Powered By Blogger

الأحد، 19 أكتوبر 2014

مذهبيٌ مصلحِيٌ


مذهبيٌ مصلحِيٌ

نبيل الذهبي قائد أنصار الشريعة ( قاعدة اليمن) هدد الحوثيين "بنهش أكباد الروافض الشيعة وإحراقهم بالأحزمة الناسفة والسيارات المفخخة". ويتوافد مقاتلوا القاعدة من محافظتي شبوة وحضرموت إلى البيضاء تحضيرا لجولات أخرى.

ليس هنك من كلام أوضح يظهر مدى العداء المذهبي الدائر الآن ليس في اليمن فقط إنما في أرجاء الأوطان العربية التي لا تزال تعيش جولات القتل والنهب والتهجير والهدم وكأن الهدف الأساسي لها ينحصر في التخريب ولا علاقة له بأية قِيَمٍ ومباديء أخرى. يساهم مع الفصائل المتقاتلة حكام البلاد وسادتها . وقد انضم لهم أخيرا حلف لا نعرف غاياته لكنه متعدد الجنسيات والمذاهب ويقوم بما عليه وبما يقوم به الآخرون.

المشتبه بهم من تنظيمات وفصائل ودول وأحلاف لن يتركوا في البلاد ما قد يبنى عليه من إعادة إعمار وإعادة تأهيل وإعادة بعض الأمل للذين هم خارج ساحة القتال ولا يحاربون، فهم يَهربون ويُهجرون ويَستعطون الخبز يأكلوه والخُرَق يلبسونها ولا رأي لهم فيما يجري.  وللإمام عَلِيّ بنِ أبي طَالِب قول فيما نحن فيه: "ولكنْ لاَ رأيَ لمنْ لا يُطَاع".

أليس الواقع يأخذ من المناحي والأقوال ما يخدمه؟ السنة ضد الشيعة متى سلكت الطريق ووصل المقاتلون إليهم، وفي الطريق أحيانا عقبات سنية يزيلونها من طريقهم ،  ليحققوا "الأهداف الشرعية النظيفة" ولو بنهش أكباد من هم عقب .

لكن الواقع وكما هو الآن ، في اليمن مذهبي. أما في سوريا فهو ملتبس وفي العراق داعش ضد دولة جيشها من كل الطوائف ،وخلفها فيالق وتنظيمات ودولة مذهبية وسيمضي بعض الوقت قبل أن تنتظم الصفوف ونعرف مدى مذهبيتها ولو سنية في طريق "نهش أكباد الروافض الشيعة". ولا نزال نسمع ونُصَدِّق أن النزاع محض مذهبي.

المصمم المخطط القادر المهيأ للمعركة يصطبغ بشيعيته ولكنه سياسي فيما يقوم به ونراجع ونلقي الضوء. هدف إيران توسُّعي لا تبشيري أقَلُه لسببين ، اولهما الطغيان العددي السُني في المنطقة؛  والسنة لا يستسيغون تغيير مذهبٍ عاشوا وتربوا عليه إلى مذهب آخر ليس بتميُز أحدهما على الآخر إنما عادات وتقاليد المجتمعات لا تتغير "بكبسة زِرّ " وإيران أول من يعي هذا المبدأ البسيط.

والسبب الآخر أن إيران تستعجل تحقيق الأهداف التي صاغتها على ما يظهر منذ انتصار الثورة الإسلامية في إيران وإستلام الإمام الخميني مقاليد الحكم على مبدأ ولاية الفقيه، مبدأ إختفى يوم أنتهت الدعوة الصفوية في القرن الخامس عشر الميلادي، أعادها الخميني لأسباب مذهبية.

 ولاية الفقيه تخدم أهداف إيران السياسية وغيرها من أهداف لأن الولاية مذهبية شيعية إثني عشرية؛  وبالصدفة أو التخطيط تجعل من رجل واحد أميرا على كل من إنضوى تحت عباءتها . قوله لا يُناقَش وقراراته مُلزمة دينيا وسياسيا.

إذن إيران مذهبية عند الحاجة ومدنية عندما تخدمها هذه الصفة. وإيران مرِنة فيما تعرض أو يُعرض عليها وهي تناقش وتحاور ما دام تأجيل القرار متاح ومفيد لأغراضها. الحوار مع الخمسة زائد واحد، النقاش الدائر بين أعضاء مجلس الأمن الخمسة أصحاب حقّ الفيتو وألمانيا  بشأن الصناعة النووية،  مثلُ يجب أن يُفَكّر فيه ويُحتاط له  لأنه نمط سياسة مارسته الدولة الفارسية قرونا نحتته وأدّبته وحسَّنت إداءه ولم تلبث أن توسعت دائرة الإفادة منه حتى صار أسلوبا رائجا في التجارة والسياسة والتقاليد التي تجذرت وأصبح جزءا من أسلوب حياة. هذا النمط في ممارسة السياسة ، نمط البازار، غريب عن ثقافة وأساليب تعامل الغربي في السياسة أو الأعمال.

وفي العراق كما في اليمن وسوريا ولبنان تهادن إيران كل من يُمكن أن يُهادِن ويعطيها دعماً وقوة تضاف إلى ما لديها من قوة وتفي بوعودها لتسبغ على سمعتها المصداقية اللازمة  لحماية ظهرها ولم يمضي من الوقت لنعرف ما إذا كانت الصدقية ثابتة أو مرحلية.

نعود إلى الموضوع قريبا لأن المبدأ المطروح قابل للنقاش وإذا ما أثبت الزمن صحته وجب علينا أن نغَيّر منِ بعض سياساتنا.
19/10/2014


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق