Powered By Blogger

الاثنين، 29 سبتمبر 2014

آخر تصريحات اوباما

آخر تصريحات اوباما 

وكيف نفسرها؟
ونبدأ بالرئيس أوباما الذي لا فُضَّ فوهُ قال في مقابلة في برنامج 60"دقيقة" مستشهداً بتصريحات لمدير الإستخبارات الوطنية، جيمس كلابر، بأنها قلَّلَت من شأن ما يحصل في سوريا وأنها بالغت في تقدير قوة الجيش العراقي في التصدّي للجماعات المتشَدِّدة في الشمال.
المقابلة طويلة وما ذُكر يثير الدهشة عندنا.: "على مدى السنتين الأخيرتين وفي خِضَمّ فوضى الحرب الأهليةالسورية حيث هناك مناطق شاسعة من الأراضي لا تخضع لسلطة أو حكم أحد، أستطاعت القاعدة أن تُعيدَ تنظيم صفوفها واستِغلال الفوضى .. ومن ثّمَّ بانَت تلك الأراضي قُبلة الجهاديين حول العالم".
كلابر صرّح لصحيفة الواشنطن بوست "لم أتوقَّع إنهيار قوّات الأمن في الشمال....لم أتوقعه...الأمر في نهاية المطاف يتعلّق بالتنبؤ بالإرادة القتالية وهو أمر يصعُب التكَهُن به".
ويُدهشنا أيضاً قول أوباما "أن مسؤولي الدعاية في داعش باتوا ماهرين جداً، واستقطبوا مجندين من أوروبا وأميركا وأوستراليا والدول الإسلامية يؤمنون بالسخافة المتعلِّقَة بالجهاد...".
ومما يُتَداول من معلومات أن الإستخبارات إعتمدت كثيرا على الجيش الحر والذي لم تكن معلوماته كما قالوا على المستوى المطلوب. هكذا بالفم الملآن، لم يزودوهم بالسلاح أصلاً لأنهم لا يثقون بهم فلماذا وثقوا بإستخباراتهم التي كانوا سيعتمدوها في أساس إستراجية سياستهم. أمرٌ غريب ولكن هناك تفسير، لا نراه نحن، في حديث أوباما في المقابلة في برنامج "60 دقيقة".
مهما حاولنا أن نفهم ما قيل لنحَلله ونأخذ العِبر منه نفْشل لأن ما قيل لا يُعطينا سببا للوثوق لا في ما يقولون ولا في ما يفعلون. سنوات والحرب في سوريا قائمة والصحف تَعُجُّ بالأخبار وبما أصبحت عليه الحال يوماً بيوم وحتى ساعة في ساعة، ولم يبقَ أحدٌ لا يعرف أن جبهة النصرة إمتداد للقاعدة وأن داعش إنفصلت عن النصرة لتؤكِد نظرَتها الأكثر تشدداً والأعنف أسلوبا منها والسائرة دون ترَدُّد وبصراحة لا تُخفي أمراً  عن النُصرة ولا الجيش الحر ولا نظام الأسد ولا إيران ولا أميركا، بل كانت وكأنَّها تتحدى الجميع بما هي قادمة عليه وما تنوي أن تقوم به ووعدت ولبَّت وعْدَها وجاهرت به، وأوباما وآلته الإستخبارية نائمة، وأعلنت دولتها واحتلت من الأراضي ما يمنع الغير، من كان هذا الغير، من التمكُّن منها .
الدولة الإسلامية حقيقة قائمة وسبب قيامها تراخي الخائفين منها وترددهم وعدم وجود قُدرة أخلاقية لديهم للمجابهة. كانوا جالسين على حرير أحلامهم وضعفهم وحياتهم المريحة لهم المتعبة للأخرين وأُجْبِروا على رؤية الواقع الهاربين منه وهم الآن لا يزالوا في وضعٍ وسط بين راحة ومجابهة والثمن كالعادة لا يدفعه إلاّ من آمن بهم واختارهم ليحموه وخاب الظن. لا حاجة للتذكير  بآخرين، بمسيحيي الموصل وأزيدييها وبعض شيعتها.
ألم تفوِّض أميركا العراق، كل العراق بعد حربها معه،  لإيران وحَلَّت الجيوش قبل التفويض وأفرغت الإدارات وتركت لمن فوَّضت أمر إدارة البلد وهذه أكبر هدية تحصُل عليها إيران منذ قيام ونجاح ثورة ألإمام الخميني.
 ولم تتأخر إيران فأدارت البلاد على هواها وما يطيب لها ويخدم أغراضها. وتحالفت مع سوريا.  وما إن قامت الثورة السورية وبدأ الوهن يدُبُّ في قيادة البلاد حتى تدَخَّلت وقادت ثم فوضت إدارتها وحربها إلى ربيبتها حزب الله ، أحد ألمنظمات التي أنشأت في لبنان  سنة 1982.
حزب الله الآن يدير سوريا وبشكل نافرٍ وبعض لبنان مباشرة أو بتشكيلات سياسية أنْبَتها وشجعها ومولها وأمسك بيدها ودَلَّها إلى خدمة مصالحه وهي لا تدري أو هكذا نأمل أو بمعرفة تامة لما تقوم به وهذا يضعها في خانات غاية في الخطورة تقرب من الخيانة.
ونرجع إلى العراق ونسمع اليوم بأن الحكومة العراقية لا تقبل بأن تشترك الدول العربية بطلعات جوية في سمائها والإغارة على الدولة الإسلامية،  يُنجِدُها في ذلك إستذكار إشتراك بعضهم في حرب أميركا على العراق وموقف بعضها منها في أوقات أخرى في أيامٍ سبقت حرب ال 2003.
حكومة العراق كما يعلم الكل تتأثَّر بشدة بما تطلب إيران منها. كان ذلك أيام المالكي وهي كذلك أيام العبادي الذي لا يملك عباءة إيران كلها مثل سلفه الذي وُضِع على الرفّ ليستريح.
واليمن وقد إستمر الحوثيون بالنهب والسرقة ألزموا أنصار الشريعة بهجوم إستهدف ثكنة عسكرية لهم في شرق اليمن وتتضارب الأخبار عن نتائجها ولكن الهجوم موَثَّق والقتلى والجرحى بالعشرات. أنصار الشريعة منظمة إسلامية سنية.
وإن ننسى فهل يمكن أن ننسى الفَزّاعة الأميركية رداًّ على خطاب أبو مازن في الجمعية العمومية؟ كل ما قال أن التأخُر في حلّ مسألة الحدود يغير المعطيات بعد أن ثبت أن إسرائيل تبني المستوطنات في الوقت الضائع. قامت قيامة إسرائيل وقبلها أو بعدها لا يهم قامت قيامة مندوبة أميركا في هيئة الأمم واعتبرت ما خاطب به أعضاء الأمم المتحدة بأنه يُلغي المفاوضات.
وغزة، ما ترى يُخبأ لها، المعابر لا تزال مقفلة والمساعدات الآن تقتصِر على المواد الغذائية والطبية، ولا نعرف حتى هذه إن كانت كافية، ولا ما يدل على تقدُمٍ في أي مجال آخر وأهل غزة وزعاماتها ودولتها لا في العير ولا في النفير.
أيكفي كلُّ هذا لنتساءل إذا كانت إدارة أوباما ومخابراتها على معرفة بما يجري اليوم أم أن ما تخوضه الآن من حروب لا تحُل المشكلة، مشكلة الدولة الإسلامية الحاكمة سعيدا في سوريا والعراق وبعض حدود لبنان،  يمنع عنها المعرفة كما إمتنع عليها قبل عامين؟ ومتى يستفيق من يجب أن يستفيق وقبل أن تعُمُّ الفوضى بلاداً أخرى تُعطى أولوية الإنتباه وتترك بلادا لم يعرف عنها الغرب شيئاً إلى أن إستعصى الحلُّ فأعلنوا النفير طالبين المساعدة وجاءتهم من قطر والإمارات والدانمارك وغيرها وهي لا تزال تقبل طلبات المشاركة علّ في بعضها ما يرفع العبء عنها.
ونحن على خوفنا ومآسي بلادنا قاعدون.



إعادة الإعمار في سوريا والعراق

إعادة الإعمار في سوريا والعراق

موضوع ألإعمار بعد أن يَعُمَ السلام أو يسبقه كما نصف في أدناه يمكن أن يختص بكل بلدٍ على حدى كما قد يكون من الحكمة ما دمنا  نبدأ من خانة الصفر في البلدين موضوع بحثنا هذا أن يتىفق البلدان على مخطط مستقلٍ لكل بلد يهتم بحاجاته الداخلية على أن يترك للمخططين أن يضعوا مخططا للإعمار في المناطق المشتركة وبهذا نكون أخذنا بالإعتبار التكامل اللازم بين البلدين.

المخططات الداخلية وتشمل: مخططا عاما لكل بلد, ومخططات متفرعة لكل مدينة وقرية, والطرق التي تربطها ومواصفاتها , والطرق العامة والعابرة للبلد، أي الطرق الدولية ومواصفاتها, تربط مواقع الإنتاج الزراعي والصناعي والتجاري من المدن والقرى والمدن الصناعية بحيث تؤمن سهولة حركة التصدير والإستيراد آخذين بعين الإعتبار التوسع والنمو المنتظرين والتأكد بأن البنية التي نخطط لإنشائها قادرة على تلبية الحاجات لسنين يحددها المخطط.

وطبعا يلازم كل ذلك مخططات شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي ومعالجة النفايات وشبكات الغاز وكل ما يحتاجه المستهلك وربطها كلها بمحطات تتفرّع عنها  شبكات تربط البيوت والمحلات والمصانع والأسواق بالخدمات التي نبني.

أما المخططات المشتركة بين البلدين وتعتمد بالمبدأ على نوعية العلاقة بينهما, وكلما كانت العلاقة أقرب كلما استدعى مخططا أوسع.

من الطبيعي أن يكون كلامنا عام فتفاصيل ما يجب أن يُدرس ويخطط تحتاج إلى زمن طويل يقوم أثناءه خبراء بوضع المخططات والتي يمكن المباشرة في بعضها قبل إنهاء الدراسات بكليتها لتكون جاهزة عندما تتوفر الشروط الأمنية فيُباشر بالعمل في الحال.  ويجب في الواقع المباشرة بالتخطيط قبل إنتهاء الحرب بواسطة البنك الدولي أو هيئة الأمم ورعايتهما على الأقل فيما يختص بالطرق الدولية والطرق العامة وتلك التي تربط المدن كما هي في موقعها كما هو في السابق. والطبيعي أيضا إستخدام الأقمار الصناعيية للمباشرة في التخطيط العام.

كما أسلفنا في مقال سابق لا مشكلة في التمويل ومتى استقرت أجهزة الدولة يمكن إختيار المؤسسات القادرة بتأهيلها، العالمية منها والمحلية حسب حجم العمل وموضوعه. كلفة إعادة إعمار سوريا بعد أن تَكَفَّل الأسد وشركاؤه بكلفة الهدم، تتجاوز المائتي مليار دولار أميركي. لم تُجرِ أية مؤسسة دراسة لتقدير الكلف ولكن الخبراء يُصِرّون أن الكلفة قد تصل إلى الثلاثماية مليارا دولار. وبما أن العمل سيغطي كل البلد وربما إرتُؤي أن يكون كل ما يبنى يعتمد أو يستند إلى تقنيات عالية , فالكلف يمكن أن تتعدى هذه الأرقام وتجعل مما يبنى أكثر فاعلية وأقل كلفة تشغيلية وبالتالي إرتفاع كلفة  إعادة الإعمار تُعَوِضه كفاءة العمل وانخفاض الكلف التشغيلية.

ويعني كل ما ذكرنا أن مهجري سوريا سيعودون إلى بلدهم للمساهمة في إعماره ومساهمتهم بحد ذاتها فرصة عمل أهميتها أنها في بلد الإنسان العامل, قريبا من عائلته والمحيط الذي نشأ وتربى فيه.

أيضاً ومهم جدا أن نَعي أن المحاربين ليسوا كلهم إرهابيين ولكن كلهم فقراء وبحاجة لدخل ثابت  يعيلوا أنفسهم وعائلاتهم كباقي البشر في باقي أنحاء العالم وسيجدون الفرص الملائمة ويخرجوا من حمل السلاح. بعض المحاربين سيلتحقوا بجيش بلدهم وقد يكونوا أصلا تركوا الجيش لعِلّة ما. وبهذا المنظمات الإرهابية أو ما يتبقى منها سيفقد "الأوادم" من  صفوفه.

وبلد فيه عمل كثير يستقطب رجال أعمال يستفيدوا من فورة إقتصادية لينشؤوا شركات تمويل وإستثمار ومصارف على أنواعها وفنادق ومطاعم ومحال تجارية  ومصانع ويأتيها السواح ليروا ما حصل ولاحقا للإستمتاع بما تقدمه سوريا للسائح . نعتقد بأن سوريا، إذا ما أنتجت دولة صالحة، ستكون بلدا يُسعد مواطنيه والعاملين فيه.

الأموال ستأتي من عدة مصادر أولها البنك الدولي ومؤسسات هيئة الأمم لأن مسؤوليتها تجاه بلد مرّ بما مرّت به سوريا من حروب وخراب مسؤولية كبيرة وهي على كل حال تمول مشاريع أي بلد يطلب العون لمشروع مجزي.

المصدر الثاني برأيي هو السوريون الأغنياء ومتمولي الخليج الذين يتمتعون بسيولة كبيرة ولا تجد إستثمارات مجزية كالتي ستوفرها سوريا ، البلد القريب حيث يمكن مراقبة تحرك أموالهم عن كثب، وشركات المقاولات على أنواعها العالمية والعربية والمحلية وموردوا المعدات الثقيلة ومستلزمات البناء المتعددة والدولة السورية والتي ستتمكن من الإشراف على المشاريع كافة  وتمويل بعضها . حركة إعمارية تبدأ وتقوى وتستمر مع مرور الزمن واكتشاف حاجات أخرى أو سبل إعمار أفضل وتبقى حركة الإعمار عقوداً في إقتصاد مزدهر وارتقاء في مجالات التعليم والأدب والفن والعلوم..

العراق لا يختلف من حيث المبدأ عن سوريا ولكن له خصوصية سياسية تجعل إعادة إعماره أكثر تعقيدا وسنبين ذلك في مقال آخر.
 28/9/2014
















الجمعة، 26 سبتمبر 2014

عودة الشيخ إلى صباه


عودة الشيخ إلى صباه

رقَّاص الساعة تحرك من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين وشهر أوباما سيفه وأقدم ضارباً رؤوس آل داعش والنصرة وأحرار الشام وعينه على النظام ومؤيديه المحاربين إلى جانبه ضد الجيش الحر الذي قرر الحلف تجهيزه بالسلاح بعد تدريبه ليقوم بدوره في إستئصال من يريد الحلف التخلص منه.

 كرّ فأنت حُرّ، هذا ما قاله والد عنترة له عندما جدَّ الجدَّ ولم يكن من بُد في استِهاضِه ليُشهر سيفه ليحارب إلى جانبه فيضمن النصر على أعدائه ويحافظ على أهله ويجنبهم مخاطر حرب لم تكن في صالحهم. كان ثمن دعم عنتر للقبيلة حريته. ألا يذكرنا ذلك بكل فرد من شعوبنا العربية وانتظاهره لنيل حريته ولو إختلفت مفاهيم ومعاني الحرية في زمنين يبتعدان ألف سنة عن بعضهما. أليس من طبيعة الأمور أن الشعوب تسلك طريقا ترتضيه لنيل الحرية والخيارات كثيرة ومتوفرة فكان ما كان وكان الربيع العربي ظاهرة لم يتوقعها العالم ولم يخطط لدعمها أو محاربتها   والبديل كان حتى الأمس القريب هو التخبط والضياع.  هذا ما حصل.

لم يكن أحد ينتظر من العالم ود,وَلِه ومراكز أبحاثه أن يغيب عنهم أن الوضع حيث مرَّ الربيع العربي، وكانت فيه أنظمة شمولية حاكمة ، لم تترك مجالا للتفكير إلا بما يمكن من حكمهم أن يُوَلِّد من رفض وتمرد فكري يتطور ويتطور إلى أن ينتج تجمعات تعارض، وتنتهي وتُؤدّي بمرور الزمن إلى الإنفجار. لا يمكن  أن نَتصَوُر وضعا لا يتماهى والإنفجار. بالفعل هذا ما حدث وبعض الأنظمة دافع عن وضعه ومصالحه فكان أن إرتفعت فاتورة (كلفة) الإنفجار إقتصاديا وهدماً وتهجيراً  والأهم بإستشهاد أو قتل من تمكنوا من قتله. الشاعر العراقي محمد مهدي الجواهري قال قولا قويا بشعر مؤثر.  قال:

أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ               بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
فَمٌّ ليس كالمَدعي قولةً              وليس كآخَرَ يَسترحِم
تَمُصُّ دماً ثُم تبغي دماً              وتبقى تُلِحُ وتستطعِم

والضحايا وجدت من يزيد في "لَحِّها وإستطعامها" باعت حزن أهلهم وطبيعة الشهادة وما تستدعيه من ثأر وحق إلى أشرار تاجروا بهم وبحقوقهم وتوقّعوا أن يظهروا وكأنهم هم المخْلصون  وصَدَّقوا ما أرادوا غش الناس به فاستمروا بغُشِّهم وشرهم وهم لم يعودوا يأبهون.

لم يعد الشهداء  بحاجة لأن تَلح وتستطعم أو هكذا إحتسبوا ولكنهم أخطأوا في حساباتهم. واستمروا واستتعملوا واستَهدفوا حق الشهيد ودمه في حروبهم الفاجرة واحتكروه وكأنهم هم من إستُشهِد ، وعاثوا في الدنيا  فسادا .ولكن وبالأخص حيث إستشهدوا في سوريا والعراق ولبنان وحتى اليمن التي لا نعرف كل شعابها وليبيا التي ساندوها من الجو والبحر وتركوها مقسمة مشرذمة وأعادوا القبلية الى أوج عنفوانها وقوتها فنشأت فيها منظمات وعادت عنتريات بعض قبائلها إلى الظهور واستقلت بعض مناطقها وهي تتحارب اليوم والضحية كالعادة إنسانها . أهل ليبيا يترحمون على ماضيهم القريب الذي بالكاد تخلصوا منه .

واليوم وقد أصبحت البلاد والعباد في قعرٍ سحيق لا منفذ منه إلى النور قام الإئتلاف وضرب ونحن في بداياتها ولا نعرف أياً من تخطيطهم إلا ما يأتي في كلامٍ عابر من شخص أو آخر ولا تزال التسريبات تتناقض وكل يُغَنِّي على ليلاه.

إذا ما صح القول ورأينا الفعل فسنكون من ساكنيه أمدا طويلاَ نُحاور ونُناور ونسمع فنمتعض أو نسمع ونفرح أو يتناوب فينا الفرح والإمتعاض إلى أن يأتي أمرٌ كان مفعولا ويتركنا أصحاب الفضل مطمئنين الى سلامة ديارهم ومصالحهم وعندها فقط نقف لنحصي خسائرنا  ونعمل ونعمل لنُخَطط لمستقبلنا ويبعدنا عنهم ويرضيهم ثم ننسى ما جرى لنا على مرِّ السنين من امور جاء بها تدخلهم لمساعدتنا ، نأمل أن لا تتكرر فنفرح ونرضى بما قسم الله لنا .
الخميس 25/9/2014





..

الخميس، 25 سبتمبر 2014

الأمم المتحدة وداعش


الأمم المتحدة وداعش

نوسِّع آسفين مروحة إهتماماتنا وساحات حروبنا بعد أن إفتتح الرئيس أوباما إجتماعات الجمعية العمومية ال69 بالقذائف على داعش سوريا وشبكة خُراسان فيها خائفاً على بلاده والكل ينتظر ما سيؤول إليه المآل.  وتضرب داعش أو لا تضرب فالأمر بيد داعش والمبادرة منها وما على الجالسين في قاعات الجمعية العامة إلا الإنتظار. الحرب لم تنتقل من شرقنا إلى غربهم فهي هنا وهناك في آن وعلى السامعين ألف سلام. الإمام علي قال: السامع شريك القائل،

فشلت الأمم المتحدة على العقود السبعة التي تلت تأسيسها في فعل أي شيء كان يمنع أن يكون العالم بكليته رهينة سفاح مجرم لا ضمير يردعه ولا خلق يثنيه . أبو بكر البغدادي يجلس في القاعة إياها  مع أقرانه  رؤساء وأمراء مرتاحا لما حقق غافلا قصداً عن ما تمنعه قذائف الحلف من عمل فهو يعرف من أين تؤكل الكتف ويعرف أن ضربَه سيُفسَّر تعديا دينيا عليه فيُسانَد ويقوى إلى أن "يفعل الله أمرا كان مفعولا." (سورة الأنفال)

إيران والأسد مرتاحان لما يجري رغم كلِّ ما يقولون. ضرب داعش فرصة الأسد الوحيدة لربحٍ ما،  بقاؤه في الحكم المستبعد الآن أو رحيله عنه وكأنه هو المنقذ. وأيران تتخلص من كلفة ردع داعش المشكوك في نجاح إيران بالخلاص منها. داعش قوية بشهادة أميركا والغرب وأكثر دول الجوار وقدرة إيران على دَحرها يحتمل الكثير من الشك وجاء المخَلِّص الغربي يأخذ عنها عبئين ، عبء المال ومآسي الحرب تاركاً لها إذا نجح بقعةً لا يعتريها  أي مشكل.

إلى أين نسير أو يسير بنا هذا العالم الذي أثبت دون أدنى شك تردده وفشله في إتخاذ أي قرار مما أدّى فيما  أدّى إلى تكوين حلف يضاهي أحلافاً أنشأوها في الحروب الكبرى لمقاتلة أعتى الدول في أوروبا والشرق الأقصى. ماذا يعني كل هذا؟ أيعني أن داعش تخيف الدنيا كما أخافت ألمانيا واليابان الدنيا في الحرب العالمية الثانية أو هكذا يعتبرون قوتها  ويهيؤون لما تعنيه وتتضمنه هذه النظرة؟ أم أن الثقة بالنفس وعلى وجه الخصوص القدرة على الإستمرار والمتابعة غير مؤكدة وبالتالي يخافون أن تستمر داعش وهم يتوقفون على ما يختزنه ذلك من أخطار عندهم في الداخل وعندنا في نزاعٍ يطول ويطول ويأخذ في طريقه الثقافة التي إعتدناها والمصالح التي من أجلها إمتطى الغرب خيول الحرب ؟

ونحن في العالم العربي نتوقّف كثيراً عند ما يقوله الغرب بعد أن خَبِرهم الأيام التي تلت إنحلال وزوال الإمبراطورية العثمانية وإقتسام إرثها بين دوله. كان العرب قد وَثقوا بالوعود التي أغدَقها الغرب الأوروبي وتباروا في التعاون معه على الأساس الموعود وهو سيادة البلاد العربية التي كانت تحت حكم بني عثمان للعرب. نكلوا بكل الوعود ومنحوا اليهود فلسطين وساهموا في كلّ ما شاب المنطقة من شرور. يذكرني ما نقول بما قال  طرفة إبن العبد الذي قُتل وله من العمر 24 عاماً لصدقه وجرأته وشجاعته، قال في معلقته:

إذا القومُ قالوا مَن فَتًى ؟ خِلتُ أنّني......عُنِيتُ فلمْ أكسَلْ ولم أتبَلّدِ
ألا أيُّهذا اللائمي أحضرَ الوغى...... وأن أشهدَ اللذّات، هل أنتَ مُخلِدي؟.
فأن كنتَ لا تستطيع دفع منيَّتي.....  فدعني أبادرها بما ملكتْ يدي

ومثله خلنا أننا عُنينا فقمنا بما طُلِب منّا  ولم نكسل ودفعنا الثمن كما دفعه طرفة ولم نكسل ولم نتبَّلَدِ.
الأيام القادمة أهميتها تكمن في إظهار ما تُبْطَن وعندها نعرف ما بنا وإلى أي مكمن نحن سائرون.

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

الثمن يدفعه من؟


الثمن يدفعه من؟ لا أميركا ولا الغرب . يدفعه من يسكن هذه الديار بدءاً بالأقليات وبعدها بمن يليهم في أقليتهم وهكذا دواليك حتى يصيب الشر كل من إئتمن حكامه على حياته وعِرضه ومستقبل أولاده ويندم على ما قبل ومن أمّن  ولات ساعة مندم. أما الغرب وسائر أصحاب المال ففي البلاد التي أُفنِيت عن بكرة أبيها مجالات عمل لامتناهية تستوعب كل مستثمري يبيع  آلاته وخدماته ويقبض فائدةتمويله لسنوات طويلة وتصبح سوريا والعراق سوق عمل أين منه أسواق السعوية وبلدان الخليج منذ نشأتها وأسواق العراق عندما كان في بلادنا بلد إسمه العراق. يُذَكِّرنا كل ما حصل بالركام الذي نشاهده على الشاشات عن ألمانيا بعد أن دمَّرتها آلة الحرب الثانية.

والآن علينا أن نُعَرِف بعض الكلمات وبعض المواقف فقط لنوضِح ما أردنا أن نُظْهِرُه ونضع بعض الأمور في نصابها الصحيح..
قال متحدث إيراني إسمه  علي راضي المُقَرًّب من بعض مراكز الحكم ، أن عاصمة اليمن صنعاء هي رابع عاصمة عربية تتبع النظام ألإيراني بعد بغداد ودمشق وبيروت وأن الحوثيين إحتلوا أكثر محافظات اليمن ومقاطعاته وقال أيضا ان الخطوة التالية للحوثيين هو الدخول إلى السعودية ومباشرة العمل هناك. لا يهُم ما قال إذ أن المهم هو التأكيد الجازم بأن إيران لاعبٌ إقليمي يسسعى إلى توسيع منطقة نفوذه  ليشمل أكبر مروحة من دولٍ ومَشيخات فيها وبالتالي يُصبح حتماً لاعباً دولياً راعيا للنفط وإنتاجه وحاكماً يصعب إهماله.

المملكة العربية السعودية اليوم مطوقة من جهات عدة واليمن نقطة حساسة إذ أنها تلاصق أكثر جنوبها والبداوة فيها تمَثِلها قبائل تعيش في اليمن كما السعودية وبالتالي تأثيرها قد يتساوى في البلدين مما يُتعب المملكة ويُشغلُها في مناطق طالما كانت مستقرّة لا تشوب قبائلها مسألة ولاء سكانها. والآن الحرب القائمة هي بين المملكة وإيران ليس هذا سرّاً على أحد. نُضيف على قاعدة ومبدأ لزوم ما لا يلزم، أن إيران الشيعية ترى في السعودية السُنية الحنبلية الوهابية عدوا فكريا ومذهبيا ومحتلا لأماكن العبادة التي هي من حقِّ شيعة الإمام علي.

من شائعات هذه الأيام أن هدف إيران الآني في اليمن هو حكم منطقة متعبة مزعجة للملكة  تنوي إذا ما تمكنت من احتلالها وحكمها هناك،  مقايضة حيثيوها وربما زيديوها بسوريا الأسد أو بديل تختاره.

وداعش كلمة وإسم نطلقه على الإرهاب ومنظماته  بجميع أنواعه وأشكاله ولا معنى آخر له. وعندما تُخصص داعش المنظمة بأمر أو خبر فالوضوح أيضا لازم وإذا لم يُتأكد من قتل ونهب وهدم فداعش جاهزة لِلُبس ثوب الجريمة فجسدها لذلك لائق.

ننهي لنقول أن الحرب الجوية بدأت وأمامنا أياماً طويلة نعيشها خائفين من هذا وذاك إذ أن كل طرفٍ له من تاريخه ما يخيف ونتمنى أن لا تدفع مجموعة شعوب المنطقة الثمن عدة مرّات ولا ندري ما إذا كان لديهم بعد، بقية من قدرة على أثمان يدفعوها.

تعقيد على تعقيد

تعقيد على تعقيد

الأخبار تتَرِدُنا كلِّ ساعة بإرتكابات وإرهاصا و تَوَقُّعَات لا أول لها ولا آخِر . مصادرُها كلها نتوقَّع أن تكون صحيحة لأن فمُ مُطلِقها يتحرَّك بإذن كبيرٍ مُطاعٍ ، له شأن وموقع ورأيٌ ، رئيس دولة عظمى أو مفوضٌ عنه.  هكذا نَنقُلُ القول والخبَر ونحن على ثقة من مصدرِه ونُفاجأ بقَول مختلف يأتينا من مصدر الثقة نَفْسُه  ونقع في خطأ النقل عنه أولاً وبعدها بالتساؤل الفارِض نفسه عن مدى الصحة الذي يجب توقُّعَه منه.

مراجعةٌ سطحية حتى لبعض ما كتبنا في هذه الصفحات يُظهر مدى الحاجة للتَيَقُن من كل خبر قبل نشره؛ المصادرُ لا يمكن إستبدالها لأنها هي صانعة الأحداث وهي تُغَرِّد على هواها فتتركنا بلا خيار ، إما قبول كل ما يقولون وقبول عَكسَهُ عندما أيضاً يقولون وإلاّ الإنسحاب من حقول معرفة ما يدور من حولنا وفي دنيانا. .

والأخبار تتسارع وتتعارض وتنحو مناحي لا يتوقعها عاقل وتنتقل الأخبار بزخَمِها من ساحة إلى أخرى ، من بلدٍ إلى آخر ومن متقاتلين نعرفهم إلى أسماء أخرى جديدة يربط أحدها بالآخر فلسفة ورؤيا بغيضة ممجوجة ونتعلّم، والعلم كما يقال نورٌ، أننا لسنا وحدنا في الساحة وأن غيرَنا مصاب بما سبق أن إبْتُلينا به وإن بزخمٍ أعلى أو أدنى وأساليب عرفناها أو هي أيضاً جديدة علينا فنتعرَّف عليها.

أهذا مما قُلنا يوضح مدى تعقيد القضية التي تُركت قصداً أو عفواً  تُراكِم المشاكل التي كان واجب الدنيا، كل ذي شأنٍ فيها،  أن تلْحَظَه فتتَفاداه  وتهرب من معاناة بعض مفاعيله القاسية المُدَمِّرة الراجعة بدون حدود إلى ماضٍ سحيق مظلم كنا نظن أننا نسيناه لفَقره في قِيَمِه وأدبه وفنه ومفاهيمه فإذا بالمفاجأة الكبرى تصدُمُنا في وجهنا وترجعنا إلى تاريخٍ بالكاد عرفنا كيف نهرب منه ونُحيي فيها  ومنها الرميم. 
ونستذكر قَوْلُهُ تَعَالَ في سورة يس: قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم.

فإذا ما عدَّدْنا من يُحيي العظام لوجدنا الكثيرين ممن لم يسمعوا ولم يعوا أن الدنيا قد تغيرت على الأقل مع مرور الزمن وإن ما فات فات ومن مات مات وكل ما هو آت آت ،ونحن الآن في عالم آخر نسي ذلك الماضي ووأدَه ولم يتَرَحَّم عليه.

ما أوردنا يشير إلى وضع معَقَّدٍ يتشعَب أفقيا في الجغرافيا ويمتد من شرق البلاد العربية إلى غربها في الجزائر والمغرب ومن جنوب تركيا إلى اليمن الذي كان سعيداً أيام  الإمامية الحاكمة سعيداً من بدايات القرن التاسع الميلادي ولألف عام ونيِّف إلى أن أطاحت بها إنقلابات النصف الثاني من القرن المنصرم ويا ليت اليمن بقي سعيدا ولو منزويا بدون علم ولا معرفة بما يدور في بلاد العرب.

والوضع معقَّدٌ عامودياً، فحُماة العرب وقيادييه وحكامه ضَلُّوا الطريق وساروا مع من مشى  في ركاب من كان قادراً على رعايتهم ومن ثم سوقهم دون عصا ولا تهديد ولا وعيد إلى حيث شاء وإلى ما نحن فيه اليوم. ولا نضيف جديداً إذا قلنا أن من مشى معهم عاش مرتاحاً أو هكذا تهيأ لمن شاهد وتطلع ثم حسد وسعى إلى أن يحل محل من حَسَد ونشأت خلافات ونزاعات أزكاها متعلمون نَظَّروا وعَلَّموا وقالوا قولاً حكيماً أقنعنا فتَبنّيناه وأقنع الناس بصِحَّة مضامينه وأهمها حرية القول والفعل والحق بحياة كريمة إنحسر عطاؤها بمن حكم فمشوا بما أمَّلَهُم مطمئنين.

وبين التعقيدين الأساسيين ، دخل الواحة عسكر كل بلد ونظام ودخلت طبقات من المتعلمين بين المستفيدين، والدين دخل وبأبشع مظاهره المذهبية المتطرفة والسلفية التي تجعل من الإمام شيخ الإسلام أبي القاسم بن محمد إبن تيمية الحنبلي المعروف بسلفيته المتشددة عالماً فقيهاً مُجَدِّداً متحرراً .

مسخ كل هؤلاء الحكم والوطنية والمذهبية والقِيَم ولم يتركوا منه حتى أبسط مظاهره فنشأ عن هذا المسخ حكاما يحددون هم صلاحيات حكمهم وعسكراً يدعمهم أو يحُّل مَحَلَهم ورجال ممن تَعلَّم  وأصبح من الفاسدين، ومنَظِّرين فشلوا وأفشلوا عالمنا معاً.  ظاهرة التخَلُّف هذه أنبتت صدام وحافظ وبشار والعقيد معَمَّر وكل حكام مصر بعدعبد الناصر وغيرهم في السودان واليمن والصومال والجزائر وتونس وملوكٌ ومشايخ يُعَدُّون بالعشرات، كلهم أساؤوا إلى من إحتضَنَهم من الشعب وإلى من آواهم من بلاد.

القاعدة وما أنبتت وقد وجدت المساعدة في تكوينها وتمويلها وتدريبها فيمن يحاربها اليوم, وداعش والنصرة بنات القاعدة واللتين سُمِح لهما بالنجاح السريع وتجميع قوى هائلة والتمدُد من غرب بلاد الشام إلى شرق العراق دون أن يطرح عليهما حتى السلام. وبشار أطلق من سجونه شحنات من المتدربين على العمل الإرهابي أو أقله من حملة السلاح وضاهاه في ذلك أمير العراق المالكي فإذا بداعش والنصرة بأحسن حال فتمددتا كل في ناحية وكبرا إلى أن أصبح قتالهما يتطلب حلفا دوليا يقاتله لسنوات كي يزال، هذا إذا أُزيل.ونسمع بأعمال طاريءٍ جديد على الإرهاب أكثر مكوِّناته من غير العرب والذي أنتجته القاعدة أيضاً بهدوء وظهر على الساحة السورية فجأةً وهو مجموعة خراسان. والله أعلم بما يَجِّد من منظمات غاياتها تنسجِم وأهداف القاعدة وربما إيران.


الاثنين، 22 سبتمبر 2014

نَشكو همومنا وكأن الزمن توَقّف

نَشكو همومنا وكأن الزمن توَقّف

لا يَعرِفُ الشَوقَ إِلّا مَن يُكابِدُه   ........  وَلا الصَبابَةَ إِلّا مَن يُعانيها

قالها بحُرقة مروان بن محمد، الملقب بابي الشَمَقْمَق الخراساني الأصل من موالي بني أمَيّة  الذي ولد وتوفي في القرن الهجري الثاني. ونحن وبعد ألف ومايتي سنة نكرر ما قال، نَشكو همومنا وكأن الزمن توَقّف وكأن السيف لا يزال كما كان سلاح الجهاد. مؤسِفُ أن نرى عُربان الأمة يرجعون ركضاً إلى ما وراء  الماضي السحيق من الزمن يَتَماهون وكأنهم يفخرون بأن اليوم والأمس صِنوان ، آمِرُنا واحد وتفكيرنا لا يزال هناك لم يتغَيَّر وكأن العرب والإسلام لم يروا ولم يُنْبِتوا علماً وأدباً وفَنًا تَلَقَّفُه الغرب ونسِيه من أنبته فرجع إلى بداوة عَفا عليها الزمن. ثقافته وتقاليده وعاداته القبلية على ما يُظهِر الواقع والفعل والعمل والفكر المذهبي أَلمُسَوَّق اليوم طغَت على كُلِّ مفاهيم عرفنا وثقافة عِشنا لنقبل بما يُفرَض فنعيش أو نَرفض فبِحد السيف نُعاقَب فنموت. هكذا وبكل بساطة نحيا ونموت بقبول أو رفض مذاهب وآراء ومفاهيم الحاضر الذي يُلَوَّح به.

والعرب اليوم، ونحن منهم، يجدون في قول أبو النواس فيهم ما يقول ويقبَلون،  إذ أن أبو نواس على ما تبين الأحداث، له صفة المفكر إضافة إلى أنه ابدع في خَمرياته. بنو أسد وتميم وقيس ،خيرة قبائل العرب ، يمثلون العرب في هذه الأبيات.

قالوا ذَكَرتَ دِيارَ الحَيِّ مِن أَسَدٍ  لا دَرَّ دَرُّكَ قُل لي مَن بَنو أَسَدِ
وَمَن تَميمٌ وَمَن قَيسٌ وَإِخوَتُهُم  لَيسَ الأَعاريبُ عِندَ اللَهِ مِن أَحَدِ

عَجْزُنا وقد كبُرنا سناً وضعُفت فينا قدراتنا الفكرية وأتخَمَتنا أموال الذهب الأسود  الطاريء علينا الآتية  لتَمحي حريتنا وفكرنا وكرامتنا لأن هذا المورد تَغَيَّرت أهدافُه وتبدّلت إستعمالاته وأصبح سلاحاً تحمله أيادي الجهل والإستبداد فلم تَخْتَر الجهل والفقر لتُزيلهما ولا الثقافة والعلم لتُحييهما وتُعَمِمْهُما ولم تسمح للحرية الداعمة للإنسان أن تأخذ مداها ولم تُغَيّر ولو بمقدارحكمها المظلم الظالم للناس دعماً للكرامة وحتى لم تَسْتتِر عندما إرتكبت من المعاصي ما ضجَّ العالم به.

ونحن نُعَمِم لأن ما أتهمنا الأنظمة به صحيح بكليته وإن كبرت مأساة بعض حكمهم وإنحسرت عند آخرين. المبدأ أن العرب فتحوا الأبواب عليهم بتفرقهم مصلحيا ومناطقيا وقبلياً وطائفيا ولما ضاق عليهم مجال الإختلاف والفرقة أتوا بالمذهبية ولما لم تؤت ثمارها كما يريدون بدأت الفرق الدينية تنتشر داخل كلّ مذهب وشَجَّعَتَها دول وموَلَتها  ولكنه إنقلب عليهم بعد أن إشتد ساعده.  معن بن أوس المزني الشاعر الجاهلي شكى مما تشكو منه الدول التي أنشأت أو مولت أو ساعدت داعش. يقول:

أُعَلِّـمُهُ الرِّمَـايةَ كُلَّ يَـومٍ ....... فَلمَّـا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمَانِي
وَكَمْ عَلَّمْتُـهُ نَظْمَ القَوَافِي ....... فَلَـمَّـا قَالَ قَافِيةً هَجَـانِي

والكل يواجه  داعش ويحاربها على الأقل جهراً إن لم يكن فعلاً بمن فيهم الُسُنَة في كل مكان، أو هكذا نظُن فليس هناك من رادعٍ عند البعض ومصلحة عند آخرين. وفي سورة البقرة في القرآن الكريم قول لا يزادُ عليه: ﴾وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

إذا كان للمقال هدفٌ أو مغزىً فهو تفرُقنا وإعلاء شأن مصالحنا وسوء إدارتنا للبلاد وظلمنا للشعب الذي أدّى إلى ما أدّى إليه وما نحن فيه،  ومجازاً إلى دَعْوَتِنا لكل من له مصلحة أو هدف أن يغزو بلادنا فإذا ما نجح أكل ثمار نجاحه وإذا فشل أُعدم وفي الحالين للشعب تؤول المآسي وللحكام في أسوأ الأحوال الهرب بمال وفير يؤمن لهم حياة كريمة إذا أرادوا أو حياة فُحشٍ إعتادوا عليها. وإلى أن تنضب الأموال هم لا يعانون كما يعاني من تركوا وراءهم.

قضية الإرهاب تنتهي يوماً ما بربحٍ أو بخسارة ولكنها تنتهي وتؤول إلى من يتبقى من الناس والحكام مسؤولية  إصلاح ما أُفسِد ودفع البلاد مرة أخرى إلى واقع الزمن وإدخالها في صلب دينماكيته . العرب إذا أصطلحت أمورهم وعاشوا كما يجب عليهم أن يعيشوا تاركين وراءهم مفاهيم الجاهلية التربوية والثقافية والدينية جادِّين في مسعى الإرتقاء إلى إلى حاضر العلم والمعرفة قادرين بتخطيط يبتكرُ لمسرى الإرتقاء أن يساووا من هم الآن هناك يتعاونون معهم وينافسوهم ولا حرج فهذه سنة الحياة الدنيا ونتّكل على أنفسنا وسواعدنا فلا يتكرر ما إِبْتُلينا به في هذا الزمن الرديء على يد من نحن رضينا بهم.


كيري وما يقول


كيري وما يقول

قال كيري ونحن نقتبس:"داعش هي عدو لايران. وايران مهددة من قبل داعش. ومن الواضح ان لايران مصلحة في عدم السماح لداعش بمواصلة عملياتها الراهنة" وهذا كلام صحيح لا يمكن حتى مناقشته، اليس هو قول حَقٍ يراد به تَمْرير باطل؟
أليست إيران ومَواليها في العراق وسوريا هم من كان بسبب أعماله وتصرفاته وفتحِ أبواب سجونه أمام الإرهابيين الذين هم سجنوهم لأنهم، كما هم قالوا أنهم إرهابيون ؟ ماذا عدا مما بدى حتى يُبدي كيري إهتمامه ويعلن عن قبوله التعاون معهم، أي إيران،  لأنهم آنيًا يُخَفِفون عنهم عِبء ما إرتكبوه من جريمة التردد والنأي عن فعل كان ضروريا  فعله فأوصلوا هذه البلاد والدنيا بأُمِّها وأبيها إلى ما هي عليه الآن.
أضاف : "نحن لسنا الان في وضع يمكن ان نُنَسق فيه معهم بطريقة ما، ولكننا منفتحون على التحاور. نحن منفتحون على التفاهم حول كيفية رؤيتهم لما يمكن ان يقوموا به بشكل بناء". ويَصدُمُنا هذا القول فهو ينظر إلى جُزئيات العمل فيقبل مبدأ التعاون في العراق لأن داعش هي هناك على مرمى حجر من إبران وهكذا يتساعدكيري وروحاني على كبح جماح داعش في العراق ويحافظ على بقاء حدود إيران سليمة وبعيدة عن المواجهات.
هذا التعاون إذا ما تَمَّ يساعد على تحجيم داعش وفتح الباب أمام شيعة العراق للرجوع  إلى أحضان إيران فترجع إيران من المعركة وقد عادت بكل ما تتمنى،حرب مع الحلف وجولات رابحة ضد داعش ومنافع،  الحُلم بها ، لم يكن ممكناً.
 ونرجع إلى  عمرو بن كلثوم ألّذي خَبِر الحرب وويلاتها وقال في معلقته قولاً حكيماً في كلام جميل:
وَكُنَّـا الأَيْمَنِيْـنَ إِذَا التَقَيْنَـا..... وَكَـانَ الأَيْسَـرِيْنَ بَنُو أَبَيْنَـا
فَصَالُـوا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْهِـمْ... وَصُلْنَـا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْنَـا
فَـآبُوا بِالنِّـهَابِ وَبِالسَّبَايَـا...... وَأُبْـنَا بِالمُلُـوْكِ مُصَفَّدِيْنَــا
والتعاون هذا يُقَسِم العراق بين شيعة من بغداد وجنوباً حيث الثروة والقرب من الخليج ودولها وللشيعة كما لإيران طموحات فيها،  وأخرى سُنُّةٍ في الوسط بين بغداد والموصل صحراوية في أكثرها ثروتها محدودة جدا ولا ممر لها على البحر ولكنها قريبة جغرافياً من سُنَة بلاد الشام، وكردية عندها بعض النفط وقريبة من اكراد سوريا وتركيا وإيران كما يقترب منها حلم إنشاء دولة كردية تضُم كل الأكراد وهذا حق لهم 
منعه عليهم كل من تولى حكمهم من تحقيقه .
وهذا التعاون إذا ما تَمَّ يساعد حليفهم وأحد مَواليهم المدعو خطأ" بشار"، والأفضل والأصح أن يُسَمَّى "ناعي" ،فبحربه في سوريا ضد كل من هو يسميهم إرهابيين. الأسد ونظامه أو مثيله ومثيل نظامه ضرورة حياتية لإيران كما هو ضرورة إستراتيجية للحليف الآخر روسيا. هل يقبل كيري ومن يمَثِّل أن يتفاوض وفي خلفية كل كلمة قبول ضِمني للمخاطر السورية ومنها بقاء نفوذ إيران فيها وفي البلاد المجاورة لها كلبنان والأردن وأيضاً نفوذ متفرعات إيران فيها كحزب الله الذي يحكم لبنان وسوريا اليوم لحساب سيده ومولاه الإمام الوالي الفقيه مرشد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد علي الحسيني الخامنئي.
وطبعاً إيران وإمتداداتها في اليمن تستفيد. بالأمس أعلن مندوب الأمم المتحدة في اليمن أن اليمن والحوثيين أبرموا إتفاقاً ينهي الحرب ويؤكد وحدة اليمن وتعود الدولة إلى العاصمة صنعاء لتمارس مهماتها العادية.
لم تمض ساعة واحدة على الإعلان حتى هاجم الحوثيون مناطق فيالعاصمة صنعاء والقرى المتاخمة وكأن لا مفاوضات أجريت ولا إتفاق تم بين الطرفين،  ونقصد هنا بين إيران واليمن. لماذا جدّ هذا الحدث؟ الأيام القادمة ستأتينا بالخبر اليقين. وننتظر كما ننتظر كل يوم أن يأتي الفرج وما دام حلم الفرج في أيدي أوباما وكيري فلا فرج في ما هو  آت ، لا في منظورنا ولا منظور السبعين ألف كردي الذين هُجِّروا أول من أمس من شمال سوريا إلى تركيا تاركين وراءهم ما ترك أهل العراق من لوعة وحسرة على ما خسروه،

  

ألى أين تسير حروب الشرق


ألى أين تسير حروب الشرق

والآن وقد أجمع الخبراء العسكريون بأن الغارات الجوية لن تُوصِل إلى الأهداف التي قام الحلف من أجل تحقيقها ، علماً بأن دول الحلف قررت كما سمعنا أن لا ترسل جنودها الى الساحة لتحارب الإرهاب،  وهي تعتمد أو هكذا تأمل أن تقتحم  الميدان جيوش الدول العربية  الإقليمية السُنِّية منها حصراً وتنفذ خطط الحرب على الأرض بينما هي تشرف وتنفذ طلعاتها الجوية. الحرب في هذا التخطيط مع بعض التفاؤل ستبدأ قريباً في يوم ما  وتستمر ولن تنتهي ونحن أحياء لا نزال على وجهها.

داعش سُنِّية ومثيلاتها سُنية أيضا أردنا أم أبينا وفي كادرها السني ضباط وخبراء من فلول جيش العراق الذي سرّحته الإدارة الأميريكية سنة 2003 مباشرة بعد إحتلالها العراق .

وجدت داعش في "الصحوة" بيئة حاضنة،  وهي تضم بعض عشائر الأنبار السُنَّة الخمسة والعشرون التي انضمت مؤخرا لقتال داعش. العشائر عانت الكثير من حروب المالكي الشيعي عليها طوال سنين فوجدت بعض الحماية في داعش فهادنتها واحتمت ما أمكن بها ، ولكن ما إن خسر المالكي بعض سطوته واستلم حيدر العبادي الحكم حتى عادت هذه العشائر إلى دولتها ولو بحذر وسارت بمسيرتها. من المفيد معرفة أهمية الأنبار فيما سَيَلي من حروب فمساحتها تساوي ثلث مساحة العراق وبالتالي ساحة كبرى للحروب ومضاداتها.

والسنَّةّ عانت في سوريا على مدى عقود بدأت  عندما توَلى العلوي حافظ الأسد أبو بشار في سبعينات القرن الماضي مقدرات سوريا البعثية. قام  بإنقلاب عسكري  وحكم ولا تزال سوريا تعاني من حكمه. المعاناة مستمرة على يد إبنه الطبيب المتخرج من جامعات بريطانيا والذي كان بعض الناس قد تفاءلوا به وبتسلمه  سدة الرئاسة بسبب الثقافة التي ظنوا أنه إكتسبها في الخارج  وخاب ظنهم .

وفرخُ  البطّ عوام كما يقول المثل وهو تفوق على أبيه في تخريب سوريا وهدمها عن بكرة أبيها متمسكا بالكرسي وخرافات إعلامه بأنه المدافع عن فلسطين ووعدِها بالتحرير. مسكينة فلسطين كم من فرصة أتاحتها للحكام كي يصيروا حكاما وإن أمكن بقائهم في مناصبهم وربما إختراعوا سلالة تحكم بالوراثة وكادت هذه العائلة أن تحقق ما هي أبطنَت لولا ثورة شعبٍ غيّرت المعطيات.

عائلة الأسد تُعطَى من الدعم بين يوم وآخر ما يدعو إلى التساؤل إن لم يدعو إلى التعجُّب. والعراق المحكوم من إيران أصبح أحد قواعد سياسة الحرب على الإرهاب. ألم نسمع ويسمعوا أن من تخَرَّج من سجون الأسد والمالكي أسست لتكوين ما يُعرف اليوم بتنظيم داعش؟ ويُفاجئنا كيري وزير خارجية أميركا بالقول اليوم بأن لإيران دوراً في الحرب ضد الإرهاب. ونظام الأسد لم يعُد هدفاً آنياً  للحرب ونحتج بأن ضربه  يستدعي الحصول على قرار من مجلس الأمن لا يظهر أنه آتٍ في القريب العاجل.

نعود ونُنَظِّر لنقول بأن داعش كانت ولا تزال خصماً متماسكاً  قويا قادراَ ومتينا لآلات الحرب الإيرانية في العراق وسوريا ولبنان وربما في مناطق أخرى كغزِّة واليمن والصومال ولا نعرف أين أيضا. داعش صَدمت بصَفعة قوية إيران،  ولكن إبران الذكية المخططة الطويلة النفَس ليست خصماً  يَسهل شطبه من المعادلة في أي مكان من كل هذا الشرق كما نعرفه ، هذا الشرق الذي هو الآن في طور إعادة تنظيم وإعادة رسم حدود وتكوين تجمُّعات سكانية تختلف عمّا هي عليه اليوم. كيف سيكون كل ذلك وما هي المعطيات التي تُمَكِّن الدارس والباحث من إستشراف مستقبل المنطقة، لا أحد يسستطيع لأن المعطيات غامضة للجميع.

المتغيرات يومية وأساسية وتنفّذ كلما أخذت دولة لها وزن قراراً له علاقة بالحرب أو السلم ، وهذه المتغيرات تتغيَّر ويتغيّر بسببها ما سبق وكان مُعطىً قَبِله الكل وتصرّف على أساسه وبالتالي إتجه الى المنحى الجديد دون تردُّد. الدول مًرِنة ولا تتأثر بالمتغيرات ما دام تأثيرها بعيداً عنها لا يطالها ولا يطال مصالحها. المصالح هي الأساس ومن يظن أن الدول يمكن أن تعمل بلا مقابل كالجمعيات الخيرية يعيش في عالم آخر لا نعرفه وحتماً لا تعرفه  قيادات الدول الكبيرة منها والصغيرة أيضاً.

ما هو وضع المقيمين في بلاد هذه الأمة العربية وما هو مدى خوفها الشخصي والعملاني مما يجري؟ الجواب بسيط ولا خلاف عليه. الخوف سيد الساحة.  الكل ممن نلتقي ونتحادث  معهم ونتشاور بحرية وبدون تحفُظ هم على خوفٍ يتجذّر في قلوبهم مع مرور الأيام وإتضاح الصورة وإن كان أكثرُهم يعطي الوضع بتفاؤل فرصة ليتغير إيجابياً قبل أن يفكروا بمتى وكيف وبأي إتجاه ينظروا ويقرروا وينَفِذوا.

البعض لن يرحل لأن مذهبه يضمن سلامته والبعض لأن مستقبله أصبح خلفه  والبعض لمحدودية إمكاناته والبعض لتفكير له مختلف عمّا سَرَدْنا ولكن الوضع صعب ويثير الكثير من الأسئلة وأهمها السلامة الشخصية والعائلية وسلامة مورد الرزق. بغض النظر عن كل تحليل سلبي وإيجابي الشعور بالخوف وعدم الإستقرار لا ينفيه تفاؤل من هنا وتشاؤم من هناك ووعد ما لم يعُد له معنى. ضعف الدول التي تدير البلاد تضيف خوفاً على خوف فهي لا ترتقي إلى مستوى القادر على تنفيذ ما تعِد.

مرة أخرى نقول  لم يفارق الأمل أحلام الناس لرغبتهم الصادقة في البقاء هناك، في بلادٍ عرفوها وعرفتهم وضحّوا من أجلها واحتضنتهم. هي الجذور التي تربطهم وتبقيهم في المكان الذي يعرفون. يعرفون ثقافته وعاداته وتقاليده وأهله  وهم على ما نعرف،  بذلك وبذلك فقط يرضون.

الأحد 21/9/2014

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

مطبّات وعقبات للتخطي


مطبّات وعقبات للتخطي

الحلف يعطي داعش والآخرين المستهدفين فترة سماح تتهيأ فيها للدفاع (أو الهجوم)عن نفسها ريثما تتهيأ أميركا وتحصل على موافقة الكونغرس وتنهي مباحثاتها مع الحلفاء وتقرر الخطوات التي ستمشيها لتحقق ما التزمت به تجاه العالم. فالوضع العام يعتريه ضعف القرارات وغموض مضامينها و التأجيل والمماطلة. خسر الحلف قوة مبادرته بتردد قيادته وأفسح بالمجال للإرهاب بأن يتهيأ وهو على علم ومعرفة بما يحاك ويخطط له.
ما يحدث الآن، اليوم والأمس هو أن الإرهاب عموماً استغلّ الفرصة وفعّل نشاطه. في شمال شرق سوريا وهي منطقة كردية تابعة لمحافظة حلب ومحاذية لحدود تركيا  اجتاحتها داعش واحتلت احدى وعشرين قرية وحاصرت مدينة عين عرب وهي على وشك إحتلالها. هكذا يروي سكان المنطقة قصتهم وهم في رعب شديد وخائفين على أرواحهم وعيالهم من مجزرة تشبه مجازر أخرى ارتكبتها في الموصل وجوارها. 
ونشط النظام السوري بشكل لافت فقام برمي براميله المتفجِّرةعلى المدنيين في مدن حلب والرقة وحماة وجوار درعا في الجنوب وحتى في دمشق ضاربا رقما قياسيا جديدا بقتل الناس وهدم معالم ما تبقى من البلد.
كشرت دولة بشار عن أنيابها وأعلنت أنها  تكشف الآن عن ثلاثة منشآت كيماوية جاهزة لم تُعلن عنها سابقاً. عجيب أمر بشار وكأن المُريب يقول خذوني. أو أنه يعلن للحلف عن قدرات قتالية جديدة ومهِمَّة ليفَكر الحلف في أمره قبل أن يضرب. وربما وهذا أقرب إلى منطق النظام الذي خبرناه وعشناه،  أنه بدأ بعملية تفاوض على الإنضمام إلى الحلف هو يعتقد أنها ممكنة. لا ندري ولكننا نعرض ما توفّر من إحتمالات يفرزها عقل إعتاد الإجرام ومارسه طوال سنين ونجح فيه ويحاول الآن إعادة الكرة ليصيب.
أيران أيضاٍ حركت منظمات ممن أنشأت وبنت ومولت وحركت عصائب مذهبية إستعمالها في الظروف الحاضرة مفيد لها. حركت بشار وهو يقوم بما أدرجناه هنا وحركت الحوثيين في اليمن وهم الآن على وشك إحتلال العاصمة صنعاء.
وحركت مَواليها في العراق فلم يتمكن رئيس الوزراء حيدر العبادي من تعيين وزير للدفاع وآخر للداخلية في حكومته الحالية وكلما عرض إسماً على المجلس النيابي وجد المَوالي سببا لرفضه ويبقى العراق معلقا لا يستطيع أن يتحرك كما يتوقع الحلف قبل أن يكتمل عديد الوزراء.
وحرّكت حزب الله الذي وسع أشغاله في سوريا وحتى العراق بدليل أن أكثر من عنصر نَعاه الحزب لإستشهاده في العراق. وحرَّكه أيضا لمنع إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية حيث نفوذه في لبنان كبير ومؤثر.  كل هذا تقوم به إيران لتستعيد بعض ما خسرته في الأيام القليلة الماضية.
فرنسا تتخبَّط كغيرها في الكلام والتصريحات. تعلن من ناحية أنها ستشارك في ضرب سوريا من الجو ومن ثم يصرح هولاند بانه يستبعد القيام بأي عمل عسكري ضد الدولة الإسلامية في سوريا . فهو يدعم وسيشارك في ضربها في العراق وليس في سوريا .
وهناك هَمهمات نسمعها آتية من غزة  والتي تفيد بأن الوضع هناك لا يطمِّن بل بالعكس  يؤسِّسس لإنفجار فيها في القريب العاجل. لا نعرف مدى الخطر هناك لكن الإشاعات لا تأتي من فراغ.
وإن نسينا فلا ننسى أن بلادا عربية إنضوت تحت جناح الحلف ولا تملك من علم بالتفاصيل حتى الآن وهي بحاجة لهذه المعرفة كي تتحرك بالتوازي والتعاون والحلف فتقوم بواجب ما التزمت به  وربما تكون أكفأ أو أقله لا تكون عبئا على حلفائها.
ينسى الكل أن داعش نبتت في السجون السورية وشبت وترعرعت وتكونت ونمت داخل سوريا وتماهت ولو لفترة مع نظام الأسد الذي أعطاها الغطاء اللازم  للإستيلاء على مناطق غيرها من المحاربين المعادين لنظامه.  وأصبحت على ما هي عليه اليوم قوة ضاربة بمفاهيم ممجوجة لا يفهمها ولا يقبلها أرباب الفقه السنة والشيعة منهم على حد سواء. ولأنها وجدت فراغاً ملأته وتوسعت عندما أُتيحت لها الفرصة  وقتلت وهجّرت مسيحيين وأزيديين وسنة وشيعة في سوريا والعراق وأكملتها بذبح صحافيين أميريكيين  في سوريا مما أدّى إلى ما أدّى إليه من تهديد ووعيد وحرب في كردستان العراق ونواحيه . سببت أيضاً في صحوة أوباما وحفزت لإنشاء تحالف الأربعين دولة عدا "الكماليات السنية والعربية".
الحلف على ما قال أوباما قرر التعاون مع السنة في حربه ويستثني الشيعة احتياطاً حتي لا يساهم في إزكاء نزعة مذهبية. عجباَ أمر سيد البيت الأبيض الا يدري أن إشهار هذه البديهية يسبب فيما يسبب إتهام من يحالفه بالتبعية ومعاداة الإسلام؟
وينتاغون أميركا أنجز خطط ضرب التنظيم في سوريا، هكذا يقول وزير دفاعها  ويستطرد فيقول أن أوباما بصفته القائد العام للقوات المسلحة وبعد الإطلاع على تفاصيلها قرر أن يؤجِّل البتَّ بها.
 كم هي عقيمة هذه الحرب وعبثية وبطيء تحَرُّكها وهي بالفعل لم تبدأ بعد ولكن وبالإعلام نحن قاب قوس وأدنى من النصر  . ألحلف والصادقين منه لم يُعلنوا ما يجب أن يعلنوا تأكيدا للعزم والإلتزام  والولاء لما نظن أنهم إلتزموا به. لا ندري إذا كان الشك في صدق إلتزام بعضهم متوقع ومن هم المشكوك في أمرهم الآن وبعد أن خفّتت الأصوات واعتاد الناس على داعش ؟
والإرهاب المقرر محاربته مما يتكوّن ومن يشمل.يجب تحديده.  كل الكلام مؤخرا واليوم يتركز على الدولة الإسلامية داعش التي ستضعفها الحرب ثم تخلعها من جذورها فتختفي ويزول شرها .ولكن الإرهاب على ما كنا نتنوقع ونعرف يشمل غيرها. هناك نظام الأسد والنصرة وحزب الله وغيرهم كثيرون ذكرهم أوباما في أوّل إعلانه عن نيته في تصفية الإرهاب قبل أن يتوقف الكلام عنهم ولم يعد أحدٌاً يذكرهم.  الناس ، كل الناس، يهمها أن تعرف كي تتصرف بمنطق العارف فتكون عونا للحرب على الإرهاب بدل أن تكون عبئا عليه.
الفوضى في أعلى مراتبها والتصاريح تتوالى يكذب أحدها الآخر وفي المحصلة لا نفهم عليهم ولا نفهم ما يدور في رؤوسهم من أفكار تحفزهم أو تردعهم عن عمل ما . الكل في وضع تخبط ونرجو أن لا نستعمل كلمة إحباط. القول والفعل والتردد هو سيد الساحة. ألم يعلن كيري أمس أن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون إلا حلا سياسيا؟ ألا يلزمنا هذا وعندئذٍ بأن نكرر القول  أن توقفوا عن ما أنتم فاعلون وأعطوا أنفسكم بعض الجرأة للخروج من جحيم أنتم فيه الآن.

الخميس، 18 سبتمبر 2014

قصص من عالمنا

قصص من عالمنا

1. فتوى

أفتى الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، مفتي المملكة العربية السعودية، قال أول من أمس عن داعش: "هذه فئة خاطئة ليست على صواب، فإذا قاتلت المسلمين فيجب على المسلمين قتالهم لينصرف شرهم عن الدين والناس، فهم شرٌ وبلاء".
  أيجوز إذن لداعش في أهل الكتاب ما لا يجوز في أهل الإسلام، وبماذا يجيب فضيلته، هل قتل المسيحيين مثلا  جائز؟ وماذا عن غيرهم ممن لا يدينون بما يُدين به فضيلته . إذا أتت داعش الينا فهل تطلب منا هويتنا الشخصية لتُقرر إذا كان قتلنا حلالٌ أم حرام؟

2.حق العودة والجيل الجديد

 شابان من فلسطين يقيمان في مخيَم للاجئين أقدما على حرقِ أحد الشعائر الدينية المسيحية قرب سوق الخضار فيه.  حَرقُ مَعلمٍ مسيحي مزعِج سخيف ولكنه يُظهِر ما اختزن هذان الشابان من كراهية وحقد حُقِنَ في عقليهما في محيط لم يَعُد فلسطينياً. محيط مُحبَطُ لوَّثته العقائد المتزمتة الرجعية التي لم يجدا بديلا عنه عند الأهل الذين بالكاد يتذكرون فلسطين، أكثرهم وُلِد في مخيم ما في مكان ما خارج وطنهم وأكثرهم عندهم من الهموم المعيشية والإجتماعية ما لا يستطيعون مداراته. هم فقدوا القدرة على التَحَمُّل، غرقوا في همومهم ومأساة يعيشونها ولا ضوء في الأفق يعطيهم سببا للأمل.  تركوا أولادهم يسرحون ويمرحون أو يَعُبّون من الأفكار ما تيسّر، أيُّهما توَفّر، والمتوفر لا رقص ولا غناء ولا مدارس ولا عمل والمُرَحِب الوحيد لهم هو الجامع أو الحوزة يقضون فراغهم فيها.  لا يجدون المثَلٌ الصالح، ولا القِيَم الخلقية الفلسطينية والتي مارستها قولاً وفعلاً أجيال من المخلصين غابوا وغاب معهم الفكر الصالح. أصبحوا فريسة لمن له مصلحة في الإعتناء بهم وصاحب المصلحة يربيهم لمصلحته وينفُخ فيهم من الأفكار الدينية ما يرى مناسبا وينشيء جيلا منهم يقوم بما يعَلِمه القيام .يأخذنا هذا الحديث إلى منطقة من الفكر مثيرة. هل يعني أن هذا الوضع يمَهِد أو يؤسس لزمن لا يعود فيه حق العودة مطلبا فلسطينيا يُضَحَّى لأجله ويجيز التفاوض عليه؟

 3. الإنتفاضات الشعبية وأسبابها

الغباءوالجهل والفقر والظلم والإستبداد أصل البلاء فإذا ما توفّرت هذه العناصر دبّت الفوضى وطار الإستقرار. هذا ما حدث في بلاد الربيع العربي  فالحاكم المشكو منه تمتع بصفات "أصل البلاء" تماماً كالشعب المطالب بالحريّة. والمذهبية المنتشرة في دنيانا سلاح حادّ وقاتل يُثار عندما يعم الجهل والفقر الملازم له ويتنَطَّح ظالمٌ مستبد له فيُرسي مقومات "المجد من أطرافه" فلا يبقى" إلاّ بقية دمعٍ" لا تُبقي ولا تَذَر وتَدُبُ الفوضى ويبدأ  الخراب..

4.البدوي وفرن الخبز في الضفة

 خربة أُم الخير في جنوب الضفة الغربية يسكنها بدو فلسطينيون فقراء. سُمِّيت خِربِة لأنها تجمُّع سكني صغير بالكاد تضُم مائة شخص فهي لا تستحِق أن تُسَمّى قًرْية. قام اليهود بزرع مستعمرة ، يسمونها مستوطنة تخفيفا لمعناها الصحيح، قرب الخربة. يهودي مقيم في المستعمرة يُسمّى "مستوطن" زار الفرن البدائي المسمّى فلسطينياً "طابون" وحاول إقناعه بالتخَلّيِ عنه لأن رائحته كريهة. طابون رائحته كريهة أمرٌ جديدٌ لم نسمع بمثله فللطابون رائحة خُبزٍ كما هي رائحةكلِ فرن.
توالت الإغراءات وبعدها التهديدات وصاحبنا صاحب الفرن مُصِر على إبقائه . لمّا تأكد المستوطن من عَبَثِ محاولاته لجأ الى المحاكم اليهودية مطالباً بتعويض عن إنزعاجه من رائحة الفرن وقدره ماية ألف دولار أميركي. والمحاكم الإسرائيلية تنظر اليوم في الدعوى والبدوي لا يزال يخبز، لا خيار له .

5. قصة زوجين في الضفة

"بعد ثلاثين عاما من الزواج، و ثلاثين عاما من الكفاح مع المحامين ووزارة الداخلية الإسرائيلية من التدابير القمعية لجمع شمل الأسرة  في الضفة الغربية، تمكَّنت إبنتي من الحصول على تصريح لمدّة سنة واحدة لزوجها للعيش معها في القدس على أن تتقدم بطلب تجديد الإقامة بعد سنة.
 اتفاقية أوسلو وضعت القدس خارج الحدود للفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة. حتى زوج ابنتي وهو من بيرزيت وهو حامل  بطاقة الهوية الفلسطينية لا يمكن أن يعيش معها و أطفاله الثلاثة في القدس ، ولا تستطيع هي الانضمام إليه في بيرزيت لأن ذلك من شأنه أن يحرمها من حقها في الإقامة في القدس المدينة التي ولدت فيها. لذلك كان الخيار الوحيد المتاح لها أن تكون زوجة تتزاور وزوجها نهاية الأسبوع.
أليس  من الصعب على جميع أفراد أية  أسرة أن لا يتمكن أجد الزوجين من زيارة الآخر حتى في أصعب الحالات بما فيها زيارة أحد الأبناء في مستشفى بسبب المرضٍ أو لحادث تعرض له لأنه  لم يُمنح التصريحا اللازم للزيارة. أيُّ ضميرٍ يقبل هذا التصرُف من مُحتَلٍ تفرض عليه واجباته تجاه المحتل حسنُ المعاملة. إسرائيل أعفت نفسَها من المسؤولية والعالم كله بما فيه العالمين العربي والإسلامي، غَضَّ النظر أو أشاح بوجهه كي لا يرى. ويقولون ويسألون من أين يَنبُت الإرهاب ونظنهم أغبى من أن يعرفوا!