Powered By Blogger

السبت، 16 أغسطس 2014

الملحق الثالث والعشرون

أنا عربي ، إذن أنا بريء ساذج  وقاصر . أنا مسيحي في بلاد العرب  إذن أنا غريب لاجىء طارئ. أنا عربي مسيحي إذن أنا بريء ساذج  قاصر  لاجىء طارئ . أنا لا مكان لي في هذه الأرض فالدواعش يضيقون علينا إذ هذا من صميم ما هم يفعلون. يمنعوننا من العيش حيث ولدنا ونشأنا وتربّينا  وعشنا وتعايشنا مع أهلنا  هناك ، أهلنا  المتنوّعون دينا ، يدينون بما ولدوا عليه من دين ولا يلزمهم أحد بغيره. متنوعون ثقافة تنبع من عاداتهم والتقاليد والبيئة. هذه أمور لا يبحثوها لا خوفا ولا أدبا إنما هي إحترام من الإنسان لنفسه وبالتالي لأخيه في مجتمعه وفي بيئته.

مؤخرا أتانا من ينعتنا بالكفر، صفة جديدة ألصقت بنا. ليس الكفر حكرا على المسيحيين منّا . هي صفة كل من لا يؤمن بما يؤمنون ،  إيمان هو نوع جديد في الإسلام إخترعوه، سلفي يصفونه ويسمونه  بمعنى أن السلف الصالح إعتمده وبالتالي  هو الصحيح.  كذب هذا وتعدي وتجرؤ قبيح على الإسلام لم نرى له مثيلا في التاريخ،  هو دين الإرهاب ، دين جديد، نأمل أن تتضافر الجهود  فيمحى من حاضرنا أو يرمى في مزبلة ما  .  كلمة داعش أصبحت مسمّى لعقيدة تماما  كما بعض أسماء السلع الكثيرة الإستعمال والتي صانعوها كثر وجدت لها مسمّى شاع وقبل فاستعمل.

الإرهاب ديدنهم ، أسلوبهم في معاقبة من لا يرى ما هم يرون . طريقتهم في جني المال وتوسيع رقعة السيطرة وبالتالي رقعة دولتهم المسماة زوراّ وبهتاناّ " الدولة الإسلامية" أسلوب لا إبتداع فيه. رأيناه مرّات عدة في النصف الثاني من القرن الماضي ولو بوتيرة مختلفة وأسلوب مختلف.

سمعنا وكتبنا عمّا إرتكب من قتل ودفن لأحياء تنويعاّ للمجازر وتخويفاّ إضافياّ لمن هم على لائحة التهجير. قلنا أن تاريخنا لم يأت بمثل جرائمه. داعش ونحن في ذلك مخطئون.  في تقرير لهيئة الأمم أصدرته لجنة عيّنت للتحقيق في جرائم النظام في سوريا بعد قتل ما يزيد عن  الألف وخمسماية إنسان بالغازات السامة وكان التقرير حافلاّ بالجرائم متنوعة الأشكال. دفن الأحياء كأسلوب قتل ذكر في التقرير. داعش "لم تخترع البارود" كما يقول المثل الدارج  عندنا، هي أخذت من نظام بشار الفكرة والأسلوب وطورتها قليلا ودفنت أحياء على مثال  النظام السوري. في الزمن الغابر كنا نأخذ عن الحضارات المختلفة العلم والأدب والفن ونستفيد منه ونعطي الحضارات الأخرى ما عندنا من علم وأدب. داعش أخذت من بشّار وأعطته تمثّلاّ بما جرى في تاريخنا  ولكن فن آخر له عمل آخر ، عمل ممجوج تجرمه الأديان جميعها السماوية منها وغيرها. داعش وبشّار لا يدينون بدين سماوي بل بما يحفظ لهم ما يعتبروهم  حقاّ لهم، حق إخترعوه ومشت معهم دول ومذاهب ودويلات لا مذهب لها تمشي بهديه .

في الماضي عندما جاء الإمام الخميني بثورته ، طلب حافظ الأسد موعداّ له لتهنئة الإمام الشيعي الإثني عشري ، الوالي الفقيه الجديد، ورفض الطلب لأن الأسد من مذهب خارج عن المذهب الجعفري. والآن إنقلب الوضع وأصبح الوالي الفقيه الجديد أيضا الحامي للأسد يحارب إلى جانبه ويزوّده بما هو يقرر أن نظام الأسد يحتاجه ليبقى رئيساّ لبلد يرفضه. ماذا جرى؟ فالمذهب لا يتغير بمفاهيمه بمثل هذه السرعة ولا يغير إتجاهه وسياسته وكأن أساس الدين تغير. هل هذا جزء من مخطط كنّا تحدثنا عنه فتبنّىت بلاد فارس مواقف الأحلاف التي كان شكّنا في وجودها  غير وارد.

لم نذكر كلّ الأقليات في بلاد العرب من أزيديين،  وكرد، ونصيريين ، وشيعة، ودروز، وأقباط، والأرمن، والشركس، والتركمان، والشيشان، والفرق الصوفية على أنواعها والصابئة، والآشوريون وغيرهم الكثير. وإذا ما دققنا  النظر في الجغرافيا الإثنية للعالم العربي يصحّ القول ان «الاكثرية» في المنطقة تتكون من العرب المسلمين بمذهبيهم الكبيرين السني (المدارس الفقهية الأربع)، والشيعي غير الباطني (الشيعة الجعفرية والزيدية تحديدا). اما كل الجماعات الاخرى عربية او غير عربية، مسلمة او غير مسلمة، فتندرج تحت ما يمكن وصفه بالاقليات.

هذا يعطي القارئ  فكرة عن حجم المشكلة التي إبتدعها الداعشيون على إختلاف تركيبة ورؤية كل منها  دعمتها أنظمة ودول وأفراد بالمال والسلاح دون أن تقدّر، برأينا،  حجم ما أقدموا عليه. أساؤوا التقدير واستسهلوا العمل، بعض المال والقليل من التشجبع وغضّ النظر وتنتعش الدواعش. والآن عندنا داعش الدولة الإسلامية ولها خطط وأهداف ربما أصبحت بيّنة . وعندنا العلويون النصيريون أتباع الملاّ بشار والمموّل والمدعّم بالسلاح والعتاد والرجال من الملاّ الوالي الفقيه وأتباعه حزب الله والحرس الثوري وأيضاّ الروسيا التي أطلّت برأسها بقدرة قادر وإذا بتعاونها وبلاد فارس تبقي حرباّ كان من الممكن أن ينتهي منذ سنتين أو أكثر وهو لا يزال قائماّ وبراميله المتفجرة ترمى على بيوت أهلنا في سوريا دون تحفظ ودون رادع يردعها.

بالله عليكم أي رادع نحكي عنه. مهجّروا سوريا زادوا عن العشرة ملايين. هكذا خبّرونا في هيئة الأمم، الهيئة التي كلامها كثير وفعلها قليل. مجلسها يقرر فيه واحد من خمسة فإذا قال "لا" تعطلت الأفعال ولغة الكلام أيضاّ. القتلى زادوا عن المايتي ألف رجل وامرأة وطفل وجرحى بعضهم أصبح معوقاّ وآخرون الموت هو ما يشتهون. لا علاج متوفّر لهم فالمشافي مدمرّة والأطباء والممرضون لا يتحركون لأن التحرك يعني الموت على يد النظام، ولم لا فيد من له القدرة وليست له الرغبة، القاصر المجرم الذي على يديه تقوم زمر الإجرام وتنتعش وتبقى ويبقى القتل والتهجير والهدم وهي، أي تلك اليد، تعقد الندوات ومهرجانات الكلام على وسائل الإعلام "وتنصح وتلقي اللوم" على الضعيف فينا. هي تقول أن علينا ( لاحظ كلمة علينا) الإتفاق فيما بيننا  لتفادي المشاكل التي تقوم بها المشكو منها.  أليس القادرون مقصرون وعيبهم أنهم قادرون. يقول المتنبي متعجباّ:

عَجِبْتُ لمَنْ لَهُ قَدٌّ وَحَدّ.............. .وَيَنْبُو نَبْوَةَ القَضِمِ الكَهَامِ
وَلم أرَ في عُيُوبِ النّاسِ شَيْئا .......كَنَقصِ القادِرِينَ على التّمَامِ

ما كتبنا هنا هو فقط لشرح حجم المشكلة القائمة والتي حتماّ ستقوم ومحاولة يائسة لإستشراف المآسي التي نتجت مما جرى وما هو "على النار" ومخطط له وما سيأتينا إستشرفنا أو لم نستشرف لأن سياق المنطق يقول وبوضوح أنّ الآتي أعظم.

أين القوى الكبرى من كل هذا؟ واضح أن لا نية لها بوقف ما يجري. إنّ ما تقوم به هو تشريج  وتأكيد على النية بإبقاء الأمور كما هي وإشعالها أكثر في القادم من الأيام. مثل على توسيع رقعة المشكلة. قررت أميركا ومثلها بعض أوروبا تزويد الأكراد بالسلاح لمحاربة داعش. اليس الأكراد جزء من الشعب العراقي؟ لماذا لا تسوّي الأمور في العراق وتزوّد الدولة بالسلاح وهي تزود بدورها من يحارب داعش. الخطر يكمن في إعطاء الأكراد الضوء الأخضر لفرض إستقلالها عن الدولة بعد أن تكون قد تسلحت وأستعدّت وكوّنت رأياّ عاماّ مؤاتياّ للإنفصال عن البلد الأمّ.

لماذا منعت أميركا عن لبنان سلاحاّ مناسباّ لصدّ عدوان داعش ، داعش التي تشغل بالها؟ سلاح مدفوع ثمنه لفرنسا فلا هو هبة مطلوبة منهم أو من غيرهم وبه يمكن منع داعش من قتل وأسر ما يزيد على أربعين ضابطاّ وجندياّ وتخريب بلدة كانت خطيئتها أن إستضافت ما يزيد عن ماية ألف لاجئ من بطش الأسد وزبانية إيران. السبب المعلن هو أن هذه الأسلحة "قد تستعمل ضدّ إسرائيل إذا وقعت في أيدي الناس الخطأ". من الطبيعي أن لا نفهم. هل إحتلال لبنان بأمه وأبيه مسموح إذا كان دفاعه عن نفسه بسلاحه المدفوع ثمنه عدّاّ ونقداّ "قد" يقوّيه ويمنع إسرائيل من التنزّه في يوم من الأيام في  سهوله وجباله ومدنه ولا يجد في كل لبنان من يسائله؟

القضية ، على ما يظهر، ليست مذهبية متحجرة يسمونها إرهابية. هي خطة يدعمها من يدعمها لتفتيت المنطقة لقضاء حاجات من الصعب اليوم أن نتبيّنها وسيأتي يوم تتضح الأمور ويعرف الكل من المجرم؟ داعش هي؟ أم من أقام داعش وأمثالها لتقضي له حاجة لا يستطيع تأمينها حربا أو حتى سلماّ . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق