Powered By Blogger

الجمعة، 7 نوفمبر 2014

المقامات السياسية والقنبلة الموقوتة


المقامات السياسية والقنبلة الموقوتة

سئِم الناس ظهور المقامات السياسية نفسها وتكراراً على شاشات التلفزة وفي وسائل الإعلام على تعددها وأنواعها،  وجوههم أصبحت ممجوجة مكروهة يهرب المشاهد والقارىء منها إلى ما يُسلِّيه من أخبار الفكاهة ومسلسلات التشويق وما تيسَّر مما لا يَسُمّ البدن ولا يرفع الضغط ،ضغط الدم أولاً. يظهر أن هذه المقامات تعتقد عن غباء وحب الذات الذي لا يسمح لإنسان أن يرى الواقع فيسترسل في إيذاء مستقبله بتكرار حُبِّه للظهور. إذا غاب أحدهم نابَ عنه ولده ، طري العود متفائل يعتقد عن جهل وقلّة خبرة،  أن الشعب ينتظر سماعه و"الجواهر" التي سيتفوه بها ويعيش بهداها.    

يحزنني أن أُشاهد شاباً طري العود لا يتعدى سنّا عمر طالب بالكاد بدأ تحصيله الجامعي، يُمعِن في إغداق النصائح والإرشادات والتوصيات بإتباع منهجٍ لا يتردد في أن نسبه إلى أبيه أو عمّه أو آخر من السلالة السياسية التي يمَثّل لمن جافاه الحظ ووجد نفسه مواجهاً له على شاشة ما ولا مناص له من سماعه .

المؤسف في الموضوع أن بعض هؤلاء جيدٌ ومُخلص ، معلوماته لا تصل إلى تقدير خطر بناء شخصية متعبة للناس والذين تأبى  أكثريتهم إحتكار بعضٌ قليل من السياسيين لإدارة بلد فالتجديد ضرورة حتمية، تجديد صورة الحاكم ، تجديد السياسات، منع إبقاء طاقم سياسي إعتاد على منهجية لا يحيد عنها وتابِع لمن يشيخ في الحكم .الدم السياسي يجب أن يتبدل ويتجدد وهذه سُنَّة الحياة إنما هم لا يفقهون ولا يعلمون.

والآن وفي خِضَّم ما نعاني من أحداث يظهر جلياً أن تقادُم طبقة الحكم كلما خَفُتت قدراتهم واحترام الناس لهم ونمت بذور الثورة عليهم يغيبون واحدا تِلوَ الآخر تاركين لغيرهم رغم أنوفهم خدمة الناس. رأينا طبقات من الحكام تزول عن وجه الأرض وغيرها يسعى أن يحُلَّ محلها وللناس ذاكرة قوية وهم يعرفون،  وإن لم يعرفوا فإنهم يحُسُّون ويشعرون بمن منع عنهم حقهم في الحياة وحقُهم في تقرير المصير وهم بذرةٌ تنمو وتبعث الحياة في الوطن وترذُلهم ثم تزيلهم مهما تقادم عهدهم ومهما حاولوا إتقاء المصير المحتوم. العراق وسوريا ومصر واليمن وليبيا وتونس كلها نبذت حكاما ؛ دخلوا مصلحين وخرجوا مجرمين، دخلوا أبطالاً وخرجوا يجرجرون ذيول الخيبة ، ماتوا أم بقوا في منفاهم يأكلون ويشربون ولا أحد يُلقي عليهم تحية.

وننتقل إلى حيث الحرب. في سوريا كما سبق وقلنا ان المرتاحين مما يجري هم داعش وإيران والنظام الأسدي. أميركا على لسان أوباما غداة الإنتخابات النصفية تهدي سلامها  بالقول العجيب " إن تركيزنا في سوريا ليس على حلّ مشكلاتها بِرمَّتها بل على عزل المناطق التي تعمل فيها الدولة الإسلامية". بكلمات أخرى فإنه سيعيد سوريا سياسيا إلى ما كانت عليه قبل الثورة وبعد هدمها ، سوريا المفككة المدمَّرة المهجر أهلُها ليتقاسمها الأسد مع من هو قوي في الساحة. ونسأل : هل أن هذا الموقف مُحبِطٌ للحلفاء وبالأخص للدول العربية المشاركة في الحلف، وأهم من ذلك هل هو مُحبِط للشعوب المنتمية إليها؟ وهل أميركا على وشك ترك قنبلة موقوتة في المنطقة ، شرقُها وغربها، لا يمكن تفكيكها ، بها الحروب المذهبية والعرقية والتشرُد والأرض المحروقة التي لن تأوي أهلها ولا مهجَريها لأنها تُركت مبتورة منهكة لا قدرة لها على الحياة؟ هل حققت إهدافا للغير وأصبحت بعد ذلك لا قيمة لها ترمى دون على قارعة طريق أو في سلَّة ما؟

أمَا فلسطين المنكوبة بدعمٍ أميركي شرسٍ لمُحتَلِّيها من اليهود فهي، وعلى سبيل النكتة والفكاهة، ونأمل أن تبقى كذلك، وبعد حوادث القدس المؤسفة قام أهلها بإنشاء تنظيم إرهابي جديد سَمُّوه "داعس" تيمُّنا بالتنظيم الأصلي الذي تسعى أميركا إلى "عزله". الفكرة محاربة المحتل بما تيَسّر  والدعس جُرِّب فكانت نتائجه مرضية وعليه تم الرضى والقول بدعس من تيسر له من عسكره بالسيارات وأية آلات تتوفر لهاذا السلاح الجديد. فالمُحتَل وحشٌ أرعن عدائي لا يفهم إلا بالربح والخسارة ونحن نتمنى له الثانية.

أما اليمن فتطوراتها معلومة لكل متابع ولكن من المفيد ذكر علي صالح الرئيس السابق والذي لم تُقَصر أميركا ولا السعودية في منحه كل التسهيلات من مال ونفوذ (في اليمن) ومكان إقامة في المملكة السعودية وحرية حركة كاملة وكل ما طلب واشتهى، بدل إنهائه كليا وإزاحته من الساحة ، فعاد إلى اليمن يحارب مع الحوثيين ويعمل لعودته لليمن رئيسا إذا أمكن وإلا والد رئيس، ربما. آخر أخباره أنه والحوثيون يتفاوضون للتحالف معا ضدّ الدولة.

نعود لنؤكد بأن ما يجري لا بد من أن يودي بالمنطقة بأكملها إلى ما لا تشتهي  وبكل ناحية فيها قنبلة موقوتة تُفَجَّر عن بعد أو عن قرب.
ولنا لقاء قريب آخر.
7/11/2014



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق