Powered By Blogger

الجمعة، 19 سبتمبر 2014

مطبّات وعقبات للتخطي


مطبّات وعقبات للتخطي

الحلف يعطي داعش والآخرين المستهدفين فترة سماح تتهيأ فيها للدفاع (أو الهجوم)عن نفسها ريثما تتهيأ أميركا وتحصل على موافقة الكونغرس وتنهي مباحثاتها مع الحلفاء وتقرر الخطوات التي ستمشيها لتحقق ما التزمت به تجاه العالم. فالوضع العام يعتريه ضعف القرارات وغموض مضامينها و التأجيل والمماطلة. خسر الحلف قوة مبادرته بتردد قيادته وأفسح بالمجال للإرهاب بأن يتهيأ وهو على علم ومعرفة بما يحاك ويخطط له.
ما يحدث الآن، اليوم والأمس هو أن الإرهاب عموماً استغلّ الفرصة وفعّل نشاطه. في شمال شرق سوريا وهي منطقة كردية تابعة لمحافظة حلب ومحاذية لحدود تركيا  اجتاحتها داعش واحتلت احدى وعشرين قرية وحاصرت مدينة عين عرب وهي على وشك إحتلالها. هكذا يروي سكان المنطقة قصتهم وهم في رعب شديد وخائفين على أرواحهم وعيالهم من مجزرة تشبه مجازر أخرى ارتكبتها في الموصل وجوارها. 
ونشط النظام السوري بشكل لافت فقام برمي براميله المتفجِّرةعلى المدنيين في مدن حلب والرقة وحماة وجوار درعا في الجنوب وحتى في دمشق ضاربا رقما قياسيا جديدا بقتل الناس وهدم معالم ما تبقى من البلد.
كشرت دولة بشار عن أنيابها وأعلنت أنها  تكشف الآن عن ثلاثة منشآت كيماوية جاهزة لم تُعلن عنها سابقاً. عجيب أمر بشار وكأن المُريب يقول خذوني. أو أنه يعلن للحلف عن قدرات قتالية جديدة ومهِمَّة ليفَكر الحلف في أمره قبل أن يضرب. وربما وهذا أقرب إلى منطق النظام الذي خبرناه وعشناه،  أنه بدأ بعملية تفاوض على الإنضمام إلى الحلف هو يعتقد أنها ممكنة. لا ندري ولكننا نعرض ما توفّر من إحتمالات يفرزها عقل إعتاد الإجرام ومارسه طوال سنين ونجح فيه ويحاول الآن إعادة الكرة ليصيب.
أيران أيضاٍ حركت منظمات ممن أنشأت وبنت ومولت وحركت عصائب مذهبية إستعمالها في الظروف الحاضرة مفيد لها. حركت بشار وهو يقوم بما أدرجناه هنا وحركت الحوثيين في اليمن وهم الآن على وشك إحتلال العاصمة صنعاء.
وحركت مَواليها في العراق فلم يتمكن رئيس الوزراء حيدر العبادي من تعيين وزير للدفاع وآخر للداخلية في حكومته الحالية وكلما عرض إسماً على المجلس النيابي وجد المَوالي سببا لرفضه ويبقى العراق معلقا لا يستطيع أن يتحرك كما يتوقع الحلف قبل أن يكتمل عديد الوزراء.
وحرّكت حزب الله الذي وسع أشغاله في سوريا وحتى العراق بدليل أن أكثر من عنصر نَعاه الحزب لإستشهاده في العراق. وحرَّكه أيضا لمنع إنتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية حيث نفوذه في لبنان كبير ومؤثر.  كل هذا تقوم به إيران لتستعيد بعض ما خسرته في الأيام القليلة الماضية.
فرنسا تتخبَّط كغيرها في الكلام والتصريحات. تعلن من ناحية أنها ستشارك في ضرب سوريا من الجو ومن ثم يصرح هولاند بانه يستبعد القيام بأي عمل عسكري ضد الدولة الإسلامية في سوريا . فهو يدعم وسيشارك في ضربها في العراق وليس في سوريا .
وهناك هَمهمات نسمعها آتية من غزة  والتي تفيد بأن الوضع هناك لا يطمِّن بل بالعكس  يؤسِّسس لإنفجار فيها في القريب العاجل. لا نعرف مدى الخطر هناك لكن الإشاعات لا تأتي من فراغ.
وإن نسينا فلا ننسى أن بلادا عربية إنضوت تحت جناح الحلف ولا تملك من علم بالتفاصيل حتى الآن وهي بحاجة لهذه المعرفة كي تتحرك بالتوازي والتعاون والحلف فتقوم بواجب ما التزمت به  وربما تكون أكفأ أو أقله لا تكون عبئا على حلفائها.
ينسى الكل أن داعش نبتت في السجون السورية وشبت وترعرعت وتكونت ونمت داخل سوريا وتماهت ولو لفترة مع نظام الأسد الذي أعطاها الغطاء اللازم  للإستيلاء على مناطق غيرها من المحاربين المعادين لنظامه.  وأصبحت على ما هي عليه اليوم قوة ضاربة بمفاهيم ممجوجة لا يفهمها ولا يقبلها أرباب الفقه السنة والشيعة منهم على حد سواء. ولأنها وجدت فراغاً ملأته وتوسعت عندما أُتيحت لها الفرصة  وقتلت وهجّرت مسيحيين وأزيديين وسنة وشيعة في سوريا والعراق وأكملتها بذبح صحافيين أميريكيين  في سوريا مما أدّى إلى ما أدّى إليه من تهديد ووعيد وحرب في كردستان العراق ونواحيه . سببت أيضاً في صحوة أوباما وحفزت لإنشاء تحالف الأربعين دولة عدا "الكماليات السنية والعربية".
الحلف على ما قال أوباما قرر التعاون مع السنة في حربه ويستثني الشيعة احتياطاً حتي لا يساهم في إزكاء نزعة مذهبية. عجباَ أمر سيد البيت الأبيض الا يدري أن إشهار هذه البديهية يسبب فيما يسبب إتهام من يحالفه بالتبعية ومعاداة الإسلام؟
وينتاغون أميركا أنجز خطط ضرب التنظيم في سوريا، هكذا يقول وزير دفاعها  ويستطرد فيقول أن أوباما بصفته القائد العام للقوات المسلحة وبعد الإطلاع على تفاصيلها قرر أن يؤجِّل البتَّ بها.
 كم هي عقيمة هذه الحرب وعبثية وبطيء تحَرُّكها وهي بالفعل لم تبدأ بعد ولكن وبالإعلام نحن قاب قوس وأدنى من النصر  . ألحلف والصادقين منه لم يُعلنوا ما يجب أن يعلنوا تأكيدا للعزم والإلتزام  والولاء لما نظن أنهم إلتزموا به. لا ندري إذا كان الشك في صدق إلتزام بعضهم متوقع ومن هم المشكوك في أمرهم الآن وبعد أن خفّتت الأصوات واعتاد الناس على داعش ؟
والإرهاب المقرر محاربته مما يتكوّن ومن يشمل.يجب تحديده.  كل الكلام مؤخرا واليوم يتركز على الدولة الإسلامية داعش التي ستضعفها الحرب ثم تخلعها من جذورها فتختفي ويزول شرها .ولكن الإرهاب على ما كنا نتنوقع ونعرف يشمل غيرها. هناك نظام الأسد والنصرة وحزب الله وغيرهم كثيرون ذكرهم أوباما في أوّل إعلانه عن نيته في تصفية الإرهاب قبل أن يتوقف الكلام عنهم ولم يعد أحدٌاً يذكرهم.  الناس ، كل الناس، يهمها أن تعرف كي تتصرف بمنطق العارف فتكون عونا للحرب على الإرهاب بدل أن تكون عبئا عليه.
الفوضى في أعلى مراتبها والتصاريح تتوالى يكذب أحدها الآخر وفي المحصلة لا نفهم عليهم ولا نفهم ما يدور في رؤوسهم من أفكار تحفزهم أو تردعهم عن عمل ما . الكل في وضع تخبط ونرجو أن لا نستعمل كلمة إحباط. القول والفعل والتردد هو سيد الساحة. ألم يعلن كيري أمس أن الحل في سوريا لا يمكن أن يكون إلا حلا سياسيا؟ ألا يلزمنا هذا وعندئذٍ بأن نكرر القول  أن توقفوا عن ما أنتم فاعلون وأعطوا أنفسكم بعض الجرأة للخروج من جحيم أنتم فيه الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق