Powered By Blogger

الخميس، 21 أغسطس 2014

أقعد أعوج وإحكي جالس

في شهر  إكتملت أيامه أول هذا الأسبوع كتبنا وحلّلنا ودخلنا زواريب كواليس ما إستجدّ من أهوال أدّت إلى ما لا يوصف من مآسي فيها هدم وفيها قتل على أنواعه لا نستثني منها الموت تحت ركام أنقاض ما بناه الآباء والأجداد والقتل المباشر بالرصاص والقنابل وفي حدّ السيف ودفن الأحياء كي يموتوا وهم يعرفون أنهم يموتون ولكنهم كلهم، من مات بآلات الموت الحديثة أو الدفن حيّاّ ، لا يعرفون  السبب. كلهم عاشوا على هذه الأرض التي ماتوا فيها أو في جوارها هاربين . لا نستثني أحداّ، مسيحي، أزيدي، شيعي، سني وغيرهم لأن لكل منهم في هذه الأزمنة الرديئة عدو إستحدث ولم يكن قبلها في هذه الديار مقيما.
والأعداء كثر لا نختصرهم بداعش ومن لفّ لفّها واقتنع بصوابية عقيدتها وأساليب فرضها. الأنظمة التي وجدت داعش فيها سببا وأيضا قبولا استغلّته بكفاءة وثارت وبدأت تتجذر هنا وكبرت وكبر كادرها وتمويلها ومساحة الأرض التي تمكنت منها وأعلنت خلافتها عليها وتبعها إيمانا أو طمعا أو خوفا ، تبعها الكثيرون حتى أصبح عددالمنتمين إليها عشرات الآلاف وعديدها عديد جيش دولة لها ما يلزمها للدفاع عن أهلها ومن إلتجأ إليها أو عاش تحت جناحها.
لا نعرف مدى ما تطمح الدواعش ومنظميها إلى بلوغه أو تقدر على بلوغه. ، يمكننا توقّع توسع الأفكار والفرق الداعشية والتمدد إلى حدود يرسمها أزلام الأنظمة الرديئة القائمة اليوم ، ولامبالاة أو  تردد الأنظمة العربية والإسلامية القادرة الآن والتي قد لا تكون قادرة غداّ ولامبالاة أو مبالغة مقصودة من الغرب الغريب العجيب في مواقفه طليعته أميركا وأعضاؤه من يمشي وراءها للإستمرار في خطوات مدلولها اليوم تفتيت للمنطقة أساسه المذهب والعرق أما الأقليات فيرحب فيها بكل بلد يحتاج اليوم إلى يد عاملة لا تكون خطراّ على نظامه. المسيحيون على إختلاف مذاهبهم مرحّب بهم لأنهم يمكن أن يكونوا جزءاّ من نسيجه الحالي، لا يغير فيه شيئاّ. أليزيدين والاقليات الأخرى حتى لو كانوا من خلفيات  مختلفة فإن أعدادهم لا تكوّن على المجتمعات التي تحتضنهم عبئاّ فكريا ولا هم قادرون على التأثير على أسلوب حياتهم.
طالعتنا الأخبار ولو بخجل بإن أميركا تدرس وربما تفاوض الأسد بشار على جهد مشترك لمحاربة الأصولية الفكرية وما تنبت من مثيل داعش. لم لا وأمراء داعش كانوا قبل نشوء داعش من نزلاء سجون أبو غريب في العراق والمزّة  في سوريا وغيرهما من سجون البلدين الكثيرة ، أطلقوا من سجونهم في فترات متقاربة وتجمعوا بقدرة قادر وأنشأوا الدولة الإسلامية وبدأوا يعيثون في الأرض فسادا وقتلا وسبيا منذ سنوات ثلاث على الأقل ولم يحرك الأسد بشار ولا أميركا ساكنا حتى يومنا هذا.
وأيضا إيران في مجال البحث عمّا إذا كانت ترغب في التفاوض مع أميركا لهذا الغرض.
ماذا ينتظرون؟ ندري ولا ندري ونكتب فقط عمّا نحن ندري أو نظن أننا ندري. النية حسنة ونسعى علّ في سعينا وما نكتب ما يفيد.
بالأمس حرب غزّة عادت وباشرت إسرائيل بغاراتها وإلقاء القنابل بعد أن سمح لها ما شاءت من هدن فاستراحت واستراح محاربوها وراجعت خططها القتالية وما إن استعدت حتى تابعت حربها ضد أهل غزة وأغارت وقتلت لأن حقّها في الدفاع عن نفسها مصان بل هو بالنسبة للغرب، والغرب المقصود هنا هو الإدارات التي تحكم البلاد، مقدّس. هارف من البيت الأبيض تكرر ذلك كلما وجدت سببا لتكراره وإذا ما انتفى السب ذكّرتنا بهذا الحق المقدّس لليهود حصراّ.  أما أهل البلاد الفلسطينيون فحقّهم محصور في قبول ما يفرض عليهم ولا شيء آخر.
داعش رغم ما كتبنا وقلنا وتحدثنا عن إجرامها وبشاعة ما تقوم به هي ، بالإضافة إلى ما يقال عن بعض المساهمة في إنشائها ممن أتهمته كلينتون، لم يكن ليجد هذا الحشد من المنتمين لو أحسن الغرب في سياسته ولم يكرس جهده الكامل لدعم من أساء إلى أهل فلسطين مهد الأديان صدّقنا أم لم نصدّق وهجرهم واستباح أرضهم ومالهم وقتل العديد منهم. لم يكن اليهود في النصف الأول من القرن الماضي بأحسن ممن نراهم اليوم ونصفهم بكل قبيح ممجوج. هم الآن يتشاركون في القباحة بمن يقتل ويهجّر في مدن وقرى أخرى في بلادنا تماما كتلك المدن والقرى في فلسطين التي هم سرقوها . الدين اليهودي كما الأديان الأخرى يتاجر فيها لأن دعوة الناس إلى قبولها وحتى المحاربة لأجلها أبسط وأسهل ويقبل بكل طيبة خاطر.
يقول إبن رشد فيلسوف و طبيب وفقيه الاندلس أن "التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل".  وليس في علمنا  أن هناك في أدبنا قول أدق وأوضح . هذا واقع الحال فالأديان أصبحت سلعة  تباع وتشترى في سوق رائجة بائعوها والمشترين دول كنا نظن أن ثقافاتها وما تقول أنها تؤمن به من عدل ومساواة بين الشعوب وديمقراطية إدّعت ممارستها أرفع وأسمى بما لا يقاس من ممارسات الدولة الإسلامية ،  قيم تمنعها من ممارسات هجينة إجرامية لا نصدّق حتى الآن أنها تمارسها ولكنها على ما يظهر  تمارسها وتمارس الاسوأ  لأن حكّ الجلد أظهر ما تحته وإذا ما ظهر يخيفنا كما يخيف باقي العالم ولكنه لا يخيف الدواعش لأن هدف المنضوين تحت لوائها لا يمانعون في الإنتقال من هذه الديار إلى دار الآخرة حيث الحواري بالإنتظار وتنسجم الأهداف بين الدول والدولة الإسلامية. وإذ نكرر "بأن بعض الظن إثم" يراودنا الفكر القائل بأن لا تفسير لما يجري دون "الظن" بأن الصحيح واضح نقبله على علّاته.
أمس ذبحت داعش الصحافي الأميركي جيمس فولي. نعم ذبحته كما تذبح النعاج بعد أن عانى في سجنه ما عانى والأخبار عنه توحي بأنه كان إنسانا ذو مباديء عاش ومات من أجلها وكان كغيره من المذبوحين بلا ذنب موضع حزن لا يختلف عن الحزن الشديد الذي نعيشه كلما ذبح فرد من أبناء هذه البلاد وأحياناّ كلما قتل أو ذبح بضع مئات. هو شهيد كما كلّ من دفع الثمن.
ويأتي أوباما من عطلته مع العائلة ليبلّغنا أن الدولة الإسلامية "سرطان لا مكان له في القرن الحادي والعشرين". يتابع أن التنظيم "لا يتحدث باسم اي ديانة". نشكره لما أوضح مما لم نكن نعرفه. يناشد "الحكومات والشعوب في الشرق الأوسط العمل معاّ لإستئصال هذا السرطان لئلا يتفشى". عن أية دول يتحدث أوباما وبأية شعوب يستنجد فالدول غابت عن السماع لأنها لم تعد قائمة وأسلمها من تعمل عرجاء عمياء في إدارتها ، والشعوب مهجّرة تعاني من الجوع والذل الذي أتاها هو به. يتابع بأن داعش قتلت وروّعت وهدمت ودمرّت مدنا وبلدات وهجّرت "ابرياء عزّل في أعمال عنف جبانة". واستطرد وأخذ راحته في الكلام إنما لا فائدة من نقل ما قال.
لماذا ما تقوم به الدولة اليهودية من قتل وهدم وتهجير في غزة والضفة وبلغ عدد القتلى ما يزيد على الألف. هل الضمير ينفعل لقتل رجل واحد بريء لأنه أمريكي وقيام القيامة لقتله لا علاقة لها بالرجل القتيل ذبحاّ بل بالخوف لدى أوباما من أن تتلطخ صورته عند الناخبين في بلاد يحكمها ويسعى لينال حزبه الأصوات التي تضمنها  له علاقته وإسرائيل؟؟
أنسي أو أنه أصلاّ لم يسمع بالمسيحيين المهجرين من سوريا والعراق والأزيديين المنتهكة أعراضهم والذين ذبح منهم المئات والسوريون العشرة ملايين المهجرين والمايتي ألف القتلى والمليون أو يزيد مصاب، مجروح معوّق بيد واحدة أو رجل واحدة أو حتى بجسم دون أطراف وأهل لبنان وما أصابهم والذبن منع جيشهم من امتلاك سلاح مفيد فعّال يذود به عن بلده ،كي لا يقع هذا السلاح في أيدي غير مأمونة فيصوّب ضد حلفائه من اليهود.
يتحدثون عن العدل والضمير ولكنهم لم يصلوا في ثقافتهم إلى معرفة ما تعنيه هذه الكلمات وهم على "عينك يا تاجر" يكيلون بمكيالين واحد لهم ولليهود وآخر لنا، نحن الشعوب الخارجة عن ما هم يريدون. طبعا لا نعرف إذا كان في "اليد" مكيالا ثالثا يستعملونه عندما تقضي الحاجة.
صدق الشاعر أديب إسحق عندما قال:
قتل إمريء في غابة....جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن..... مسألة فيها نظر

ألا يدري أوباما بأن محاربة داعش في كردستان العراق لا تزيل الهمّ ولا تشفي الغليل؟ هناك داعش في العراق خارج كردستان وداعش الأقوى والأكثر عدداّ في سوريا، البلد الذي يقع تحت رعاية روسيا وإيران ولا تستطيع أميركا أن تكمل حرب داعش فيه؟ ليلة أمس كان إياد علاوي، الرئيس الأسيق للوزراء في العراق يقول في مقابلة تلفزيونية أن بريمر عندما أصبح حاكما مطلق الصلاحية في العراق كان أول عمل قام به هو حلّ الجيش وحل إدارة الدولة تاركا الحبل على الغارب لكل طامع ينشيء ما يشاء من مجموعات النهب والسلب وحتى الإرهاب.
 بقيت الحال على هذا المنوال وتغير شكلها فقط لتصبح الدولة العاجزة التي قادتها إيران وأمريكا  من خلال رئيس وزراء أتفقتا على تعيينه وهو نوري المالكي، رجل مطواع إشتري ضميره بالمال وكانت مهمته الأولى تفتيت العراق ونجح والثانية مساندة الأسد بشّار وقام بما طلب منه.
وقامت داعش وبقي بشار يهدم ويقتل ولا حتى ملاحظة قاسية من أوباما أو بوتين أوكاميرون ولا غيرهم. طبعا الدولة اليهودية لا تمانع  ، هذا ليس شأنها، فهي على الحياد طبعا . فقط غزة والضفة تهمانها وهي محقة في ما تقوم به من أعمال مخزية يندى لها الجبين فحقها في الدفاع عن النفس مقدس، هي كلمات لأوباما ومن ينتدبه ليقول ما هو قال ويقول في حق الشعوب بالدفاع عن سيادتها.
يقول المثل: أقعد أعوج وإحكي جالس. حكام هذه الدنيا كلهم مثلهم يختلف عن معنى المثل: أقعد جالس وإحكي أعوج. وقد فذّوا في كلامهم الأعوج داعش والنصرة وحزب الله والإخوان وغيرهم ممن لم يأت الزمان بمثلهم وحتى نوري المالكي واالأسد بشار ومسلمة بن حبيب الحنفي ويعرف بمسيلمة الكذاب. بذّوا كل هؤلاء بالكذب والنفاق والقتل والهدم والتهجير والسبي وكل ما هو قبيح ترفضه الأديان السماوية وما أتانا قبلها وما سيأتي في مستقبلنا الذي نحلم به لا الذي يترآى لنا كل يوم، يوماّ بعد يوم.
ونصلّي فالصلاة ملجأ أمين لا يضرّ وقد ينفعنا فيبعدنا ولو لوقت قصير عن سماع ما يتشدّق به الكبار رتبة صغار النفوس الحاكمون المنتخبون والوارثون المتمسكون بما ورثوا عن زمن كان الظلم نبراس الحكم ، حتى زهير في معلقته يقول، ولو بسياق آخر:
وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِـهِ.. يُهَـدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَـمِ.
*********

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق