Powered By Blogger

الجمعة، 14 نوفمبر 2014

لوثتان وثلاثة سياسات


لوثتان وثلاثة سياسات

لوثتان تلوِّنان السياسات في شرقنا وتجعلان منه موطناً للأذى والتناقضات والفِتن:
أولاهما التطرف الإسلامي الجهادي المتمثل بتنظيمات كَثُر عددها وتنوعت عقائدًا واستقطبت شبابًا وكلما نشأت أخرى إرتفع سقف عقيدة جهادها. هذا التطرف الذي تنوع بتنوع المذهب الذي أنجبها وتطرف عمائم من يديرها، وكل من ترأس فيها معمَّم .

 العمامة مفيدة لمن يؤَمَّر وكذلك عفو اللحية وإخفاء الشارب ورفع الثوب فوق الكعبين. هذه صوة الخلافة والإمارة في التنظيمات المتطرفة الإسلامية وتقَيَّد بها الخليفة البغدادي وأسامة بن لادن والظواهري وكل من كان أميرا أو إماما أو داعية لفرقة أو تنظيم إسلامي. هذه الصورة تفيد لجذب الشباب ومحاربة الأعداء ؛ والعدو هو كل من هو ليس منهم ، ولكنها تعطي الغير صورة يسهل وصفها وإتهامها بالتطرف كما يسهل تسويق الصورة في باقي العالم لتعني ما يراد لها أن تعني . صورة البشاعة والإجرام المتمادي وقد نجح إرساء معناها والصورة لشعوب العالم في الغرب وفي الكثير من بلاد الشرق.

والثانية فيروس التطرف العنصري الصهيوني الذي يعادي كل من وما هو غير يهودي بإستثناء من تقضي الحاجة جذبه إليها مرحليا وإلى أن تسمح الظروف بنبذه. ويذهب  هذا التطرف اليوم إلى أبعاد غير مسبوقة ومنها  تهديد العرب الذين لم يتركوا فلسطين وبقوا في بيوتهم خلال حرب 1948 وتفادوا التهجير الجماعي ،  يهددوهم بالطرد من دنياهم وديارهم إلى الخارج وسحب الجنسية من كل من يتظاهر ضد عنصريتهم أو ضد إستباحتهم  للمقدسات العربية ، إسلامية كانت أو مسيحية . يعني أنهم هكذا يحققون ديمقراتيتهم  وكما يتغنى  أهل الغرب بها .

وثلاثة سياسات متزامنة لأميركا تغاير واحدتها الأخرتين:
اولاهما لأوباما والتي بالكاد نشرنا رأياً فيها حتى تغيرت . بالأمس قلنا أن أوباما  ليس في وارد إعتبار كل المتطرفين في سوريا أعداءاً ، وإن إستئصالهم بالتوازي ضروري.  واستندنا إل ما صدر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى وما كتبه مايكل سنغ عن رسائل أوباما إلى المرشد الأعلى للثورة الإيرانية لتهدئة مخاوف الأخير حيال مستقبل حليف إيران بشار الأسد. واليوم نقرأ عنه في وسائل الإعلام ومع ما بثته "شبكة سي.إن.إن." الأميركية يوم أمس "من أن الرئيس الأميركي باراك أوباما طلب من مستشاريه  إجراء مراجعة لسياسة إدارته في شأن سوريا بعد ما توصّل إلى أنه قد لا يكون ممكنا إنزال الهزيمة ب"داعش"من دون إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد" .. إلى آخر ما نُشر وبثته الشبكة.

والثانية لوزير دفاعه تشاك هيغل الذي مثُل مع رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارتن ديمبسي أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب وقال " أن  مواجهة داعش وإلحاق الهزيمة بها هي الأولوية في العراق وسوريا" ، مع أنه شدّد على" أن الأسد هو جزء من المشكلة مشيراً  أن ذلك( إزاحة الأسد) كان ممكنا ربما قبل سنتين أو ثلاث". سئل عن سبيل هزيمة داعش اذا لم يهزم الأسد أجاب: هزيمة الأسد لن تعيد داعش إلى الصندوق !!!الخ .. وتساءل "لكن بمن سنستبدل الأسد؟"

والثالث نائب الرئيس الأميركي جو بايدن ألذي أعلن جهارا نهارا عن صهيونيته والذي قال نقلا عن والده: "إنه ليس شرطا أن أكون يهوديا لأصبح صهيونيا، وهذا أنا. إنني أرى إسرائيل ضرورية لأمن اليهود في العالم". هذا في الوقت والزمان وربما اليوم الذي يتابع فيه وزير خارجية أميركا "مساعيه" في المنطقة "لنزع فتيل التصعيد في القدس وإعادة الثقة المفثودة بين أهل فلسطين ونتنياهو اليهود. من الصادق من الثلاثة ومن الضائع فيهم ومن الديبلوماسي الذي يُدَوِّر الزوايا ويقول ما لا يعني؟

وتطالعنا الغارديان اللندنية أمس بما يضحكنا ويبكينا بأن الحكومة البريطانية " تنوي معاملة العائدين من سوريا وتالعراق برفق" علَّ في ذلك حلٌّ لمشكلة حجمها لا يزال مجهولاً. لا نعرف ولم نُحقق ولكن قراراً كهذا، إذا ما تحوَّل إلى قرار ، يزيد من حيرتنا التي تتزايد بمرور الأيام وقد يزيد في جهلنا والجهل الذي يصبغ العالم وأصحاب القرار فيه.

طالعتنا اليوم أنباء عن مفاوضات جدية تجري بين داعش والنصرة ومجموعات خراسان وذلك بقصد التعاون أو حتى الإندماج في تنظيم واحد ويروى أنهم قرروا فتح جبهات ضد القاتلين الأكراد في منطقتين جديدتين في شمال سوريا. جرى الإجتماع في بلدة أتارب غرب حلب وحضره عدد من المسؤولين. هذا ما نقلته "الأسوسيتد برس" عن مسؤول في المعارضة السورية ولا نعرف إلى أية معارضة يشيرون.

كل ما نريد أن نقول في مقالنا هذا أن الفوضى لا تعم الشارع العربي فقط بل كبار من المسؤولين وربما شوارع أخرى في أمكنة أخرى. هذا ما نستنتج اليوم مما كتبنا  ونستنتج أيضا أن المشكلة لا حلّ لها في المستقبل المنظور لأن الفريقين المتحاربَين لم يقررا بعد الخطوات التي سيعتمدون ولا السياسة التي ترشدهم إليها.

نصحح الإستنتاج لنقول أن "الإرهاب" لا تديره ديمقراطية وبالتالي لن ينتظر اللجان ولا موافقات من أعلى ليتحرك. هو حُرٌّ في خركته يقوم بها عندما تحين الفرص فيغتنمها في ساعتها ويحقق ما يريد دون تأخر أو تردد ويقبل المغامرة ويربح أويدفع ثمنها عندما يخطيء. وبكل بساطة وكفاءة.

غدٌ يومٌ آخر نأمل ونصلي  لأن يكون أفضل وليس لنا إلا أن نرجو من الله أن يرشد من في يده القرار إلى أن يكون وفيا لضمير منحه الله للناس كي يعدلوا.
14/11/2014



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق