Powered By Blogger

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

أميركا لم تتخلّ فهي لم تدخل الساحة بعد

أميركا لم تتخلّ فهي لم تدخل الساحة بعد

بالأمس تساءلنا عمّا يصيبنا لو تخلّت أميركا عن مشروعاتها في البلاد التي كان من سوء حظها أن آمنت وصدّقت حسن نوايا أميركا وتركت الأمور فيها تجري على طبيعتها وأوقعتها فيما خططت له عن قصدٍ أو سوء تقدير.

وبالأمس سمعنا عن لسان أحد من ينطق بإسم أميركا أنها ستترك عملية التحرير للدول التي فيها من الإرهابين من جاءها بعلم منها أو بغض النظر عنها أو لغيابها وانشغالها بأمور أخرى أو لضعف في إتخاذ القرارات بشأنها أو لإنعدام الفهم عندها لواقع خطرها، تترك الأمر لهذه الدول لمحاربتهم وإضعافهم وربما إزالتهم من الوجود وتعهّدت بإستمرار مساعداتها الجوية التي أثبتت على مدى أسابيع ومئات الغارات وآلاف القتلى بأنها فائقة الكلفة قليلة المنفعة كثيرا ما تخطىء فيمن تساعد.

ولا نذهب بعيدا وربما كان هذا بالأمس أيضا فالأكراد قالوا بأن نهاية المعركة الحالية في كوباني ومهما كانت نتائجها ربحا أو خسارة ، ستخرج من سوريتها وتعلن منها دولة كردية مستقلة لها إدارتها وبرلمانها وجيشها . تركيا تعارض ذلك لأن الأكراد فيها يعَدُون بالملايين وقد تصيبهم العدوى فيسيرون مسار كوباني وهذا مؤلم لها . ما ينطبق على تركيا قد لا ينطبق على إيران ولكن الخوف مما يجري لأكراد سوريا وتركيا لا يترك طعما حلوا في فمها لكثرة الأكراد فيها ولأن طموحهم متى بدأ المسار لن ينتهي إلا بدولة كردية كاملة تضم شعبها كله.

والأسد، حليف إيران وروسيا وأعوانهما يرى ويسمع ولا بد أنه يعرف أن خلاصه الوحيد من مأزقه والذي أداره على ما يقرب من أربع سنوات إدارة أبقته داخل المعادلات السياسية والإقليمية  ينظر أيضا إلى المنطقة العلوية كملجأِ أخير له ولعائلته وأزلامه،  وتركيا لها حذر من ذلك لأن من يعيش فيها من العلويين هو بالملايين أيضا وهي لا ترغب وقد تحاول أن تمنعه.

الشيعة في سوريا قلة وأهم مذاهبها الإسماعيلية وهي ليست في وارد الدخول في بازارات ولا ساحات قتال ولا تريد معاداة غيرها من الشيعة ولا معاداة السُنة. يبدو أنها تُفَضِّل أن تكون جزءا من بلد مستقِرٍ هاديء وبالتالي لن تكون عائقا في طريق أحد.  يماثلها المسيحيون االمتفرقون المنتشرون في كل مناطقها  والدروز المقيمين في أقصى جنوبها ولم نسمع منهم ما يدُلُّ على طموحات إستقلالية وهم أصلا كانوا في صلب تكوين سوريا كما كانت قبل الثورة الأخيرة.

  العراق لا يختلف في طموح مكَوِّناته للإستقلال عن الدولة القائمة قانونا وإن ليس فعلا أو الإنضمام إلى دول أو مناطق أخرى ولا نعلم ما يُحاك إضافة إلى ما إستشرفنا. أكراد الشمال أصبحوا دولة وهم يطمحون بضمِّ باقي أكراد المنطقة في سوريا وتركيا وإيران لإعلان دولة الأكراد النهائية، يتعاون معهم ويسعى للإندماج بهم وربما يخطط وإياهم الأكراد الذين ذكرنا في البلدان المحيطة بهم. وكنا كتبنا في مقالات سابقة تفاصيلا لا داعي لتكرارها هنا.

اليمن  موضوع آخر لا دخل حاضراً لأميركا أو الحلف فيه ولا يهم في سياق ما يجري في الدنيا وفي شرق المتوسط لأنه لم يجذب أحدا حتى الآن من الأطراف المندمجة في ساحات القتال التي قررت أميركا أنها مكمن الداء.

طبعاً، إيران والسعودية والقاعدة أطراف من الأهمية بمكان وأميركا كانت في السابق مهتمة حتى العظم بكل طرف فيها ولماّ أعلن أوباما أنه قضى على قائد القاعدة أسامة بن لادن بعملية أين منها ما تحلم هوليود به وتترجمه بأفلام لم يتعدى أحدها عملية أوباما مع أسامة. خبر هزّ العالم ويظهر أن أوباما إنسحب من ساحة القتال مع القاعدة وأرخى لها الرسن وهي اليوم أنشط وأفعل وتربح وتخسر كغيرها من كبار التنظيمات وربما ولا نستغرب أن تعلن خليفة لها ربما يستسيغون تسميته بأبي بكر اليماني ينافس خليفة داعش أبو بكر اليغدادي.


بدأنا بسؤال والإجابة عليه بسيط. أميركا والحلف لم يدخلا الساحة بعد وحربهم جوية لا تزال قاصرة عن التأثير في مجراها وهدّافها لا يزال يُفَكر أو هكذا يدعي والدول وأقسامها وفروعها الدائر كل منها في فلك وبالتالي فإن السؤال ليس في محله ولا داعي لإتعاب عقولنا فيما لا طائلة منه.
24/10/2014

الخميس، 23 أكتوبر 2014

ماذا لو تخلَّت أميركا عنّا


ماذا لو تخلَّت أميركا عنّا

ماذا لو تخلَّت أميركا عن مشروعها وقررت ترك الأمور تجري على طبيعتها في هذه المنطقة الحساسة شرق المتوسط؟ ليس مما يرد الخاطر أن تتخلى عن مصالحها الإقتصادية والسياسية والإستراتيجية لكنها تتفادي تعريض إقتصادها وجنودها وما تُثَمِّن إلى مخاطر تُربكها داخليا وتُضعفها دولياً ،  

أمامها خيار ترك الأمور لغيرها ليتصدى للمخاطر على أنواعها لأن الغير لا يستطيع أن يهرب أو يتهرب وهو في عزِّ المعركة القائمة على أرضه، وسيادته وشعبه محشور بين المطرقة والسندان.

الغير يشمل دولا ومنظماتا وأشخاصا تضعهم أميركا  في سلوكها هذا  في الزاوية وعليهم تتكل وتستند وربما تُموِّل أو تُسَلِّح  سراًّ ولكنها تغيب عن المسرح وعن تداعياته في انتظار الرجوع لرعاية وإدارة مصالحها متى إستتبَّ السلام واستقرّت الأوضاع بما يناسبها فتنسِّق وضعها المستجد وربما الصعب مع المنتصرين دافعي الثمن الغالي . هذا الخيار، خيار الهروب، له مخاطر جمّة وأهمها خوف الهارب من الذي أُلزم بمجابهة المهمة الصعبة بدلا عنه أن يكون وعَى وتعلم من خبراته الجديدة الغالية فيجعل من رجوعه معضلة حلُّها ليس في اليد.

أميركا اليوم وحلفها الكبير هم بالكاد في الساحة.  هي تغير بطائراتها على مناطق محددة في العراق وفي منطقة واحدة في سوريا وحتى الآن لم تفلح في صدّ داعش أللهم إلاّ بمقدار في عين العرب (كوباني ) شمال سوريا ولم تفلح بما يستحق الذكر في غيرها. وكانت هيأت لحربها جيوش وطائرات العرب لتعاونها وتتحمل عنها عناء التدخُّل وأتاها الجواب سريعا من العراق، من البلد الذي تحارب أميركا لأجله، برفض هذه الترتيبات وإستبدالها بإيران، البلد الذي رفضت أميركا ضمُّه إلى الحلف. ونذكر أيضاً وفقط للذكر مدى إهتمام أميركا بما يجري في اليمن وقبضة إيران على باب المندب ومضيق هرمز. لم نسمع من أوباما ولو ذكر اليمن كمشكلة وعدم الإهتمام بها لا يُصدَّق.

هذه الفذلكة الديباجة كتبناها لنُظهر مستوى المُمارَسَة الجدية من قبل أميركا وحلفها لنستنتج بأن تَرك أميركا للساحة وعلى عاتق الدول العالقة فيها مستبعد ولكنه ممكن. ونعرف أن تاريخ أوباما كقائد لأكبر دولة في العالم، تاريخ ضعيف لم يُتخذ خلاله قرار واحد يدل على قوة وعزم وتصميم لقائد له نظريا كل القوة وكامل الصلاحيات للأمر والنهي وهو لا يأمر ولا ينهي ولا "يكِش ولا يَنِش" كما نقول في عامِّيَتنا.

تركتنا أميركا لشأننا علّنا نحارب بدلا منها وهي التي أتاحت في المجال لداعش تنمو وتتجذر في سوريا ومن ثم تتمدد وتحتل نصف العراق الشمالي وكل شمال سوريا وتقرر متأخرة كما سبق وذكرناه في مستهل هذا المقال في إتخاذ خطوات لا تُسمن ولا تغني من جوع.  أي أنه في الواقع أميركا تركت الساحة والمحاربون فيها هم بعض أهلها ومتعاونين فارضين مساعدتهم علينا قبلنا أو لم نقبل.

المحاربون ظاهريا فريقان. الدولة الإسلامية (داعش) من جانب ودولة العراق بما فيها من أكراد ونظام الأسد وما له من قوى ومناصرين وأهمهم روسيا وإيران ومن يتبعهما أو يسير بإمرتهما. يتخيل للقاريء أن المذكورين يحاربون بعضهما دون إشتراكات أو تعقيدات فداعش من صوب والعراق والأسد من صَوْب. الواقع يختلف فداعش لا تحارب الأسد ولا هو يحاربها ومثال ذلك كوباني حيث طائراته لا تطير فوقها ولا تضرب داعش المحيطة بها من كل حدب وصوب. وداعش لا تضرب الأسد فهي تضرب فقط الجيش السوري الحر ، أي الجيش الثائر على الأسد، والنُصرة، منافسته في سوريا. الأسد يضرب بكل قواه الجيش الحر والمواطنين السوريين أينما كانوا ، لسبب أو بدون سبب.

وإيران تحارب من خلال دولة العراق كل من هو ضدها بغض النظر عما إذا كانت له علاقة مع داعش أو لا ولكن بالأولوية يحارب الآن بقفاز أبيض الخليج العربي برمته وسيأتي اليوم الذي يُسفِر فيه عن وجهه إن سنحت الفرصة أو سمحت الظروف ويُغَير وجهته ويحارب بالعلن. البحرين فيها أغلبية شيعية وإن كانت عربية يمكن قنصها. شمال اليمن المُحاذي للحدود السعودية أصبحت في يد أنصار الله (الحوثيين) الزيديين (الشيعة)وهي وإن لم تدخل حربا مع جارتها فإن لها مطامع ولها إمتدادات.

ولا يسعنا ما دمنا في هذا التعقيد الذي بالكاد وضعنا إصبعا عليه، الا أن نذكر تركيا وريثة الإمبراطورية العثمانية والتي لا تزال تحلم بأمجاد الماضي وطموحاتها معلنة ولا سِرِّية فيها وهي صاحبة الخلافة لأكثر من ستماية عام ولم تخرج من يدها الا منذ أقل من قرن وحلاوتها  لا تزال في الفم .

وطبعا إن نسيانا فلا ننسى الروسيا الجاثمة حاليا على صدر سوريا والتي تنوي وتجهد لتوسيع مساحة نفوذها أنَّى إستطاعت وبالأخص في المياه الدافئة على البحر المتوسط ومن يدري فقد تجد ملاذا في البحر الأحمر أو بحر العرب في المحيط الهندي. وربما لها مصالح بمشاركة الطامحين الطامعين الآخرين في ما يأتيهم من هذه المنطقة من فرص ومشاريع مُجزية.

إذا ما تركنا الأمور تأخذ مجراها بحربٍ كما وصفنا فلا بدّ من أن ينتصر فريق وينهزم فريق، وبالواقع لا معنى لكلمة "فريق" في سياق الحرب أو البحث في شجونه، فالفرقاء يتغيرون ويتبعون السموأل في كلامه وإن كان ما قال لا يصيبهم فهو قصد الكرام فقط:

إِذا سَيِّدٌ مِنّا خَلا قامَ سَيِّدٌ       قَؤُولٌ لِما قالَ الكِرامُ فَعُولُ

أي أن الحرب ستطول وتتغير الدول وحدودها وأهدافها والغايات التي تسعى إليها وربما طرقت أبواب التاريخ حروب أكبر أو أهم سلاحها أمضى ونتائجها أقرب وينسى الناس سايكس وبيكو ومن لفَّ لَفَّهما  وقد يأتي الفرج بعد أن تكون أمم إرتفعت وأخرى سقطت وغابت وأوباما شاخ وشاب ولم يَعُد الأمر له ولا حتى يعنيه وربما تكون جماهير حزبه نسيته وغاب من التاريخ وفيه.

أملنا وقد خاب مرارا ، أن يكون في مكان ما رجلٌ رجل يظهر  ويعيد بناء العالم ويزيل ما نرى اليوم وكل يوم من مهازل ومآسي أتتنا ربما من تاريخ قديم قِدَمَ الجهل والبؤس الذي جعله منارتنا لعقودٍ وقرون آن زمن زوالها.
22/10/2014




الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

أوباما وإيبولا

 أوباما وإيبولا

دول وتنظيمات ثلاثة تستفيد من الحلف وما يقوم به. إيران وبشار الأسد وداعش؛ ومن تبقى يدفع الثمن ويتراجع. ونبدأ بإيران التي هي الآن في الداخل العراقي والداخل اليمني والسوري أيضا وداخل لبنان الذي لا يزال عمليا خارج الصراع ، داخل الحلبة، فيه لإيران مركزا لإستراحة محاربيها ومستودعا للأسلحة ومنبرا إعلاميا ومطارا آمنا وميناء جاهزا لما تستورد وتُصًدر. وسوريا الأسد كانت عدوا مُعلنا لأميركا صاحبة الحلف، وكان رئيسها يدَعي أن الأسد لن يكون له في مستقبل سوريا إلا الخروج منها. الأوضاع تطورت فهناك على ما نقرأ ، تفاهم على التعاون إستخباريا  معه وحربه تطورت أيضا فنشط عسكريا واحتل مواقع كان خسرها في حربه مع المعارضة وزاد ضرباته الجوية إلى أربعة أضعاف ما كان يقوم به قبل أن ينشط الحلف. أربعون غارة يرمي بها شعبه بالبراميل المتفجرة والصواريخ يوميا مقابل عشرة طلعات قبل ذلك. أما داعش فحدّث ولا حرج فهي تتمدد في العراق وأصبحت بغداد والجوار في مرمى نارها ولم تتراجع في سوريا حيث نبتت وترعرعت واكتمل نموها وتمددت وكان ما كان مما هو اليوم على كل لسان ذاقت أهواله الأقليات والأكثريات وما بين بين.

أميركا تريد من تركيا إدخال جيوشها إلى سوريا لمحاربة داعش وتركيا ترفض لأن داعش إذا ما ضَعُفت وضمرت تترك للأسد أن يحل محلها فتكون كالمستجير من الرمضاء بالنار. وبما أن الحلف يعمل في العراق فقط فإنه إذا ما إنتصر هناك فقد يقفل راجعا من حيث أتى ويترك الأتراك ينهون ما بدأه الحلف في سوريا ويبقى عدو الأتراك والثورة السورية العلوي بشار رئيسا ويخرج الأتراك من سوريا ،  عش الدبابير، دون تحقيق أهدافهم.

أما اليمن فله طابع آخر مذهبي حتى العظم ولكن الماضي القريب المتمثل بصاحب الخبرة البالغة الأهمية علي عبد الله صالح ، والراجع كما كان رئيسا أو زعيما لا ند له في الزعامة فالمشكلة تعود إلى ما كانت عليه قبل الثورات التي إجتاحت البلاد ولا تزال والتي أطاحت به قبل عامين أو يزيد .كان قويا حتى عند رحيله والعالم كله تدخل ليخرج من البلاد بماله وأصحابه ضيفا عزيزا على المملكة العربية السعودية بقرار يعفيه من كل مسؤولية جزائية كانت أو مدنية وبعفو عام عن كل ما ارتكب. وعندما يعود يعود معه  أنصار الله (حوثيون) الزيديون الشيعة أبناء طائفته ، الأقوياء جدا اليوم والمالكون سعيدا أكثر من نصف مساحة البلاد حدودهم السعودية شمالا والبحر الأحمر غربا وهم لا يزالون يتمددون جنوبا والله أعلم.

قصة داعش يعرفها الجميع ولكن لا نظن أننا نعرف إلى أين هم سائرون. نعرف انهم سيحتلون ما يستطيعون من مساحات في العراق ومبتغاهم صعب ولكنه مبتغى وهو يشمل الأماكن الشيعية المقدسة وبغداد. وهذا يضعهم على حدود إيران جغرافيا وفي موقع العداء المطلق مذهبيا. الحرب هناك ستكون صعبة وطويلة اللهم إلا إذا جدَّ جديد لا نعرفه اليوم. والجديد قد يكون تَغَير في سياسة الحلف فتمنع تمدده جنوبا أو تتعبه حيث هو عسكريا مما يُضطره للتراجع شمالا وربما الخروج من العراق نهائيا. سياسة الحلف تقرر ذلك أما اليوم وبالسياق المنظور فلا أمل في ذلك. الجديد الآخر الممكن هو تقسيم العراق فتبقى بغداد والجنوب كما هي وبأكثرية شيعية تحميها مرحليا إيران وبوسط سُني من لواء الموصل ونينوى شاملا المناطق الوسطى بما فيها المحتلة الآن من داعش. أن نكتب ونحاول أن نُحَلل أو نَستشرف فذلك هيِّن والحقيقة قد تكون بعيدة لا يظهرها إلا الزمن ومآسيه المتفجرة في كل مكان.

لا ندخل في حرب غزة الذي لا يزال قائما بإحتلال جديد لليهود المانعة لإعادة إعمارها بوضع شروط تعجيزية لكل ما يدخل في كلمة "إعمار" من أصول استيراد الإسمنت وتخزينه واستعماله والقيود على كل خطوة من خطوات البناء. وطبعا قيود جديدة مفروضة على دخول كثير من المواد اللازمة للإعمار وغيره وبالأخص مراقبة البناء ووضع الكاميرات لمنع نقله أثناء صَبِّه من مكان إلى آخر. الموضوع يطول وما كتبنا ما هو إلا للذكر ولكننا نريد أن تبقى غزة ومشاكلها في الضوء.

هذا غَيض من فَيض وصورة شاملة غير واضحة يعتريها الكثير من الغموض ونسأل عن الأهداف الحقيقية للحلف وما تسعى إليه وهل أصبحت الحدود التي رُسِمت بعيد الحرب العالمية الأولى لا تزال كما هي صامدة أمام من يحركها أم أن الزمان وما قضى أزالها وهو يرسم حدودا جديدة لبلاد هي الآن في الغيب نتعرَّف إليها عندما يقرر القادرون الراسمون لمستقبل قد نرتضيه وقد نرفضه.  من المقرر لما يجري ؟ 

أوباما أم أن أوباما وجد مهربا في داء ومرض خبيث اسمه إيبولا يلهو به ولا من يعترض لأنه داء مخيف؟ أوَ يبقى يراوغ ويتردد ويهرب من محاربة الإيبولا كما هرب وراوغ بداعش والأسد؟

نُصَلي ونطلب أن يبعد الله عنا من إسمه باراك حسين أوباما.
22/10/2014




الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

يُتم فلسطين بارقة أمل


يُتم فلسطين بارقة أمل
المقال السابق يقول أن فلسطين ونكبتها التي شاركت بإيقاعها على شعبها دُول ومنظمات صمّمت مبكرا عليها وأصدرت ولم تعلن ما تم حبكُه لتغيير جغرافية المنطقة مع محاولة طمس تاريخها وترويجه كتاريخ همجي تغييره واجب ، فاستحدثت دولا وأوقعت عليها وصايات ثبتتها ضعيفة لا قدرة لها على تجنب ما رسم لها وأتت برجال استخدمتهم ليرسخوا ما أرادوا بها فإذا بنا دولا وحكاما وامراءَ ومشايخا وملوكا وشعوبا غيرت لونها ولباسها واسمها واستقرت على ما قُدِّر لها.

مقدساتنا في القدس وبيت لحم والناصرة لم يَعُد لها ذكر عند من كان يهمُّنا أن يتذكروها. المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والحرم الإبراهيمي ومِذود السيد المسيح وكل المقدسات في الناصرة وجبل الطور وطبريا وبحيرتها وقانا الجليل ونهر الأردن، كلها تيتَّمت فلم تعد في مرأى العرب ولا الغرب إلا بما خص اليهود ومصالحهم.

طغت على الأمة مصالح حكامها وكانت طغت عليهم سابقا لعقود وإن هَمُّوا حينا بعد حين وحاربوا وانتكست فوراتهم وعادوا من حيث أتوا خائبين وانتفض حكام جدد عليهم وحاولوا وفشلوا وتكررت الإنتفاضات حتى صار بعضها هزلي الطابع واكتفى الشعب في فلسطين وغيرها بالصمت حينا و بحديث هو كلام مَن فقد الأمل أحيانا .

 واستكانت الناس واستقر كل حاكم في عليائه يَذكُرُ القضية المقدسة كلما واجه حركة أو أُسمِع كلاما فيجيب بما لا سؤال بعده بأنه يُعِدُّ للمحاربة في سبيل القضية 
 المقدسة إياها.

إستثناء للخضوع العربي والسكوت الأممي كانت فلسطين في ثورة مستمرة. ثورة حجارة أو ثورة جهاد وحربان على غزة وهي الآن لا تريد من "الإخوة العرب" إلا الغياب عنها وتركها تداوي جراحها، القديم منه والمستحدث.

اليوم وليس من أسابيع يحارب العربُ العربَ ولا يقبل البعض مساعدة "إخوانهم" فالعراق يرفض أن يشاركه في الحرب ضد الدولة الإسلامية أي عربي. إيران ومنظماتها وجيوشها تكفي وهي مؤتمنة في العراق والعرب ليسوا كذلك. وصل الذلُّ والإنحطاط إلى هذا الحد. ويزيد البلاء قول أميركا أن داعش العراق أولوية على داعش سوريا ونخاف أن تضعف داعش الأولى وتقوى داعش الثانية ونعيش حلقة مفرغة لا أول لها ولا آخر ويبقى الصراع متنقلا من بلد إلى آخر حسب أولويات من بيده القرار.

بعد كل هذا، لماذا يجرِّب أهل فلسطين المُجَرَّب وقد أفاض على عقود طويلة بمكرمات هزائمه وبإرهاب ساكني مخيماته وإذلال شبابهم ومنعهم من الإرتزاق بعرق جبينهم  هكذا وبلا ذنب إقترفوه أو أمر يستحق كل ما يفعلونه بهم.

في فلسطين لم يسكت الناس طويلا ، وأمامهم ويحاربهم ويحاول تهجيرهم عدو قوي لم تقدر عليه كل عربان المنطقة بل هو توسَّع لأنهم حاربوه، والضفة وغزة آخر مثلين، خسرتهما فلسطين يوم ساعدتهم جيوش العرب. قبل ذلك توسّعت حدود العدو بعد أول حرب شنَّها العرب عليها فتغيرت من ما قررته الأمم المتحدة إلى أوسع وحُصِر أهلها، أهل بعد الهجرة الأولى، في مناطق أضيق يحكم نقاط العبور منها وإليها من واجهه حربا من العرب.

والآن وقد إنشغل العرب ببعضهم البعض فقد أعطوا لفلسطين وناسها ومغتربيها فرصة تحرير بلدهم كما يريدون . ونناشد ونحض ولا نخاف فالشعب الذي لم يترك بلده لأكثر من ستة عقود سيصبر ويناضل وينير أفق هدفه ليكون أملا منارا له ولمن يأتي بعده إلى أن يكتمل السعي والعمل ويقضي الله أمرا كان مفعولا.

هذا أوان الشّدّ فاشتدّي زيم.... قد لفّها اللّيل بسوّاق حُطم
ليس براعي إبل ولا غنم..... ولا بجزّار على ظهري وضم
بات يراعيها غلام كالزّلم... خدلّج السّاقين خفّاق القدم

نسب هذا الرجز إلى شريح بن ضبيعة من بني قيس بن ثعلبة وهو الملقب بالحُطم. وقد أتى به الحجاج في خطبته حين دخل العراق يحضهم على اللحاق بالمهلب بن أبي صفرة لقتال الخوارج. ونأتي به لنحُض أهل البلد الضائع يلموا شملهم في الداخل والخارج ويتكتلوا ليعالجوا مشكلة قضيتهم المقدسة كما يجب أن تعالج.
والآن وقد أنَرنا لنفسنا طريقا جديدا فكيف نُحَقِّقه؟  لنا في ذلك رأي وفي التاريخ أمثال.

نحققه بِلَمِّ الشمل ، شمل كل أهل فلسطين، في الضفة والقطاع والمخيمات في لبنان وسوريا والأردن والعاملين خارج البلد المُضيف في البلاد العربية وأوروبا والمهاجورن إلى بلاد الإغتراب الذين إنتموا إليها وأصبحوا مواطنين فيها، نلمُّ شملهم بالإتصال بهم وإقناعهم بضرورة التعاون ليعملوا يدا واحدة فيتفقوا على رزمة من الأشخاص المخلصين القادرين يمثلوهم في البحث عن أفضل نواحي وأساليب التعاون ووضع خطة طريق يسلكها الجميع تستند إلى قرارات الأمم المتحدة التي قَونَنَت حقوقهم وأصدرت قراراتا تشمل حق العودة وترسيم الحدود وتعويض اللاجئين عن أملاكهم أو إعادتها اليهم وبعد ذلك نطالب بما عانى اللاجيء وأولاده من عناءٍ وشظف عيش وتشريد وذلٍّ. الأشخاص المختارون المفوضون بتمثيل شعب فلسطين هم بالواقع الوزارة الأولى لدولة فلسطين وبيانها الوزاري الأول ينحصر في تطبيق قرارات الأمم المتحدة.

هذا حلم قد نحتاج إلى عقود لتنفيذه وستحاول منع تنفيذه جهات كثيرة تتأثر بالنفوذ اليهودي فيها ولكن ذلك لا يجوز أن يمنع السير فيما تَقَرّر فالطريق طويل والخطوة الأولى ترسُمُ الطريق ولا نحيد عنه مهما كانت العقبات ومن كان وراءها. نعرف أن أول المعترضين ستكون أميركا ، من كان رئيسها ، تليها الحكومات (ولا نقول الدول) المرتبطة بها وطبعا اليهود في فلسطين. والحاجز الثاني وربما الأهم سيأتينا من أهلنا الذين إرتبطوا بالمعترضين والأهل الذين لم تسنح لهم فرصة المشاركة في القيادة المختارة والذين يزيد طموحهم على وطنيتهم وهؤلاء كثر ويجب وضع حد لتخريبهم ما يُبنى حال ما يظهرون أو نعرف أن نيتهم الظهور.

والمثل هو الثورة الفرنسية التي أنتجها مفكرون ومخلصون ولم تلبث حتى أصبحت (مجازا) داعشية في أسلوبها واستمرت سنين طويلة كذلك إلى أن تغيرت الظروف والأشخاص وأصبحت الثورة مثلا يحتذى وإن بعد مئة عام.
21/10/2014




الاثنين، 20 أكتوبر 2014

حرب بالشكل وليس في الأساس


حرب بالشكل وليس في الأساس

منذ الصِغر وكل ما وعينا عليه ولم يترك لنا جفناً يغمُض أو عين ترِف أو شأن يُثار ويُبحث أكان عاما أو خاصا حياتيا أو سياسيا إلاّ كان منبته وأصوله وسياقه القضية المقدَّسة وما نتج عنها من إنتفاضات وإنقلابات وحروب كلها وبلا إستثناء هزائم إبتلينا بها سُمِيت زورا وبهتانا تخفيفا للصدمة بالانتكاسات، انتكاسات لا نزال نُبتلى بها يوما بعد يوم وكل يوم .  

أليس من المثير للعجب أننا لم نعد نُلقي اللوم على فلسطين وأهلها ولا هم على البال حتى؟ الأهم والأقسى أننا نسيناها وأهلها ولا يهم إدعاء من يدعي أن فلسطين في قلبنا وفي أكبادنا ولا يمكن أن ننساها. القول لا معنى له ما دام سياق الأمور بعيد عنها وعن أهلها في الداخل حيث يعانون وفي الخارج حيث لا يزالون في أكثرهم مُتَّكئون على أوسدتهم داخل مخيمات لم تتغير منذ النكبة. وقول الشاعر  المعروف بعلي خان بن ميرزا أحمد، الشهير بابن مَعْصُوم يُغنينا عن الخوض فيه:

ولي كبدٌ مقروحةٌ من يبيعني ..... بها كبداً ليست بذات قروح
أباها علي الناس لا يشترونها .....   ومن يشتري ذا علةٍ بصحيح

القضية المقدسة فلسطين لن تعود بعد الآن لأيدي العرب أو عدالة العالم فأهلها أولى بها وهم سيتدبرونها ولن يتركوا للغير فلسطين رهينة لأعذارهم.

الأمور تغيرت والظروف أيضا فما كنا نُقَدِس لم يعد مقدسا وفي سلم الأولويات لا ذكر له. لماذا؟ لأن الجمع ممن وجد مجالا للربح السريع يُجَرِّب حظه اليوم وقبل أن تفوت الفرصة. وهذه الفرصة سبقت داعش الكل واغتنمها. أخذتهم على غِرَة وبادرت وقدمت من أهلها عسكرا كثيرا وتمددت وألغت حدودا كانت سائدة عل مدى قرن من الزمن وما إن ثبّتت أقدامها وأصبحت دولة لها خليفة وإدارة، حتى تذكرَّ غيرها وجودها وقرروا أن لهم حصة فيما جرى وباشروا ولو متأخرين محاربتها علّ أن  تكون لهم حصة من كل هذه المغانم.

دخلت الدولة الإسلامية الإيرانية في المعمعة، وهي كانت موجودة منذ أول ما سنحت الفرص ولكنها إختارت طريقا وأسلوبا لم يوصلها إلى مبتغاها. هي تحكم سوريا وأجزاء من العراق ومؤخرا إستحوذت على شمال وغرب اليمن وهي تتدخل اليوم مباشرة في القتال في العراق ولا تحتاج إلى موافقة من أيٍّ كان للدخول بجيوشها إلى العراق ، ولها في سوريا أكثر مما لها في العراق من عدد وعديد وسلاح وتنظيمات. لكن مع وضعها الخاص والقوي فإنها لم تُحرز أي تقدم ولم تحرر أية قرية أو مكان.  يترآى لنا أن إيران ستكون الحامية للعتبات المقدسة في النجف الأشرف وكربلاء وحيثما وجدت مثيلاتهما.

أميركا، بعد لأي وتردد مع تهديد ووعيد قررت التدخل من فوق. غارات جوية تشُنها طائراتها على داعش ومراكزه وتمكنت من إصابة بعض تجهيزاتها ومنها بعض ما غنمت يوم إحتلت الموصل واستولت على ما قدمته الولايات المتحدة من أسلحة متطورة وعربات مجنزرة ودبابات ولا ندري ما وجدت في المخازن وما إستعملت.

بترددها المستمر وكي تتمكن من إلقاء اللوم على الآخرين كلما فشل مشروع أو "إسترتيجية" إخترعتها "فدبَّت الصوت واستغاثت" وجمّعت دولا كثيرة للإشتراك معها في حرب لا تريدها هي وبعض الدول التي لا تتمكن من إستعمال كلمة "كلا" عندما تستدعيها ولم يتفقوا حتى كتابة هذه الكلمات على إستراتيجيه "تزيل الزير من البير" ولا حتى متابعة الحرب على الأرض. كل شيء الآن مرتبط بطائرات تُغير ولا تُغَيِّر ومساحات شاسعة يحتلها القادر الوحيد على الساحة اليوم: داعش.

الحلف أنشىء ليفسح في المجال لأوباما كي يعيش أحلام ترَدُّده دون أن  يتهم به. ذكي أوباما وهو يثبت ذلك ونتمنى أن يُوَفق إذا ما تركَنا لمصيرنا دون رعاية منه أو رأي. فهو لا يريد أن يعمل ويكتفي من الحروب بالإياب,

يُسعفُنا الشاعر الهزلي محمد بن عبد الواحد الملقب بـ(صريع الدلاء) من البصرة بما يوَفِّر علينا الكلام إذ يقول واصفا زعماء حروب هذا الزمان الذين مبتغاهم الإنتصار، لا نعلن على من، دون أن يتكلفوا حتى التفكير.

من لم يرد ان تنتقب نعاله...........يحملها في كفه إذا مشـــــى
من دخلته في عينه مسلة...........فأساله من ساعته عن العمى
من فاته العلم و اخطأه الغنى.........فذاك والكلب على حد سوا
من طبخ الديك ولا يذبحـه.......... طار من القدر الى حيث يشا

21/10/2014


الأحد، 19 أكتوبر 2014

مذهبيٌ مصلحِيٌ


مذهبيٌ مصلحِيٌ

نبيل الذهبي قائد أنصار الشريعة ( قاعدة اليمن) هدد الحوثيين "بنهش أكباد الروافض الشيعة وإحراقهم بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة". ويتوافد مقاتلوا القاعدة من محافظتي شبوة وحضرموت إلى البيضاء تحضيرا لجولات أخرى.

ليس هنك من كلام أوضح يظهر مدى العداء المذهبي الدائر الآن ليس في اليمن فقط إنما في أرجاء الأوطان العربية التي لا تزال تعيش جولات القتل والنهب والتهجير والهدم وكأن الهدف الأساسي لها ينحصر في التخريب ولا علاقة له بأية قِيَمٍ ومباديء أخرى. يساهم مع الفصائل المتقاتلة حكام البلاد وسادتها . وقد انضم لهم أخيرا حلف لا نعرف غاياته لكنه متعدد الجنسيات والمذاهب ويقوم بما عليه وبما يقوم به الآخرون.

المشتبه بهم من تنظيمات وفصائل ودول وأحلاف لن يتركوا في البلاد ما قد يبنى عليه من إعادة إعمار وإعادة تأهيل وإعادة بعض الأمل للذين هم خارج ساحة القتال ولا يحاربون، فهم يَهربون ويُهجرون ويَستعطون الخبز يأكلوه والخُرَق يلبسونها ولا رأي لهم فيما يجري.  وللإمام عَلِيّ بنِ أبي طَالِب قول فيما نحن فيه: "ولكنْ لاَ رأيَ لمنْ لا يُطَاع".

أليس الواقع يأخذ من المناحي والأقوال ما يخدمه؟ السنة ضد الشيعة متى سلكت الطريق ووصل المقاتلون إليهم، وفي الطريق أحيانا عقبات سنية يزيلونها من طريقهم ،  ليحققوا "الأهداف الشرعية النظيفة" ولو بنهش أكباد من هم عقب .

لكن الواقع وكما هو الآن ، في اليمن مذهبي. أما في سوريا فهو ملتبس وفي العراق داعش ضد دولة جيشها من كل الطوائف ،وخلفها فيالق وتنظيمات ودولة مذهبية وسيمضي بعض الوقت قبل أن تنتظم الصفوف ونعرف مدى مذهبيتها ولو سنية في طريق "نهش أكباد الروافض الشيعة". ولا نزال نسمع ونُصَدِّق أن النزاع محض مذهبي.

المصمم المخطط القادر المهيأ للمعركة يصطبغ بشيعيته ولكنه سياسي فيما يقوم به ونراجع ونلقي الضوء. هدف إيران توسُّعي لا تبشيري أقَلُه لسببين ، اولهما الطغيان العددي السُني في المنطقة؛  والسنة لا يستسيغون تغيير مذهبٍ عاشوا وتربوا عليه إلى مذهب آخر ليس بتميُز أحدهما على الآخر إنما عادات وتقاليد المجتمعات لا تتغير "بكبسة زِرّ " وإيران أول من يعي هذا المبدأ البسيط.

والسبب الآخر أن إيران تستعجل تحقيق الأهداف التي صاغتها على ما يظهر منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران وإستلام الإمام الخميني مقاليد الحكم على مبدأ ولاية الفقيه، مبدأ إختفى يوم أنتهت الدعوة الصفوية في القرن الخامس عشر الميلادي، أعادها الخميني لأسباب مذهبية.

 ولاية الفقيه تخدم أهداف إيران السياسية وغيرها من أهداف لأن الولاية مذهبية شيعية إثني عشرية؛  وبالصدفة أو التخطيط تجعل من رجل واحد أميرا على كل من إنضوى تحت عباءتها . قوله لا يُناقَش وقراراته مُلزمة دينيا وسياسيا.

إذن إيران مذهبية عند الحاجة ومدنية عندما تخدمها هذه الصفة. وإيران مرِنة فيما تعرض أو يُعرض عليها وهي تناقش وتحاور ما دام تأجيل القرار متاح ومفيد لأغراضها. الحوار مع الخمسة زائد واحد، النقاش الدائر بين أعضاء مجلس الأمن الخمسة أصحاب حقّ الفيتو وألمانيا  بشأن الصناعة النووية،  مثلُ يجب أن يُفَكّر فيه ويُحتاط له  لأنه نمط سياسة مارسته الدولة الفارسية قرونا نحتته وأدّبته وحسَّنت إداءه ولم تلبث أن توسعت دائرة الإفادة منه حتى صار أسلوبا رائجا في التجارة والسياسة والتقاليد التي تجذرت وأصبح جزءا من أسلوب حياة. هذا النمط في ممارسة السياسة ، نمط البازار، غريب عن ثقافة وأساليب تعامل الغربي في السياسة أو الأعمال.

وفي العراق كما في اليمن وسوريا ولبنان تهادن إيران كل من يُمكن أن يُهادِن ويعطيها دعماً وقوة تضاف إلى ما لديها من قوة وتفي بوعودها لتسبغ على سمعتها المصداقية اللازمة  لحماية ظهرها ولم يمضي من الوقت لنعرف ما إذا كانت الصدقية ثابتة أو مرحلية.

نعود إلى الموضوع قريبا لأن المبدأ المطروح قابل للنقاش وإذا ما أثبت الزمن صحته وجب علينا أن نغَيّر منِ بعض سياساتنا.
19/10/2014


السبت، 18 أكتوبر 2014

بصمات الوالي الفقيه

بصمات الوالي الفقيه

حيدر العبادي ، رئيس وزراء العراق أعلن أنه يرفض تواجد قوى عسكرية أجنبية على أرض العراق لا الآن ولا في المستقبل القريب ، لمحاربة الدولة الإسلامية (داعش) ولا سواها لأن جيشه كفيل بدَحر الإرهابيين وقهرهم. طبعاً هذا الرفض لا ينطبق على فيلق القدس الإيراني ولا غيره من المنظمات التابعة للدولة الإسلامية الإيرانية. حتى حزب الله يقوم بواجباته الجهادية في العراق وهو نعى منذ أيام بعض من قُتل في معاركها. والمعنى أنه لا يريد جيوشاً عربية تدخل بلاده لأن إيران لا تريد ذلك، ولأنه مسَيّر لا مُخَيّر فيما يقول وإنه ينقل رغبات الأسياد ويأخذ موقف الآمر الناهي وينسى أنه ناقل رسائل لا حول له ولا طَول ولا يأمر ولا ينهى.

وزراؤه على ما سمعنا سيقفلون راجعين إلى بيوتهم قريبا لأن هذه الوزارة برئيسها والأعضاء لن "تشيل الزير من البير" وسيأتي غيرهم بمباركة من الولي الفقيه ليجربوا.

الأنبار سقطت ولم يبقى منها إلا مدينة الفلوجة المحاصرة والتي يُتوقع سقوطها اليوم أو غدا فهي على كل حال في حكم الساقطة. وينتظرون الخطوة اللاحقة من إستهداف بغداد ذات الكثافة السكانية العالية جاذبة دون شك لداعش التي تنظر إلى الشيعة وكأنهم مرتدَين وبالتالي الحد لهم هو السيف. ولا ننسى أن مقدسات الشيعة المتواجدة في النجف الأشرف القريب من مواقعهم في الأنبار هدف مرئي ينتظرون الإنتقال اليه لهدمه ونعلم أنه لا يريدون بقاء  أي معلم ديني وقد أثبتوا ذلك بالفعل لا في القول في الموصل ونينوى وسنجار وحيث حلّوا.

وفي الأمس قتل جنرال كبير ، على ما أشار نعي إيران له، في نواحي مدينةحلب. ولا نعرف جنرال على من هو، إذا لم تكن لإيران وحدات قتالية في سوريا وهي تنفي وعلى لسان أكبر قادتها وجود وحدات قتالية هناك. فإيران تتواجد في سوريا وتأمر وتنهي كما هي في العراق وكما برزت في اليمن سيدة على مقاديرها ، عدوها الوحيد تنظيم القاعدة، والقاعدة والحوثيون  يفهمان على بعضهما وسنرى المدن في اليمن تتفجر كما يحدث بالعراق تقوم به القاعدة حيث الحوثيون قاعدون والحوثيون حيث القاعدة تمارس عملها،  وما تبقى من دولة اليمن هدف للفرقين. اليمن يرأسها عبد ربه منصور هادي الممنوع عليه مغادرة مركز عمله وبالتالي قدرته على التنقل تقارب الصفر وإداؤه يتناسب وقدرته على الحركة.

اليمن أصبحت فعليا أربعة دويلات. الأولى : ما تبقى من الدولة الأصلية والثانية: دولة.جماعة أنصار الشريعة، اي الحوثيون والثالثة: دولة القاعدة ولها مواقعها المعروفة ومواقع تلفها السرية وهي خبيرة في الحروب كما في المناوشات ولها تاريخ, والرابعة: دولة علي عبدالله صالح الرئيس السابق والمتجذر قبليا في بعض المناطق الشمالية ولكننا نُقر بأن دولته صعب تحديدها بسبب التحالفات التي تلفها بعض السرية. لا ندعي بأننا نعرف قدرات هذه الدويلات بالنسبة لبعضها البعض ولكنها موجودة وستتقاتل إلى أن تنتصر إحداها أو تُقَسّم البلاد حسب قدرات كل منها أومن يتبقى منها.

طرفة بن العبد في معلقته يقول ما نعرفه كلنا والحروب كلها بيننا وبين بني أبينا:
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضة  ..... على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنّد

المهم أن نؤكد أن ما يجري هو لصالح إيران بالسر والعلن  وقد قال أحد كبار موظفيها منذ أيام أن إيران أصبحت تحكم أربعة عواصم عربية سماها : بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء.

المواجهة في هذه الساحات مذهبية  حتى لعظم. هي حرب سنية شيعية بإمتياز وستتمدد وتشمل كل بلد فيه من المذهبَين ما يجعل من المناوشات أمرا يستحق متابعة كلٍ من الطرفين ليصبح حربا داخلية تدعم إيران شيعتها ويدعم سُنيوها ما تبقى من إسلام.

هل سيأتي اليوم وتدب فينا الحمية ونتصالح وأهلنا ونذكر المقنع الكندي، الشاعر المقلّ من شعراء الدولة الأموية، وكان له محل كبير، وشرف ومروءة وسؤدد في عشيرته، في قوله:
وَإِنَّ الَّذِي بَيْنِي وَبَيْنَ بَنِي أَبِي**** وبَيْنَ بَنِي عَمِّي لَمُخْتَلِفٌ جِدَّا
فَإِنْ أَكَلُوا لَحْمِي وَفَرْتُ لُحُومَهُمْ**** وَإِنْ هَدَمُوا مَجْدِي بَنَيْتُ لَهُمْ مَجْدا

ربما سيصيبنا من الندم الشيءالكثير ولات ساعة مندم.

هل كل ما يجري يُحفز الغرب لأخذ مواقف حازمة وجادة؟ أصبحنا نشك في ذلك بسبب ما شهدنا على مدى السنوات الأربعة الماضية وما بدأ يترائى لنا من تردد يمكن أن يكون سببه إنتفاء المصلحة من المشاركة في الحروب الواقعة الآن والمنتظرة وإن مصالحها ستبقى مؤمنة ما دام الإستقرار قائم في حده الأدنى. وإذا ما بدأ العرب في إعادة إعمار بيتهم والإستقرار الدائم حقا آتٍ فإن مواقفهم ربما تتغير لمنع ذلك من الحدوث خوفا من خسارة ما يريدون أن يبقى لهم.
18/10/2014



الخميس، 16 أكتوبر 2014

الهدف المنشود أميركيا


الهدف المنشود أميركيا

في مقال كتبناه ونشرناه يوم الثلاثاء الفائت ما نصُّه "أوباما يغط في نوم لا يؤرقه فيه كابوس ولا يؤنبه ضمير وهكذا يقود العالم إلى مأساة تليها مأساة والأرجح أن له أجندة خاصة به لن يكشف عنها قبل أن تخرب البصرة ويدفع العرب الثمن وينعم هو بجائزة نوبل التي كسبها لأن خطابه السياسي أوحى بما لم يُضمر".

ويمضي الوقت ويتقدم وتجري مناوشات ويتقدم طيران الحلف ويقوم بطلعات ويشنُ الغارات ويدفع كلفتها في كوبامي (عين العرب) وفي العراق ، واليوم في الأنبار، وتتقدم داعش ولو بسرعة أقلّ ولكنها تتقدم،  إلى ما يناسبها من أهداف بثبات وكفاءة تتعدى كفاءة وأهداف الحلف ومن يدور في فلكه جهارا ومن هو ليس في الحلف ويحارب دفاعا عن ما تبقى له من مصالح تتضاءل مع مرور الزمن وعجز الحلف وتقدم داعش.

واليمن، حيث ليس للحلف "شُغًل" ولا يتدخَل في حربها أحدٌ أقلُه في الظاهر تقوم الميليشيات الشيعية التابعة لإيران بإحتلال المساحات الشاسعة والتي قررت ضَمّها وحُكمها منها العاصمة صنعاء وتعز والميناء القريب من باب المندب  وتقترب جنوبا لتجاور محافظة عدن ولا من يتساءل ولا من تُشغِل باله ما جرى. الحوثيون بالتعاون مع الرئيس السابق لليمن علي عبدالله صالح،  الشيعي الزيدي الإنتماء، يعملون ولكل هدفٌ ورؤيا لا تخدم لا السلام ولا الإستقرار في اليمن أو الجوار.

الحرب في اليمن هي بين القاعدة السنية السلفية والشيعة الإثني عشرية الخاضعة للولي الفقيه في إيران ، تماما كما هو منتظر أن يجري من الآن وصاعدا في العراق وسوريا وبين القاعدة الممثلة بالنصرة والدولة الإسلامية وحزب الله الشيعي المنتمي صراحة إلى الفيالق العسكرية وولاية الفقيه.

الحرب إذن هي حرب مذهبية سنية شيعية لا مجال للإجتهاد فيها ولا مناقشتها وهي سلاح يُشهر علنا في كل مناسبة سياسية أو دينية حتى في مناسبات تشييع من يُقتل في الحروب القائمة.

نقول كل هذا ليس للخبر الذي تتضمنه ولا لشرح أمر يعرفه الجميع وإن كان البعض لا يعرف أنه يعرف أو يرفض الفكرة ويتظاهر بأنه لا يعرف. وتطوَّرت الأمور وأصبح الكلام بين دولٍ كبرى ، كالسعودية في مهاجمتها إيران إعلاميا بلسان وزير خارجيتها وردُّ إيران بكلمات ومواقف أقسى.

وتراكم المشاكل موقف أميركا من الفلسطينيين ودعمه اللامتناهي لإسرائيل على قياس: "أنصُر أخاك ظالماً أو مظلوما". فإسرائيل تقتحم الأقصى ليدخله اليهود وتمنع العرب من الصلاة فيه وتصادر الأملاك من أصحابها لتبني مستوطنات لمن تستورد من الخارج ، و إذا ما إشتكت فلسطين يهدد أوباما بالفيتو وربما بقطع المساعدات.

كلُّ ما قلنا أن مراكمة نتائج ومفاعيل هذه الحروب والمواقف لن تَمُر بلا فعل أو رَدِّ فعل ليس فقط ممن يعاني منها ولكن تفسح في المجال لكل من له مصلحة للتدخُل أكان حسن النية أو سيئها .و لو كان المتدخل قادراً على مجاراة النُصرة أو داعش أو حركة أنصار الله في اليمن أو حزب الله المحارب حاليا مع نظام الأسد في سوريا ومع حيدر العبادي في العراق ضد داعش.

الأمور، يتهيأ لنا ولكل من له عينان فيرى أو أذنان فيسمع أو عقل فليتحرك أو ضمير فليتأهب . لا يظهر أن أوباما له عينان أو أذنيين أو عقل أو ضمير وهذا يربكنا كما يربك كل من قرأ خبرا في صحيفة أو شاهد على شاشة ما فيلما عن فظائع ما يجري. فهو لم يَعُد مسلما كما وُلد ولا هو مسيحيٌ كما إختار لأن الدينين يفرضان دون مواربة ولا تردد أن عليه أن يتحرك ويقوم بأدنى مسؤولياته لِيُقِّوم الخطأ ويفرض السلام ويرسي العدل مهما كلفه ذلك في الإنتخابات القادمة.

أوباما لا يمكن أن يكون جاهلا بما يجري ولا ضعيفا لِيَغُض النظر ويهادن ويساير و"يمشي الحيط الحيط ويقول يا رب أسترنا". هو القائد الأعلى بحكم تبوءه المركز الذي يُشغل  وهذا يفرض عليه ما ندعي أنه واجب عليه ولكن لا ندري قد تكون هناك عقدة.

نطرح السؤال صريحاً. هل لأميركا مصلحة في أن تجري الأمور "في أعنتها" أي تتغاضى عن كل مآسي العصر، عصر أوباما، أو أن مصلحة أميركا أن تترك الأمور ، وتترك القوي ليحكم وتُرَتب أوضاعها مع القوي المنتصر بعد أن ينتصر وبذلك تحافظ على مصالحها دون أن تتكبد ما يربو أو يزيد عن الحد الأدنى اللازم إعلاميا وعندها لا يهم من يرضى ومن لا يرضى ويكون "الحمار ماشياً".

لا نريد حتى أن يجول في خاطرنا ما سألنا عنه في فقرة سابقة لأنه يُحيي بنا كلنا وحتى المنتصر بيننا بأن الضمير غاب إلى الأبد.

16/10/2014

الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

جيش يتهاوى وتنظيم ينتصر


جيش يتهاوى وتنظيم ينتصر

"الدولة الإسلامية" (داعش)  يَحُدُّها غرباً  الجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية والمملكة العربية السعودية،  ويَحُدّها جنوباً  النجف الأشرف وشرقا لوائي بغداد وصلاح الدين، أما شمالا فتحدها كردستان العراق. بشكل عام هذه حدود داعش  اليوم وقد تتغير في أي يوم أو ساعة توسُعا أو إِنْحِساراً حسب الظروف وكفاءة المحاربين من الطرفين.

أخبار اليوم تضع كفاءة جيش العراق في مستويات متدنية وعالجه العبادي بطرد 150 ضابطا بعد سحبهم من جبهات القتال مما يعني أن داعش لها الفرصة في التوسُّع ريثما يُستبدل الضباط المفصولين بضباطٍ آخرين ويُأهلوا للقتال في الجبهات التي تُرِكت دون قيادة. هكذا تدرّب جيش العراق في عِقدٍ كامل من الزمن وأُنفق في سبيل ذلك مليارات الدولارات صُرفت كلها  على الجيش،  وكان من الأولى أن يُنفق جُلُّها على الماء والكهرباء والدواء والتعليم. الناس في أمسِّ الحاجة لجيش يحميه ودولة توَفِّر له ضرورات الحياة ولكنها لم توفر له جيشاً  يحميه ولا وفّرت له أسباب حياة  مقبولة.

كانت أولوية العراق طوال العقد الماضي الإنضواء تحت لواء الدولة الإسلامية في إيران فقامت بما رسَمَته إيران من سياسات وأبدعت في إخلاصها  وتركت مصلحة العراق جانبا وكأن العراق واحد من محافظات إيران تدار لصالحها ؛ ولم يكن في ما  رسمته إيران للعراق ما يضمن له حداً أدنى من السيادة والكرامة فما كان منه إلا أن تهاوى أمام ضربات خصمه المُستحدث ولم يتمكن من الصمود في الموصل أياماً  ولا في الأنبار أسابيعا وهو يتدرّج في سقوطه باتجاه الهاوية التي حفرها له تَقَارُبٌ الشيعة وأميركا منذ إنتهاء الحرب الثانية عليه ولا يزال.

من الأنبار حيث تمددت داعش أخلى مئات الألوف من سكانها بيوتهم وأصبحوا لاجئين سائرين في خُطى الملايين التي لجأت من بيوتها إلى مخيمات لما توفّرت أو إلى فلوات الفسحات الخالية يسكنون فيها دون غطاءٍ يفترشون الأرض ويلتحفون السماء.

وسوريا استفادت من ضعف العراق وقوة إيران وأنجداها على طوال السنوات الثلاث بكل ما إحتاجت من مال وسلاح وذخيرة وخبراء في الحروب ومحاربين أرسلوهم إليها من العراق ومن لبنان ، منظمات مذهبية شيعية تتفانى في خدمة سوريا وأسيادها في طهران وَقُم وحتى النجف الأشرف نزلت مكانته الدينية عندهم لصالح الفرس واحتقارا للعرب ولوكانوا شيعةً.

الحكي عن أوباما وتفكيره وسياسته ونوعية قيادته ، وقد كتبنا الكثير عنه وعنها، لا تهمنا الآن. لا تهمنا لأننا في ضياع عندما نسعى لفهم أجندته وبالتالي لن نتمكّن من تَقَيِيم ما يسعى إليه وإلى أين وصل. كل ما يمكن القول فيه أن سياق الأمور ومسيرة الأحداث لا تنبيء بالخير. 

هو هكذا يقول الشيء وعكسه دون حرج.  نستطيع أن نُعَمِم عمّا يقول فهو لم يترك سانحة إلا وقال الشيء وعكسه ونحن لا بُدَ ونستنتج أن هذا أسلوبه وطريقته في التعامل مع الغير ونحكُم بسؤ هذا الأسلوب وهذه الطريقة التي لا يمشيها إلا من هدفُه سيء وأسلوبه ممجوج.

أملنا أن يعي من له القول والفعل والقدرة والوفاء وإذا أمكن بعضٌ من ضمير،  من عربان هذه البلاد، دافِعةُ الثمن، فينتفض ويغامر ببعض ما يملك ويُغيِّر هذا الحال إلى حال يُكَرِمنا.
ونأخذ من شاعرنا الجاهلي  مسفر بن مهلهل الينبغي قوله:
دع المقادير تجري في اعنتها..... ولا تبيتن الا خالي البال
ما بين طرفة عين وانتباهتها..... يغير الله من حال الى حال
وقال في المصائب والعجائب ما قد يُنعش الآمال:
كن حليما اذا ابتليت بغيظ..... وصبورا اذا اتتك مصيبة
فالليالي من الزمان حبالى..... مثقلات يَلِدن كل عجيبة
15/10/2014



الثلاثاء، 14 أكتوبر 2014

هل لأوباما مخطط سرّي؟


هل لأوباما مخطط سرّي؟

مجموعة أسئلة تراود الباحث والقاريء ومن هو أسير حرب داعش والمُلتاع منها ومن  قُتل أو إستُشهد فيها وكل الأهل وكل من تطاله شظاياها ويدفع أثماناً لها. فقد أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) منذ حوالى شهرين. قال إن هدفه هزيمة هذا التنظيم والقضاء عليه ولكن الحرب طويلة وقد تستغرق سنوات.
سؤال:  لماذا يحتاج تحالف من أربعين دولة ( يقال 20 ويُقال 60وما بينهما) إلى سنوات لهزيمة تنظيم علماً إن عدد مقاتليه لا يتجاوز 31500 مقاتل كما تقول الإستخبارات الأميركية؟
سؤال: نفترض أن سنوات مضت وهزمت داعش فماذا بعد ذلك ؟ هل هي حرب تبدأ وتنتهي عند «داعش»؟  الإرهاب الآن هو حال طائفية فجّرتها الصراعات السياسية، و«داعش» هي  أحد أخطر تمظهرات هذه الحال.
سؤال: هناك إرهاب سني، وإرهاب شيعي. ألا يدرك أوباما أن استهداف الإرهاب السني والتغاضي عن الإرهاب الشيعي يغذيان الطائفية ويعمقان الحروب الدينية الدائرة حالياً؟ هل هناك فرق في نظر أوباما بين تنظيم سني يقاتل ضد النظام، وتنظيم شيعي يقاتل مع النظام؟ وما هي الخطة السياسية والعسكرية التي يقترحها أوباما للحالين العراقية والسوريا، بحيث تصبح الحرب على «داعش» جزءاً منها، وليس بديلاً عنها؟
والسؤال المربك: كيف يمكن منع النظام السوري من الاستفادة عسكرياً وسياسياً من هذه الحرب؟ فالنظام السوري بدأ يزيد من ضرباته الجوية ضد ما يعتبره أوباما معارضة معتدلة.
هذه الأسئلة وغيرها مما سيأتي ذكره قد تفجر خلافات عميقة بين أوباما وتركيا وبعض الأطراف العربية في  التحالف. هناك اتفاق على هدف إنهاء تنظيم «الدولة». لكن هناك خلافات عميقة حول ما يليه من أهداف كشفت تركيا عنه فيكون إسقاط النظام السوري جزءاً من هذه الاستراتيجية. ويرفض أوباما الشرط التركي، مما يثير الشكوك إن هدف تدريب المعارضة السوريا محصور في محاربة تنظيم «الدولة» فقط ويبقى النظام.
 الموقف الأميركي يزداد غموضاً أمام تكاثر اللاءات التي يتمسك بها أوباما وأشهرها أنه لا تسليح للمعارضة السوريا المعتدلة. وقد يقال أن أوباما وافق أخيراً على برنامج لتدريب وتجهيز خمسة آلاف من المعارضة السورية المعتدلة، وخصصت إدارته لهذا البرنامج نصف مليار دولار. وأوباما لم يلتزم بأي شيء في موضوع التسليح، ولن يلتزم على ما يظهر ، لا الآن ولا بعد عام من الآن.  
في مقابل ذلك لا يرى تسليح روسيا وإيران للنظام السوري. لا يريد منطقة آمنة لحماية المدنيين من الطيران السوري. لا يريد أن يحدثه أحد عن الدور الإيراني في العراق وسوريا. وعلى رغم أنه يقر بأن المشكلة تكمن في الطائفية، إلا أنه لا يرى في هذه الطائفية إلا طرفها السنّي.
 لا يريد إرسال قوات على الأرض لمحاربة هذا الطرف السنّي. يريد قوات سنية بدلاً من ذلك لمحاربته. لكنه لا يرى أن تغيير موازين القوة على الأرض بين المعارضة والنظام شرط ضروري لهذا الحل. لا يعترف بأن سياسة إدارته منذ بداية الثورة السورية كانت من أهم الأسباب التي أدت بالوضع السوري إلى ما هو عليه. مواقف أوباما المترددة  كثيرة، وتعكس حال اضطراب في الرؤية، أو تضمر شيئاً لم يحن وقت إعلانه بعد.
النظام يتمتع بدعم عسكري وسياسي ومالي كبير من إيران وروسيا، وهناك ميليشيات شيعية ترسلها إيران من العراق ولبنان تقاتل إلى جانب النظام السوري. والقوة التدميرية لسلاح الجو السوري أمام معارضة من دون دفاعات جوية، ومدنيين عزل يعرفها أوباما  ويعرف حجم الدمار والقتل والتشريد الذي تسبببه.
أوباما يغط في نوم لا يؤرقه فيه كابوس ولا يؤنبه ضمير وهكذا يقود العالم إلى مأساة تليها مأساة والأرجح أن له أجندة خاصة به لن يكشف عنها قبل أن تخرب البصرة ويدفع العرب الثمن وينعم هو بجائزة نوبل التي كسبها لأن خطابه السياسي أوحى بما لم يُضمر.
 14/10/201