Powered By Blogger

الأحد، 9 أغسطس 2015

"قطبة مخفية"


"قطبة مخفية"


جوٌّ من الترقب يسود البلاد. يشوبه القليل من الخوف وبعض الأمل يخالطه ما يقرب من الضياع في عالم لسنا من أولوياته فلا نحن في العير عنده ولا في النفير. الأولويات في مصالح لوائحها لا تنتهي يتناتشها  الأقوياء المؤهلين للقضم والقادرون على إنتهاز الفُرص وصانعيها

صناعة الفُرص علم وسياسة ودهاء ؛ دبلوماسية التفاوض تُرسَم أشكالها حسب المكان والزمان والشعاب التي تحتويها والحاكم صاحب القول والفعل فيها، والأخير كما صاحب صيد الفرص يتنازعاها أيضا، بكلام منمَّق أو بحد السيف لا فرق إذ أن كليهما من أساليب التفاوض. وقد يكون الأمر أكثر تعقيدا إذا ما إرتأى من يقتنص الفرص أن يترك للصغار التفاوض حربا إلى أن ينهنهها دم مهدور وسبي وتدمير وتهجير مقصود، مراده إدخال الناس إلى نفق يأس دون أمل في أي نورٍ في آخره،  وإحباط وإستسلام

عندها تطل الديبلوماسية في أحلى صورها، ويأتي القوي الكبير يعرض سلاما لا يستطيع احد أن يرفضه أو حتى يتساءل عن معناه ومبناه وإلى أين يأخذ المُحبطين القابلين سلفا بما يُعرض متنازلين عن السيادة والكرامة أو ما تبقى منها، والشرف والإعتبار والأنفة وكل مرادفاتها ، كلمات يسقط معناها وتسقط معها القيمة المادية للفرص التي خاضوا غمار تناتشها وعملوا لأجلها، فيأخذون ببدل قليل ما يريدون ويتركون الساحة حَوْضا وأرضا يبابا لأصحابها ولا يتورعون ولا يستحون عندما يقتنصون خيراتها ويرحلون، ووراءهم ما نرى في بلادنا في هذه الأيام

الدولة الإسلامية والنصرة والقاعدة والإخوان ونظام الأسد وعراق ما بعد أميركا وحزب الله والحوثيون والمخلوع صالح والفصائل المتحاربة في ليبيا وشباب الصومال والحشد في العراق وفيالق إيران المختلفة والمنظمات الأخرى العاملة في الساحة وعددها يربو على الثمانين والربيع العربي وكيف بدأ وكيف يسير ، أصُدفة هذه كلها أم أن وراءها ما وراءها.  أشك أنها محض صدفة وإن كنت لا أملك ما أبني عليه، ولكن الوضع كما تطوّر خلال السنين الأربعة الماضية يمنع إِعْمَالُ في  الفِكْرِ وَإِمْعانُ في النَّظَر للتساؤلِ بإمكان غياب مخطط وراء ما يجري . ويمكن أن نستشرف مما جرى بعضا من أمور لافتة لا يمكن للعقل أن يتجاهلها وإن لم تكن هي ما إستخلصنا وأجبنا بها على تساؤلاتنا

هل يمكن لأكبر دولتين مهتمتين بالوضع السوري مثلا أن تكون قراءة كل منهما للوضع بهذا المستوى من الإختلاف، أوباما يُصرِّح ثم يتراجع ويقرر ويغير قراره في بلد تزوده الروسيا بالسلاح والعتاد، وإيران التي قد تكون إحدى الجهات التي يستخدمان ، تمَوِّل وترسل العديد والذخيرة دون أن يظهر من المستفيد من كل هذا.  في الظاهر أميركا تخسر وروسيا تخسر وإيران تربح ثم تخسر والإرهاب يتمدد ولا من يستطيع ردعه ؟ إيران التي هي بحاجة إلى المال المحجوز لدى دول العالم المنصهر في الأزمة نفسها وتستمر في الإنفاق؟ أم كان النووي وإتفاقه ملحوظ سلفاً؟

والعراق المقَسَّم بين الكرد والعرب وإيران والذي تنقصه كل مقومات الحياة من كهرباء وماء ورغيف يُنفق على بعض الحروب التي لا مصلحة له فيها، هل هو أداة في مخطط؟. وماذا عن اليمن وكيف إحتُلَّ وعاصفة الحزم التي تحرره وكيف تجري ونفقاتها على ما نسمع فاقت الخمسين مليار دولار والآتي أعظم؟ ولبنان المحجور عليه لأمد لا نعرف متى يُفَكُّ اسره، والنازحون المهجرون الذين تُخّفِّض هيئة الأمم يوما بعد يوم مقادير المساعدة لهم، حتى المدارس المفتوحة منذ نكبة 1948 يقال أنها ستقفل أبوابها السنة الدراسية القادمة ، فليس لأطفال النكبة مدرسة بعد ذلك. ولا نريد أن نستطرد فكل ما يمكن قوله أن هناك "قطبة مخفية" تصًوِّر لنا مخططا رديئا رسمه أناس بلا ضمير لأن المصلحة أهم من الضمير

والعجيب أن الأمور وفجأة بدأت تشير بأن حلولا قادمة لا نعرف إلى أين ستأخذ شعوب الشرق مع ضمان مصالح أميركا وروسيا وأوروبا، وربما للصين "طرطوشة" أما دول المنطقة وشعوبها فعليها أن تبدأ من جديد تبني ما تهدم في العراق وسوريا واليمن وليبيا من أموالها وتشتري المعدات من المستفيدين الثلاثة وتبيعهم نفطا بسعر ينحدر يوما بعد يوم وربما مجموع موارده لن تكفي عملية الإعمار الجديدة

إن بعض الظن إثم ولكن ظننا قد يكون بمحله

9/8/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق