Powered By Blogger

الثلاثاء، 16 سبتمبر 2014

الله والضمير في حرب الحلف وداعش


الله والضمير في حرب الحلف وداعش


يقول طرفة إبن العبد في معلّقَته:

ستُبدي لكَ الأيامُ ما كنتَ جاهلا.... ويأتِيكَ بالأخبارِ مَن لم تُزَوّد
ويَأتِيكَ بالأخبارِ مَنْ لم تَبِعْ له..... بَتاتاً، ولم تَضْرِبْ له وقْتَ مَوعِد

ونفاجأ اليوم بالأخبار والشائعات  تتوارد بأن العراق لا يوافق على إستبعاد إيران من الحلف الدولي لمحاربة الإرهاب. والمفاجأة أن ما يريده العراق الآن، على ما سمعنا،  لا يزال يتأثَّر وبجَدِّية كلية بسياسة إيران في الشرق العربي حتى في موضوع حسّاس كهذا قامت الدنيا لأجله ولم تقعد وبعد أن قررت الدنيا تسليح العراق وتدريب جيشه وتمويل كامل مقتضيات حربه كي يتخلَّص من عبء الإرهاب الذي ساعدت إيران في إذكائه من داخل سوريا الأسد. ولم تقُم الدنيا  وباقي العرب بإنشاء هذا الحلف قبل أن تحدّثت وتباحثت واتفقت مع دولة العراق على كافة تفاصيل ما ينوي الحلف فعله وممن يتألّف وكيف يعالج مشاكل حربه.

إذا ما صحَّ الخبر نكون قد دخلنا نفقاً من المشاكل لا حلَّ له لأن مشاركة إيران في الحلف ،إذا قبل الحلف ذلك،  يحُدّ من فاعليته ويمنع عليه محاربة الإرهابيين المُختَلَف على ماهيتهم فإيران حليفة الإرهاب الأسدي بينما الفاعلون في الحلف يصَنِفون الأسد كداعشٍ آخر.  وعنق الزجاجة هذا قد يغَيِّر في أمور كثيرة. إنه دعوةٌ نراها إلى توسيع رقعة الحرب أو  ربما تأخٌّر بعض الحلفاء عن القيام بما سبق وأكَّد للحلف ما التزم به.

ليس عندنا من معطيات فالوضع حتى الآن ملتبس وأخشى ما نخشاه فوضى تصيب الحلف واختلاف بين معارضيه. كلُّ شيء جائزٌ هذه الأيام وكل خلافٍ أو تصَدُّع يصيب أحد الطرفين يغير في أصول اللعبة العسكرية السياسية المذهبية الإثنية التي نراها اليوم والتي إستحدثتها ظروف تتغير ومخططون ينتظرون رؤيا للأحداث أوضح. "حيص بيص" ليست كلمة إنها وصف دقيق لحالة بعتريها الكثير من الغموض وفرقاء ليسوا على ثقة بأنهم وصلوا إلى فهم مرضٍ للحالة إياها. الكلُّ ينتظر ونحن ننتظر كالآخرين حلفاء كانوا أم معارضين.

فإذا ما الإشاعات والأخبار لم تتأكّد فذلك لا ينفي ضرورة توسيع مروحة التوقعات على جميع الأصعِدة وعدم إستثناء أي طاريء يمكن أن يغير في خريطة الأحداث.

والطاريء الجديد القديم هو أن الدولة العراقية وعلى لسان وزير خارجيتها لم تتأخر في اعتبار إستثناء ضمّ إيران خطأ يجب لحظُه وربما تصحيحه. هذا الموقف يتناغم والموقف الرسمي الإيراني والقائل بأن الحلف غير قادرٍ على دحر الإرهاب الداعشي وإن غرض الغرب الأول من كل ما تقوم به هو الرجوع إلى المنطقة لإستغلال مواردها  وإعادة إستعمارها ولم يقل المرشد الأعلى في تصريحاته كلاماً مناقضاً لهذا التحليل.

نضيف إلى كلِّ ذلك أن الطائفة الشيعية ممثلة بمُقتضى الصدر تهدد بمحاربة الحلف كما حارب العراق إحتلال أميركا له عام 2003 وما تلاه من حربٍ إنتهت بانتهاء الإحتلال. ومع أن الإدعاء بأن الشيعة حاربت الإحتلال يجانب الواقع والحقيقة والتاريخ .إن هذا ليس موضوع المقال ولن نسترسسل بشرح ملابساته.

دعم القول بالفعل جاء من اليمن حيث حرَّكت إيران حوثييها بقوة وفتحت ثَغرة جديدة في المنطقة تهَددُ مصالح دولها  وبالأخص تربك المملكة العربية السعودية وتحُضها  على التَنَبُّه إلى ما يمكن أن يقوم به هؤلاء من تهديد حدودها الطويلة مع اليمن وهذا يساهم في إبقاء الحلف في خانة التوقُعات بدل اليقين.

وكان إجتماع باريس أمس  والذي حضرته ثلاثون دولة وكانت قراراته أقَّل من المتوقع واقتصرت على الحرب على داعش العراق ولم تأتِ بذكر لما تنوي فعله في سوريا فالوضع ملتبس تشوبه ضبابية سببها موقف الروسيا وإيران باعتبارهما حامِيا الدولة السورية والمدافعان عن سيادة دولة عضو في هيئة الأمم لا يجوز تعدِّيها تقيدا بالقانون الدولي واحتراماً لنصوصه.  الملفت أن إيران والروسيا لا يريان في تَصّرُف كلٍّ منهما وعدم احترامهما للقانون الذي يدافعان عنه اليوم دخلاً في الموضوع. لا لبنان واليمن كمثل عن تصرُفات إيران ولا أوكرانيا بالنسبة للروسيا في بال أياً منهما.

عجيب غريب كيف تكذب الدول ما دام لها مصلحة في تضليل الناس وحماية مصالحها فالكذب ليس جريمة ولا علاقة له بقول الحق؛ هكذا هم الكبار ممن ضميرهم مؤجّرٌ يكذبون ويقتلون ويهدمون ويلجأون متى دعت الحاجة للقوانين الدولية التي يفسرونها كما يشاؤون ولا من يُحاسب.

أيجوز أن نستطرِد ونقول أن الدول تسعى فقط لتأمين مصالحها وأن سبب الإهتمام بما يجري في منطقة غرب البحر المتوسط نابعة فقط من رغبة في عملٍ استباقي يُبعِد عنها ولو لأمد خطراً داهما ويؤمن إذا نجح مصلحة المتحالف والمعترض والربح والخسارة على ما نقرأ، وعلى الأقل مؤقتاً ، بيد الله إلى أن تتضح وتستقيم الخطط والخطط المقابلة وينتقل الربح والخسارة إلى يَدٍ أخرى لا علاقة بالله جلّ جلاله بها. هكذا يفَكِّرون معارضون وحلفاء فليس لله ولا ما أوصى به من مكان لا في الضمير ولا الأخلاق ولا الوسائل ولا التخطيط.

نكتب ما نكتُب لأن أهل البلاد ستدفع الثمن ربِحَ من رَبِح أو خَسِرَ من خَسِر. ولا ضرر يصيبهم إذا أوردنا كلَّ صحيح من التوقعات  ليطَّلعوا عليها ونحن لا ناقة لنا فيها ولا جمل.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق