Powered By Blogger

الخميس، 30 يوليو 2015

تَسَوُّل وسياسة

تَسَوُّل وسياسة

رسائل العالم والمنطقة والبلد المفتت والحواجز السياسية والأخلاقية التي تُقام كلها سقطت أمام جدار الأزمات التي يختلقون. حياة الناس لا تهمهم فهم لا يكترثون . لمصالحهم ، على إختلاف مرتباتها، كل شيء مباح، أكان من ضمن الثمن مئات ألوف القتلى وملايين المهجرين التائهين الضائعين في متاهات هذا الزمان الرديء يبكون، يتحسَّرون يناشدون، يتسولون في أي شارعٍ يقبل بهم، حتى هم أصبحوا مادة تباع وتُشترى. تؤلف عصابات تستحوذ على أمكنة التسول، تنظم شؤون المتسولين وتدفع لهم بعضا مما يجود به مارٌّ على زاوية يضع في يد المتسول بعضا من درهم. يزودونهم بضروريات التسول، يضعون في حضن كل متسولة طفلا تكاد عظامه البارزة تحكي قصة معاناة المتسول والطفل النائم في الحضن. يوزعون المتسولين منعا للتنافس و"يلمّوهم" بعد الدوام المقرر ويتكرر المشهد صباح مساء
الحظ العاثر للمتسول أن يجد نفسه في مدينة كبيروت تغمر طرقاتها النفايات فيجلس على رصيف تحيط به القمامة ولا مفرّ عنده من القيام بعمله الذي أصبح مفروضا عليه من العصابات المافيات المُحَصَّنة في غطاءٍ من ميليشيا أو زعيم سياسي ينادي كما ينادي غيره باحترام القانون وحقوق الإنسان ولا تخجل المليشيات التي "تدافع عن الوطن ضد المستكبرين" ولا السياسي الذي لا يخجل أصلاً. وهذا ينطبق على كل مدينة أو قرية كان سوء حظها أن تكون موئلا للمتسولين. ففي بيروت نفايات وفي حلب نفايات وركام وفي الحسكة كل ذلك وبراميل تتفجر أثناء التسول. لا أبالغ فهذا واقع يرفض العالم أن يراه، فالعالم أعمى عن كل ما يُقَزِّز أو يخيف
أليس من عار هذا العالم أن يحكمه من سياسته "التروي" في إتخاذ القرارات والوقت يقتل ويجُر القتل وبعد لأيٍ نسمع إحصاءاتهم تقول: أن قتلى سوريا أشرفوا على الربع مليون و الجرحى بالملايين وأما المهجرون فنصف سكان البلاد . ثلثي أهل سوريا هم عنصر من عناصر الإحصاء الثلاثة، قتلى أو جرحى أو مهجرين. ويقولون أن "مبعوثاً" ما "يدرس" ويحلل ويبتدع أساليب الخلاص، والكذب كما الوقت يقتل ويجرح ويهّجر، والدارسون (من درس: أي امَّحى وذهَبَ أَثَرُه، ) يقبضون الرواتب ويحللون، ولمَ العجلة فهم يسافرون وينزلون في أفخم الفنادق، تُدَقُّ لهم النوبة في الإستقبال والوداع، يشعرون بأهميتهم ويلتقون أكبر الناس مقاما ويأكلون ويشربون كما يشاؤون ويكتبون ولا من يقرأ ولا من يحزنون
السياسيون، أبعدهم الله عنا، هم فيما يفعلون مرتاحون. لا ضمير يؤنِّب ولا أخلاق تردع ، والمصالح سيدة المواقف. المشكل أنهم يتحدثون عن أمور" لا هي في العير ولا في النفير". حقوق الإنسان مثلا، يحدثنا عنها أوباما من بلاد في إفريقيا لم تَمُرُّ بها هذه المفاهيم في تاريخها، وهو الآتي من هناك يجب أن يعرف، اللهم إذا كان يوجهٌ كلامه للناخبين في أميركا وليس لشعوب تكدح لتأكل ، وبعض أهلها عبيد لم يُحرّروا بعد؟ حقوق الإنسان والديمقراطية يكررها هذا الرجل في حلّه وترحاله لشعوب ليست هذه الأمور من أولوياتها. الناس تريد من الدنيا بعض السلام والأمن ، تبغض الحروب لما يأتي معها من مصائب ، تريد السلام قبل ممارسة الديمقراطية وبحث أمور الحقوق الإنسانية
ألم تكفنا حتى تاريخه أكاذيب ساسة العالم؟ ألا يفكرون بمستقبل شعوبهم في بلادهم وما قد يصيبهم نتيجة إحباط لشعوب العالم الذي يُذلّوه كل يوم كهذا الذي نَصِف هنا؟ لا يدعي كاتب هذا المقال أنه يعرف أكثر من غيره في أمور هذه الدنيا وما يؤجِّج اوضاعها ولكنه فقط يَصِف ما يشعر به ، ويشعر به آخرون يعبرون عنها بحِدّة كلامية في كلام لا استسيغه عن رؤيتهم لأوضاع حياتهم المستجِدّة ولكنه يعبّر بصدقٍ  عما يشعرون. ولم لا فإن الناس أنواع وبعض الناس "يشتم بأدب" والبعض لا يجد من الشتائم ما يكفي للتعبير عن موقفه، والحصيلة واحدة: بغضٌ عند الناس في تزايد لبلدان يمنع سياسيوها عنهم بعض السلام والأمن وبعدها يتفاجؤون بداعش ما نبت هنا أو هناك وتلزمه سنوات من "النضال"  لإجْتِثَاثُ مساوئها واِقْتِلاعُهَا مِنْ جذْورِهَا. وتمر السنين وتبقى آثار داعش ما ، والإجتثاث ظاهرة للعيان.
ونذكر فقط للإيضاح فكرة الإجتثاث في العراق. البعث واحتثاثه هناك فكرة اميركية آثارها وتأثيرها على المنطقة لا تزال آثارها ظاهرة للعيان ليس فقط في العراق ولكن في دنيا الساسةالعالمية. ألم يؤدي هذا الإجتثاث إلى إتفاق نووي بين إيران و 5+1 ؟ لو بقي عراق صدام على ما كان عليه لما كانت إيران نووية ولما كانت تستلزم إجتثاثات(داعش ما) لا يعلم أحدٌ حدود مخرجاته
 أيستغرب المفكرون وأصحاب القرار أن البعض فقَد الثقة بالمفاهيم والمُثُل التي تحركهم ، فأصبحوا عندما يُصَلُّون لا يتعبدون بل يتخذون من الصلاة في أماكن العبادة ستارا يمارسون خلفه ما شاءوا  وسمحت لهم الظروف؟ هل هم خير من داعش ما، هذا بسكين يعمل وهم بالبراميل المتفجرة يعالجون وضحاياهم أضعاف أضعاف من ذُبحته داعش ؟ الا يرون ويفهمون فيتعظون ؟

30/7/2015

السبت، 25 يوليو 2015

نفايات هنا وهناك


نفايات هنا وهناك

أسفر سياسيو البلد عن أوجههم واتَّكأ اكثرهم  على أرصفة بيروت، مثلهم مثل النفايات التي أفرزوها ووَزَّعوها حيث إتكأوا،  فتعرّف أهلها على وجوه كانوا يرونها عن بعد ، صورا على الصفحات وأشكالا على المرئيات. اليوم نعرفهم كما هم، نلمِسُهم ، نرى البسمات المفتعلة مرتسمة على وجوههم الكالحة، نشُمّ روائحهم ولكل منهم رائحة تميِّزه وكل الروائح المنبعثة  تزكم الأنوف وتعبق الأجواء فيرجع من رأى واشتمّ وتَعَرّف بسرعة البرق إلى حيث تكون الروائح أقلُّ عبقا وعنفا فيتفادى المناظر القبيحة والروائح الكريهة
نحن نحكي عن نفاياتهم ونفايات البلد بأكمله، بالأخص نحكي عن من باع بلده  طمعا في موقع يشتهيه. هؤلاء ليسوا قلّة ، فيهم النواب النوائب والزعماء المخربون والمدنيون وكبار الأساقفة والمعمَّمون لا إستتثناء إلا لبعضهم المعروفين، الكل يعرف الأوادم،  وهؤلاء قُصقِصت أجنحتهم و مُنعوا من الكلام إلا في حدٍّ مُعيَّن معروف
هم من منع عن البلد الراحة والإطمئنان والأمن وفُرص العمل والسياحة والزراعة والصناعة وغيرها ،  ومنع عن بعض المؤسسات المدنية وجودها وعن بعضها القدرة على العمل وهم من إلتزموا مصالح بلاد أخرى غير صديقة وخان بلده واستوفى مالا ووهجا على ما يقوم به مما يضر في ناسه وفي بلده ويحكي بصوت عالٍ أنه يخدم البلد ويُبعد عنه شَرَّ المخلصين من أبنائه
ربما نسينا أن في البلد مخلصون، يَسعون ويُضحّون ويعملون ويأملون، علّ فيما يقومون بعض مما يمنع الضرر عن بلد حكم عليه هؤلاء باستمرار المعاناة. أوصلوه إلى حال بعثرة النفايات في الشوارع ، ولو أنهم إتكأوا عليها واتكأت عليهم فهذا لا يقلل الضرر بل يزيده حجما بما يساوي مجموع أحجام من إتكأ عليها وفيها وفي طياتها وكان في صلب إنتاجها ، وهم أتونا من تلك البيئة ، معتادون عليها لا يهمهم أمرها ولا يعانون من وجودها
نشير إلى نفايات وُزِّعت في مدن وقرى لبنان لنعطي فيها مثلا عما يجري في شرقنا من مُخزيات زادها خزيا وعارا توقيع إتفاق سَلَّمت فيه أميركا إلى آية الله العظمى الوالي الفقيه الفارسي الشرق الأوسط بأكمله. أعطاه لرجل دين من مذهب معادٍ لمذاهب أكثرية المسلمين وكأنه لا يعلم بأنه يؤدي إلى صراع طويل في الشرق الأوسط وفي كل مكان تتواجد فيه المذاهب المختلفة، وأميركا وأوروبا لن تتلافى، ولا يمكنها تلافي  الصراع على أراضيها. داعش مرحلية وستزول، أما الصراع السني الشيعي الإثني عشري فهو باقٍ
طبعا لا ندَّعي المعرفة الكاملة بما تَمّ وإن بدأت تظهر على العلن مرفقات للإتفاقات سرية وغير معلنة لباقي البشر. إكتشفها الكونغرس الأميركي الذي لم يعلمه أوباما بوجودها، وهو يسأل الآن عن باقي ما لم يُعلن من إتفاقات. ونحن نسأل لأن مصير هذا الشرق هي بيد لا نأتمنها، أكانت خامنئية أو أوباماوية. الإثنان يتساويان عندنا عندما ندخل مضمار وميدان الصدق والثقة وحسن النية بمن وقّع وأوقع العرب كلهم في مأزق عُمره طويل ومخرجاته ونتائجه في أيدٍ غير موثوقة
في اليمن، تشير الأخبار أن المعزول صالح وأميركا باشرا مفاوضات لصلح ما يُبعد الحرب عنها. يريدون صالح أن يبقى بعد أن أثبت صلاحيته لإحياء االفتن وكنس الرماد عن النار. بمساعيه دّمِّرت اليمن. تساوت مع سوريا باللاجئين والقتلى والدمار والمجاعة وأدخلت اليمن مرة أخرى في نزاع زيدي شافعي، ( شيعي سني)، وتساوت بالعراق بدخول إيران على الخط، وإن كان ظاهر الأمور الآن بأن عاصفة الحزم ستنهي ما بدأه صالح، فإن تصريحات السيد الوالي الفقيه الفارسي وعد، بعد توقيع الإتفاق، بأنه لن يخذل الحوثيين أتباعه وسيدعمهم بالمال والسلاح وإن إقتضى فبالرجال أيضا
أما العراق فلن ندخل في أمره لأن تعقيداته بدأت بإضعاف صدام ثم إلغائه وفتح طريق المشرق العربي الواقع غرب إيران لإيران وكان ما كان وأعلنت أنها إقتنصت أربعة عواصم عربية هي بغداد والشام وبيروت وصتعاء، ولم نسمع من أوباما إعتراضا على ما أعلنته رسميا إيران التي وقّع معها إتفاقا بأرخص الأثمان
25/7/2015






الجمعة، 24 يوليو 2015

هل من بطلٍ يفرج كُربتنا؟






هل من بطلٍ يفرج كُربتنا؟



عنترة قال ومات، تاركا لنا ببساطة البطل القائد شعرا غنيا بالمعاني التي أساسها تجاربه في دنيا كانت الحروب نمط الحياة فيها:
إذا كشفَ الزَّمانُ لك القِناعا... ومَدَّ إليْكَ صَرْفُ الدَّهر باعا
فلا تخشَ المنية َ وإقتحمها... ودافع ما استطعتَ لها دفاعا
ولا تخترْ فراشاً من حريرٍ... ولا تبكِ المنازلَ والبقاعا

وهل من عنترة ما تَلِدُه أمُّ أحد الحكام ، يستفيد من قول عنترة  ويعمل بموجبه ويتنطح للأعداء الظاهرين والمموهين المعروفين أصلا وفصلا ، لا يخشَ المنية،  يًستَلُ سيفا ويقتحم غمارا يدافع عن كرامة خسرناها منذ أن أتانا المغول، وحكمنا المماليك، تبعهم أتراك بقوا معنا ، على رؤوسنا 600 عام، ثم زارنا الغرب فقسّم البلاد وأفقر العباد ومنح فلسطين لغير أهلها زورا وبهتانا وظلما وهجر أهلها إلى أصقاع الأرض كلها، جعل منهم لاجئين أبديين وزرع عن قصد ومعرفة وتصميم سرطانا في الأرض يقتلنا ولا مفَرَّ منه ولا رجاء لزواله إلا إذا التاريخ ساعدنا وأهَّل لنا عنترة ما، جيوبه ليست من أدوات جهاده وضميره ناصع لا يهاود ولا يداهن أو يساهم في رذيلة.

عنترة جديد، فكرة هو وليس شخصا إنتشلناه من دواوين الشعراء القدامى وحكايات البطولة والأساطير التي إزدهرت في ثفافتها روايات البطولات ،أكان عنترة هذا فرداً أو مجموعة من الصالحين القادرين الواعين العالمين بما ينتظرهم ، يُعِدُّون الُعدَّة لها بروية وعزم ، يُخَططون ويهيئون كي تكون ضربة  أول سيف يُستلّ قاطعة مؤَثِّرة مقنعة أن الجد جَد وفي حَدِّه الحَدُّ؟....

 ونستعير مما قال أبو تمام في أحد الأيام:

السَّيْفُ أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكُتُبِ.... في حدهِ الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ

أكتب وبمرارة ، فبالأمس قال لي إنسان أحترم وأُحٍب أن المشكلة ، وكنا نتحدث عن الإتفاق النووي وتأثيره على الجوار، أن العرب لا يخططون ولا يستشرفون المستقبل كي يستفيدوا مما يعطي لمن هو مُهَيَّأ للإستفادة ،  ولا يحتاطون لمن يريد ويسعى ويخطط ليأخذ مما لهم. ومع أنني وجدت الكثير لأنفي ما سمعت ولكنني ، فيما بعد،  إنصرفت إلى التفكير عما سمعت وفهمت وربما تيقنت من ملامح هذا التلكؤ أو حتى إهمال كل ما له علاقة بجهذ دماغي يتلافاه العرب أجمعين.

راجعت ، بيني وبين نفسي، من سمعت ورأيت في ثمانين سنة مضت من حياتي كنت فيها مطّلعا على مجريات الأمور وعارفا للأفراد الذين أفنوا حياة قدموها دون مقابل لأوطانهم ولم يُخططوا. فكَّروا ؟ نعم. عملوا؟ نعم. ولكنهم لم يتركوا ولا خارطة طريق لأولادهم وأحفادهم، طريقا يسلكونها ويُحسِّنوا ظروفها ويتهيؤا لكل  ما يُستجَدّ .

لم أجد في تاريخنا الحديث من أستشهد به واكتفيت بما كُتب من الف وألفي سنة مضت، ولكنها تركت لنا ذخيرة نستعين بها. والله لا يترك عباده الصالحين.

24/7/2015













الخميس، 23 يوليو 2015

توقيت الإتفاق، نتائجه محسوبة ومحسومة


توقيت الإتفاق،  نتائجه محسوبة ومحسومة

ليس من العادي أو الطبيعي أن يتدخّل العالم في شأن لا يخصه كإجراء محادثات بين دولتين سيدتين مستقلتين كأميركا وإيران لولا أن الطرفين إختارا توقيتا لافتا ، أقل نتائجه أنه يثير غضب الأصدقاء وبعض الأعداء ويضع الفريقين المتفاوضين في خانة إستغباء الكل
لو جرى ما جرى قبل الربيع العربي ومخرجاته لما إلتفت إليه أحد. لكنه أتي في زمن تتغير فيه الجغرافيا وتتناحر المذاهب وتتقل  الإثنيات ويُطرد أويُهجر أو تقتل الأقليات جاعلة بهجرتها بلدانا نظيفة عرقيا وطائفيا كتلك التي نواها هتلر ولم ينجح  وما تهيِّء له إسرائيل ونأمل أن يكون مصير مخططها هذا مصير مثيلاتها
لو جرى ما جرى بين دولتين ليست إحداها أميركا لما ثار العالم وتَكَدَّرت النفوس وكثرت الحروب وتحدَّثت بنوافل الأمور نذكر بعضها فقط كي لا يغيب عنّا معناها. يقول أوباما أن أحدا يطالبه بحل قضايا الشرق الأوسط وكل ما أراد هو خفض خطر السلاح النووي في المنطقة. ويقول كيري أن الموازنات الحربية عند العرب تفوق بمرّات ما عند إيران
ألا يوحي هذا الكلام بأن على الطرفين المتخاصمين أن يلجئأ  إلى الحرب بدل تبادل الكلام النابي مع تأكيد جازم من أميركا بعدم تدخلها لا سلبا ولا إيجابا في الحروب المستقبلية وفي ساحات  تتبادل الخراب الموعود لها ، فلا يأتي وقت إلا وتكون فيها ساحة ما تلتهب ليبقى الحافز الإقتصادي مُلهَمًا . وتدخل التجارة والصناعة فيها فتزيد البلدان المنخرطة في التخطيط فرص العمل المتاحة لمن لا عمل لهم،  وتبقى وتيرة أرباح مصانعها عالية فتنتعش البلاد ويأتي أجل  من قضت ظروفه وبقي في الساحات . وإن ننسى فلا ننسى أن مداخيل المُسَوّق لآلات الحرب ، فهذه وظيفة من "عليه القدر والقيمة"  وهم بطبيعة الحال  من كبار القوم المنخرطين في الحروب المسوقين للها وجالبي آلاتها والمؤتمنين الذين يدخلون إلى مراكز القرار دون ميعاد ويبيعون ويشترون ولا من يردعهم
أليس من الملفت جدا هذا التوقيت،  يوم أصبحت كل دول المنطقة مفكّكة مقَسَّمة يحكم أطرافها من بيده السلاح من حُثالات،  أبى الزمان إلا أن يرمي البلاد والعباد بها مٌفسحا لكل صاحب مصلحة أن يقطفها قبل أن تفوته الفرصة ويفلت ما يُجتنى منها من بين يديه؟ فرصة لن تتكرر والضمير مَرِنٌ يسمح بالموبقات وتعاطيها وما منعته السماء ربما ناصبا أمام عينيه قدرته على رشوة الله عز وجَلّ
ولم لا وهو يتعاطى ما يتعاطى بإسم الله، فلداعش "الدولة الإسلامية" ولها خليفة لسيد المُرسلين يقرر ما المسموح وما المرذول والممنوع ، ولغيرها تجمُّعات تُدخل إسم الله في مسمى تجمُعها، "حزب الله"  مثلا، ولآخرين دول "الله"  رئيسها بالإسم فقط،  ودولٌ أخرى لا تدخل هذا السباق إنما تعمل مع من يديرها،  وتُحالفها ، وإذا إقتضى الأمر تشتُمها برضاها لأن الحلف شراكة يتقاسم من فيها خيراتها كل على قيمته وقدره
أستغفر الله فيما أقول ، ولكن الواقع المحزن يحتاج إلى من "يبُقُّ الحصوة" ويُعلم من يجب أن يعلم بواقع الحال، ويحذِّر بأن الوعي قد ينتشر يوما ما وقد يُرد الصاع صاعين فيندم من  يجب أن يندم متأخِّرا ، وفي الآخرة مصيرهم محتوم في جهنم وبئس المصير
23/7/2015




الأربعاء، 22 يوليو 2015

قبل أن يَجِف مدادها


قبل أن يَجِف مدادها

ما أن جفَّ مداد الإتفاق النووي حتى قامت الدنيا ولم تقعد. شرقها وغربها وما بينهما والذين وقعوها ومن سمع عنها أو قرأ ما ورد فيها ضائع مِثلي ومثل كل متابع لأخبارها. أميركا التي دعمت التفاوض وارتأت أن أي تنازل لأي شرط من شروطها لا يُغَيِّر واقع ضرورة توقيعها. وإيران التي غَنَّت إنتصارها على "الشيطان الأكبر" بدا وكأنها تراجع موقفها بعد أن تبيَّن لها أن رفع رايات الإنتصار جاءت قبل موعدها. 

ماذا نقول عن المتابع أو الخائف أو المرتاح الذي لا يعرف عمَّا إذا كان على حقٍّ في خوفه وإرتياحه ، يفسِّرها شاين د. نايلور في مجلة الفورين بوليسي بقوله أن الإتفاق أبعد المواجهة بين الولايات المتحدة وإيران وخدم مصلحة الأخيرة في سوريا بحيث أعطى حزب الله وبشّار قوة جديدة وفسحة أخرى تُعَوِّق التحول من الحال  السورية القائمة إلى حالة مختلفة، كما تعطي الحوثيين دعما يسمح لها بقنص وتَحيُّن الفُرص إن لاحت.

أول معارضي الإتفاق، آية الله الخامنئي وقائد الحرس الثوري وكل اليمين الإيراني وكذلك اليمين الأميركي وقد أصبح الدفاع عن الإتفاق الشغل الشاغل لأوباما وإدارته،  لا يعرفون أي موقف يلتزمون عدا أن إيران بدون سلاح نووي  أسهل للتفاوض إن ملكت، لا سمح الله، ما يملكه الآخرون.

أما باقي العالم فالبعض فيه يلملم جراحه ويدعو على اليد التي وَقَّعت بالقطع والبعض الآخر أصبح في طهران يفاوض بالإقتصاد والتجارة قبل أن يقطفها غيره وقبل أن تسوء الحال بين "ظريف" و"كيري" ومن يُمثِّلان. أما العرب فليسوا بالعير ولا النفير وهم يراجعون الوضع علَّهم يُفلحون في إيجاد موقع لهم بين كل تلك المواقع.

وتبقى الأمور الأخرى في سوريا على حالها، روسيا وإيران تزوِّدان الأسد بالمال والرجال والسلاح ويقبضون الثمن ولو متأخِّرا.  نظام الأسد لا يزال يُمَثِّل سوريا في هيئة الأمم والديون التي يلتزمها الأسد الآن هي ديون على سوريا  بقي الأسد أم رَحَل، تدفعها أجيال سوريا القادمة. بلايين الدولارات التي أدَّت بسوريا إلى المجاعة والتشرّد والتي تحتاج إلى كل درهم كي تطعم أهلها وترتب أمورهم بالتي هي أحسن.

أما اليمن ققد أصبحت وديعة في يد المملكة العربية السعودية وهي قرّرت تحريرها من إيران، والحرب سجال ونأمل خيرا لأهلها وشعبها وإن طالت الحرب وتساوى الخراب فيها بالخراب الذي لحق بسوريا. والعراق حربها بين السُنّة وشيعة إيران. قربها من إيران يؤهل حربها للإستمرار إلى أن يربح الحرب أحد الفريقين، وهنا ليس لأميركا يد في ما سيجري إلا ما يُمَكِّنها من القول أنها مستمرة في مساعدتها للتخلص من داعش ليس إلا

إسرائيل تلعب لعبتها وتقف وبحزم يخيف أوباما ضدَّ الإتفاق، وتستفيد من الفُرص وتصدر القوانين تَفُشُّ خلقها فيها ، تدين بموجبها  كل فلسطيني يرمي حجرا على يهودي يتعرّض للسجن 20 عاما. طبعا لا ينطبق القانون على يهودي يرمي مثلها أو أكثر إيذاءً منها على عربي. ويأتي الخبر على الدنيا ويروح ولا من يسأل.

الأمور ماشية على أنغام تؤذي الأذن وفلسفات ما أنزل الله بها من سلطان، وبكل حال تهدد بالويل والثبور وعظائم الأمور الشرق الأوسط بأكمله وكأن ما يجري اليوم ليس من العظائم بعد.

22/7/2015