Powered By Blogger

الخميس، 11 سبتمبر 2014

وعد الحر دَين

وعد الحر دَين

وتكلَّم أوباما أخيراً وهو يسعى لترميم رئاسته مما شابها من تردُد وعجز وغِياب عن أحداث العالم المثيرة والتي عرفها ولم يجابهها. وعَد وهدَّد وأبقى العالم أسير الإنتظار ثم تخاذل وتردَّد وغيَّر مساره وتراجع عما وعد وأبقى الناس مَشدوهة متعجبة مما ترى ولا  تدري ما دهاها.

والناس والدول ضاعت وتمكن الإرهابيون من الوطن وداسوه وهدّموه وعاثوا فيه فسادا ولم يتركوا فِسقاً إلا ارتكبوه وهم يعلمون أن حريتهم في ما يفعلون مضمونة من القادر الذي قرر أن لا يفعل ولأنهم قَدَّروا أيضاً أنهم أُعطوا الإشارة الخضراء ولا داعي للقلق.

الإرهابيون الذين نعني هم كلُّ المنظمات والدول والأفراد الذين تعاملوا بالجريمة وقاموا بالأفعال التي لا يسمح بها دين ولا قانون ولا إنسانية من هدم وقتل وتهجير والموبِقات الأخرى التي ملأت تفاصيلها صفحات المكتوب والمسموع والمرئي من صحف وإذاعات وشاشات. داعش أحدها ولكن الإرهاب لم يبدأ بها فهي حديثة على الساحة. قبلها كان نظام الأسد والكتابة عنه لا تفيد لأن تكرارها يثير فينا قرفاً لم يعهده إلا القليل القديم من تاريخنا.

النظام الذي يهدم بلده ويقتل شعبه حفاظاً على "سيادة الدولة" ، مَسنود في أفعاله من إرهابيين آخرين مثل حزب الله والحرس الوطني الإيراني المُرسل إلى الأسد من إيران لدعمه في مشروعه وغيرهم كثر ولا نستثني الدعم الروسي بالسلاح والبراميل المتفجرة والفيتو في مجلس الأمن. نخجل أن نكتب لنقول أن غض النظر الغربي لا يختلف عن الدعم ولو هو غير مقصود وبحذر نقول أنه "غير مقصود".

النظام الآخر في العراق والمستمر منذ ثمانية سنين والمدعوم من إيران عسكرياً وأمنياً والمسلوبة ثرواته من راعِيته إيران  لتمويل حرب الأسد والمُرَكَّب أصلا من أميركا أيام حربها مع صدام حيث أُعطيت إيران حرية رعاية العراق ودخلت إيران من خلاله إلى الدول العربية كافة فحكمت بعضها كليا كسوريا وبعضها جزئيا كلبنان واليمن وأنشأت في العراق ميليشيات شيعية جعلت من الجيش مؤسسة وجودها للزينة وللإدعاء بأنها تملك جيشا قادرا. جيش إنهزم في أول يوم من أول معركة فسَلّم الموصل وجوارها لداعش في ساعات. إندحر الجيش وبانت القضية والفضيحة واعلن المنتصر قيام الدولة الإسلامية.

واليمن وحوثيوها الشيعة الزَيدية التي إنحازت إلى إيران الشيعية الإثني عشرية . الزيدية والإثني عشرية مذهبان من الشيعة لا يتفقان . إيران وجدت لها في الحوثيين ساحة  أخرى تتمدد فيها ومن خلالها وتحقق أحلامها في السيطرة على أوسع منطقة في الشرق المسلم فدعمتها بالسلاح والمال فقويت وهي على وشك أن تستقل في شمال اليمن وتعلن صنعاء عاصمة لها. وبهذا  العمل وما قامت به إيران في العراق وسوريا وما تحاول أن تقوم به في البحرين وشرق الجزيرة العربية ، تصبح أقوى دولة أقليمية واضعة نفسها في مَصاف الدول الكبرى مع ما يعطيها ذلك من قوة ونفوذ.

إسرائيل وأفعالها والضفة ومآسيها وغزة وهدمها وقتل سكانها ولبنان وتركه لمصيره المرتكز على ما يقرر الإرهابيون من داعش والأسد وحزب الله، كل واحد منها عالم قائم بذاته وخطره على المنطقة والعالم لا يجوز إغفاله إذ أن بقاءه في دائرة الخطر يجعل منه برميل بارود أين منه براميل الجزار الأسد.

لا حاجة إلى التبسط والأستطراد فالإرهاب الذي سيحاربه أوباما لأسباب لا علاقة لها بما نشكو منه وُجد قبل داعش ولم يكن لينشأ ويزدهر لولا دعم الغرب والروسيا لدول الإرهاب والتلكؤ اللذان شاهدناهما في تاريخنا الحديث.

نكتب كل ما كتبنا للتذكير ونرجع إلى ما سمعنا من أوباما صباح هذا اليوم لنستذكر ما أخلفَ بما وعَد به، ولنا ملاحظة وسؤال:

1.      يعتمد الغرب كليا على جيوش عربية  تحارب في الساحة على أن يقوم الغرب بالتنسيق والمعلومات والتدريب والتزويد بالسلاح المناسب وضرب الإرهاب من الجو. التدريب والتنسيق يستغرق وقتاً طويلا . أي أن الحرب التي بدأت بطلعات جوية أميركية،  والحرب على الأرض التي تعتمد الآن على المعارضين في سوريا والبشمركة في العراق بانتظار دخول جيوش عربية مؤهلة على الساحات كلها ، ولا من يعرف مدى ومساحة أرض المعركة والتي يمكن أن تتمدد إنما الإستراتيجية المحكي عنها تغطي حدود الدولة الإسلامية كما هي اليوم. المدة التي ستستغرقها الحرب والمناطق التي ستشملها هما في علم الغيب.

2.      ما نواجه اليوم نتج أو ساعد في إنتاجه الغرب الذي لم يواجه المشكلة إلا بعد أن ثبت بوجه "شرعي" أن مصالحهم المباشرة  بدأت تتأثر وبشكل واضح. السؤال: بما أن الحرب ستطول وإذا في الطريق تغيّرت إدارة أميركا ووجدت حلولا لمصالحها لا تتناغم وما تحتاجه بلادنا أيتوقّف الغرب عن حربه مع الإرهاب ويتركنا معلقين دون أفق ومهددين بكياننا فيصدق المثل الدارج: "وصلتينا لنص البير وقطعت الحبل فينا".




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق