Powered By Blogger

الجمعة، 30 أكتوبر 2015

مكنِسَة الربيع العربي


الربيع العربي الذي كَثُر النقاش حوله وما أنتج وما أساء ، أصبح نكتة يتداولها السياسيون وبالأخص منهم من لا رأي له ولا حيثية وهم في مجاميعهم يُكَوِّنون الغالبية العظمى من هذه الطبقة التي أثبت هذا الربيع أنها على غباء كامل وغياب فكري حادّ شفاؤه ليس في الوارد ولا مكان له في الأحداث الجارية المكونة للتاريخ الحديث ولا في التنظيرات التي يمارسونها بوحي من أئمة الفكر الذي إليه ينتمون ويتبعون وبه يتأثرون.

هذه الطبقة قضى الربيع عليها وبدأ يتخلص منها ؛ نجح في بعضها وهو في طريقه لإجتثاثها بالكامل بعد أن فَجَّرت طَلَّته الطاقات البشرية التي لم تَعُد في وارد قبول نفايات الماضي التي تراكمت على مدى قرن من الزمن بدءا بالجغرافية التي إبتكرتها دول إستعمار ذلك الوقت، فرنسا وبريطانيا التي كانت عُظمى، ولم يكن من تولى الحكم في الأقطار التي إستحدثوها إلا من خدم مصلحتهما. عيَّنا الحكام ملوكا وأمراء ومشايخ وعسكرا وأحزابا سهروا على ولادتها وساعدا على وضع سياساتها وربما أسس التفكير فيها ومَشيا بعد أن ضمنا قرنا من الهدوء والراحة لهما وأبقوا الخلافات التي كانت قائمة على حالها وأضافوا إليها ما يضمن إستمرارها.

هكذا كان ، وزمن الراحة إنتهى واستفاق الناس ليروا الواقع ويتبينوا وضعهم فيه فوجدوا ما لا يُصّدَّق من الفساد الهادف إلى إستنزافهم ، ولمسوا من السياسيين بُعدهم عن مصالح الناس وظُلمهم لهم فقط لتكون لهم الكلمة والنفوذ في الحكم والثروة والحياة الرغدة والعهر إن سمحت طاقاتهم. أخبارهم قصص خيالية تعود بنا وبهم إلى ماضي الف ليلة وليلة والجواري والغلمان والعُهر الذي نقرأ عنه ولكن بطبعة منقَّحة دخلت فيها تكنولوجيات هذا القرن.

وانتهى الأمر إلى ما نحن فيه، وعادت فرنسا وبريطانيا والروسيا إلى الساحة لإعادة ترتيب أمورهم وأوضاعهم بعد أن فقدوا قدرتهم على التحكم بخَلَف من عَيَّنوا وطبعا دخلت أميركا سوق البازار الجديد ، أو هكذا نظُن، واشتدت المنافسة بين الكبار واختار بعضهم التحالف مع الصغار ، والفوضى قائمة قاعدة وسوريا تُستنفذ والعراق يئِنُّ من سنوات تلت إحتلال العراق وإجتثاث القيادات المدنية والعسكرية فيه.

وظهرت داعش والنصرة والمائة منظمة التي يسمونها "إرهابية"، ودولة العلويين طَلّت برأسها وحزب الله وفيالق إيران العسكرية دخلت في الساحات كلها ولا ندري إن كان للكبار من القدرة ما يسمح لها بالحسم.  وإن نسينا فلا ننسى اليمن ومصر وليبيا وما حَلَّ بهم لنَدَّعي أن الربيع العربي لم يكن قصير الباع وقام بتوعية الناس في كل مكان، بأن لهم حقوق مسلوبة وواجبهم الثورة على واقع الحال.

وطبعا وهذه الأيام لا يمكننا أن ننظر جانبا وننسى ما يجري في داعش فلسطين الذي رئيسه نتنياهو وراعيه أوباما. قريبا يزرو نتنياهو أوباما لبحث خطة المساعدة العسكرية لإسرائيل للسنوات العشر القادمة والتي تذكر المصادر الصحفية أن قيمتها تقارب الخمسين مليار دولار يدفعها المُكَلَّف الأميركي لقاء "وجع الرأس" الذي تجلبه هذه العلاقة لأميركا.

طبعا أيضا فإن مشروع الدولتين التي ما فتئ أوباما يُغَرِّد بها قصة خيالية أنتجها دماغ ضعيف لم يرَ أن الربيع العربي قادم وأصبح "على الطريق" وإن لا دولة أو قُطر في أفريقيا  وآسيا في حِلٍّ مما هو آت. ومن المبكر أن نتحدث عن التأثير النوعي على بلدان أخرى في أوروبا وربما الأميركيتين نتيجة لسوء فهمهم لمعنى الربيع العربي وما يمكن أن تكون عليه مُخرجاته الدولية، وأول الغيث قَطَر ثم ينهمر. نصف مليون لاجيء أصبحوا في أوروبا وكان دخولهم إليها بداية أزمة ديمغرافية دينية إجتماعية واقتصادية، وربما لها جوانب أخرى لا نراها الآن.

تعلو الأصوات وتزداد حِدَّة الكبت ويقتل "الإرهابيون" الداعشيون واليهود والفارسيون والروس والعرب من لا يكون إلى جانبهم ذبحا أو بالرصاص أو من الجو وبدون فائدة. الهجوم في سبيل الدفاع إن دلَّ على شيء فإنه يدل على الضعف والخوف من المستقبل وجَزر البشر مآله وخيم.

30/10/2015 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق