Powered By Blogger

الاثنين، 22 سبتمبر 2014

نَشكو همومنا وكأن الزمن توَقّف

نَشكو همومنا وكأن الزمن توَقّف

لا يَعرِفُ الشَوقَ إِلّا مَن يُكابِدُه   ........  وَلا الصَبابَةَ إِلّا مَن يُعانيها

قالها بحُرقة مروان بن محمد، الملقب بابي الشَمَقْمَق الخراساني الأصل من موالي بني أمَيّة  الذي ولد وتوفي في القرن الهجري الثاني. ونحن وبعد ألف ومايتي سنة نكرر ما قال، نَشكو همومنا وكأن الزمن توَقّف وكأن السيف لا يزال كما كان سلاح الجهاد. مؤسِفُ أن نرى عُربان الأمة يرجعون ركضاً إلى ما وراء  الماضي السحيق من الزمن يَتَماهون وكأنهم يفخرون بأن اليوم والأمس صِنوان ، آمِرُنا واحد وتفكيرنا لا يزال هناك لم يتغَيَّر وكأن العرب والإسلام لم يروا ولم يُنْبِتوا علماً وأدباً وفَنًا تَلَقَّفُه الغرب ونسِيه من أنبته فرجع إلى بداوة عَفا عليها الزمن. ثقافته وتقاليده وعاداته القبلية على ما يُظهِر الواقع والفعل والعمل والفكر المذهبي أَلمُسَوَّق اليوم طغَت على كُلِّ مفاهيم عرفنا وثقافة عِشنا لنقبل بما يُفرَض فنعيش أو نَرفض فبِحد السيف نُعاقَب فنموت. هكذا وبكل بساطة نحيا ونموت بقبول أو رفض مذاهب وآراء ومفاهيم الحاضر الذي يُلَوَّح به.

والعرب اليوم، ونحن منهم، يجدون في قول أبو النواس فيهم ما يقول ويقبَلون،  إذ أن أبو نواس على ما تبين الأحداث، له صفة المفكر إضافة إلى أنه ابدع في خَمرياته. بنو أسد وتميم وقيس ،خيرة قبائل العرب ، يمثلون العرب في هذه الأبيات.

قالوا ذَكَرتَ دِيارَ الحَيِّ مِن أَسَدٍ  لا دَرَّ دَرُّكَ قُل لي مَن بَنو أَسَدِ
وَمَن تَميمٌ وَمَن قَيسٌ وَإِخوَتُهُم  لَيسَ الأَعاريبُ عِندَ اللَهِ مِن أَحَدِ

عَجْزُنا وقد كبُرنا سناً وضعُفت فينا قدراتنا الفكرية وأتخَمَتنا أموال الذهب الأسود  الطاريء علينا الآتية  لتَمحي حريتنا وفكرنا وكرامتنا لأن هذا المورد تَغَيَّرت أهدافُه وتبدّلت إستعمالاته وأصبح سلاحاً تحمله أيادي الجهل والإستبداد فلم تَخْتَر الجهل والفقر لتُزيلهما ولا الثقافة والعلم لتُحييهما وتُعَمِمْهُما ولم تسمح للحرية الداعمة للإنسان أن تأخذ مداها ولم تُغَيّر ولو بمقدارحكمها المظلم الظالم للناس دعماً للكرامة وحتى لم تَسْتتِر عندما إرتكبت من المعاصي ما ضجَّ العالم به.

ونحن نُعَمِم لأن ما أتهمنا الأنظمة به صحيح بكليته وإن كبرت مأساة بعض حكمهم وإنحسرت عند آخرين. المبدأ أن العرب فتحوا الأبواب عليهم بتفرقهم مصلحيا ومناطقيا وقبلياً وطائفيا ولما ضاق عليهم مجال الإختلاف والفرقة أتوا بالمذهبية ولما لم تؤت ثمارها كما يريدون بدأت الفرق الدينية تنتشر داخل كلّ مذهب وشَجَّعَتَها دول وموَلَتها  ولكنه إنقلب عليهم بعد أن إشتد ساعده.  معن بن أوس المزني الشاعر الجاهلي شكى مما تشكو منه الدول التي أنشأت أو مولت أو ساعدت داعش. يقول:

أُعَلِّـمُهُ الرِّمَـايةَ كُلَّ يَـومٍ ....... فَلمَّـا اشْتَدَّ سَاعِدُه رَمَانِي
وَكَمْ عَلَّمْتُـهُ نَظْمَ القَوَافِي ....... فَلَـمَّـا قَالَ قَافِيةً هَجَـانِي

والكل يواجه  داعش ويحاربها على الأقل جهراً إن لم يكن فعلاً بمن فيهم الُسُنَة في كل مكان، أو هكذا نظُن فليس هناك من رادعٍ عند البعض ومصلحة عند آخرين. وفي سورة البقرة في القرآن الكريم قول لا يزادُ عليه: ﴾وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾

إذا كان للمقال هدفٌ أو مغزىً فهو تفرُقنا وإعلاء شأن مصالحنا وسوء إدارتنا للبلاد وظلمنا للشعب الذي أدّى إلى ما أدّى إليه وما نحن فيه،  ومجازاً إلى دَعْوَتِنا لكل من له مصلحة أو هدف أن يغزو بلادنا فإذا ما نجح أكل ثمار نجاحه وإذا فشل أُعدم وفي الحالين للشعب تؤول المآسي وللحكام في أسوأ الأحوال الهرب بمال وفير يؤمن لهم حياة كريمة إذا أرادوا أو حياة فُحشٍ إعتادوا عليها. وإلى أن تنضب الأموال هم لا يعانون كما يعاني من تركوا وراءهم.

قضية الإرهاب تنتهي يوماً ما بربحٍ أو بخسارة ولكنها تنتهي وتؤول إلى من يتبقى من الناس والحكام مسؤولية  إصلاح ما أُفسِد ودفع البلاد مرة أخرى إلى واقع الزمن وإدخالها في صلب دينماكيته . العرب إذا أصطلحت أمورهم وعاشوا كما يجب عليهم أن يعيشوا تاركين وراءهم مفاهيم الجاهلية التربوية والثقافية والدينية جادِّين في مسعى الإرتقاء إلى إلى حاضر العلم والمعرفة قادرين بتخطيط يبتكرُ لمسرى الإرتقاء أن يساووا من هم الآن هناك يتعاونون معهم وينافسوهم ولا حرج فهذه سنة الحياة الدنيا ونتّكل على أنفسنا وسواعدنا فلا يتكرر ما إِبْتُلينا به في هذا الزمن الرديء على يد من نحن رضينا بهم.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق