Powered By Blogger

السبت، 1 أغسطس 2015

تاريخ يعيد نفسه

تاريخ يعيد نفسه

أمس توجَّه إلى منزل في قرية دوما قرب مدينة الخليل يهود من المستوطنين وأضرموا النار فيه مُخلِّفين طفلا رضيعا حُرق ومات ووالدين ثكالى يعالجون في المستشفى من حروق قد تودي بهما
منذ من ما يقارب القرن زار مستوطنون قرية دير ياسين تدعمهم ميليشيات يهودية ( أرجون وشتيرن) ودمروا وقتلوا كل ما ومن كان فيها وأعلنوا الخبر للعموم في وسائل الإعلام المتوفرة في ذلك الزمان كي يَعُمّ الخوف أرجاء فلسطين ويهرب من "يستطيع" الهروب إلى خارجها.  وهكذا بدأت الغربة التي أفرغت فلسطين من عربها وجلبت الميليشيات بمعاونة ظاهرة من بريطانيا العظمى سفناً حمولتها يهود غير مرغوب فيهم حيث كانوا ولم تمانع ، بل شجَّعت روسيا وأوروبا رحيلهم عنها
نكتب عن معرفة وخبرة ومتابعة لما جرى على مدى عقود بدأت يوم دير ياسين ولم تنته بعد ولا نعرف من يرى نهاية لها. كرة ثلج لا تزال تتدحرج على ساحات الشرق الأوسط والجوار وتَكبُر يوما بعد يوم
دير ياسين وما تبعه أدى بالعرب ودولهم إلى حروب فاشلة تبعتها إحباطات حادَّة أدت إلى إنقلابات غيرت المفاهيم في شرقنا وأنبتت أحزابا تولت الأحكام وفشلت بدورها وتابعت كرة الثلج مسيرتها واحتربت الأحزاب فيما بينها وتوارثت عائلاتها الحكم ، إلى أن اندلعت جراء إحراق محمد البوعزيزي  نفسه في تونس ثورات متلاحقة نجح بعضها في الإطاحة بالحكام تاركة وراءها فوضى لم تكن على بال من ساهم فيها
حكام آخرون حاولوا جَبه الثائرين وكانت الفوضى فيها أعَمّ وأعمق. الشرق، نتيجة ذلك، في أضعف حال ، فيه فوضى وفيه تدمير وتهجير وقتل تساهم فيه كبرى الدول دون خجل. هي الآن ساحة تتناتشها مصالح أميركا وروسيا وإيران. إسرائيل تدخل مصالحها في لُبِّ مصالح أميركا. أما إيران فمصلحتها تحميها عقيدة مذهبية يُقَوِّيها تواجد عقيدة سنية مثيلة ومنافسة عنوانها الدولة الإسلامية
منذ أيام قليلة مثل كيري أمام لجنة من الكونغرس وعند سؤاله عن مدى إستفادة أميركا من الإتفاق النووي إختصر الأمر قائلاً أن الإتفاق يضمن أمن إسرائيل. لا أظن أن مذبحة دير ياسين وما بعدها تغيب عن ذهن وعقل ومعارف كيري بأنها السبب في إدِّعاء إيران بأنها تحتاج لتطوير قدراتها النووية الدفاعية
لم أتمكن من لجم غضبي الذي يولِدُه غياب الضمير وانطواء تعاليم الديانات على ذاتها فتغيب فعلا وإن لم تَغِب أسسها. المسيحية نشأت في ظل مفهوم المحبة والتسامح، وقامت مؤسسات كبرى لتُبَشِّر بما جاء في التعاليم ونجحت وكَبُرَت وأصبحت من القوة بمكان،  وبحكم نفوذها وقوتها سيطرت سيطرةً كاملة على ممالك الغرب وحتى شرقنا كان ساحة لها. والقوة تنتج الكثير من السلبيات ولا نريد الخوض في هذه السلبيات لأنها  معروفة وكان لها تأثير كبير على مجرى التاريخ
وبعد ستة قرون جاء دين آخر آمن به كثيرون وكانت أسسه لا تختلف عن مباديء الديانة الكبرى السائدة. الإسلام وَحَّد العرب بداية ووجههم إلى الطريق القويم ونجح
لم تكن المغريات التي شَقَّت الإسلام تختلف عمّأ أدخل أطرافا  مسيحية في شؤون لم تكن من أسباب وجودها ، وكانت الخلافات في حقوق الخلافة الإسلامية سبب سياسي في إنشقاق لا يزال قائما، عنوانه اليوم  شيعة وسنة: المملكة العربية السعودية والدولة الإسلامية الإيرانية، ولكل منهما من يتبعه عن إيمان أو عن مال أو دعم ما.  سوريا والعراق واليمن والبحرين ولبنان أمثال عن تابعين
ألم يبقَ في هذا العالم حاكما واحداً من القادرين يمارس دينه بإيمان وإلتزام بما أوصى به الدين الذي ينتمي إليه فيحاسب ويعاقب كما أوصته عقيدته؟
التاريخ طويل ويخبرنا بأنه يعيد نفسه، وما نمُرُّ به مرَّ به السلف الصالح منهم والطالح،  ودفعا الثمن أو "آبو بالملوك مُصَفَّدينا"؟
هل عند غيرنا ما يُضيف فُيطلعنا على ما في غياهب أحلامه من آمال؟
أول آب 2015



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق