Powered By Blogger

الثلاثاء، 2 سبتمبر 2014

المنسيات

  المنسيات 

بعد أن قرّر عسكر إسرائيل ضمّ ال 3811 دونماً من أراضي الضفة المحتلّة إليها ، إستوضحت البي.بي.سي. من الناطق بإسم الحكومة اليهودية عن الأمر ومخاطر البدء بتطبيقه فأخبرها بصفته هذه، أي ناطقاً بإسم إسرائيل، وبكل بساطة أن غوش عصيون المستعمرة التي لصالح تمدّدِها  إتُخذ هذا القرار هي في الواقع جزء من إسرائيل وإن القاصي والداني يعرف ذلك فلماذا كلّ هذه الضجة والإحتجاجات التي لا قيمة قانونية لها أكان الإحتجاج أتى من أميركا أو من الفلسطينيين وإن قضية ضمِها رسمياً يجب أن يكون مفهوماَ من الجميع. قلنا أنه وبكل بساطة نطق وبحماقة ورعونة وأنه ومن نطقَ بإسمه يصحُ قول الحطيئة فيهم  :
لحاك الله ثم لحاك حقا ...   أبا، ولحاك من عم وخال
فنعم الشيخ أنت لدى المخازي ...  وبئس الشيخ أنت لدى المعالي

نرى سؤالاً يفرض نفسه علينا والحيرة تجلّل الجواب. الدولة اليهودية وحتى كتابة هذه السطور نجحت في ضمِ ما صممت على ضمّه من الضفة وزمّت مساحة ما يُسمحُ للعرب حتى التجوّل فيه ، ومفاوضات الصلح التي يرعاها من يرعاها المُستمرّة منذ الأبد لا تصِلُ إلى أية نتيجة اللهم إلاّ ضمّ ما تيسّر من أراضٍ وأملاك والإستيلاء على الماء ومصادره. والضفة على ما هي الآن مجموعة فديراليات مقطعة  الأوصال والإنتقال من واحدة إلى أخرى فقط ممكنٌ لمن مُنح ترخيصاً للتنقل. مانح الترخيص ليس سرّا على أحد ولكن لا أحد يأبه ولا أحد يحتجّ إلا المساكين المجاهدين الصابرين القابلين بكل شيء إلاّ التخلّي عن بيوتهم والبيئة التي نشأوا فيها ولا تزال تحتضن أبناءها الذين عجزت الدولة اليهودية عن صرفهم وتهجيرهم.

والجانب الآخر من الجواب أن الدولة اليهودية إياها خسرت حربين مع تنظيمين صُنّفا "إرهابيين". حزب الله عام 2006 وحماس مرتين آخرهما في تموز وآب 2014. لا نقول أن المنظمتين ربحتا حربا ولكنّهما إستطاعتا الوقوف بوجه عدوِهم لأسابيع وانتهت هذه الحروب بالإتفاق وليس بالإستسلام.

لا ندري ما يأتي به الغد وإشارات الزمان تتغيّر والدول الدينية والمذهبية تطُلّ برأسها كما طلّت الدولة اليهودية برأسها منذ ما يقارب السبعة عقود. ما هو مصير هذه الدول لا أحد يدري ولكن مفيد لنا أن نأخذ العبر من ماضينا القريب . ظن أن أعمار الدول المذهبية كإسرائيل مثلاً طويلة. هل هذا في مصلحة بقاء إسرائيل على عنفوانها وتعاليها وإضطهادها للبشر وما هي نتيجة ذلك؟ ألم تبنِ النُصرة وداعش دوليتيهما على أنقاض أنظمة أساءت إلى شعوبها كما تفعل زميلتها دولة اليهود في فلسطين، غزة والضفة، وابتدعت لكل منهما أسلوب إذلالٍ مختلف.

ثار ناس سوريا والعراق ومصر وغيرها، ضدّ من أذَلّهُم وبالغَلط دخلت داعش وغيرها وأصبحتا ما هما عليه الآن. من المفيد أيضاً أن نتذكّر أن أياً من الدول العُظمى لم يتوقّع حصول ما حصل. لكنه حصل. وكلفة حصوله على العالم، كلّ العالم لن تكون بسيطة. الكل يدفع ثمن تردده وغض نظره والأخطاء ولا مردّ لذلك.

هذه مشكلة الجواب على سؤال حاولنا الإجابة عليه وقلنا أن الحيرة تجلّلُه. ولا نزال على حيرة من أمرنا فلا جواب قاطع ولا حتى إستشرافُ لأن لا معلومة عندنا نبني عليها. الدولة اليهودية كغيرها تربح وتخسر والميزان بينهما فارق الربح عن الخسارة.

يجُرنا هذا الكلام لإستذكار كل من وردت أسماؤهم في الشهرين الماضيين والذين وللأسف غاب ذكرهم ولم تعُد معاناتهم ومآسيهم وتهجيرهم وحتى قتلهم مهم, مطلِقين أساليب لا تخطر على بال ولم تعُد حتى موجودة في قواميس الإرهاب ولا أساليب القتل التي سمعنا عنها في تاريخ هولاكو ولا دولة الحشّاشين . ماذا عن مسيحيي العراق وأوّلهم أهل الموصل وماذا عن التركمان والأزيديين والسبي والمتاجرة بالبشر وترسيخ مباديء من الدين جديدة عليه وفي أحسن أوصافها منتهية الصلاحية لمرور وقت طويل عليها.  مباديء لا دين فيها بل وحشيّة قصوى رفضها كل مسلم أمين على إسلامه.

وماذا عن غزة وما أصابها وليس من زمان كي يصحُ القول أنها أصبحت منسية وأهلها الساكنين على أرضها ملتحفين سماءها لا ماء يرويهم ولا كهرباء تضيء ليلهم ولا يعرف بعضهم كيف يستمرُ دون ولد إستُشهد في الحرب أو أخٍ أو أم أو أب أو معيل لم يعد يأويه بيتهم، أياً كان هذا البيت، ولم يعد بعد غيابه عن الدنيا قادرا على رعايتهم. هو لم يعد هنا على أرض غزة ولم تسأل الدنيا عنه لأن موته لا يهُمّ إلاّ ذويه وأهل بلده المَكويّين مثل أهله ولا من يسأل.

هذه ليست كلً ما نستذكر ولكنها تشير إلى غيرها دون أن نذكرها وتفتح علينا أبوابا من العتمة لا تحتمل. هذه دنيا المصالح والأحلاف فلا أخلاق تردع ولا دين يمنع والله هو المعين.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق