاجر. لا إبهام في هذا المنع
السياحة توقفت في لبنان منذ ثلاثة أعوام وهي تكوّن أحد المداخيل المهمة في البلاد. يتبعها العديد من النواحي الإقتصادية التي تتيح للبنان دخلا فرديّا مرتفعا.  فلبنان لا يستطيع حتى تصليح ما تخرّب على مدى سنين طويلة إذ أن الإصلاح يمنع من المتدخلين في أموره. موارد كبيرة تجبى من سرقات على أعلى المستويات من الجمارك والمالية العامة وما ملكت أيديهم من نفوذ يزوّدهم بالمال الحرام
اللامبالاة التي للغرب فيها باع طويلة لا تشجّع على طرح سؤال بسيط واضح :هل يريد أو يستطيع أو يمنع عن لبنان مصيراّ  كمصير سوريا والعراق؟ الجواب عندنا أن لا نتمنى المنّ والسلوى من حكام مصيرهم في التاريخ لا يزيد ولا ينقص عن مصير حكّام داعش. هي تجرأت عليهم وهم لا يزالون في طور التفكير عن المستو ى المقبول من داعش خوفاّ من تورطهم ليسوا من قدرته. لامبالاتهم هي من نوع تورطهم وإلاّ فليوافونا بتفسير يسمح للمتابع أن يلفت نظره لتفسير آخر
منذ شهر أو أكثر قليلا دخلت داعش إلى لبنان وقتلت وهدمت وهجّرت ولم يطلّ علينا أحد. أميركا خافت من السماح للجيش بالتسلح المناسب خوفاّ من أن يستولي عليها أمثال داعش ويضع إسرائيل في موضع الخطر. لعدم مبالاتهم  بلبنان ناحية إيجابية: فماذا كان سيحدث لو أن دواعشيا عربيا ذبح فردا اميريكيا داخل لبنان. الأميريكيون والأوروبيون موجودون في الشوارع في بيروت وجبيل وصيدا وبعلبك وطرابلس وغيرها ينعمون بما يعطيهم البلد ولا يخافون. نتمنّى أن يخافوا قليلا ويتركوا الشوارع لغيرهم ممن لا داعي لهم أن يخافوا ولا داع للبنان أن يتحمّل ثورة من ثورات أوباما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق