Powered By Blogger

الجمعة، 29 أغسطس 2014

بلا عنوان



مهين لنا،  مهين لعقلنا وضميرنا والثقافة التي إليها ننتمي، مهين لنا أن نُفاجأ عندما نجتمع بمن كنّا نحترم أو به كنّا نتشبّه ونرى ما نرى ونسمع ما نسمع من أضاليلَ وأكاذيب يتبارى الجمعُ بإنتاجها أو بالأحرى فبركتها ولا يخجلون. عندما يُفسح ثي المجال لطرح سؤال بسيط لا يجوز أن يزعج أحدا، استفسار عن مصدر الأخبار ، ينتاب بعضهم الغضب فيهزأون أو يؤكدون أن الخبر صحيح وأن معلوماتهم تأتيهم من أوثق المصادر.
أوثق المصادر تبقى سرّا لأن أوثق المصادر حكرٌ عليهم وينسوا رغم ما كانوا عليه من مصداقية ، أن التباهي بالمصدر يفيد مصداقية القائل ولا تضرّه و"الخبر" فُبرك لتقوية أو دعم الإدّعاءات السياسية والآراء والإستنتاجات التي يختزنها الخبر. وإلاّ لِما السرّية في تسمية المصدر.
الفساد السياسي كان حكراّ على القادة أي الحكام قادةً كانوا أو مُلحقون لأسياد إختاروهم وهم مشوا نِعاجاّ لهم ومتسلّطين على الناس ما دام التسلّط متاحاً. هذا الفساد تمدّدَ أفقياً ليشمل كل ما يمكن أن يشمل توسيعاً لمصادر المكاسب من الفساد وهم أعلم الناس بما يُنتِج وبدرسون ويوسعون مساحاتِه ما أمكن.
والفساد تمدد رأسيا ليشمل تنظيم العمل وتكوين جهازه البشري كي يكون الربح من الفساد في أعلى مراتبه. الجهاز هو أسلوب وحاجة لإستمرارية إن لم نقل ديمومة الإستيلاء على مقدرات البلاد وطبعا الإستفادة سياسيا وإجتماعيا وماليا من الظرف الذي أتيح لهم ولسنا اليوم في معرض البحث في "من وكيف ولِم" أتيح لهم كل ذلك.
ونعود إلى الفقرة الأولى من هذا العرض لنحاول ما استطعنا إجابة سؤال "لماذا تغيّر من كنا نحترم وبه نتشبّه" من مثلٍ أعلى لنا وانحدر أو هكذا نُفكّر إلى ما لم نكن لنُصدّق لولا ما سمعناه منهم، من أفواههم ، إلى طروحات لا تتماهى والصورة التي كوّناها عنهم وصدّقناها. الفساد ولا عجب يحتاج إلى من يديره لحساب من يحكمه وكلما إرتفع مستوى المعارف عندهم كلما كانت المنظمة أفعل وأقوى ومحترمة من الناس ،على الأقلّ إلى أن تتبيّن الأمور وتُفتَضح الحقائق. هكذا وبكل بساطة إستَزلم مثقفون لمن يحكمون وإغتنوا وذاقوا الحياة المترَفة وكلما تبحّروا في الفساد وأتقنوا العمل فيه زادت رفاهيتهم وارتفعت مراكزهم الإجتماعية والسياسية والنفوذ وهو بيت القصيد.
النظام الحاكم وأعضاؤه لهم دور آخر أقبح لأنه أعمّ وهو توسيع مساحة نفوذ كلٍ من المستزلمين والزمن كفيلٌ بأن يجعل من النظام الرديف للدولة هو الدولة يحكم الدولة ، يسَيّرها ، يستفيد من عسكرها وأجهزتها الأمنية والمخابرات فتتمُ السيطرة ويصبح الزعيم الحاكم بأمره يُجري الإنتخابات ويعلن للعالم وحتى لنفسه أنه المهدي المنتظر بدليل أن 99 بامائة من الشعب يريده.  سوريا حزب البعث، الحزب الذي أسسه فكرُ رجال همهم كان إعلاء شأن العرب وكانوا صادقين وطنيين مشهود لهم بذلك. لست من أنصار البعث حتى عند تأسيسه ومعرفتي الشخصية بمن أسسه وبالإحترام الذي نكنّه لهم ولكنني اليوم أؤكد أن من أسسه دفع الثمن غاليا من دمه وكرامته لصالح عائلة الأسد البعثية، بهذه الصفة إستلموا الحكم في سوريا.  وتكررت تجربة الحزب في العراق واستولوا على مقدّرات البلاد بهذه الصفة أيضا.
العجيب الغريب هو أن الحزب حكم العراق وسوريا لعقود وكان العراق وسوريا وطوال هذه العقود عدوّين لدودين وكان الأمل أن مباديء الحزب تدعو للوحدة العربية ونجح فرعا الحزب في الإختلاف وأضعفا العراق وسوريا وجعلاهما وكأنهما فأل سيء لكل من كان فيهما من بشر ولم يرتدعا حتى اليوم. يدقّان الإسفين تِلوَ الإسفين لناسهم كما للوطن الذي أورثهم إياه حزب البعث.
كل فردٍ في بلاد العرب أخذ موقفاً مما يدور في بلاد العرب. لو كان الموقف بُنِي على تفكير وقناعات لكان الوضع في غير الحال الذي هو فيه. المواقف تؤخذ دون دراسة أو قناعة ولا حكّ راس أو رجوع لضمير . الطريق إلى تطوير والعيش بقناعات تُبنى على أسُس مدروسة يحتاج إلى وقت وقراءة ودراسة ومقارنة بين مختلف الأمور التي تشغلُ البال هذه الأيام وهذا ما لا يناسب أهل اليوم. لا يريدون أن يتعبوا ليكوّنوا رأياّ ويأخذوا موقفا وهم يعلمون أن  الوضع الإجتماعي والمذهبي والجيرة التي تحيط بهم تلزمهم بالمواقف المعتمدة في الجيرة وغير ذلك قد يوقعهم في مشاكل هم في غنى عنها.
الناس اليوم في أكثر البلاد العربية وخاصة تلك التي تعاني من تفكُكٍ في الدولة لا حرية مضمونة لهم. يخافون حتى من الحكي الحر في منازلهم وبالتالي ومع مرور الزمن لا يعودون يتكلمون إلى أن يعتادوا من جديد على مستوى جديد من الحرية.
اليس من الغريب المستهجن أن يجري الكلام في أمكنة متعددة من العالم عن " أحسن أو أسواء الشرّين". يعني أن فكرة المفاضلة بين إرهابيتين متوحشتين فكرة قائمة. أيهما أفضل لسوريا داعش أو بشار؟ المهم، ورغم ما قيل وقاله بعض زعماء العالم برفض أو قبول الفكرة فإنها فكرة،  الجدل حولها قائم.
موضوع آخر ولو إرتبط جزئيا والفساد والحكم في بلادنا. هناك رعب من مستوى عالي من داعش. تقول ناطقة باسم ما لدائرة ما في واشنطن، نسيت المصدر، " أن هناك أكثر ممن 14،000 من رعايا الدول الغربية إنخرطوا في القتال مع داعش وسيعودون إلى بلادهم قنابل موقوتة ". هناك أيضا تنظيمات أخرى عديدة ينخرط فيها غربيون للقتال في سوريا والعراق ولكن أعدادهم لم تنشر حتى الآن.
"الحلف الذي يراه أوباما لكسر شوكة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على المدى الطويل يتطلّب إستراتيجية إقليمية بالتعاون مع السُنّة في سوريا والعراق." هكذا ورد الخبر. ما يسترعي الإنتباه حصر التحالف المنشود بمذهبية سنّية ولا أدري إن كان الحصر مقصود أو غير مقصود ولكن الكل ينتظر كلام أوباما لأنه المقرّر الأول في الدنبا أراد هو أم لم يرِد وكل كلمة تخرج من فمه تؤخذ على علاتها ويبنى عليها.
نُنهي هذا المقال ونحن نعرِف أن كتاباتنا كالكتابات الأخرى هي من باب التنطُح والمكابرة ونقنع النفس بأن الواجب يقتضي ولكن قد يأتي صباح ونتوقّف عن الكلام المباح.

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق