Powered By Blogger

السبت، 13 سبتمبر 2014

هل تنجح إستراتيجية أوباما


هل تنجح إستراتيجية أوباما


خطة أوباما لمحاربة الإرهاب لاقت الكثير من الردود والتعليقات وما يهمنا منها كلها هو مدى الأمل الذي بِّشّرت به وما تأثيره على القابعين في مناطق الإرهاب والمتضررين منه، وهل إن الخطة كما رُويَت وفُسِرت تدعم الأمل الذي قدّمته للناس؟. المفروض أن هذه الخطة وضعت لمحاربة الإرهاب بجميع أشكاله والقضاء عليه ويشترك في هذا الطرح حلف كبير أميركي أوروبي كندي أوسترالي يضم بمجموعه حوالي أربعين دولة ومجموعة من الدول العربية القادرة والفاعلة. ما هو حظ هذا المشروع من النجاح؟

من حيث المبدأ يُنظر إلى نشر خبر الستراتيجيا التي قررها أوباما من زاويتين . أولها زاوية المساكين المتضررين من بلاء الإرهاب، المُهَجَّرين من بيوتهم الساكنين في خيمٍهم التي بالكاد تقيهم تقلبات الطقس،  المنتظرين الفرج  والرحمة من أية جهة أتت وبأي شكلٍ قُدِمت. هؤلاء بحكم وضعهم ينظرون إلى هذا الجديد ببعض الأمل. دائماً اليائس والمُتعب يقبل أخبار الأمل بأملِ علّ الخبر يُبَشِره بالخير فينتقل هو وربْعُه من حال إلى حال أفضل ويأتي يوم قريب فتزول الشدة عنه. هذا سبب تفاؤله.

هذه الشريحة من البشر نَفَسُها قصير قِصَر القدرة على التَحَمُّل فإذا طال الإنتظار طار الأمل وحلَّ محله الياس بأقسى مما َخَبِره في السابق أي  قبل الوعد والذي لم تَخِفُّ وَهجَته  بمرور الزمن ولا يعود قائماً بنظره إذا طال زمن الإنتظار.  هذا الوضع والقبول بالخطة المستحدثة  وثم الرفض بعد اإنتظار تحقيق الوعد يشمل شريحة واسعة من المقيمين في منطقة الوبأ السياسي.

 تعداد هؤلاء  يفيض عن عشرات الملايين وبالتالي خطر هذا اليأس كبير. هو يشمل بالإضافة إلى من عدّدْنا ، كل متضرر من الإرهاب ، مدنيٌّ، مهنييٌّ ،  إقتصاديي أوعامل فني او عامل عادي من عدم الإستقرار  . ومن العوامل التي تُسَرِّع هبوط مستوى الأمل  هو ما قد يفعله من هو متضرر من إنفاذ السترتيجيا ونجاح مسراها والذي هو عموما قادر ماليا وربما سياسياً وحتما إعلاميا فيشيع ما يساعد على فقدان ألامل مع ما لفقدانه  من تبعات ومفاعيل.

وهناك منظار العارفين لما يجري وتأثيره ومجراه على الوضع الأمني والعسكري. وهذا الفريق من المهتمين يتكون من طرفين أهدافهما متناقضة.  أحدهما يريد ويسعى لإنجاح المهمة لأنه هو من طرح الخطة ويعمل على تنفيذها وآخرون يهمهم فشل المسعى لأنهم يتضرون من نجاحه. الفريقان أقوياء وبالتالي التنافس على النجاح والفشل تنافسٌ "القاتل والمقتول"، لا كلام فيه .
 ألساعون ظاهراً لنجاح الطرح هم أميركا والحلف الذي أنشأت دوليّا وفي البلاد العربية شرق المتوسط بإستثناء سوريا الأسد و"النأي بالنفس" للبنان الذي هو في دائرة الخطر ولا يستطيع أن يكون طرفاً في الحلف ولا ما ينتج عنه.

المتضررون المؤثرون المباشرون من هذا المشروع هم روسيا وإيران والمنظمات التابعة لهما. روسيا قد تخسر نفوذها الذي لها في المنطقة و الساحل السوري وهي أنفقت الكثير من معنوياتها ومالها في سبيل بقائه ودعمت الأسد ضد شعبه في هذا السبيل.  وإيران والتي تخشى أن تخسر النفوذ الذي أنشأته في العراق وسوريا ولبنان وربما غزة واليمن ولو كان هذا الأخير مستبعد الإستهداف في المستقبل القريب. إيران أنفقت المال الكثير على تدريب عناصر المنظمات التي أنشأت وزوّدَتها بالمال والسلاح على مدى ربع قرن ويزيد مما أورثها مشاكل مالية تعاني إيران منها اليوم. ونذكر أن إيران وروسيا فقدتا من ألَقٍ وسمعة وشعبية وتأييد إكتسَبتاه على مدار سنين من العمل الدؤوب المُكلف والذي بدأ يتداعى بعد إن أصبح الإرهاب مربوطا في فكر الناس بهما.

وطبعاً هناك أيضا متضررون ثانويون لا يهمهم فعلا من يربح أو يخسر  ولكن خسارتهم للصديقة سوريا وبالتالي الروسيا قد يضرهم في مجالات أخرى في مواقع بعيدة عن مسرح هذه الأحداث. ولائحة المتضررين الثانويين تشمل الصين ودول فنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية وبعض دول الاتحاد السوفياتي السابق .

ما قدّمناه صورة مختصرة وربما مجتزأة من الواقع الدولي والإقليمي وتبقى المنظمات العسكرية التي ثارت على النظام السوري، والتي وُعدت بالدعم ولكن الدعم لم يأتها وربما كان تأخيره مقصودا لا ندري. الإستراتيجيا المعروضة وخططها التفصيلية تنبيء بتغيير إيجابي  أساسي لقدرة الجيش الحُر في سوريا وكفاءته وقدرته ووجوده على أرض  المعركة وهو يعرف الساحة ويعرف كيف يحارب الإرهاب الداعشي والأسدي على حد سواء وله خبرة سنوات في محاربة الأسد ثم  تنظيم النصرة وبعدها داعش .قد ينفي هذا التطور المنتظر الحاجة إلى دخول قوات أجنبية إلى سوريا ويجعل من تغيير االوضع العسكري والسياسي أكثر سلاسة وقبولا من دخول عسكر غربي، دخوله محفوف بالمخاطر والأرجح غير ضروري لإنجاز المخطط كما قرأناه. 

إن فرص نجاح هذه التجربة والغامض من فصولها كثير، يتأرجح بين ما تَنويه أميركا ومن خلفها الحلفَين الغربي والعربي من حيث الجدِّية والتصميم وأساليب التنفيذ ومَراحَلِه وما يريده الأخصام وهم كُثْرٌ ومدى جدّيَتهم بالدفاع عن مصالحهم كما هم يرَوها ويحَددوها.

مرحلة جديدة بدأت "فانبرى الفارسان كأنهما جبلان" ليتقاتلان. الخصمان جادّان لإن مصالحهما تواجه خطر الزوال. الخصمان "كَشّرا عن أنيابهما " مظهران جدِّية ما قد ينتجه ربح المعركة أو خسارتها؛ الخاسر في هذه المعركة مهدد بالزوال كقوة إقليمية أو محلية والرابح سيربح ما لديه وإرث الخاسر. هكذا ببساطة ينظر الفريقان إلى مآل هذه الخطوة والغير مسبوقة على حَدِّ علمنا تاريخيا هنا في بلاد العرب والإسلام شرقي المتوسط. ستسقط رؤوس وتذهب قوىً وتتغير مفاهيم وتغيب مذاهب وتُعاد صياغة المنطقة جغرافيا وإثنياً ودينياً ومذهبياً ولا ندري كيف. هذا سيحصُل ربحَ من رَبِح أو خَسِر من خَسِر. طبعاً لم نذكُر إسرائيل وما تريد مما يجري ولكن التاريخ يخبرُنا بأن أميركا أخذت مصالح إسرائيل في الحسبان والتخطيط يشملها دون إعلان.

الظاهر أن أميركا تسعى لتحجيم عدد من الدول وإزالة منظمات توصف الآن بالإرهابية وإجراء المُقتضى للمحافظة على مصالحها  وتوسيعها من خلال إقامة أنظمة عربية تشترك وأميركا والغرب في رؤياها ونظرتها للإستراتيجيية الإقليمية والعربية بكُلِّيتها. إن ضمان إستمرار هذه الشراكة المصلحية ضرورة لتَحُل محَلّ الأنظمة القائمة وتمنع عودتها إلى سابق عهدها بدعمٍ من المتَضَّررين من التغيير.
من الظاهر أيضاً  أنَّ إيران وروسيا لن تسمحا بتمكين أميركا وأحلافها وبالأخص العربي منه من السَير بتنفيذ خططها دون دفاعٍ عن مصالحهما المتفرقة والمتعددة مذهبياً وفكرياً وتمويلاً وهدفاً والذي يناقض كلياً وفي كلِّ مجال أهداف الحلف وأسلوب تنفيذ استراتيجيته الهادف إلى إزالة المنظمات والدول التابعة لأيٍ من شريكي العارضة والممانعة للحلف. أي أن إيران وروسيا يخسران الكثير إذا لم يحاربا الحلف ليحافظوا على  مصالحِهِم في بقعة جغرافية واسعة تطال العراق وسوريا ولبنان ومناطق ليست هي اليوم موضع صراعٍ جدِّي بين الفريقين المتخاصمين كاليمن مثلاً.

هل تنجح خطة أوباما المعلنة؟ نعتقِد أن ذلك مُتَوَقَّع شرط أن يكون أوباما صادقاً في طرحه وواثقاً من قُدرَته على إتمام التنفيذ رغم المُدّة الطويلة اللازمة لتحقيق الأهداف المرسومة والتطورات المتغيرة المنتظرة في المنطقة والتي يجب أن نفهم أنها سَتُحارَب بقوة وبشراسة وقد تنجح في بعثرة الجهود المبذولة وربما كسب بعض المواطنين إلى جانبها بسبب مآسي قد تنتظرهم نتيجة لمعارك قد تسلك طريق أمكنة تجَمُّعِهم وسكنهم تسببها قصداً منظمات تابعة. ويتهيأ لنا أن الطاقة المدمرة الأولى هي قدرة المعارضين على استقطاب الناس مذهبياً.

ويتهيأ لنا أيضاً أن الخطة المعلنة ستجِد قبولا ودعما شعبيا يمارسه ويؤكده كل لاجيء مهجر ومتضرر دفع ثمن ما قام به الأسد في سوريا والعراق والنظام في العراق وما قام به في بلده وسوريا أيضا  وحزب الله في لبنان ليثأر لنفسه ولعائلته  ويسترد بذلك جزءا من كرامته وإنسانيته. هذا التأييد يستمر ما دام المخطط قيد التنفيذ الجدِّي والواضح والمفهوم من عامَة الناس والشفّاف أيضاً، فالشعب لن ينتظر التحليل والتأويل والشرح لما يجري فهو لن يخاطر بدفع الثمن مرة أخرى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق