Powered By Blogger

السبت، 30 أغسطس 2014

الموصل وحلب


 الموصل وحلب

فوضى عارمة تجتاح البلاد من شرقها إلى غربها ، من الموصل أمّ الربيعين، مدينة العلم والفقه والأدب والموسيقى والغناء بلد إبن الأثير صاحب جامع الأصول والكامل في التاريخ ووحيُ أبي الفرج الأصفهاني في كتاب الأغاني،  وحلب الفيحاء موئل الشعر والأدب ، ومرتع  الشعر لأبي فراس والمتنبي وماذا بعد أو قبل ما أنشدا من شعر لا يزال يدغدغ الأحلام والنفوس ويرفعنا إلى حيث لا أعلى  ولا أروع ويسعفنا بحكمة وصياغة وقولٍ لم يماثلهما إلاّ قول متفوّهٌ قدير لا بدّ وأنه إستوحى من أجواء كلامهما ما يقول. وما بال المعرّي في منبجٍ  حلب المكفوف العينين المتبصِر ببصيرته صاحب رسالة الغفران التي تصف الأحوال في النعيم والسعير والشخصيات هناك والذي أخذ دانتي عنه كوميدياته الإلهية فكرة ومضموناً
أقول أن الفوضى عارمة بحدود تتغير يوماّ بعد يوم يحدها من الشرق علم وأدب ومعرفة وبالغرب ما شاء وشئتم من شعرٍ وأدبٍ لا يرقى إليه إلاّ من قرأه وفهمه وأدرك معانيه وعاش ما فهم وما علم ولم ينشقّ عن كل ذلك لأي سبب
نحكي عن مدينتين تاريخهما تاريخ قمة العروبة والإسلام نحَتا  كلما نشتهي بعرق الجبين والعمل الدؤوب والدم ما طلب. الموصل وحلب ليستا مدينتين على خارطة يهتدي الناس إلى كل منهما بالقياس ولا السؤال. هما من إهتدى الناس بما قّدما للناس من كلِ ما يشتهي الناس. نقول "الناس" ونقصد من هو بشرٌ إرتضى الناس به وارتضى هو بتاريخ جذوره وأحب أهله وجاره والناس فأحبّوه. هو الإنسان العادي ألذي لا يفكر شرّا ولا يفعل شراّ ولا يعرف الشر. هو نحن، أنت وأنا لا من إنصرف الناس عنه وصرفوه
الكلام كلّ الكلام أن هذه الفسحة من الجغرافيا والتاريخ ترزح اليوم تحت عبء لعنة التاريخ. هذه حدود الدولة الإسلامية اليوم حلي غربا والموصل شرقا. ماذا عدا مما بدا كي تغيب الموصل وحلب وتظهر إحدى لعنات التاريخ وتمارس ما لم تبلُغ مداه جحافل هولاكو ولا خبث ودهاء فكر الحشّاشين . لا عقدة تمنعهم ولا ضمير يردعهم من ارتكاب الفحشاء والمنكر عن سابق علم وتصميم. هم أصحاب فكر نكاح الجهاد وختان النساء قَصراّ وهم الذين إختاروا أن يكافئوا من ليس منهم أو لا يتّبِع طرقهم بالقتل ذبحاً وسبي النساء والأطفال وكأن حواري الشهداء في الجنة بعيدة المنال أو أنهم يعلمون بأن الله لا يرضى عمّا يفعلون وأن الجنة لن تكون مأواهم فيعجّلون ما تعِد الجنة به للصالحين ويختصرون الزمن بنساء لسن من حواري الجنة  يأخذوهم عنوة هنا على وجه هذه الأرض لأنهم يعرفون أنهم لن ينعموا بالجنة أبدا
المجاهدون جاؤوا من أرجاء الأرض. بعضهم إن لم نقُل أكثرهم لا علاقة لهم بالإسلام ولا يتبعون تعاليمه. الجمع الكبير منهم لا يعرف العربية ولا يقرأ القرآن إستقدمته داعش إليها بالأعلام مقابل مال كثير وعلى كلٍ أكثر مما يستحق في سوق العمل ووعدته بالعيش على هواه ووفت بالوعد لمن طال أمده ولم يُقتل في أول معركة سيق إليها
في ثلاث سنين فقط ملكت هذه الداعش أرضاً متَصلة مساحتها تكبر كلَ يوم ومواردها تزيد كلَ يوم وطموحاتها تطفح يوماً بعد يوم. كيف صار ما صار ونشأت دولة كهذه وبهذه السرعة ، الله يعلم ولكن من يعلم أيضاً هو من جاءته فكرة وفرصة وهدف وقدرات لا حدَ لها ورأى ما لا نراه فسخَر الدين والدنيا والتاريخ والجغرافيا والخوف والرعب الذي هو قادر على إبتداع الأسوأ منه وغامر كأي مغامرٍ وربح
كنا نظَرنا واستشرفنا وحلّلنا ما يردنا من أخبار وإشاعات وتأكيدات وشكوك عن أصل المعضلة إيّاها. من ولماذا وكيف طرأت. نحكي عن داعش الدولة الإسلامية ونستغرب أن تكون الشائعات قد طالت كل دول العالم غربها وشرقها، عربها والأغراب عنها وسارت الأقاويل تؤكِد ما تكذّبه الأخرى ولكن لم تأتنا الأخبار بما يُصَدَق . أميركا تتهم أحياناً، نظام الأسد متهم أيضا لأنه أطلق من سجونه قادتها ، قطر متّهم لا ينكر ولا يؤَكِد  وأموال أفراد من دول الخليج وغيرهم أتتولا تزال ولا نستبعد ولا ننفي ولا نؤكّد إلاّ أن المال آت لا محالة،  فنحن، عامّة الناس،  لنا حدود في هذا النوع من المعرفة لا نتخطَاه ولا نتعدّاه
الأموال أتت من كل صوب وحدب، هذا من قبيل تأكيد المؤكّد واليوم لا تحتاج الدولة الإسلامية إلى مال فعندها منه الكثير. والدول الكبرى أعطت داعش مداها فهي لم تتعرض لداعش في أول تكوينها وحتى اليوم الذي هدّدت مصادر بترول العراق في وحَول الموصل وربما لأنها تسرّعت وهجّرت المسيحيين والأزيديين مما أقام الدنيا إعلاماً ولم يقعدها بعد. وقامت أميركا بضربات جوّية لا تشبع ولا تغني من جوع. فداعش لا تزال حيث كانت قبل التدخُل العسكري ولا نرى ما يشير بأية جدّية لمحاربتها
الروسيا لا تزال تفكّر وفكرها ينصبُ فقط على ما يمكن أن تحقق من ربح لحليفها وربيبها بشار الأسد. وكما أسلفنا فإن هدف ما نكتب لا يتعدّى البكاء على ماضٍ كان غنياً بالعلم والمعرفة وهذا العالم بحدوده كما كانت أصبح مركزاً متقدّما لكل ما هو ممجوج وعبثي  نأمل أن لا يكون مقيماً بل راحلاً إلى غيرها من العوالم التي لا نأبه لما يحلّ بها وفيها



حلب
الموصل


الجمعة، 29 أغسطس 2014

بلا عنوان



مهين لنا،  مهين لعقلنا وضميرنا والثقافة التي إليها ننتمي، مهين لنا أن نُفاجأ عندما نجتمع بمن كنّا نحترم أو به كنّا نتشبّه ونرى ما نرى ونسمع ما نسمع من أضاليلَ وأكاذيب يتبارى الجمعُ بإنتاجها أو بالأحرى فبركتها ولا يخجلون. عندما يُفسح ثي المجال لطرح سؤال بسيط لا يجوز أن يزعج أحدا، استفسار عن مصدر الأخبار ، ينتاب بعضهم الغضب فيهزأون أو يؤكدون أن الخبر صحيح وأن معلوماتهم تأتيهم من أوثق المصادر.
أوثق المصادر تبقى سرّا لأن أوثق المصادر حكرٌ عليهم وينسوا رغم ما كانوا عليه من مصداقية ، أن التباهي بالمصدر يفيد مصداقية القائل ولا تضرّه و"الخبر" فُبرك لتقوية أو دعم الإدّعاءات السياسية والآراء والإستنتاجات التي يختزنها الخبر. وإلاّ لِما السرّية في تسمية المصدر.
الفساد السياسي كان حكراّ على القادة أي الحكام قادةً كانوا أو مُلحقون لأسياد إختاروهم وهم مشوا نِعاجاّ لهم ومتسلّطين على الناس ما دام التسلّط متاحاً. هذا الفساد تمدّدَ أفقياً ليشمل كل ما يمكن أن يشمل توسيعاً لمصادر المكاسب من الفساد وهم أعلم الناس بما يُنتِج وبدرسون ويوسعون مساحاتِه ما أمكن.
والفساد تمدد رأسيا ليشمل تنظيم العمل وتكوين جهازه البشري كي يكون الربح من الفساد في أعلى مراتبه. الجهاز هو أسلوب وحاجة لإستمرارية إن لم نقل ديمومة الإستيلاء على مقدرات البلاد وطبعا الإستفادة سياسيا وإجتماعيا وماليا من الظرف الذي أتيح لهم ولسنا اليوم في معرض البحث في "من وكيف ولِم" أتيح لهم كل ذلك.
ونعود إلى الفقرة الأولى من هذا العرض لنحاول ما استطعنا إجابة سؤال "لماذا تغيّر من كنا نحترم وبه نتشبّه" من مثلٍ أعلى لنا وانحدر أو هكذا نُفكّر إلى ما لم نكن لنُصدّق لولا ما سمعناه منهم، من أفواههم ، إلى طروحات لا تتماهى والصورة التي كوّناها عنهم وصدّقناها. الفساد ولا عجب يحتاج إلى من يديره لحساب من يحكمه وكلما إرتفع مستوى المعارف عندهم كلما كانت المنظمة أفعل وأقوى ومحترمة من الناس ،على الأقلّ إلى أن تتبيّن الأمور وتُفتَضح الحقائق. هكذا وبكل بساطة إستَزلم مثقفون لمن يحكمون وإغتنوا وذاقوا الحياة المترَفة وكلما تبحّروا في الفساد وأتقنوا العمل فيه زادت رفاهيتهم وارتفعت مراكزهم الإجتماعية والسياسية والنفوذ وهو بيت القصيد.
النظام الحاكم وأعضاؤه لهم دور آخر أقبح لأنه أعمّ وهو توسيع مساحة نفوذ كلٍ من المستزلمين والزمن كفيلٌ بأن يجعل من النظام الرديف للدولة هو الدولة يحكم الدولة ، يسَيّرها ، يستفيد من عسكرها وأجهزتها الأمنية والمخابرات فتتمُ السيطرة ويصبح الزعيم الحاكم بأمره يُجري الإنتخابات ويعلن للعالم وحتى لنفسه أنه المهدي المنتظر بدليل أن 99 بامائة من الشعب يريده.  سوريا حزب البعث، الحزب الذي أسسه فكرُ رجال همهم كان إعلاء شأن العرب وكانوا صادقين وطنيين مشهود لهم بذلك. لست من أنصار البعث حتى عند تأسيسه ومعرفتي الشخصية بمن أسسه وبالإحترام الذي نكنّه لهم ولكنني اليوم أؤكد أن من أسسه دفع الثمن غاليا من دمه وكرامته لصالح عائلة الأسد البعثية، بهذه الصفة إستلموا الحكم في سوريا.  وتكررت تجربة الحزب في العراق واستولوا على مقدّرات البلاد بهذه الصفة أيضا.
العجيب الغريب هو أن الحزب حكم العراق وسوريا لعقود وكان العراق وسوريا وطوال هذه العقود عدوّين لدودين وكان الأمل أن مباديء الحزب تدعو للوحدة العربية ونجح فرعا الحزب في الإختلاف وأضعفا العراق وسوريا وجعلاهما وكأنهما فأل سيء لكل من كان فيهما من بشر ولم يرتدعا حتى اليوم. يدقّان الإسفين تِلوَ الإسفين لناسهم كما للوطن الذي أورثهم إياه حزب البعث.
كل فردٍ في بلاد العرب أخذ موقفاً مما يدور في بلاد العرب. لو كان الموقف بُنِي على تفكير وقناعات لكان الوضع في غير الحال الذي هو فيه. المواقف تؤخذ دون دراسة أو قناعة ولا حكّ راس أو رجوع لضمير . الطريق إلى تطوير والعيش بقناعات تُبنى على أسُس مدروسة يحتاج إلى وقت وقراءة ودراسة ومقارنة بين مختلف الأمور التي تشغلُ البال هذه الأيام وهذا ما لا يناسب أهل اليوم. لا يريدون أن يتعبوا ليكوّنوا رأياّ ويأخذوا موقفا وهم يعلمون أن  الوضع الإجتماعي والمذهبي والجيرة التي تحيط بهم تلزمهم بالمواقف المعتمدة في الجيرة وغير ذلك قد يوقعهم في مشاكل هم في غنى عنها.
الناس اليوم في أكثر البلاد العربية وخاصة تلك التي تعاني من تفكُكٍ في الدولة لا حرية مضمونة لهم. يخافون حتى من الحكي الحر في منازلهم وبالتالي ومع مرور الزمن لا يعودون يتكلمون إلى أن يعتادوا من جديد على مستوى جديد من الحرية.
اليس من الغريب المستهجن أن يجري الكلام في أمكنة متعددة من العالم عن " أحسن أو أسواء الشرّين". يعني أن فكرة المفاضلة بين إرهابيتين متوحشتين فكرة قائمة. أيهما أفضل لسوريا داعش أو بشار؟ المهم، ورغم ما قيل وقاله بعض زعماء العالم برفض أو قبول الفكرة فإنها فكرة،  الجدل حولها قائم.
موضوع آخر ولو إرتبط جزئيا والفساد والحكم في بلادنا. هناك رعب من مستوى عالي من داعش. تقول ناطقة باسم ما لدائرة ما في واشنطن، نسيت المصدر، " أن هناك أكثر ممن 14،000 من رعايا الدول الغربية إنخرطوا في القتال مع داعش وسيعودون إلى بلادهم قنابل موقوتة ". هناك أيضا تنظيمات أخرى عديدة ينخرط فيها غربيون للقتال في سوريا والعراق ولكن أعدادهم لم تنشر حتى الآن.
"الحلف الذي يراه أوباما لكسر شوكة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على المدى الطويل يتطلّب إستراتيجية إقليمية بالتعاون مع السُنّة في سوريا والعراق." هكذا ورد الخبر. ما يسترعي الإنتباه حصر التحالف المنشود بمذهبية سنّية ولا أدري إن كان الحصر مقصود أو غير مقصود ولكن الكل ينتظر كلام أوباما لأنه المقرّر الأول في الدنبا أراد هو أم لم يرِد وكل كلمة تخرج من فمه تؤخذ على علاتها ويبنى عليها.
نُنهي هذا المقال ونحن نعرِف أن كتاباتنا كالكتابات الأخرى هي من باب التنطُح والمكابرة ونقنع النفس بأن الواجب يقتضي ولكن قد يأتي صباح ونتوقّف عن الكلام المباح.

  

الخميس، 28 أغسطس 2014

التيارات الإسلامية السلفية الجهادية

 التيارات الإسلامية السلفية الجهادية

بهدوء لافت، نشات وتطورت التيارات الطائفية المذهبية في جميع بلاد العرب لأن الأنظمة السائدة يضيق صدرها بالكلام الصادق الحر فتخنقه، وأساليب ذلك في بلادنا متطورة،  وعلى مهل أحيانا تتقدم خطوة خطوة إلى أن تقونن التعتيم وتجترح التشريع المناسب لأغراضها وأهدافها هذا اذا كان لها اهداف اصلا وتورد من الأسباب ما تفترض انه مقنع للناس.

في وضع مزر من هذا النوع ينصرف الشباب الى الأجتماع حيث لا نفوذ للدولة  فقط ليمارسوا وان بالحد الأدنى حقهم بالكلام. تفتح لهم دور العبادة يشاركون في الصلاة فيها ويستمعون الى الخطب الدينية ويناقشونها فيما بينهم وما ان يمضي زمن يقصر أو يطول حسب مستوى التلقين حتى تبدأ محاولات استمالتهم لمبدء او لاخر والبعض يقتنع ويلتحق بمن استماله.  غسيل الدماغ يبدأ هنا.

هذا الشباب العاطل عن العمل الممنوع من التعبير عن مكنوناته ، فقير الحال الذي لا تحق له  الشكوى، ربما هو من عائلة تعتمد في عيشها عليه فيشعر بالنقص لعدم قدرته على القيام بأبسط واجباته تجاه العائلة في مجتمع يقدسها. ليقل لنا من يشاء، من الغرب أو العرب الذين أنعم الله عليهم بكرم زائد، او كانت النعمة رضا ممن يملك قرار منح المكرمة والنعمة عليهم،  ماذا ينتظرون من الشباب البائس غير ما نشاهد.

النصرة ، حزب الله، القاعدة  والاخرون ويربو عددهم على الخمسين فصيلا يستميلون الشباب الذين اّمنوا بما  علموهم فيلتحقون بهم وبالأخوان الذين سبقوهم ويكونوا معا مجموعة ضاربة يحكمها المذهب الذي يرتضون وكلما طال انقطاعهم عن جوهم ومحيطهم الذي اعتادوا كلما تقاربوا والرفاق وزادت ثقتهم واقتناعهم بما يقومون به. في كثير من الحالات وربما في أكثرها تحل مشاكلهم الماليه فتدفع لهم الرواتب ويدفع لأهلهم ثمن استشهادهم في المعارك التي يخوضون تطلق عليهم الكثير من التسميات وإن كان المعنى واحد. "إرهابيون" تلخص المعنى القصود.

يضاف الى الأرهابيين الموصوفين المنعوتين كذلك،   ذلك الحشد من الناس الذين قتل منهم أب أو أم أو ولد لا لسبب الا انهم ينتمون لجنسية معينة. امثال  ذلك الشخص الذي لم يمت في غارة جوية أو تفجير أو قنص بل مات من أهله من مات. هل يلام لأنه إنسان طبيعي يحاول عدالة لا يمكن أن تتوفر له. سوريا اليوم والعراق وليبيا وغيرها كي لا أبدأ بفلسطين، كلها تضم جموعا ممن يسعى إذا استطاع لعدل غير موجود ؛ غزة وما يعاني أهاليها اليوم وما يقتل منهم لأن حق عدوهم مقدس بالدفاع عن أهله ولو بالقتل وقد أعطي الضوء الأخضر ليقتل . كل القوى الكبيرة في الغرب أعطته الإذن بالقتل. فهل إن ما يجري ينتج قديسين أم إرهابيين كما يحلوا لهم تسمية من تضرر وفقد من أهله من فقد.
  
ليس المهم أن نروي اسباب لجوء البعض الى العنف ولكن يجب على الجميع أن يعرف ان هذا العنف لا يزول بمدفع حرب إذ ان ذلك يزيد من انتشاره.

ويراودني السؤال نفسه بعد أن عرفنا سبب العلة وكيف اصبحت كابوسا يخيف الكل، هل غاب كل هذا عن عقول الذين خططوا عقب انهيار الأمبراطورية العثمانية وورثوها وأنشأوا الأقطار وحموا بعضها طوال قرن من الزمن، ؟ سؤال يكرر نفسه كلما توغلنا في موضوع العالم العربي في يومنا هذا.

الأربعاء، 27 أغسطس 2014

غزة والامارات وقطر

غزة والامارات وقطر

خمسون يوماّ والحرب في غزّة  على مداها تدمّر وتقتل وتهدم عمدا ودون تمييز وفي كُلّ إتجاه وعلى رأس من رست أو وقعت ولم تجدٍ من ينظر ولو بقليل من العطف أو الشفقة ولم تحط رحالها إلاّ في اليوم الحادي والخمسين هكذا وفجأة ودون إنذار سابق وكان سكوت المدفع والصاروخ مدوياّ في غزة والضفّة وباقي أنحاء العالم  . الهدم والقتل والتدمير لم يتوقّف إلاّ مرات ثلاثة أعتبر أنها إستراحة المحارب المحتاج لإعادة تجهيز عسكره وإعطاء المحارب والناس فرصة ليجسّ ما إحتجّ من جسده لإنتظار طال أمدُه أو إنزِواء دون حراك أرّقه وأتعب مفاصله.

وكان ما كان وانتهت الحرب وبرز البطلان كأنهما جبلان يتبارزان كلاما لا يخيف الناس ولا يزلزل المنازل ، يعلن كل من البطلين بهذا الكلام إنتصاره على خصمه. الأوّل يقول أن كفاحه وصموده أنهك العدو الذي قبل شروطه واستسلم. والثاني أن خصمه قبِل الشروط وعليه أنهى هو الحرب دون أن يتنازل عمّا كان عرضه في الأصل. لا بأس، المهم أن الحرب وضعت أوزارها وإن انتصر الفريقان.

أهل غزة آبوا من الحروب بفتح المعابر وربحوا الحق في الصيد البحري على عمق أميال ستة ووعد أن ينحصر النقاش والمفاوضات التي تقرر موعدها بعد شهرين على إقامة ميناء ومطار في القطاع.  السلاح لم يُذكر في معرض الأخبار عن إنتهاء الحرب ويظهر أن البطلين وجدوا ان إغفال ذكر السلاح لا يضّرُهما.

ونتانياهو غنم الهدوء على الجبهة وسلامة المدنيين في أرض السلام وإلحاق غزة بالدولة المركزية في الضفة. وطبعا، ولمدة طويلة إعادة إعمار ما تهدّم وإنشاء بنية تحتية لم تكن أصلا موجودة قبل الحرب سيعطي كل أهل القطاع فرصاّ للعمل فتتحسن أحوالهم ويمتنعون في المستقبل عن المواجهات العسكرية.

مستقبل نتانياهو السياسي بعد كلّ ما جرى وما تأثّر به الشعب اليهودي  والإدارة الأميريكية يتأرجح ولا ندري إن كانت هذه الحرب آخر ما يقوم به من أعمال خدمة للشعب الذي إنتقاه.

غزة لن تكون مصدراّ للخبر وسيبدأ ناسُها بلملمة الجراح ومحاولة التأقلم مع المآسي التي عاشوها. وهذه ليست المرّة الأولى التي ألزمتهم إسرائيل عَيشَ المآسي ونأمل أن تكون خبراتهم السابقة عونا لهم على ما شاهدوا وعانوا هذه المرّة.

وتنقلنا الأجواء إلى خبر جديد ولكن تبيان أمره كان مغلّفاّ شابته التناقضات التي لا تُعدّ ولا تُحصى فمن قائل أن الخبر صحيح والبعض الآخر ينكر ذلك ولكن للخبر أساس وسنجرّب قدراتنا العقلية على فهمه وننقل ما نستلهم لمن يحٍب أن يطّلع.

الخبر مفاده أن طائرات مقاتلة أغارت على قواعد منظمات إسلامية متشددة في ليبيا   إنطلقت من مطار حربي مصري لتنفيذ المهمة . الطائرات المغيرة أتت من الإمارات العربية المتحدة. أي أن الإمارات في حرب مع ليبيا أو أنها تعاون ليبيا بضرب متشددين.  طبعا لا حرب بين الإمارات وليبيا  وإلاّ كان الخبر أهمّ وأكبر وإن صدق الخبر فإن الإمارات تلقّت من ليبيا طلبا للمساعدة ولم تتردد.

المثير أن مصر تنفي إستعمال أيٍ من مطاراتها لهذه الغاية وأميركا صُدمت بالخبر والإمارات لم تُعلٍق بما يشفي الغليل. الكل يتساءل ولا من مجيب لأن القادر على الجواب يتساءل هو أيضا.

والأجواء حاضرة ناضرة لا تملُ من تنوير البشر بما حصل ويحصل وإن بمقدارِ. ما العلاقة بين قطر من المذهب الحنبلي الوهابي والدولة الإسلامية. السؤال يُطرح لأن قطر، على ما يقال ويروى ، تدعم الدولة الإسلامية بالمال وغيره، ولا نعرف ما غيره،  وأن لها عندها من النفوذ  ما يفُكّ الأسرى وينصف المظلومين.

ما هي مصلحة قطر الغنية التي حققت حجما لها لا يتناسب ومساحتها وعدد أبنائها. ماذا تبغي من تأسيس علاقة مميزة ودولة الإسلام؟ نعلم كما يعلم الجميع أن قطر دعمت الإخوان المسلمين في مصر بكل قواها ولما خسروا حكمهم لمصر تركت قطر بينها وبين مصر مساحة من الجفاء. طبعا هناك إلتزام ديني واضح لقطر ولكن السؤال يتعلّق فقط بالدولة الإسلامية التي لم تعجز أبدا عن تأسيس عداوات لها في كل بلد عربي وأكثر البلدان الغربية.

هل هناك من المنطق في كلّ هذا ما غاب عنّا  ولم نتمكن من سبرِ أغواره ومكنوناته. 

الثلاثاء، 26 أغسطس 2014

إن خوطبوا كذبوا أو طولبوا غضبوا أو حوربوا هربوا أو صوحبوا غدروا

الدولة الإسلامية واقع قائم وهو ليس مرحليّ في وجوده بل هو تنظيم تكوّن بشكل طبيعيّ ووجد الأرض والظروف المناسبة وتحالف مرحلياّ مع غيرة ممن شاءت الصدف أو التخطيط وجوده في المكان والزمان حيث داعش، وهذا كان إسمها،  واستفاد من تحالفه وانفكّ عنه عندما بلغ غايته منه وحارب حلفاءه وربح عليهم ثم تحوّل إلى حرب أكبر وأجدى  مع النظام في سوريا وتمدّد وبسرعة وحكم وانتقل إلى العراق حيث كان ما كان وأعلن دولته.

الدولة الإسلامية كيان وعقيدة. والدولة قادرة والأيام تظهر أنها ليست وليدة صدفة إنما هي تنظيم أنتجته طاقات فكرية حديثة التفكير وتعرف من أين تؤكل الكتف. ولها موارد مالية كبيرة وأتاح لها تنظيمها وتمددها جغرافياّ تمَلّك موارد هائلة فلم تعد بحاجة إلى الدعم المالي الفردي ولا الدعم الذي توفّره منظمات ودول عربية وإسلامية وربما غيرها أيضا.

لا يعني هذا الكلام أن الدعم سيتوقّف أو ينحسر ولكن الدولة ومستقبلها مضمون مالياّ بدعم أو بلا دعم.  فهي إستولت على منابع النفط في سوريا وشمال العراق واسترجاع ذلك دونه الأهوال.

المساحة التي تقيم عليها دولتها أكبر بكثير من أكثر البلاد العربية. الإنتماء إلى هذة الدولة لا يقتصر على "مجانين" يحلو لهم القتل وسفك الدماء أتوا من أوروبا ودول إسلامية كانت تحت حكم السوفيات وأيضا عرب وغيرهم. هؤلاء لهم، على ما يظهر ، دورهم وسيمرّ وتبقى الدولة كباقي الدول قائمة حوربت أم لم تحارب وناسها هم ناس البلاد التي عليها يقيمون  والذين ذاقوا حلوها ومرّها ومكانهم هو حيث الجذور.

ما هو دور المنتمين المجانين؟ أعتقد أن دورهم هو بث الرعب في نفوس الناس وتكوين صورة للدولة بأنها تفعل ما تقول وإن على الجميع التنبه إلى جدّيتها ,انها هنا لتبقى. أما الهدف الأسمى لهم فهو إرباك المجتمع الدولي وتخويف كلّ بلد من أبنائه الذين وجدوا في داعش ما يرضي شهواتهم وغرورهم وتدريبهم القتالي وأنهم إلى بلادهم سيرجعون بعد أن يكتفوا أو يكلّفوا بمهمات قد لا تكون مريحة لبلادهم، والطامَة الكبرى هنا أي في رجوعهم.

ما يشجعُ على ما نستشرف من أمور هو الموقف الدولي وبالأخص الأميريكي منه. المتابع لا يستطيع إلاّ أن يتذكّر التهديدات التي بدرت عن رئيس أميركا ولم تنفّذ. كثرت الوعود وقلَ الفعل.

مرور الزمن له فعله وتكرار التهديد والوعيد لا يستقيم وما ينتظره من هو مهدّد ولا مع من يستمع وينتظر وتبؤ آماله بالفشل. التهديد لم تعد له جدوى. لو، واللوُ هذه لا معنى لها بعد أن حصل ما حصل . لو ضرب يوم هدد منذ سنتين لما كانت داعش اليوم هنا بهذه القوة والتصميم. والآن داعش هنا ومحاربتها ستكون مكلفة وقد تنجح  الحرب وقد تفشل ولكنها لن تستأصل الدولة الإسلامية.

الحرب على داعش اليوم في العراق باردة وباردة جدأ لأن أهدافها، حتى الآن، محدودة بحماية المصالح الأميريكية فقط وهذا ما أعلنه أوباما شخصيّا ولا أخبار جديدة تعلن عن تغيير في  وجهة الحرب المناوشة. هي بالفعل مناوشة لا تقدٍم ولا تؤخِر فلا داعش تملّكها الرعب ولا المسيحيون والأزيديون إسترجعوا ما سُبي لهم من نساء. ولا هم أكلوا أو لبسوا أو أُعطوا بصيص أملٍ بمستقبل مقبول.

يطالعنا وبوقاحة وليد المعلم أمس ليفرض شروطه لمن يريد أن يساهم في قتال داعش. تهمه ومعلِمه بشّار سيادة سوريا فلا طلعات جوية دون التنسيق معه وإلاّ فالويل والثبور وعظائم الأمور تضمنها له ولمعلِمه الروسيا وبلسان وزير خارجيتها وإيران بأحزابها الإلهيّة . المخجل هو أن بعض الدول تعطي هذا النفير القبيح البغيض بعضا من إهتمامها فهي تفكِر بما سمعته من وليد المعلم الجاهل بكل شيء وهو الذي لم نسمع لا منه ولا عنه شيئا لأشهر طويلة ثم ظهر. معلمه كان وضعه
على الرّف ولما إرتأى أنه مفيد نفض عنه الغبار والبسه ثياب الذلِ ليقول ما قال.

هل نسينا أن الربيع العربي وما أنتج كان واقعا تحت عبء ثقيل ثقيل مرهقٍ من النفايات المذهبية والمصلحية والمناطقية  التي تركها الحكام العرب  الذين عاشوا وعاثوا في البلاد ما لم يكن في الحسبان . أبدعوا في ابتداع أنواع الفساد ونشره والسوء الذي نبع من داخل نفوسهم والفجور الذي إرتكبوه عن معرفة وتدبير وحبور.  لم يكن الثائرون بسبب ألإرث الثقيل يتوقّعون أن تكون الأمور قد تدنّت إلى هذا القعر العميق وبهذا الثِقل وإلا لما أقدموا على ما أقدموا عليه.

نصلٍي ونطلب من الله عز وجلّ أن يمنح الحكام الصالحين بعض العقل والنزاهة والصدق والرؤيا البعيدة عن الصالح الشخصية ليقوموا بواجبهم، كلُ حسب مايقتدر ويجيد ويملك ، ولا يسمحوا للتاريخ أن يصبغهم بصبغة العجز والتلكؤ والجُبن والجَور وبالتالي إرتكاب الخطأ القاتل فيحظوا بما حظي به غيرهم من جزاء مكتوب.

قال عمر أبو ريشة في يوم عقدت مؤتمر القمة العربي العادي الخامس في مدينة االرباط عام 1969 قولا نفهمه اليوم:


إن خوطبوا كذبوا أو طولبوا غضبوا أو حوربوا هربوا أو صوحبوا غدروا
خافوا على العار أن يُمحى فكان لهم على الرباط لدعم العار مؤتمر
على أرائكهم سبحان خالقهم عاشوا وما شعروا ماتوا وما قبروا

الاثنين، 25 أغسطس 2014

لبنان

لبنان 

لبنان بلد ال 10452 كلم ، الصغير بمساحته الكبير بتاريخه وعطاءاته للعالم ، لبنان بلد الستة آلاف عام الجميل بموقعه ، جباله وسهوله والشواطيء والتي إنطلق منها إلى عالم قديم  لا نعرف عنه الكثير، ينشر الحرف ويعلّم ويثقّف ويكتشف ويعطي العالم مما تعلّم، كل العالم ودون تردّد وبلا مقابل كلّ ما أتاحت له الدنيا من علم ومعرفة كي يرتقي العالم إلى حيث تكون الحياة سبباّ للمسرّة  والمحبة وبالتالي  يكون العيش فيه  عيش يكرّم الإنسان فيه وترعاه من توكل إليه مهمة الرعاية
في الكثير من بقاع العالم مزارع وإقطاعيات وملكيات خاصة تفوق مساحتها مساحة لبنان مرّات ومرّات. يملكها من أعطاه الله أو أحدهم أو كانت سيرة مالكها مربحة، ولا نعتب ولا نطلق لخيالنا العنان ،  خيالنا الخصب عادة وإذا ما سمحت الظروف ووجدنا مجالاّ للتساؤل والخوض في كشف المستور. هذه هواية منتشرة  كما يعلم الجميع وهي أيضا رياضة نفسية يلجأ إليها من يحتاجها ومجالات الحاجة لها كثيرة وكثيرة جداّ
 لبنان ذلك الزمان وقبل أن يأتينا نافل القوم وصغار النفوس من الجهلة الطامعين بكل شيء عدا العدل والإنسانية بما تعني هذه الكلمات وتختزن ، لتحكم وتتحكّم وتنشر الرعب بدل المعرفة والفساد بدل الشفافية والقتل والهدم والتهجير  بدل الرعاية ولا ننسى ألذبح كي تثبت قدراتها وترجع العالم إلى حيث كان وقبل أن ينشر هذا البلد الصغير الحرف والمعرفة خدمة للعالم ودعماّ له. لبنان قام فبل أن نعرف إذا كان العالم يقتصر على أرض عرفنا حجمها آنئذ أو أن هناك بلاد لم تتوفر لنا معرفة ماهيتها، وهل هناك قارات وبلاد  وأين  تقع وما هو عددها وحجمها ومن يسكنها ، نقول أن لبنان  ألزم نفسه نشر العلم ولم يجبره على ذلك أحد ولم يكن هناك أحد غيره في أرض الله الواسعة ليتأثّر به
بالواقع، ما نريد قوله أن لبنان المعاني اليوم من مآسي وشطحات حكام العالم الجهلة يدفع اليوم ثمن كرمه في نشر المعرفة إذ أن من يقود العالم ويستثمر عطاءات هذا البلد الصغير مشكوك في أمر ثقافتهم وفهمهم والنزاهة التي يجب وفي حدها الأدنى أن تتوفر عندهم، البلد الذي بدأ نشر ما أوجزنا من علم ومعرفة قبل أن يولدوا وقبل أن يولد البلد الذي يحكمون ، وهم باشروا بهدم ما قدّم هذا اللبنان لهم. نقول ونؤكد أن من يقود العالم اليوم لا يستحق إرثا  كالذي أورثناه لهم وللعالم أجمع، إرثاّ غنياّ روعته أن الزمن وهو المحكّ  القاطع والأخير لا يغيره بل يؤكد مضمون ما  أورثناه
أهل هذا الوطن الصغير تتملكه رغبة  التمنّي، رغبة لم تعد تجدي فهي من نوع "لو" . ما يمكن أن يتمنى لو كان أقل كرماّ وأقل حبا للعلم وتطوير المعارف لكان العالم اليوم وحكّامه خصوصاّ، أجهل مما هم عليه وبالتالي أقل قدرة على فعل الشر الذي إمتهنوا ووجدوا له في حياتهم وأعمالهم  مكاناّ لا أعلى منه وهو في أحسن أحواله إلتزام منهم للشرّ يندى له كل جبين
في لبنان اليوم لاجئون من كل نوع وجنس عددهم يساوي على الأقل أو يفوق عدد نصف سكّانه ، أتوا ورحب لبنان بهم لأنه إعتبرهم إخوة وجيران لا يجوز أن يمنع عنهم اللجوء إلى أرضه. في الأصل، أصل سيرة وخبرة لبنان في اللجوء،  كان عن طريق من كانت بريطانيا العظمى بالتعاون والتنسيق مع عصابات الإرغون والهاغانا وغيرها قد أقامت وأصبحت تعرف بإسرائيل. هذه الإسرائيل بغضّ النظر عن من وكيف تأسست أنتجت للبنان نصف مليون لاجيء هجرتة العصابات بدعم من الغرب والشرق على حد سواء شاملين أميركا والروسيا إضافة إلى بريطانيا ومجلس الأمن المحكوم ممن دعم إنشاء إسرائيل
لبنان لا يزال يتحمل وزر هذا العمل الشنيع الذي كاد بمراحل مختلفة من تاريخه الحديث أن يقضي عليه
ومرّ زمن واجتاحت البلاد العربية ما سمي بثورات الربيع العربي واستقرت إحداها بعد لأي في سوريا، البلد المجاور الذي حكم لبنان أثناء تعرّضه للزوال وقبل أن تشغلها الثورات المطالبة بالحرية . النظام السوري المضمون بقاؤه من الروسيا وإيران والحواشي من فيالق فارسية وأحزاب تتبع الله عزّ وجلّ وتسمت بعضها بإسمه وإتخذ بعضها من لبنان مقراّ له ولأعماله الحربية وابتدأ الصراع داخل بلاد الجار وكان ولا يزال الصراع رهيباّ جداّ.  القتلى بمئات الآلاف واجرحى والمهجرين بالملايين نصيب لبنان منهم ، لا أحد يعرف بالضبط، حوالي المليونين. وبما أن لا أحد جرّب إختصار أمد الحرب وترك أمر القتل والترويع للأسد بشار والروسيا وإيران وتركت مقاطعات بأمها وأبيها "فالتة" وجد من أراد إستغلال الوضع الهش مكاناّ له وبمرور الوقت تجذر بعضها وكبر وأصبح نفوذ  أحدها شاملاّ لما يقارب الماية الف كيلومتر مربّع في سوريا والعراق. وكان النزوح وكان لبنان بلد اللجوء
هذا التوسع الكبير والخطير لمن ملأ الفراغ من منظمات مذهبية أصولية إسلامية لم يقتصر تأثيره على لجوء سوريين هاربين منه ومن نظام الأسد بل وجد في العراق الذي يعاني من بنية إدارية وعسكرية ضعيفة رثّة مسرحاّ له يبشر فيه بإسلام لا يعترف به سلفيوا الإسلام لشدة تأخّره وإرهابيته التي لم نرى في تاريخنا ما يفوقه سوءاّ. هاجم المسيحيين في العراق وخيّرهم بين إسلام أوجزية أو حد السيف وهجرهم بليلة ليلاء لا ضوء فيها من بيوتهم ولم يسمح لهم حتى حمل ثياب أو فرش ينامون عليه وانتظرهم على طريقهم إلى اللجوء وأخذ منهم كل ما كانوا يحملون من حلى ونقود واحتفظ ببعض النسوة سبايا له ولجنده
ما حصل هو أن هؤلاء المسيحيين المهجّرين وجدوا أن أكثر البلاد أماناّ لهم هو لبنان وبدأوا مسيرة الهجرة إليه. لا نعرف كم يكون العدد ولكنه لن يكون بالمئات. الجميع، إن إستطاعوا سيلجأون إلى لبنان
خطر داعش الذي أقلق أوباما هو ذبح مراسل جريدة الوول ستريت جورنال المأسور المحتجز منذ سنتين والذي لم تتمكن أو لم تأبه أميركا في تحريره. ذبحه إرهابي من داعش بريطاني الجنسية. لو كان المقتول ذبحا على يد غير أوروبية  لكان قلق أوباما وثورته على الحدث قد تضاعفت مرّات ومرّات. داعش تضمّ إرهابيين من كل الجنسيات الأوروبية والأميركية ومن بلاد جنوب شرق آسيا وطبعاّ عرب مسلمين وأفغان وباكستانيين ومن أردت أو استشرفت. نقول داعش فقط كمثال وهناك غير داعش الكثير من المنظمات التي تنافس داعش أو تسير وراءها وعلى خطاها. وهناك الأسد والحزب وفيالق الحرس القومي الفارسي وغيرهم كثيرون
وهناك غزّة  والضفّة فكل ما يطرأ على أو في فلسطين له مردود على وفي لبنان. كيف لا والفلسطينيون المقيمون في لبنان والذين أصبحوا بعد ستة عقود ونيّف جزءا من نسيجه الوطني . يفرح لبنان لما يفرحهم ويحزن لما يحزنهم. هذا هو واقع الحال
كما نرى وإذا أمعنّا النظر في ما سبق وأدرجناه في هذا المقال نجد أن تأثير ما يجري في الجوار على لبنان يتعدى القضايا الأمنية إلى الشؤون السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمالية وقضايا الإنتماء وما شاكل من موضوعات ذات الأهمية الحياتية
مثال ذلك عدم قدرة لبنان ومجلسه النيابي عقد جلسة لإنتخاب رئيس للجمهورية بعد أن إنتهت ولاية الرئيس الاخير منذ تلاتة شهور. إيران وسوريا تمنعان ذلك وعلى عينك يا تاجر. لا إبهام في هذا المنع
السياحة توقفت في لبنان منذ ثلاثة أعوام وهي تكوّن أحد المداخيل المهمة في البلاد. يتبعها العديد من النواحي الإقتصادية التي تتيح للبنان دخلا فرديّا مرتفعا.  فلبنان لا يستطيع حتى تصليح ما تخرّب على مدى سنين طويلة إذ أن الإصلاح يمنع من المتدخلين في أموره. موارد كبيرة تجبى من سرقات على أعلى المستويات من الجمارك والمالية العامة وما ملكت أيديهم من نفوذ يزوّدهم بالمال الحرام
اللامبالاة التي للغرب فيها باع طويلة لا تشجّع على طرح سؤال بسيط واضح :هل يريد أو يستطيع أو يمنع عن لبنان مصيراّ  كمصير سوريا والعراق؟ الجواب عندنا أن لا نتمنى المنّ والسلوى من حكام مصيرهم في التاريخ لا يزيد ولا ينقص عن مصير حكّام داعش. هي تجرأت عليهم وهم لا يزالون في طور التفكير عن المستو ى المقبول من داعش خوفاّ من تورطهم ليسوا من قدرته. لامبالاتهم هي من نوع تورطهم وإلاّ فليوافونا بتفسير يسمح للمتابع أن يلفت نظره لتفسير آخر
منذ شهر أو أكثر قليلا دخلت داعش إلى لبنان وقتلت وهدمت وهجّرت ولم يطلّ علينا أحد. أميركا خافت من السماح للجيش بالتسلح المناسب خوفاّ من أن يستولي عليها أمثال داعش ويضع إسرائيل في موضع الخطر. لعدم مبالاتهم  بلبنان ناحية إيجابية: فماذا كان سيحدث لو أن دواعشيا عربيا ذبح فردا اميريكيا داخل لبنان. الأميريكيون والأوروبيون موجودون في الشوارع في بيروت وجبيل وصيدا وبعلبك وطرابلس وغيرها ينعمون بما يعطيهم البلد ولا يخافون. نتمنّى أن يخافوا قليلا ويتركوا الشوارع لغيرهم ممن لا داعي لهم أن يخافوا ولا داع للبنان أن يتحمّل ثورة من ثورات أوباما

الأحد، 24 أغسطس 2014

هل يستفيق الضمير

هل يستفيق الضمير

اهلا بك أيها الضمير.. ما أطول ما نمت. سمعت هذا الكلام وتلفّتت حولي وسألت من أعرف عمّا يجري علّ فيما تأتينا الأخبار به ما يسمح لنا بالتأهيل بضمير بعد أن غاب  طويلا ، وكنّا دفنّاه منذ أمد ونسيناه فما عدا مما بدا فاستفاق؟ لم يستفق إنما حق المحبط بالتفاؤل قائم مضمون لا يفصل عن من وجد بالتفاؤل طريقاّ يبعده عن الجنون
ضمير من نناشد ونستنهض. ضمير من أمر فهدم صباح اليوم برجاّ سكنيا من إثني عشر دوراّ فمات من مات وتهجّرت أربعون عائلة لم يرحمها الله ولا الضمير فنجت من موت لتنتقل إلى السؤال والعيش تحت سماء لا تعرف إلاّ صواريخ نتنياهو ويهوديي بلده. نتنياهو بلا ضمير ويظهر أنه ولد هجيناّ تنقصه بعض أجزاء جسمه النتن
ضمير البغدادي خليفة المسلمين المزوّر والهجين، صنيعة نتنياهو وأجهزته. اليوم حرّك الداعشيون جبهة عرسال من بقاع لبنان وأعادوا الخوف والذعر هناك والجوار.  إلى أين سيأخذوا لبنان في حروبهم وتعدّياتهم وهل يأملون في سوريا أخرى أو عراق آخر ما داموا أحراراّ ولا من يسأل.؟
ضمير المرشد الوالي الفقيه الجالس سعيداّ على رقاب شيعته ومن يجلس منهم على رقاب غيره مما كان سوء حظه أن يقع تحت السطوة والسيطرة  المذهبية التي تعطي المرشد كما الأحزاب الإلهية التي إبتدع الهيبة والقوة؟ ضميره مشغول في توسيع رقعة نفوذه وسلطانه وقدرته على إلزام الناس بالتشيّع له سياسيا إن لم يكن مذهبياّ
في بلادنا لا حاجة لأن نستلهم أو نناشد أو نستنهض فهم جيراننا وإخوتنا وعندهم من الهموم ما يكفيهم فلا يجوز لنا أن نتعبهم أكثر مما هم يتعبون فحق الجيرة علينا أن نتركهم وشأنهم ولا نتطفل عليهم وعلى ما هم يعملون. أتركوهم فمستقبلهم ومستقبل من هم اليوم في الدقّ واحد لا فرق بين من أتته داعش أو مثيلاتها  ومن داعش أو مثيلاتها  في طريقها إليه. كلنا "في الهوا سوا"
أحدهم وجد الموجود فقال: كل ما حدث بعالمنا الإنساني من كوارث وأزمات ومحن وحروب ومجاعات ينبع من أصل واحد هو ازمة الضمير. وعليه وبما أن أحدهم وجد السبب فعلينا أن نترك للزمن أن يحلّ ما يتعبنا ومع الزمن يستفيق الضمير ويكون "من ضرب ضرب ومن هرب هرب" والمشكلة حلّت حالها
باراك أفندي أوباما عنده ضمير خلافأّ لما ذكرنا في مناشداتنا ولكن هذا الضمير غائب عنّا مشغول في أمور أخرى . لا تهمه أخبار هدم هنا وهناك وموت هنا وهناك فصغائر الأمور لا تهزّ الضمير عنده وهو ساه عن هذه الصغائر على كل حال. غزة والألفي قتيل ونيّف وقتلى اليوم الذين لم يحسبوا حتّى الآن،  مع علمنا بحق إسرائيل بالدفاع حتى إستباقياّ عن سيادتها، وعرسال اليوم ونحن نعرف أن فرق الوقت لم يسمح له بعد بالإضطلاع على مجراها والناس كما في كلّ الدنيا وعلى مدى الدهور يولدون ويعيشون ويموتون بعضهم لأن وقتهم حان والبعض لمرض أو جوع أو ذلّ أو قتل بأحد الأساليب المعتمدة ، بالسيف أو بالرصاص والقذائف والقنابل على أنواعها والسرد يطول ولا فائدة من التعداد فشعوبنا تعرفها بتفصيل تام
ماذا نقول في ضمير أوباما غير ما سبق وذكرنا؟ لاخير في أن نضيّع من الوقت والكبرياء فنناشده . مناشدته لا تسمن ولا تغني من جوع. هو مرتاح في البيت الأبيض وحيث يصطاف هو وعائلته بعيداّ عن مركز عمله  لا بد من إستراحة له بعد أن قام بالكثير من الأعمال المتعبة وهو الآن يشرّج بطّاريته وربما الضمير إن تذكّر
نستعير من المتنبي وكنا إستعرنا واقتبسنا منه الكثير ونعاود ونقتبس في الكبائر والصغائر  والنقيض:
عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ.... وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارم
    وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها.....وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
ما نسمعه ويسمعه الناس، كبيرهم وصغيرهم عن القادر من وعود يغضقها لم تعد تنطلي على أحد وبالطبع أطفال غزة وأطفال من يعاني من تدخّل الإرهابيين المذهبيين في العراق وسوريا ولا يعطوا سبباّ للتفاؤل. العكس هو الصحيح. ما يسمعه الناس من القادرين يزيد من إحباطهم ومن تشاؤمهم ونخاف أن يتحوّلهم هذا الرعب إلى عمل يشبه أعمال داعش. هم الآن عجينة طيّعة في طور التهيئة لإختراق بنيتها فيساقون متى نضجت الظروف قسراّ ودون علم منهم إلى طريق لا خير فيه ولا يلاموا على سلوكه
عندها وعندها فقط قد يستفيق الضمير ويكون ما تمّ تمّ والوضع تغيّر ليس على ذوقهم  وأصبح أمراّ مقضيّا.  ألا يجدر بالقادرين أن ينزووا حيث لا يطالوا فيفكّروا  ويبتدعوا من الحلول ما هو مفيد أم أنهم يتشبهون بنومة أهل الكهف ويفيقوا على دنيا عندما يفيقوا ، لا يعرفونها تنبذهم إلى حيث ينزوون على طول

السبت، 23 أغسطس 2014

وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي ***** حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَم



وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي *** حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَم
إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً *** فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ
هذا قول للمتنبي يصف وضع أوباما اليوم بعد أن هدّد وتوعد وسلّ السيف ثم إكتفى، على قول امرؤ القيس، من الغنيمة  بالإياب تاركاّ داعش وأخواتها وأخوها المشترك في صناعتها يسرحون ويمرحون ويتمدّدون أينما أرادوا دون حسيب أو رقيب أو وازع من ضمير.
نيوب الليث البارزة كانت مشروع خبرية هزلية ظنها الناس ومن ثم تيقنوا أنها كذلك. يا ليتها كانت كما أراد المتنبي نيوباّ تبعث الرعب في نفوس وقلوب الدواعش وتطمئن المأسورين المهدّدين من أبناء سوريا الذين علموا بنيات الأسد وداعش وشاهدوا ما جرى ودفعوا دماّ وفقدوا كرامة وبيوتهم وارزاقهم ووقفوا صفوفاّ أمام أكواخ المحسنين يحملون البطاقات ليثبتوا للمحسن الراعي أنهم سوريون محتاجون.  
ورضي أوباما ، على قول إمرؤ القيس:
وقد طَوَّفْتُ في الآفاقِ، حَتى ... رَضيتُ، مِنَ الغَنيمَةِ، بالإيابِ،
فآب بما إستسهل وسمحت له رؤياه وما إرتأى  من حلول ، آملا أن لا يسمع بهذه الخبرية بعد ذلك التاريخ.
المؤسف أن ما آب به لم يكن نهاية ما هرب منه. اليوم يطالبه الشعب، الشعب الذي يختار للبلاد رئيساّ، بأن يقطع دابر المؤامرة المحاكة ضدّهم ويمنع عن المواطنين القتل وخصوصاّ ذبحاّ فوجد متأخّراّ جداّ أن عليه أن يشرب الكأس مرّة هذه المرّة ويفكّر ويبتدع ويلمّلم أعصابه ويقرّر بعد أن يفهم أن ما يصيب الناس في بقاع الأرض قاطبة لا بد وأن يفيض ويصيب آخرين في أصقاع أخرى ومنها بلاده والمواطنين القابعين في أرجائها آمنين وربما في أرجاء بلاد أخرى لا أمان فيها ولا مهرب.
لا نأمل من  الكلام المتجدّد أكثر مما أملنا وخابت آمالنا على مدى سنوات. خبرة أهلنا في تصديق ما يتفوّه به لا تسمح لنا بانتظار ما "يفشّ الخلق" بل نرى أنه سينحصر إلى حدّ ما يؤمن له بعض القبول في بلده ولا يهمه بقيت داعش أو بقدرة قادر إختفت أو رحلت.
بالأمس قال أنه سينتظر تأليف حكومة جامعة في العراق قبل أن يبحث مع العراق كيفية مواجهة داعش ودور العراق وبلاده فيها. حكيم هذا القول ولكن إنجاز تأليف الحكومة يستغرق وبإجماع الآراء ما لا يقلّ عن بضعة أسابيع.  هل لدى المتضررين أسابيع يصرفونها في غياهب الإنتظار وما ثمن ذلك؟ دماء مستمرّة تغذّي أنهار الدماء  في الموصل وحلب والرقٌة وحماة وحمص ،الدماء  المنبعثة من أجساد النصارى والأزيديين وكل مذهب وعرق . لا، لا يمكن أن "ننام على حرير" ونصدّق من وعد ولم يف بوعد أطلقه ولا مرّة.  وهنا يستوقفنا شعر للأمام علي إذ يقول:
ولا خير في وعد إذا كان كاذباً     ولا خير في قول إذا لم يكن فعلُ
قرار أوباما تأخّر وحتى لو وضعنا عقلنا وصدق أوباما جانباّ فإن داعش تجذّرت وانضم اليها خوفاّ أو قناعة من لم يكن لينضم إليها لو صدق الوعد ألذي أطلقه منذ عامين واكتفى بتخفيض مخزون الأسد من الأسلحة الكيميائية تاركاّ له الحبل على الغارب ليحافظ على عرش العائلة ويقتل ويدمّر ويرحّل ويهجّر فلا يبقي من رعايا عرش والده ضيعة أو مدينة أو ساكناّ في أي منها إلاّ وأصابه بالبليّة ولكنه بقي معتلياّ عرشا مصبوغا بالدماء شاكراّ لمن ساعده على ما قدّم له ليبقى ولو ترك الكل سوريا وبقي هو والعائلة والأولاد الذين سيعتلي أحدهم عرشه لو بقوا وحدهم دون غيرهم يملأون الأرض ذرّية على طراز ما شفناه في حرب الغرب الثانية والكبرى. الآريون والنصيريون من طينة واحدة وسيكرر الجالس على العرش ما فشل الألمان في تحقيقه.

الجمعة، 22 أغسطس 2014

عن ماذا يمكن أن نغَضّ النظر في بلادنا؟

عن ماذا يمكن أن نغَضّ النظر في بلادنا؟


معنى ما يجري اليوم في منطقة الشرق الأوسط برمته لا نفهمه وكأنه، كلما حاولنا فهمه يهرب منّا. عشرات السيناريوات نستمع إليها كل يوم وأحيانا تردداتها السريعة أعلى مما نتوقع فنبدأ مشوارنا بين مصادر الأخبار مجددا نستلهم منها ومن قائلها  وبما امكن من سرعة حقيقة ما جرى لنجد أنفسنا كالعادة نضرب  أخماسا بأسداس ونفقد البوصلة فنرجع إلى المربّع الأول "بخفّي حنبن" لنبدأ من جديد مسيرة البحث عن الحقيقة وكأن المستقبل برمّته مربوط بما يجري.

لا نقول هذا لنجد لنا عذراّ يجنّبنا الشطط ولكن التحرك السياسي والعسكري والأمني لا يرتاح دقيقة حتى ينتصب فتتوالى المآسي. قتل يتجدد وتهجير جديد في مكان ما يبدأ ، شاملاّ من لم يكن يذكر في الأخبار ذاك الصباح. لا نندهش فقد فقدنا القدره على ذلك ولا نعجب للمواقف الدولية الغائبة كليا عن السمع فقد فقدنا أيضاّ سبب التعجب من قادر لا يهمه من عاش ومن مات مادام هو والعائلة والحليف بخير. نستعمل مصطلح "قادر" ولا ندري إن كان هذا الإستعمال في موقعه. القادرون معروفون "يعدّون العصي ولا يهمهم من يأكلها" وجرمهم أنهم يدعون بأنهم أوصياء على هذه الدنيا وعليهم واجب الوصاية ولكنهم في واجباتهم فاشلون.

يذبح صحافي أميركي بيد داعشي بريطاني الجنسية الصحافي في الأسر منذ سنتين ودولته لم تحاول تحريره فذبحه آسروه. الداعشي البريطاني إن لم يقتل في سوريا سيعود يوما إلى بلده خبيراّ في الإجرام ومعتاد على القتل ذبحاّ. ماذا   سيعمل في بلده؟ ،نشك في أن حكومة صاحبة الجلالة ستعينه سفيرا لها لدى دولة داعش ليعيش في بيئة تعرفه ويعرفها بل سيبقى في شوارع لندن يقوم بما اعتاد القيام به بكفاءة. ألم يلمّح رئيس وزراء بريطانيا بذلك.؟ الا يرى القادرون الساكتون أن ما يجري في سوريا والعراق وغيرهما من الدول سيتسرّب إلى "من حيث أتوا". إلى دول هي اليوم بمنأى عن القتل والذبح والهدم والإجرام على تنوّعه وتنوّع مرتكبيه؟

فجأة دبّ صوت أوباما مستنكراّ ، كما نحن نستنكر ولكن دون "دب الصوت"، الجرم بقتل الصحافي الأميريكي. نشكره، فعلاّ نشكره على إقدامه على أخذ موقف من هذا الحدث. ومع معرفتنا بأن التحرك له أسباب سياسية وإعلامية واضحة فإننا نشكره. لماذا يا باراك حسين أوباما لم تتحرك يوما واحدا قبل هذا الجرم البشع و"تدب الصوت" على جريمة داعشية بشعة  أخرى لا نعرف ولا أنت تعرف جنسية مرتكبيها إنكليز كانوا أو ألمان أو أميركان ، يوم قتل محاربوا داعش ذبحاّ سبعين رجلا من الأزيديين بعد أن سبوا النساء والأطفال إلى حيث لا ندري وأنت لا تدري.

ألم يحن الوقت كي تثبت إنسانيتك فتقول كلمة ولو واحدة عن معاناة أهل غزة،  الناس العاديين الذين لا يحاربون ولا يحفرون الأنفاق ولا يطلقون الصواريخ ولا يأكلون حتى لأن صيد السمك في بحرهم ممنوع عليهم وهم في سجن كبير مضت ثمانية سنوات عليهم وهم فيه. إنهم لا يلزمون إسرائيل بالدفاع عن شعبها المستورد وسيادتها؟ أهذا صعب عليك؟ مجرى الأحداث على مدى ثلاثة سنوات ونيّف وموقفك الصلب من الناس والمتفهم لمجرمي الأنظمة الذين يدافعون، وهذا حقهم كما تقول وتكرر، عن سيادتهم؟

التاريخ سيحاكم. ولن يترك ستراّ مغطى عن ماذا يمكن أن نغَضّ النظر في بلادنا . عن مدن دمّرت على من فيها في سوريا وغزة فلسطين ومخيمات لاجئين فلسطينيين في الشام وغزة والضفة دمّرت؟ عن شعوب قلعت من جذورها وأخرى تقتلع الآن من جذورها وتهيم على وجهها في أصقاع الأرض، تجوع، تذلّ، تحتقر وترمى لها فتاتات طعام هدية كي لا تنتفض؟ ويعجبون لأن من يرمى له فتات الطعام لا يشكر وبحرارة من أخذ أرضه وما ملكت يديه وعاش في جنة نعيم إغتصبها منه ؟ أهذا ما قرأنا في الكتب المقدسة التي يقرأها كل يوم، على ما يدّعي، صباح مساء كي يلهمه الله طريق الصواب؟ هذا ما حدث ويحدث في عراق اليوم وفي سوريا وفي فلسطين ماضيا وحاضرا، ناس يعذّبون بعضهم يرحّل والبعض يقتل وآخرون يسبون وأهل غزة في جحيم لا عذاب مثله ولا فرج قريب يرتجى من غريب أو قريب.

الخميس، 21 أغسطس 2014

أقعد أعوج وإحكي جالس

في شهر  إكتملت أيامه أول هذا الأسبوع كتبنا وحلّلنا ودخلنا زواريب كواليس ما إستجدّ من أهوال أدّت إلى ما لا يوصف من مآسي فيها هدم وفيها قتل على أنواعه لا نستثني منها الموت تحت ركام أنقاض ما بناه الآباء والأجداد والقتل المباشر بالرصاص والقنابل وفي حدّ السيف ودفن الأحياء كي يموتوا وهم يعرفون أنهم يموتون ولكنهم كلهم، من مات بآلات الموت الحديثة أو الدفن حيّاّ ، لا يعرفون  السبب. كلهم عاشوا على هذه الأرض التي ماتوا فيها أو في جوارها هاربين . لا نستثني أحداّ، مسيحي، أزيدي، شيعي، سني وغيرهم لأن لكل منهم في هذه الأزمنة الرديئة عدو إستحدث ولم يكن قبلها في هذه الديار مقيما.
والأعداء كثر لا نختصرهم بداعش ومن لفّ لفّها واقتنع بصوابية عقيدتها وأساليب فرضها. الأنظمة التي وجدت داعش فيها سببا وأيضا قبولا استغلّته بكفاءة وثارت وبدأت تتجذر هنا وكبرت وكبر كادرها وتمويلها ومساحة الأرض التي تمكنت منها وأعلنت خلافتها عليها وتبعها إيمانا أو طمعا أو خوفا ، تبعها الكثيرون حتى أصبح عددالمنتمين إليها عشرات الآلاف وعديدها عديد جيش دولة لها ما يلزمها للدفاع عن أهلها ومن إلتجأ إليها أو عاش تحت جناحها.
لا نعرف مدى ما تطمح الدواعش ومنظميها إلى بلوغه أو تقدر على بلوغه. ، يمكننا توقّع توسع الأفكار والفرق الداعشية والتمدد إلى حدود يرسمها أزلام الأنظمة الرديئة القائمة اليوم ، ولامبالاة أو  تردد الأنظمة العربية والإسلامية القادرة الآن والتي قد لا تكون قادرة غداّ ولامبالاة أو مبالغة مقصودة من الغرب الغريب العجيب في مواقفه طليعته أميركا وأعضاؤه من يمشي وراءها للإستمرار في خطوات مدلولها اليوم تفتيت للمنطقة أساسه المذهب والعرق أما الأقليات فيرحب فيها بكل بلد يحتاج اليوم إلى يد عاملة لا تكون خطراّ على نظامه. المسيحيون على إختلاف مذاهبهم مرحّب بهم لأنهم يمكن أن يكونوا جزءاّ من نسيجه الحالي، لا يغير فيه شيئاّ. أليزيدين والاقليات الأخرى حتى لو كانوا من خلفيات  مختلفة فإن أعدادهم لا تكوّن على المجتمعات التي تحتضنهم عبئاّ فكريا ولا هم قادرون على التأثير على أسلوب حياتهم.
طالعتنا الأخبار ولو بخجل بإن أميركا تدرس وربما تفاوض الأسد بشار على جهد مشترك لمحاربة الأصولية الفكرية وما تنبت من مثيل داعش. لم لا وأمراء داعش كانوا قبل نشوء داعش من نزلاء سجون أبو غريب في العراق والمزّة  في سوريا وغيرهما من سجون البلدين الكثيرة ، أطلقوا من سجونهم في فترات متقاربة وتجمعوا بقدرة قادر وأنشأوا الدولة الإسلامية وبدأوا يعيثون في الأرض فسادا وقتلا وسبيا منذ سنوات ثلاث على الأقل ولم يحرك الأسد بشار ولا أميركا ساكنا حتى يومنا هذا.
وأيضا إيران في مجال البحث عمّا إذا كانت ترغب في التفاوض مع أميركا لهذا الغرض.
ماذا ينتظرون؟ ندري ولا ندري ونكتب فقط عمّا نحن ندري أو نظن أننا ندري. النية حسنة ونسعى علّ في سعينا وما نكتب ما يفيد.
بالأمس حرب غزّة عادت وباشرت إسرائيل بغاراتها وإلقاء القنابل بعد أن سمح لها ما شاءت من هدن فاستراحت واستراح محاربوها وراجعت خططها القتالية وما إن استعدت حتى تابعت حربها ضد أهل غزة وأغارت وقتلت لأن حقّها في الدفاع عن نفسها مصان بل هو بالنسبة للغرب، والغرب المقصود هنا هو الإدارات التي تحكم البلاد، مقدّس. هارف من البيت الأبيض تكرر ذلك كلما وجدت سببا لتكراره وإذا ما انتفى السب ذكّرتنا بهذا الحق المقدّس لليهود حصراّ.  أما أهل البلاد الفلسطينيون فحقّهم محصور في قبول ما يفرض عليهم ولا شيء آخر.
داعش رغم ما كتبنا وقلنا وتحدثنا عن إجرامها وبشاعة ما تقوم به هي ، بالإضافة إلى ما يقال عن بعض المساهمة في إنشائها ممن أتهمته كلينتون، لم يكن ليجد هذا الحشد من المنتمين لو أحسن الغرب في سياسته ولم يكرس جهده الكامل لدعم من أساء إلى أهل فلسطين مهد الأديان صدّقنا أم لم نصدّق وهجرهم واستباح أرضهم ومالهم وقتل العديد منهم. لم يكن اليهود في النصف الأول من القرن الماضي بأحسن ممن نراهم اليوم ونصفهم بكل قبيح ممجوج. هم الآن يتشاركون في القباحة بمن يقتل ويهجّر في مدن وقرى أخرى في بلادنا تماما كتلك المدن والقرى في فلسطين التي هم سرقوها . الدين اليهودي كما الأديان الأخرى يتاجر فيها لأن دعوة الناس إلى قبولها وحتى المحاربة لأجلها أبسط وأسهل ويقبل بكل طيبة خاطر.
يقول إبن رشد فيلسوف و طبيب وفقيه الاندلس أن "التجارة بالأديان هي التجارة الرائجة في المجتمعات التي ينتشر فيها الجهل".  وليس في علمنا  أن هناك في أدبنا قول أدق وأوضح . هذا واقع الحال فالأديان أصبحت سلعة  تباع وتشترى في سوق رائجة بائعوها والمشترين دول كنا نظن أن ثقافاتها وما تقول أنها تؤمن به من عدل ومساواة بين الشعوب وديمقراطية إدّعت ممارستها أرفع وأسمى بما لا يقاس من ممارسات الدولة الإسلامية ،  قيم تمنعها من ممارسات هجينة إجرامية لا نصدّق حتى الآن أنها تمارسها ولكنها على ما يظهر  تمارسها وتمارس الاسوأ  لأن حكّ الجلد أظهر ما تحته وإذا ما ظهر يخيفنا كما يخيف باقي العالم ولكنه لا يخيف الدواعش لأن هدف المنضوين تحت لوائها لا يمانعون في الإنتقال من هذه الديار إلى دار الآخرة حيث الحواري بالإنتظار وتنسجم الأهداف بين الدول والدولة الإسلامية. وإذ نكرر "بأن بعض الظن إثم" يراودنا الفكر القائل بأن لا تفسير لما يجري دون "الظن" بأن الصحيح واضح نقبله على علّاته.
أمس ذبحت داعش الصحافي الأميركي جيمس فولي. نعم ذبحته كما تذبح النعاج بعد أن عانى في سجنه ما عانى والأخبار عنه توحي بأنه كان إنسانا ذو مباديء عاش ومات من أجلها وكان كغيره من المذبوحين بلا ذنب موضع حزن لا يختلف عن الحزن الشديد الذي نعيشه كلما ذبح فرد من أبناء هذه البلاد وأحياناّ كلما قتل أو ذبح بضع مئات. هو شهيد كما كلّ من دفع الثمن.
ويأتي أوباما من عطلته مع العائلة ليبلّغنا أن الدولة الإسلامية "سرطان لا مكان له في القرن الحادي والعشرين". يتابع أن التنظيم "لا يتحدث باسم اي ديانة". نشكره لما أوضح مما لم نكن نعرفه. يناشد "الحكومات والشعوب في الشرق الأوسط العمل معاّ لإستئصال هذا السرطان لئلا يتفشى". عن أية دول يتحدث أوباما وبأية شعوب يستنجد فالدول غابت عن السماع لأنها لم تعد قائمة وأسلمها من تعمل عرجاء عمياء في إدارتها ، والشعوب مهجّرة تعاني من الجوع والذل الذي أتاها هو به. يتابع بأن داعش قتلت وروّعت وهدمت ودمرّت مدنا وبلدات وهجّرت "ابرياء عزّل في أعمال عنف جبانة". واستطرد وأخذ راحته في الكلام إنما لا فائدة من نقل ما قال.
لماذا ما تقوم به الدولة اليهودية من قتل وهدم وتهجير في غزة والضفة وبلغ عدد القتلى ما يزيد على الألف. هل الضمير ينفعل لقتل رجل واحد بريء لأنه أمريكي وقيام القيامة لقتله لا علاقة لها بالرجل القتيل ذبحاّ بل بالخوف لدى أوباما من أن تتلطخ صورته عند الناخبين في بلاد يحكمها ويسعى لينال حزبه الأصوات التي تضمنها  له علاقته وإسرائيل؟؟
أنسي أو أنه أصلاّ لم يسمع بالمسيحيين المهجرين من سوريا والعراق والأزيديين المنتهكة أعراضهم والذين ذبح منهم المئات والسوريون العشرة ملايين المهجرين والمايتي ألف القتلى والمليون أو يزيد مصاب، مجروح معوّق بيد واحدة أو رجل واحدة أو حتى بجسم دون أطراف وأهل لبنان وما أصابهم والذبن منع جيشهم من امتلاك سلاح مفيد فعّال يذود به عن بلده ،كي لا يقع هذا السلاح في أيدي غير مأمونة فيصوّب ضد حلفائه من اليهود.
يتحدثون عن العدل والضمير ولكنهم لم يصلوا في ثقافتهم إلى معرفة ما تعنيه هذه الكلمات وهم على "عينك يا تاجر" يكيلون بمكيالين واحد لهم ولليهود وآخر لنا، نحن الشعوب الخارجة عن ما هم يريدون. طبعا لا نعرف إذا كان في "اليد" مكيالا ثالثا يستعملونه عندما تقضي الحاجة.
صدق الشاعر أديب إسحق عندما قال:
قتل إمريء في غابة....جريمة لا تغتفر
وقتل شعب آمن..... مسألة فيها نظر

ألا يدري أوباما بأن محاربة داعش في كردستان العراق لا تزيل الهمّ ولا تشفي الغليل؟ هناك داعش في العراق خارج كردستان وداعش الأقوى والأكثر عدداّ في سوريا، البلد الذي يقع تحت رعاية روسيا وإيران ولا تستطيع أميركا أن تكمل حرب داعش فيه؟ ليلة أمس كان إياد علاوي، الرئيس الأسيق للوزراء في العراق يقول في مقابلة تلفزيونية أن بريمر عندما أصبح حاكما مطلق الصلاحية في العراق كان أول عمل قام به هو حلّ الجيش وحل إدارة الدولة تاركا الحبل على الغارب لكل طامع ينشيء ما يشاء من مجموعات النهب والسلب وحتى الإرهاب.
 بقيت الحال على هذا المنوال وتغير شكلها فقط لتصبح الدولة العاجزة التي قادتها إيران وأمريكا  من خلال رئيس وزراء أتفقتا على تعيينه وهو نوري المالكي، رجل مطواع إشتري ضميره بالمال وكانت مهمته الأولى تفتيت العراق ونجح والثانية مساندة الأسد بشّار وقام بما طلب منه.
وقامت داعش وبقي بشار يهدم ويقتل ولا حتى ملاحظة قاسية من أوباما أو بوتين أوكاميرون ولا غيرهم. طبعا الدولة اليهودية لا تمانع  ، هذا ليس شأنها، فهي على الحياد طبعا . فقط غزة والضفة تهمانها وهي محقة في ما تقوم به من أعمال مخزية يندى لها الجبين فحقها في الدفاع عن النفس مقدس، هي كلمات لأوباما ومن ينتدبه ليقول ما هو قال ويقول في حق الشعوب بالدفاع عن سيادتها.
يقول المثل: أقعد أعوج وإحكي جالس. حكام هذه الدنيا كلهم مثلهم يختلف عن معنى المثل: أقعد جالس وإحكي أعوج. وقد فذّوا في كلامهم الأعوج داعش والنصرة وحزب الله والإخوان وغيرهم ممن لم يأت الزمان بمثلهم وحتى نوري المالكي واالأسد بشار ومسلمة بن حبيب الحنفي ويعرف بمسيلمة الكذاب. بذّوا كل هؤلاء بالكذب والنفاق والقتل والهدم والتهجير والسبي وكل ما هو قبيح ترفضه الأديان السماوية وما أتانا قبلها وما سيأتي في مستقبلنا الذي نحلم به لا الذي يترآى لنا كل يوم، يوماّ بعد يوم.
ونصلّي فالصلاة ملجأ أمين لا يضرّ وقد ينفعنا فيبعدنا ولو لوقت قصير عن سماع ما يتشدّق به الكبار رتبة صغار النفوس الحاكمون المنتخبون والوارثون المتمسكون بما ورثوا عن زمن كان الظلم نبراس الحكم ، حتى زهير في معلقته يقول، ولو بسياق آخر:
وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِـهِ.. يُهَـدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَـمِ.
*********