Powered By Blogger

الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

تعقيد على تعقيد

تعقيد على تعقيد

الأخبار تتَرِدُنا كلِّ ساعة بإرتكابات وإرهاصا و تَوَقُّعَات لا أول لها ولا آخِر . مصادرُها كلها نتوقَّع أن تكون صحيحة لأن فمُ مُطلِقها يتحرَّك بإذن كبيرٍ مُطاعٍ ، له شأن وموقع ورأيٌ ، رئيس دولة عظمى أو مفوضٌ عنه.  هكذا نَنقُلُ القول والخبَر ونحن على ثقة من مصدرِه ونُفاجأ بقَول مختلف يأتينا من مصدر الثقة نَفْسُه  ونقع في خطأ النقل عنه أولاً وبعدها بالتساؤل الفارِض نفسه عن مدى الصحة الذي يجب توقُّعَه منه.

مراجعةٌ سطحية حتى لبعض ما كتبنا في هذه الصفحات يُظهر مدى الحاجة للتَيَقُن من كل خبر قبل نشره؛ المصادرُ لا يمكن إستبدالها لأنها هي صانعة الأحداث وهي تُغَرِّد على هواها فتتركنا بلا خيار ، إما قبول كل ما يقولون وقبول عَكسَهُ عندما أيضاً يقولون وإلاّ الإنسحاب من حقول معرفة ما يدور من حولنا وفي دنيانا. .

والأخبار تتسارع وتتعارض وتنحو مناحي لا يتوقعها عاقل وتنتقل الأخبار بزخَمِها من ساحة إلى أخرى ، من بلدٍ إلى آخر ومن متقاتلين نعرفهم إلى أسماء أخرى جديدة يربط أحدها بالآخر فلسفة ورؤيا بغيضة ممجوجة ونتعلّم، والعلم كما يقال نورٌ، أننا لسنا وحدنا في الساحة وأن غيرَنا مصاب بما سبق أن إبْتُلينا به وإن بزخمٍ أعلى أو أدنى وأساليب عرفناها أو هي أيضاً جديدة علينا فنتعرَّف عليها.

أهذا مما قُلنا يوضح مدى تعقيد القضية التي تُركت قصداً أو عفواً  تُراكِم المشاكل التي كان واجب الدنيا، كل ذي شأنٍ فيها،  أن تلْحَظَه فتتَفاداه  وتهرب من معاناة بعض مفاعيله القاسية المُدَمِّرة الراجعة بدون حدود إلى ماضٍ سحيق مظلم كنا نظن أننا نسيناه لفَقره في قِيَمِه وأدبه وفنه ومفاهيمه فإذا بالمفاجأة الكبرى تصدُمُنا في وجهنا وترجعنا إلى تاريخٍ بالكاد عرفنا كيف نهرب منه ونُحيي فيها  ومنها الرميم. 
ونستذكر قَوْلُهُ تَعَالَ في سورة يس: قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيم.

فإذا ما عدَّدْنا من يُحيي العظام لوجدنا الكثيرين ممن لم يسمعوا ولم يعوا أن الدنيا قد تغيرت على الأقل مع مرور الزمن وإن ما فات فات ومن مات مات وكل ما هو آت آت ،ونحن الآن في عالم آخر نسي ذلك الماضي ووأدَه ولم يتَرَحَّم عليه.

ما أوردنا يشير إلى وضع معَقَّدٍ يتشعَب أفقيا في الجغرافيا ويمتد من شرق البلاد العربية إلى غربها في الجزائر والمغرب ومن جنوب تركيا إلى اليمن الذي كان سعيداً أيام  الإمامية الحاكمة سعيداً من بدايات القرن التاسع الميلادي ولألف عام ونيِّف إلى أن أطاحت بها إنقلابات النصف الثاني من القرن المنصرم ويا ليت اليمن بقي سعيدا ولو منزويا بدون علم ولا معرفة بما يدور في بلاد العرب.

والوضع معقَّدٌ عامودياً، فحُماة العرب وقيادييه وحكامه ضَلُّوا الطريق وساروا مع من مشى  في ركاب من كان قادراً على رعايتهم ومن ثم سوقهم دون عصا ولا تهديد ولا وعيد إلى حيث شاء وإلى ما نحن فيه اليوم. ولا نضيف جديداً إذا قلنا أن من مشى معهم عاش مرتاحاً أو هكذا تهيأ لمن شاهد وتطلع ثم حسد وسعى إلى أن يحل محل من حَسَد ونشأت خلافات ونزاعات أزكاها متعلمون نَظَّروا وعَلَّموا وقالوا قولاً حكيماً أقنعنا فتَبنّيناه وأقنع الناس بصِحَّة مضامينه وأهمها حرية القول والفعل والحق بحياة كريمة إنحسر عطاؤها بمن حكم فمشوا بما أمَّلَهُم مطمئنين.

وبين التعقيدين الأساسيين ، دخل الواحة عسكر كل بلد ونظام ودخلت طبقات من المتعلمين بين المستفيدين، والدين دخل وبأبشع مظاهره المذهبية المتطرفة والسلفية التي تجعل من الإمام شيخ الإسلام أبي القاسم بن محمد إبن تيمية الحنبلي المعروف بسلفيته المتشددة عالماً فقيهاً مُجَدِّداً متحرراً .

مسخ كل هؤلاء الحكم والوطنية والمذهبية والقِيَم ولم يتركوا منه حتى أبسط مظاهره فنشأ عن هذا المسخ حكاما يحددون هم صلاحيات حكمهم وعسكراً يدعمهم أو يحُّل مَحَلَهم ورجال ممن تَعلَّم  وأصبح من الفاسدين، ومنَظِّرين فشلوا وأفشلوا عالمنا معاً.  ظاهرة التخَلُّف هذه أنبتت صدام وحافظ وبشار والعقيد معَمَّر وكل حكام مصر بعدعبد الناصر وغيرهم في السودان واليمن والصومال والجزائر وتونس وملوكٌ ومشايخ يُعَدُّون بالعشرات، كلهم أساؤوا إلى من إحتضَنَهم من الشعب وإلى من آواهم من بلاد.

القاعدة وما أنبتت وقد وجدت المساعدة في تكوينها وتمويلها وتدريبها فيمن يحاربها اليوم, وداعش والنصرة بنات القاعدة واللتين سُمِح لهما بالنجاح السريع وتجميع قوى هائلة والتمدُد من غرب بلاد الشام إلى شرق العراق دون أن يطرح عليهما حتى السلام. وبشار أطلق من سجونه شحنات من المتدربين على العمل الإرهابي أو أقله من حملة السلاح وضاهاه في ذلك أمير العراق المالكي فإذا بداعش والنصرة بأحسن حال فتمددتا كل في ناحية وكبرا إلى أن أصبح قتالهما يتطلب حلفا دوليا يقاتله لسنوات كي يزال، هذا إذا أُزيل.ونسمع بأعمال طاريءٍ جديد على الإرهاب أكثر مكوِّناته من غير العرب والذي أنتجته القاعدة أيضاً بهدوء وظهر على الساحة السورية فجأةً وهو مجموعة خراسان. والله أعلم بما يَجِّد من منظمات غاياتها تنسجِم وأهداف القاعدة وربما إيران.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق