Powered By Blogger

الخميس، 30 يوليو 2015

تَسَوُّل وسياسة

تَسَوُّل وسياسة

رسائل العالم والمنطقة والبلد المفتت والحواجز السياسية والأخلاقية التي تُقام كلها سقطت أمام جدار الأزمات التي يختلقون. حياة الناس لا تهمهم فهم لا يكترثون . لمصالحهم ، على إختلاف مرتباتها، كل شيء مباح، أكان من ضمن الثمن مئات ألوف القتلى وملايين المهجرين التائهين الضائعين في متاهات هذا الزمان الرديء يبكون، يتحسَّرون يناشدون، يتسولون في أي شارعٍ يقبل بهم، حتى هم أصبحوا مادة تباع وتُشترى. تؤلف عصابات تستحوذ على أمكنة التسول، تنظم شؤون المتسولين وتدفع لهم بعضا مما يجود به مارٌّ على زاوية يضع في يد المتسول بعضا من درهم. يزودونهم بضروريات التسول، يضعون في حضن كل متسولة طفلا تكاد عظامه البارزة تحكي قصة معاناة المتسول والطفل النائم في الحضن. يوزعون المتسولين منعا للتنافس و"يلمّوهم" بعد الدوام المقرر ويتكرر المشهد صباح مساء
الحظ العاثر للمتسول أن يجد نفسه في مدينة كبيروت تغمر طرقاتها النفايات فيجلس على رصيف تحيط به القمامة ولا مفرّ عنده من القيام بعمله الذي أصبح مفروضا عليه من العصابات المافيات المُحَصَّنة في غطاءٍ من ميليشيا أو زعيم سياسي ينادي كما ينادي غيره باحترام القانون وحقوق الإنسان ولا تخجل المليشيات التي "تدافع عن الوطن ضد المستكبرين" ولا السياسي الذي لا يخجل أصلاً. وهذا ينطبق على كل مدينة أو قرية كان سوء حظها أن تكون موئلا للمتسولين. ففي بيروت نفايات وفي حلب نفايات وركام وفي الحسكة كل ذلك وبراميل تتفجر أثناء التسول. لا أبالغ فهذا واقع يرفض العالم أن يراه، فالعالم أعمى عن كل ما يُقَزِّز أو يخيف
أليس من عار هذا العالم أن يحكمه من سياسته "التروي" في إتخاذ القرارات والوقت يقتل ويجُر القتل وبعد لأيٍ نسمع إحصاءاتهم تقول: أن قتلى سوريا أشرفوا على الربع مليون و الجرحى بالملايين وأما المهجرون فنصف سكان البلاد . ثلثي أهل سوريا هم عنصر من عناصر الإحصاء الثلاثة، قتلى أو جرحى أو مهجرين. ويقولون أن "مبعوثاً" ما "يدرس" ويحلل ويبتدع أساليب الخلاص، والكذب كما الوقت يقتل ويجرح ويهّجر، والدارسون (من درس: أي امَّحى وذهَبَ أَثَرُه، ) يقبضون الرواتب ويحللون، ولمَ العجلة فهم يسافرون وينزلون في أفخم الفنادق، تُدَقُّ لهم النوبة في الإستقبال والوداع، يشعرون بأهميتهم ويلتقون أكبر الناس مقاما ويأكلون ويشربون كما يشاؤون ويكتبون ولا من يقرأ ولا من يحزنون
السياسيون، أبعدهم الله عنا، هم فيما يفعلون مرتاحون. لا ضمير يؤنِّب ولا أخلاق تردع ، والمصالح سيدة المواقف. المشكل أنهم يتحدثون عن أمور" لا هي في العير ولا في النفير". حقوق الإنسان مثلا، يحدثنا عنها أوباما من بلاد في إفريقيا لم تَمُرُّ بها هذه المفاهيم في تاريخها، وهو الآتي من هناك يجب أن يعرف، اللهم إذا كان يوجهٌ كلامه للناخبين في أميركا وليس لشعوب تكدح لتأكل ، وبعض أهلها عبيد لم يُحرّروا بعد؟ حقوق الإنسان والديمقراطية يكررها هذا الرجل في حلّه وترحاله لشعوب ليست هذه الأمور من أولوياتها. الناس تريد من الدنيا بعض السلام والأمن ، تبغض الحروب لما يأتي معها من مصائب ، تريد السلام قبل ممارسة الديمقراطية وبحث أمور الحقوق الإنسانية
ألم تكفنا حتى تاريخه أكاذيب ساسة العالم؟ ألا يفكرون بمستقبل شعوبهم في بلادهم وما قد يصيبهم نتيجة إحباط لشعوب العالم الذي يُذلّوه كل يوم كهذا الذي نَصِف هنا؟ لا يدعي كاتب هذا المقال أنه يعرف أكثر من غيره في أمور هذه الدنيا وما يؤجِّج اوضاعها ولكنه فقط يَصِف ما يشعر به ، ويشعر به آخرون يعبرون عنها بحِدّة كلامية في كلام لا استسيغه عن رؤيتهم لأوضاع حياتهم المستجِدّة ولكنه يعبّر بصدقٍ  عما يشعرون. ولم لا فإن الناس أنواع وبعض الناس "يشتم بأدب" والبعض لا يجد من الشتائم ما يكفي للتعبير عن موقفه، والحصيلة واحدة: بغضٌ عند الناس في تزايد لبلدان يمنع سياسيوها عنهم بعض السلام والأمن وبعدها يتفاجؤون بداعش ما نبت هنا أو هناك وتلزمه سنوات من "النضال"  لإجْتِثَاثُ مساوئها واِقْتِلاعُهَا مِنْ جذْورِهَا. وتمر السنين وتبقى آثار داعش ما ، والإجتثاث ظاهرة للعيان.
ونذكر فقط للإيضاح فكرة الإجتثاث في العراق. البعث واحتثاثه هناك فكرة اميركية آثارها وتأثيرها على المنطقة لا تزال آثارها ظاهرة للعيان ليس فقط في العراق ولكن في دنيا الساسةالعالمية. ألم يؤدي هذا الإجتثاث إلى إتفاق نووي بين إيران و 5+1 ؟ لو بقي عراق صدام على ما كان عليه لما كانت إيران نووية ولما كانت تستلزم إجتثاثات(داعش ما) لا يعلم أحدٌ حدود مخرجاته
 أيستغرب المفكرون وأصحاب القرار أن البعض فقَد الثقة بالمفاهيم والمُثُل التي تحركهم ، فأصبحوا عندما يُصَلُّون لا يتعبدون بل يتخذون من الصلاة في أماكن العبادة ستارا يمارسون خلفه ما شاءوا  وسمحت لهم الظروف؟ هل هم خير من داعش ما، هذا بسكين يعمل وهم بالبراميل المتفجرة يعالجون وضحاياهم أضعاف أضعاف من ذُبحته داعش ؟ الا يرون ويفهمون فيتعظون ؟

30/7/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق