Powered By Blogger

الجمعة، 24 أكتوبر 2014

أميركا لم تتخلّ فهي لم تدخل الساحة بعد

أميركا لم تتخلّ فهي لم تدخل الساحة بعد

بالأمس تساءلنا عمّا يصيبنا لو تخلّت أميركا عن مشروعاتها في البلاد التي كان من سوء حظها أن آمنت وصدّقت حسن نوايا أميركا وتركت الأمور فيها تجري على طبيعتها وأوقعتها فيما خططت له عن قصدٍ أو سوء تقدير.

وبالأمس سمعنا عن لسان أحد من ينطق بإسم أميركا أنها ستترك عملية التحرير للدول التي فيها من الإرهابين من جاءها بعلم منها أو بغض النظر عنها أو لغيابها وانشغالها بأمور أخرى أو لضعف في إتخاذ القرارات بشأنها أو لإنعدام الفهم عندها لواقع خطرها، تترك الأمر لهذه الدول لمحاربتهم وإضعافهم وربما إزالتهم من الوجود وتعهّدت بإستمرار مساعداتها الجوية التي أثبتت على مدى أسابيع ومئات الغارات وآلاف القتلى بأنها فائقة الكلفة قليلة المنفعة كثيرا ما تخطىء فيمن تساعد.

ولا نذهب بعيدا وربما كان هذا بالأمس أيضا فالأكراد قالوا بأن نهاية المعركة الحالية في كوباني ومهما كانت نتائجها ربحا أو خسارة ، ستخرج من سوريتها وتعلن منها دولة كردية مستقلة لها إدارتها وبرلمانها وجيشها . تركيا تعارض ذلك لأن الأكراد فيها يعَدُون بالملايين وقد تصيبهم العدوى فيسيرون مسار كوباني وهذا مؤلم لها . ما ينطبق على تركيا قد لا ينطبق على إيران ولكن الخوف مما يجري لأكراد سوريا وتركيا لا يترك طعما حلوا في فمها لكثرة الأكراد فيها ولأن طموحهم متى بدأ المسار لن ينتهي إلا بدولة كردية كاملة تضم شعبها كله.

والأسد، حليف إيران وروسيا وأعوانهما يرى ويسمع ولا بد أنه يعرف أن خلاصه الوحيد من مأزقه والذي أداره على ما يقرب من أربع سنوات إدارة أبقته داخل المعادلات السياسية والإقليمية  ينظر أيضا إلى المنطقة العلوية كملجأِ أخير له ولعائلته وأزلامه،  وتركيا لها حذر من ذلك لأن من يعيش فيها من العلويين هو بالملايين أيضا وهي لا ترغب وقد تحاول أن تمنعه.

الشيعة في سوريا قلة وأهم مذاهبها الإسماعيلية وهي ليست في وارد الدخول في بازارات ولا ساحات قتال ولا تريد معاداة غيرها من الشيعة ولا معاداة السُنة. يبدو أنها تُفَضِّل أن تكون جزءا من بلد مستقِرٍ هاديء وبالتالي لن تكون عائقا في طريق أحد.  يماثلها المسيحيون االمتفرقون المنتشرون في كل مناطقها  والدروز المقيمين في أقصى جنوبها ولم نسمع منهم ما يدُلُّ على طموحات إستقلالية وهم أصلا كانوا في صلب تكوين سوريا كما كانت قبل الثورة الأخيرة.

  العراق لا يختلف في طموح مكَوِّناته للإستقلال عن الدولة القائمة قانونا وإن ليس فعلا أو الإنضمام إلى دول أو مناطق أخرى ولا نعلم ما يُحاك إضافة إلى ما إستشرفنا. أكراد الشمال أصبحوا دولة وهم يطمحون بضمِّ باقي أكراد المنطقة في سوريا وتركيا وإيران لإعلان دولة الأكراد النهائية، يتعاون معهم ويسعى للإندماج بهم وربما يخطط وإياهم الأكراد الذين ذكرنا في البلدان المحيطة بهم. وكنا كتبنا في مقالات سابقة تفاصيلا لا داعي لتكرارها هنا.

اليمن  موضوع آخر لا دخل حاضراً لأميركا أو الحلف فيه ولا يهم في سياق ما يجري في الدنيا وفي شرق المتوسط لأنه لم يجذب أحدا حتى الآن من الأطراف المندمجة في ساحات القتال التي قررت أميركا أنها مكمن الداء.

طبعاً، إيران والسعودية والقاعدة أطراف من الأهمية بمكان وأميركا كانت في السابق مهتمة حتى العظم بكل طرف فيها ولماّ أعلن أوباما أنه قضى على قائد القاعدة أسامة بن لادن بعملية أين منها ما تحلم هوليود به وتترجمه بأفلام لم يتعدى أحدها عملية أوباما مع أسامة. خبر هزّ العالم ويظهر أن أوباما إنسحب من ساحة القتال مع القاعدة وأرخى لها الرسن وهي اليوم أنشط وأفعل وتربح وتخسر كغيرها من كبار التنظيمات وربما ولا نستغرب أن تعلن خليفة لها ربما يستسيغون تسميته بأبي بكر اليماني ينافس خليفة داعش أبو بكر اليغدادي.


بدأنا بسؤال والإجابة عليه بسيط. أميركا والحلف لم يدخلا الساحة بعد وحربهم جوية لا تزال قاصرة عن التأثير في مجراها وهدّافها لا يزال يُفَكر أو هكذا يدعي والدول وأقسامها وفروعها الدائر كل منها في فلك وبالتالي فإن السؤال ليس في محله ولا داعي لإتعاب عقولنا فيما لا طائلة منه.
24/10/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق