Powered By Blogger

الخميس، 5 نوفمبر 2015

مآزق وأدوار


بوتين في مأزق والدليل أنه توَقَّف عن التنظير بشأن الطائرة التي تحَطَّمت في سماء سيناء وراح ضحية الحادثة عدد كبير من الروس مما قد يؤثر على مجرى الأمور في سوريا. يظهر أن المعطيات ومن مصادر مختلفة تتفق أن تحطم الطائرة لم يتأتّ عن خطأٍ فني ولا تقصير بشري ولا عن صاروخ أطلق من الأرض وضربها ففجَّرها بل من عملية إرهابية في داخل الطائرة وانفجار قنبلة قصمت ظهرها  وأدَّت إلى فاجعة لم تكن في حسبان القيصر الجديد وهو الآن في حيص بيص وربما يُفَكِّر بواقعية فاتَته عندما بدأ بمجازفته ومغامرته في سوريا

ماذا سيكون الوضع اليوم من وضع الأمس؟ لا أحد يتوقع من روسيا أن تكون قررت سياسة جديدة أو بقيت على ما كانت عليه، ولكن الطائرة وسقوطها ورؤيتها من الشعب الروسي أنها ضحية الحرب الجديدة، يضاف إليها ما لم يَعُد مخفيا على المتابعين أن إيران غير مرتاحة لتحالفها مع روسيا التي لا تقبل أن تكون تابعة لها بل هي تبوأت الصدارة وجلست على رأس الطاولة تُقَرر وتنتظر وتتوقع أن تسير إيران في ركبها

إيران أحيت ذكرى إقتحام السفارة الأميركية بتصريحات من المرشد الأعلى ورئيس الجمهورية الإسلامية وعلي أكبر ولايتي وغيرهم عن "الإستكبار الأميركي ومساعي أميركا للتغلغل داخل المجتمع الإيراني"، وتلميع صورة "الشيطان الأكبر" واكبته تظاهرات هتفت  "بالموت لأميركا" ، و"سقوط إسرائيل" ودون أن ينسوا جديدها وهو "تسقط المملكة العربية السعودية". هذه الشعارات هتف حزب الله يوم عاشوراء بها وهذا التماهي بين مناسبتين لفريق واحد في إيران وضاحية بيروت الجنوبية لا يترك مجالا للشك في أن الولاء واحد ورمزه آية الله علي خامنئي

وكما بوتين كذلك روحاني، كلاهما يواجه من المشاكل الداخلية القائمة حاليا والمنتظر حلولها عندما يزول الغبار وتتضح الأمور ما لا يريحه، والأثنان يستعجلان الحل الديبلوماسي وتأخره يؤذيهما. لهذا نرى ونسمع أن الإجتماعات على ألوانها ومكان إنعقادها ومن يحضرها والعناوين المطروحة فيها ومعالجة تلك التي الإختلاف فيها بَيِّن وقابل أو غير قابل للتفاوض، كلها تُعقَدُ في عجلة واضحة ودون ترتيب ولا تخطيط. الجو العام ملفتٌ للعموم

أميركا مرتاحة نوعا ما بعد أن فوَّضت من فوَّضت وقعدت جانبا تنصح من يريد النصح وأولئك الذين لا يريدونه وتنتقد الكل وإن خَصًّت روسيا بأكثر النصح والنقد. مثلاً: قالت مساعدة وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأوروبية  فيكتوريا نولند ، "منذ بدء العمليات الروسية سجلت اليونان تدفقا للمهاجرين بأعداد كبيرة واللاجئين الذين إنتقلوا من تركيا إلى اليونان بلغوا 48000" واتهمت روسيا بأنها "استهدفت في الغالب المناطق التي لا وجود فيها لداعش بل ركَّزت على المعارضة السورية المعتدلة".  أما المهجرين الجدد من مناطق حلب وحمص وحماة فتجاوز عددهم في تشرين الأول ال 120،000. إلى أين هربوا؟ لا نعلم إلى أن يأتي من يخبرنا

وهيئة الأمم ممثلة بدي مستورا "الله يستره" ، فلا تزال تدعو إلى وقف القتال دون شروط وليس من يسمع ما يقول. وكل متابع لمجريات الأمور يشعر بأن داعش لا ترِد في الأخبار، حتى في أخبار هيئة الأمم،  إلا كعُذر يُستخدم لتغطية فشل أصاب من يذكره  أو خطأ إرتكبه وداعش لا تنفي ولا يهمها ما يقال عنها والجرائم التي ترتكب. هي في الأصل تحاول تكوين صورتها على هذا الأساس وكل نقد أو تجريم أو عمل بالغ السوء يُنسب لها يكون موضع ترحيب ويؤكد الصورة التي تُصِرُّ على رَسمها

يقول الشاعر أديب إسحق الدمشقي المولد واللبناني الوفاة في عام 1885 عن ثلاثين عاما قضاها في الصحافة والسياسة

قتل إمرىء في غابة جريمة لا تغتفر... وقتل شعبٍ آمن مسألة فيها نظر

القتل سوقه منتعشة تحصد من الجماعات والأفراد وبجميع أنواع آلات وأدوات القتل ما تيَسّر وما ومن كان صدفة في المكان الذي خصصوه للقتل لذلك اليوم، أكان سوقا للخضار أو مشفى أو بيوت سكن ، لا يهم. المهم الوحيد هو النتيجة التي تراكم أعداد القتلى والجرحى والمهجرين فيها وقد تعَدَّت مئات الألوف للقتلى وعشرات الملايين للجرحى والمُهَجَّرين وحتى أن بلاد بعيدة عن ساحات القتال يقصدها المهجرون سعيا وراء الأمان الجسدي تعَدُّوا النصف مليون ولن يكون عددهم في الأشهر القليلة القادمة أقل من مليون، سمحت الدول المستهدفة بلجوئهم أو لم تسمح

لم نأتِ على ذكر العراق الذي أجرم بوش وبلير وأقرانهما وحلفائهما بحل جيشه وإدارته المدنية وتركوه ينهشه الجيران والتركة الأميركية من شركات أمن وما شابه. ولم نذكر اليمن والذي في سبيل إسترجاع أكاسرة الفرس الجدد للإمبراطورية المُحوَّلة مذهبية إحتلوها ثم دافعوا عن الإحتلال حربا ولم يبق مدفع في العالم إلا إستعملوه ولا جريمة إلا إرتكبوها. وما لنا والبلاد الأخرى التي إما لم تعُد بلادا أو هي على وشك أن تصبح سورية ثانية، كل ذلك بعلم ومعرفة وتواطوء العالمين الإثني عشري والغربي. حتى الإستخارة بالله لم تعد تنفع

5/11/2015 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق