Powered By Blogger

الثلاثاء، 21 أكتوبر 2014

يُتم فلسطين بارقة أمل


يُتم فلسطين بارقة أمل
المقال السابق يقول أن فلسطين ونكبتها التي شاركت بإيقاعها على شعبها دُول ومنظمات صمّمت مبكرا عليها وأصدرت ولم تعلن ما تم حبكُه لتغيير جغرافية المنطقة مع محاولة طمس تاريخها وترويجه كتاريخ همجي تغييره واجب ، فاستحدثت دولا وأوقعت عليها وصايات ثبتتها ضعيفة لا قدرة لها على تجنب ما رسم لها وأتت برجال استخدمتهم ليرسخوا ما أرادوا بها فإذا بنا دولا وحكاما وامراءَ ومشايخا وملوكا وشعوبا غيرت لونها ولباسها واسمها واستقرت على ما قُدِّر لها.

مقدساتنا في القدس وبيت لحم والناصرة لم يَعُد لها ذكر عند من كان يهمُّنا أن يتذكروها. المسجد الأقصى وكنيسة القيامة والحرم الإبراهيمي ومِذود السيد المسيح وكل المقدسات في الناصرة وجبل الطور وطبريا وبحيرتها وقانا الجليل ونهر الأردن، كلها تيتَّمت فلم تعد في مرأى العرب ولا الغرب إلا بما خص اليهود ومصالحهم.

طغت على الأمة مصالح حكامها وكانت طغت عليهم سابقا لعقود وإن هَمُّوا حينا بعد حين وحاربوا وانتكست فوراتهم وعادوا من حيث أتوا خائبين وانتفض حكام جدد عليهم وحاولوا وفشلوا وتكررت الإنتفاضات حتى صار بعضها هزلي الطابع واكتفى الشعب في فلسطين وغيرها بالصمت حينا و بحديث هو كلام مَن فقد الأمل أحيانا .

 واستكانت الناس واستقر كل حاكم في عليائه يَذكُرُ القضية المقدسة كلما واجه حركة أو أُسمِع كلاما فيجيب بما لا سؤال بعده بأنه يُعِدُّ للمحاربة في سبيل القضية 
 المقدسة إياها.

إستثناء للخضوع العربي والسكوت الأممي كانت فلسطين في ثورة مستمرة. ثورة حجارة أو ثورة جهاد وحربان على غزة وهي الآن لا تريد من "الإخوة العرب" إلا الغياب عنها وتركها تداوي جراحها، القديم منه والمستحدث.

اليوم وليس من أسابيع يحارب العربُ العربَ ولا يقبل البعض مساعدة "إخوانهم" فالعراق يرفض أن يشاركه في الحرب ضد الدولة الإسلامية أي عربي. إيران ومنظماتها وجيوشها تكفي وهي مؤتمنة في العراق والعرب ليسوا كذلك. وصل الذلُّ والإنحطاط إلى هذا الحد. ويزيد البلاء قول أميركا أن داعش العراق أولوية على داعش سوريا ونخاف أن تضعف داعش الأولى وتقوى داعش الثانية ونعيش حلقة مفرغة لا أول لها ولا آخر ويبقى الصراع متنقلا من بلد إلى آخر حسب أولويات من بيده القرار.

بعد كل هذا، لماذا يجرِّب أهل فلسطين المُجَرَّب وقد أفاض على عقود طويلة بمكرمات هزائمه وبإرهاب ساكني مخيماته وإذلال شبابهم ومنعهم من الإرتزاق بعرق جبينهم  هكذا وبلا ذنب إقترفوه أو أمر يستحق كل ما يفعلونه بهم.

في فلسطين لم يسكت الناس طويلا ، وأمامهم ويحاربهم ويحاول تهجيرهم عدو قوي لم تقدر عليه كل عربان المنطقة بل هو توسَّع لأنهم حاربوه، والضفة وغزة آخر مثلين، خسرتهما فلسطين يوم ساعدتهم جيوش العرب. قبل ذلك توسّعت حدود العدو بعد أول حرب شنَّها العرب عليها فتغيرت من ما قررته الأمم المتحدة إلى أوسع وحُصِر أهلها، أهل بعد الهجرة الأولى، في مناطق أضيق يحكم نقاط العبور منها وإليها من واجهه حربا من العرب.

والآن وقد إنشغل العرب ببعضهم البعض فقد أعطوا لفلسطين وناسها ومغتربيها فرصة تحرير بلدهم كما يريدون . ونناشد ونحض ولا نخاف فالشعب الذي لم يترك بلده لأكثر من ستة عقود سيصبر ويناضل وينير أفق هدفه ليكون أملا منارا له ولمن يأتي بعده إلى أن يكتمل السعي والعمل ويقضي الله أمرا كان مفعولا.

هذا أوان الشّدّ فاشتدّي زيم.... قد لفّها اللّيل بسوّاق حُطم
ليس براعي إبل ولا غنم..... ولا بجزّار على ظهري وضم
بات يراعيها غلام كالزّلم... خدلّج السّاقين خفّاق القدم

نسب هذا الرجز إلى شريح بن ضبيعة من بني قيس بن ثعلبة وهو الملقب بالحُطم. وقد أتى به الحجاج في خطبته حين دخل العراق يحضهم على اللحاق بالمهلب بن أبي صفرة لقتال الخوارج. ونأتي به لنحُض أهل البلد الضائع يلموا شملهم في الداخل والخارج ويتكتلوا ليعالجوا مشكلة قضيتهم المقدسة كما يجب أن تعالج.
والآن وقد أنَرنا لنفسنا طريقا جديدا فكيف نُحَقِّقه؟  لنا في ذلك رأي وفي التاريخ أمثال.

نحققه بِلَمِّ الشمل ، شمل كل أهل فلسطين، في الضفة والقطاع والمخيمات في لبنان وسوريا والأردن والعاملين خارج البلد المُضيف في البلاد العربية وأوروبا والمهاجورن إلى بلاد الإغتراب الذين إنتموا إليها وأصبحوا مواطنين فيها، نلمُّ شملهم بالإتصال بهم وإقناعهم بضرورة التعاون ليعملوا يدا واحدة فيتفقوا على رزمة من الأشخاص المخلصين القادرين يمثلوهم في البحث عن أفضل نواحي وأساليب التعاون ووضع خطة طريق يسلكها الجميع تستند إلى قرارات الأمم المتحدة التي قَونَنَت حقوقهم وأصدرت قراراتا تشمل حق العودة وترسيم الحدود وتعويض اللاجئين عن أملاكهم أو إعادتها اليهم وبعد ذلك نطالب بما عانى اللاجيء وأولاده من عناءٍ وشظف عيش وتشريد وذلٍّ. الأشخاص المختارون المفوضون بتمثيل شعب فلسطين هم بالواقع الوزارة الأولى لدولة فلسطين وبيانها الوزاري الأول ينحصر في تطبيق قرارات الأمم المتحدة.

هذا حلم قد نحتاج إلى عقود لتنفيذه وستحاول منع تنفيذه جهات كثيرة تتأثر بالنفوذ اليهودي فيها ولكن ذلك لا يجوز أن يمنع السير فيما تَقَرّر فالطريق طويل والخطوة الأولى ترسُمُ الطريق ولا نحيد عنه مهما كانت العقبات ومن كان وراءها. نعرف أن أول المعترضين ستكون أميركا ، من كان رئيسها ، تليها الحكومات (ولا نقول الدول) المرتبطة بها وطبعا اليهود في فلسطين. والحاجز الثاني وربما الأهم سيأتينا من أهلنا الذين إرتبطوا بالمعترضين والأهل الذين لم تسنح لهم فرصة المشاركة في القيادة المختارة والذين يزيد طموحهم على وطنيتهم وهؤلاء كثر ويجب وضع حد لتخريبهم ما يُبنى حال ما يظهرون أو نعرف أن نيتهم الظهور.

والمثل هو الثورة الفرنسية التي أنتجها مفكرون ومخلصون ولم تلبث حتى أصبحت (مجازا) داعشية في أسلوبها واستمرت سنين طويلة كذلك إلى أن تغيرت الظروف والأشخاص وأصبحت الثورة مثلا يحتذى وإن بعد مئة عام.
21/10/2014




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق