Powered By Blogger

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

من وماذا نُصَدِّق


من وماذا نُصَدِّق

إنتُخب أوباما رئيساً للولايات المتحدة على مبدإٍ تجنُّب زجّ أميركا في حروب مستذكراً حربَي أفغانستان والعراق. وهكذا مشى في هذا الطريق رافضاً كلّ تورُّط لا يتماشى وما وعد من إنتخبه. هذا ما يظهر أو ظهر وتأكّدخصوصاً في السنتين المنصرمتين اللتان شهدتا تطوُّراً لافتاً بظهور منظمات إرهابية جلبت الرعب والذعر  ونشرته في أرجاء المعمورة
عندما نرجعُ قليلا في التاريخ وحصراً بالسنتين المذكورتين نلمس تطوراً يجعل من إيماننا بما تعهَد به  مشكوكاً فيه وملتبساً لأنه في يوم ما من الفترة التي نتحدث عنها غضب من الوضع في سوريا وأنذر الأسد بضربة محدودة ولكن موجعة إن لم يتخلّ عن أسلوب تعامله وأهل البلد الذي كان يسوس. وانتفض الشعب فحاربه  الأسد بأسلحة دفع ثمنها الشعب ولم يوفِّر في إنتقامه إستعمال الأسلحة الكيماوية قاتلاً ما يزيد على 1500 إنسان في غارة واحدة. العالم كله إنتفض بإعلامه والوحيد الذي هدد كان أوباما
لو نُفّذ التهديد لما كانت هناك داعش ولانتهى نظام الأسد وَنَعِم أهل سوريا بالقليل مما هو حقٌ لهم. واستمرت المعارك ووجدت داعش فراغاً فملأته. والآن وبعد أن توسعت الدولة الإسلامية  الى الحدود التي نعرف وبعد أن قرر الغرب أن بلادهم أيضاً في خطر ماثل قرر أوباما التدخُل لإستئصال الداء
تدخُله المحدود جغرافياً يثير ألف سؤال وسؤال. لماذا تأخَرَ إلى أن أصبحت داعش دولة يُقَدِر هو أن أميركا والحلفاء من الحلف الأطلسي قد يحتاجون إلى فترة زمنية تتراوحُ بين ثلاثة وعشرة سنوات للقضاء عليها. لا نعرف إذا إعتبر الحلف أن داعش سوريا هي جزءٌ من الداء وإن الحرب تطالها كما تطال العراق أو أن الوعد بالقضاء عليها  تقتصر على داعش العراق.  وفي هذه الحالة ، القضاء عليها  في سوريا يحتاج إلى فترة زمنية إضافية من سنوات لا نعرف عددها ولم يُطلِعُنا عليها أحد
نشُكُ في ما قاله أوباما بل لا نصدقه. كلُّ ما جرى ويجري يدُلُ على واحد من إحتمالين. إما أنه لم يكن يعرف أن المنظمات الإرهابية تدخل الميدان لمّا يتاحُ لها ، ولم يعرف أيضاً  أن داعش أصبحت حقيقة تمارس ما تمارس على الأرض،  وهذه الفرضية ليست مطمئنة بل هي مقلقة جداً.  هذا يعني إما أنّ  أجهزة المخابرات عاجزة أو أنه لا يَطّلِع على تقاريرها أو أنه إطّلَع عليها وقرر إغفالها
أما ألإحتمال الثاني وهو غريب ويصعُبُ فهمه أنه إطّلَع وعرِف وبوضوحٍ على كلِّ ما يجري معتمداً على تقارير الأجهزة وبتفاصيلها الدقيقة وربما المُمِلّة كما تجري يوماً بعدَ يوم. وكما يقضي الواجب  درسَها بدقَة  واسَشار من عليه أن يستشير واستناداً الى كلِّ ذلك قرر أن لا يفعل ما وعد به من فعل.قد تكون التقارير إياها أرشدَته وعليه لم يقُم بعملٍ إنتظرناه منه بناءً على قوله واعتمد كما يجب على ما جاءه في التقارير
  هذا يجرُّنا الى الإستنتاج الطبيعي أن هناك "قطبة مخفية" تتعلّق بالسياسة العليا للدولة والتي على ما يبدو تُجانب ما نحن ننتظر ونتوقع منه وإن مصلحة بلاده لا تتناغم ومصلحة المنطقة التي هي ساحة المعركة. وهذا الإستنتاج مخيف ويتعدى بمراحل خوفنا من داعش.لا ندري ما يريد أوباما ولكننا لا نستطيع إغفال مصلحة إسرائيل كمحَرِّكٍ لهذه السياسة
يقول صفي الدين الحلي ما نريد أن نقول بكلام أوضح في بيت شعر حكيم
فإن كنتَ لا تدرى فتلك مصيبةٌ *** وإن كنت تدرى فالمصيبة أعظمُ
وعليه لا نجد ما يقنعُنا بأن نُصَدِق أوباما ولكننا سنحاول متابعة ما يُجريه ونتعلّم ونتّعِظ ونعود لنتَّكل على ما أعطانا وطننا من قدرات لا ما يأتينا من مكرُمات تشوبها وتُفسِدها مصالح الدول
ونستذكر أيضاً قول زهير ابن ابي سلمى في معلقته ونأخذ منه المشورة العاقلة والعنفوان اللذان يتناقصان في بلادنا وإحياؤهما يغَّيِر رؤيانا من حالٍ إلى حالِ
وَمَنْ لَـمْ يَـذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِهِ           يُـهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمِ  الـنَّاسَ  يُظْلَمِ
ونورد بيتً شعر سائرٍ  يُعَزِينا وننقُله للتفاؤل ولما فيه من جمالٍ بسيط
مابين طرفة عين وانتباهتها *** يغير الله من حالٍ إلى حالِ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق