Powered By Blogger

السبت، 1 نوفمبر 2014

الشرق المستباح



الشرق المستباح

لا يسَع المتابع في هذه الأيام إلا أن يشعر بضياع كامل في فوضى عارمة تجتاح كل زاوية من زوايا هذا العالم  جاءت به أو شجّعته دول كانت ذات مصداقية وموقف فأشاعت الفوضى وبررت في أحاديث مسؤوليها أفعالها وتقاعسها المستحدث فلم تتردد في القول مستهجنة لما نحسّ به ويؤلمنا أن تدخُّلها فيه حكمة وفيه مبادىء للعدل تبان قريبا. ومرّت السنين واتضحت بعض الأمور فإذا مصداقيتها في الحضيض والمبادىء صارت مصالح وحتى المصالح تشوبها عورات لم نعهدها سابقا  ولم نسمع بمثلها إلا عند من ضاعت القيم وفقد الضمير
كنا نسمع، أو هذا ما أذكر ،قول أوباما أن الإستخبارات قصَّرت في تزويده بالمعلومات وقد يكون ما قاله صحيحٌ إنما اليوم تطالعنا الأخبار من السلطات الفيديرالية الأميركية أن وكالات الإستخبارات أنفقت هذا العام، في سعيها للحصول على معلومات،  ما يزيد على 68 مليار دولار. الا يحق لدافع الضرائب الأميركي أن يتساءل؟ أو ليس واجب من أنفق أموال الناس أن يوَضِّح؟
الشرق الضائع بين المصالح وأبرزها مصالح إيران وإسرائيل والأنظمة التي أعطت الشعوب  دافع التحرك الذي أقام الدنيا ولم يقعدها والمعَرَّف بالربيع العربي. لا نستطيع مهما كلَّفنا أنفسنا متابعة وحكًا للدماغ أن نرى غير ما حددنا . لا نرى لأميركا مصلحة إلا التخلص مما لم يكن قائما لمَّا ترددت ولم تقرر وأصبح شاغل البال عندها تمدد الإرهاب إلى أراضيها ولا ندري إن كان خوفها قائم فعلا أم تبرير للتقاعس والإهمال الممزوج بالتردد وعدم القدرة على المبادرة بقرار ذو معنى
ما ينطبق على أميركا ينطبق على الحلف الذي أُنشىء بعجل وخجل  ودون تخطيط ولا سياسة ولا حتى وصف للمهام التي يفترض أن يقوم بها،  ولا نقول تحديد المهام لأن ذلك يأخذنا إلى جدل عقيم عُقم من إستعجله إظهارا ولو متأخرا لموقف هو أصلا غير موجود
بعض المتحالفين يطالهم أذىً إذا ما استمر الحال على هذا المنوال ونُخَصِّص: بلدان الخليج والأردن ولبنان أعضاء في الحلف يخافون تمدد داعش وأخواتها إلى داخل كياناتهم ويريدون بصدق وبقرار واعي أن تنتهي المشكلة دون أن يدفعوا ثمنا غاليا لها. هذه الدول لا تستطيع محاربة داعش، وكذلك الثوار في سوريا والعراق وهم الأعداء الحقيقيون لداعش والأسد ، دون موافقة أميركا. أميركا ترفض تسليح الثوار ولا تسمح لغيرها من المتضررين تسليحهم وتشمل في ذلك دول الخليج خوفا من تَسَرُّبها إلى إرهابيين
المستفيد من سياسة أميركا التي يصعب على المتابع وصفها بأنها حكيمة هم
1. داعش أولاً لأن لا محارب جدي يواجهها. سياسة أميركا بالحرب الجوية والتي ثبت عقمها لم تُزَحزِحها ولم تلزمها بالتراجع عن مواقع إحتلتها. في العراق ، الجيش الذي أنشأته أميركا ورعته وتشَدَّقت وقالت أن للعراق اليوم جيش فاعل، هذا الجيش سلَم داعش ألوية الموصل ونينوى والأنبار وبعض كردستان وغيرها كما زودها بالسلاح الحديث والعادي المشترى من أميركا
أما في سوريا فتواطؤ النظام وغياب أميركا عنه ورفضها تسليح المعارضة السورية خوفا من أن تقع في أيدي الإرهاب، والمساعدة المباشرة والعلنية لروسيا وإيران بالسلاح والمقاتلين ثبَتت رجل داعش ومن شاء من أشكالها وستبقى فيها على الأقل  إلى أن "يخرجوها" من العراق
2. النظام السوري ألذي تعترف أميركا بإنتفاعه مما يجري وتمدد إعتداءاته بالبراميل المتفجرة والصواريخ والطيران وقتله للشعب الذي قيل أن الشعب إختاره وتدميره المنهجي لبنيته. عمره سيطول ما دامت السياسة الحالية للحلف مستمرّة
3. إيران وقد تمددت بدورها تماما كداعش في سوريا، فهي الآن تحكم سوريا، وفي لبنان حيث نفوذها يطغى وهي تمنع حتى إنتخاب رئيس للبلاد وتتحكم بالبلد على هواها بواسطة وكيل الوالي الفقيه السيد حسن نصرالله ولا من معين له. وهي تحكم دولة العراق ولا يحاولنَّ أحد أن يناقش فيه. هي تمنع الدول العربية من إرسال جيوشها لمحاربة الإرهاب فيها. وهي تحكم اليمن السعيد سابقا وقد أبلت فيه البلاء الحسن ولم يبق إلا أن تعلن "رسميا" رعايتها له وحكمها فيه. هي الآن في حكم المقتدر على إغلاق أهم معبرين بحريين رئيسيين في الشرق: هرمز وباب المندب
4. بَلَدان مهمان ناشطان عدائيان لدافع ثمن السياسات والمستفيد منها على حدٍ سواء، لهما أطماع جدية وأساسية يسعيان الى تحقيقها كل على طريقته وبخريطة طريق مدروسة ، الكثير منها معروف للعامة كما للمتابعين
أ. تركيا تحلم بالخلافة التي كانت لها لما يزيد على ستة قرون خسرتها بعد الحرب العالمية الأولى بست سنين وهي تداعب الفكرة من زمان وإن بتروي وصبر؛ وهي أيضا تخاف تململ الأكراد وأحلامهم الإستقلالية بدولة تجمعهم كلهم وهذا حلم يراودهم من زمان أيضاً. أكراد تركيا يتجاوز عددهم 13 مليون جلُهم في شرق وجنوب شرق تركيا ويكونون حوالي 18% من مجموع السكان ويجاورون كردستان العراق وعددهم فيها يقارب ال 6 ملاين وكرد سوريا وعددهم التقريبي 2.5 مليون والأكراد في إيران وعددهم بحدود ال 7 ملايين.. ولتركيا مصالح أخرى تسعى وراءها تتعدى موضوع بحثنا
ب. إسرائيل وتاريخها في الشرق لم يترك مكانا للتلطي ولا لتلطيف أجواء مواقفها. هي مستفيدة من أي ضعفٍ أو أذى ينتاب أية دولة عربية. هي تستفيد من كل حرب تماما كأميركا لأن الحروب تفتح باب تجارة السلاح وإسرائيل منتج أساسي له ومن كبار مصدريه. هذا ربح جانبي تجنيه بينما طموحاتها الأساسية تتعلق بتأكيد سياستها لتوسيع مستوطناتها وتأجيل البت بمستقبل الدولتين إلى أن يمنع الإستيطان إنشاء دولة أرضها تقلّصت إلى حدود المزرعة. وهي تريد منع إيران من إنتاج قنبلة ذرية ويسَهِّل لها ذلك تورط أميركا في حروب المنطقة
أما الخاسرون فهم الشعب العربي في كل البلدان الواقعة شرق قناة السويس وبعض جكامها وولاتها والذين يأتون بعدهم في جوّ متحرك متغَيِّر لا إستقرار فيه
1/11/2014
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق