Powered By Blogger

السبت، 6 سبتمبر 2014

متى يقرر رئيس اميركا ان يتحرك

متى يقرر رئيس اميركا ان يتحرك

اليوم الرابع من أيلول اجتمع في لندن زعماء الحلف الأطلسي واتفقوا على التدخُل العسكري في العراق أواخر شهر أيلول الحالي أي بعد إنعقاد الجمعية العمومية لهيئة الأمم المتحدة . واستثنوا سوريا من هذا القرار. يقولون أن العراق طلب من الحلف التدخُّل فكان له ما أراد وصدر القرار على هذا الأساس. الحكومة السورية لم تطلب من الحلف المساعدة وبالتالي لم يقرر الحلف التدخُل ضد داعش  هناك. وطبعاً هناك سببٌ آخر لا يقِلُ أهميّة عن السبب الأول وهو على ما فهمنا معَقّد صعبٌ لا حلَّ له. سوريا مقاطعة ومعزولة من دولٍ كثيرة ومنهم أعضاء الحلف الأطلسي فإذا ما تدخل الحلف وأجلى داعش عن منطقة أو أكثر فلمن يسلم الحلف المناطق المحررة؟ أصولاً عليه تسليم تلك المناطق للدولة السورية أي لنظام الأسد وهذا غير مقبول ولا معقولٍ ولا هو في واردٌ ِ تفكيرهم.  وعليه فللبحث تتمة؛ سيدرسون ويناقشون ويستشيرون ويأخذون وقتهم لكي  يقرروا متى وإذا ساعدت الظروف وحدث من المعجزات ما هو لا على البال ولا على الخاطر
عندها، أي بعد توافر الفرص تكون داعش قد توسّعت والنُصرةُ تمكنت من مناطق أخرى وبشّار يتسلّى بالبراميل المتفجِرة يرميها على السوريين أينما وجدهم ولِم لا والروسيا تصون الطائرات وتزود الجيش بالأسلحة والذخيرة بما فيها البراميل اللامثيل لها وإيران تدعمه بالعديد المُدَرّب والمدفعية والطائرات بطيار و بلا طيار
إيران الشيعية الإثني عشرية تخاف داعش وتحاول ما إستطاعت إشغاله في سوريا كي لا يُبَكِر وينقل إهتماماته شرقاً إلى قُم عدوته المذهبية الأولى بعد الكوفة والنجف. وإيران  لن تدخل الحلف الذي يجري تأليفه وهي تعرف ذلك مما يؤكد لها ضرورة إشغال داعش ما أمكن يعيداً عن العراق الجار
أنشد الحجاج إبن يوسف الثقفي قصيدة  نُسبَت إلى الشاعر الجاهلي  رُشَيدِ بن رُمَيْض،  وهو يحض عساكره  والناس  على محاربة الأزارقة أصحاب أبي رشد نافع بن الأزرق الذين خرجوا مع نافع من البصرة إلى الأهواز فتغلبوا عليها وتمددوا في  ارجائها وما وراءها من بلدان‏:‏ فارس وكرمان. وكانوا من الخوارج الذين اشتدت عزيمتهم  وصاروا من القوة ما هدد الدولة الأموية واستمرّت الحرب ثمانية عشرة سنة إلى أن تمكنت الدولة الأموية من تحقيق النصر عليهم.
الشعر كان السلاح الأمضى للتواصل وللتحفيز ولكل تعبير لِحَّثِّ الناس على القيام بعملٍ ما والدعوة  إلى الحرب كانت إحداها قال
هذَا أَوَانُ الشَّدِّ فَاشْتِدِّي زِيَمْ ... قَدْ لَفَّهَا اللَّيْلُ بِسوّاقٍ حَطَمْ
ليس بِرَاعِي إِبِلٍ ولا غَنْم.. ... ولا بِجَزَّارٍ على ظَهْرِي وَضَمْ
بَاتَ يُراعِيهَا غُلامٌ كَالزُّلم ..... خَدَلجُ السَّاقَيْنِ خَفَّاقُ القَدَمْ
فاندفع الناس إلى تهيئة حالهم للجهاد ومن لم يفهم المعنى قُتل بحد السيف قبل بدء الحرب ولم يُعط الفُرصة للأزارقة كي يُكملوا إستعداداتهم لقلب الحكم وهكذا كان قرار الحرب سريعاً فاعلاً وأنتج المفاعيل التي توخّاها الحَجاج . الحجاج لم يستَشِر الخليفة في دمشق ليس لأنه شعر أو طمح بالإستقلال عنه ولكن لأن الخطر الداهم ومسؤولية الحاكم  لم تكن لتنتظر المشاورات فنفذ القرار السريع وكان الوضع سيئاً بحيث كان يمكن أن يغَيِر مستقبل المنطقة لو لم يبادر وينفذ
 هذا ما كنا نأمله وإن كنا لا نتوقّعه من أوباما وزملائه ولكن القادر الساهر المتيقِن من قدرته ليس على السماع هذه الأيام وإنّه والتأجيل على وِئام. ما أردنا هو ٌان نستفيد من قول محارب قديم ناجح  أنّه آن أوان الحسم إذ بدون حسمٍ سريع قد نجد أوضاعُنا وقد تردّت وربما أوضاع غيرنا أيضاً ممن اخذُ وقته وهو يفكِر ليقرر ونندم ويندمون حين لا ينفع الندم
أوباما رئيس مهم وكذلك هم زملاؤه في الحلف المُستحدث ولكنه يريد أن يكون أولاً بين متساويين تماماَ كبابا الفاتيكان لكنه لا يُقِرُ أمراً إلا بإجماع الآراء مما يعطيه كل فرصة للتلكؤ وربما رفض أو تشويه ما تقرر. بابا الفاتيكان رغم أنه فقط أولاً بين متساويين فإن العادة جرت أن يقَرّر وعندما يجتمع مجلس الكرادلة يُقرأ عليهم ما قرر هذا الأول من أعمال وقام به من أفعال. المسؤولية في أبسط تعريفاتها تُلزم من يتولاها أن يفعل لا أن يؤجِل وعدم الفعل كالفعل له عواقبه
ونعود لأسباب العجلة لنأخذ من أخبار الأيام مثلا تِلوَ المثل عن أعمال داعش ولن نذكر القتل والذبح والسبي وفرض شعائر مذهبية عقيمة عفى عليها الزمن بل نحصره في ما تسببه الدولة الإسلامية من هدم وتدمير لأماكن أثرية تاريخها من تاريخ حضارة هذا الشرق وتُلغي من مقدّساتنا ما هو لنا وللعالم أجمع. العقيدة الداعشية لا تسمح ببقاء التماثيل التي شيَدها الأجداد ولا الأضرحة وأمكنة العبادة وبالتالي فهي تهدمها وتمحي أثرَها ربما لتمحي من الذاكرة الدينية المسيحية والإسلامية ما إعتادوا أن يتذكروه ويزوروه ويحتفلون فيه لما يرمز ويؤكد ما هم يقَدِسون
نحصر الخراب بما كفروا به وأنزلوا فيه بوحشية وصفُها صعبٌ إن لم يكن من غير الممكن التبسُط فيه أو شرحُه.  في مدينة الموصل حصل كلُ هذا ولكن مساحته أكبر وبالتالي وعلى هذا القياس يمكننا أن نعرف ما يضمرون من شَرٍ لنا وللديانات التي بدأت هنا وانتشرت من هنا ولا نزال هنا مرجعا للدارسين وموئلاً للمتدينين والمنبوذين
العقيدة الداعشية من عُقمِها منعت الفنّ بأنواعه وقيّدت الجمال بتغطيته وفتح مساحة هائلة من لا شيء، فراغ تبنيه داعش كي لا يكون للإنسان بديلٌ عن مذهبٍ يعيش تبعيته صباح مساء لا يُشغِله عنه شاغل والآثار وأماكن العبادة وما شاكلهما مغايرٌ للدين ومخالفٍ له ويبتعد بتفكيرهم وحياتهم عن العقيدة والصلاة والخنوع لما تقتضيه وهذا ليس مما ترضاه داعش وأخواتها ومن يأتي بعدها لينافسها على التقيُد بالدين. كلما مرَ الزمن زاد التزمُت والتطرُف والقبول بما يُفرَض
ممَا دُمِر في الموصل جامع وضريح  الشيخ فتحي ويعود تاريخه إلى عام 1050 وجامع ومرقد الشيخ قضيب البان والذي يعود تاريخه إلى سنة 1150 ومرقدالإمام الباهر ويعود تاريخه إلى سنة 1240،وضريح يحيى أبو القاسم وتاريخه سنة  1240،وضريح ألإمام عون الدين وقد بُني سنة 1248،وجامع النبي يونس المشيد على تلة آشورية والذي تمّ بناءه سنة 1365،وجامع النبي جرجيس المبني سنة 1400،وجامع النبي شيت سنة 1647،وقبر المؤرخ إبن الأثير الجزري الموصلي (1160-1232) وتمتال الشاعر أبو تمام (803-845).  وقد دُمِرت آثار أخرى لم يتم تدوينها وتوثيقها منها : مرقد الإمام ابراهيم من القرن الثالث عشر،مرقد الإمام عبدالرحمن،ومرقد عبدالله بن عاصم حفيد عمر بن الخطاب، ومرقد أحمد الرفاعي وعشرات المراقد الأخرى التي لم يتم فحص ما جرى عليها من تخريب
وهناك كنائس تاريخية في الموصل مهددة بالزوال من أهمها كنيسة شمعون الصفا  وقد تم بناؤها  سنة 300 ميلادية، وكنيسة مار أحوديني  من سنة 575 وكنائس أخرى عددها يزيد عن الثلاثين ويعود تاريخ بعضها الى 1500 سنة. الكنائس التي ذَكرنا كلُها سبق بنيانها ظهور الدعوة الإسلامية
ما نورد يحزننا ويزيد في يأس واحباط شعوب بلادنا  ولكننا نقف جانباً ونفكر بالذين ينعمون بهدوء البال لأن ما يجري لا يصيبهم وكلما تأزّمت كلما إرتاحوا. من أكثر من الدولة اليهودية رابح في ما يجري! والدولة الإسلامية  تحوِل الإسلام إلى خنجرٍ يطعن في الظهر ولا مانع إذا ما إستعملته لجّز الرقاب، ظهور أقراننا ورقاب شبابنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق