Powered By Blogger

الأربعاء، 18 مارس 2015

الثرثرة في السياسة

  

الثرثرة في السياسة


وكُنَّـا الأَيْمَنِيْـنَ إِذَا التَقَيْنَـا... وَكَـانَ الأَيْسَـرِيْنَ بَنُو أَبَيْنَـا
فَصَالُـوا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْهِـمْ... وَصُلْنَـا صَـوْلَةً فِيْمَنْ يَلِيْنَـا
فَـآبُوا بِالنِّـهَابِ وَبِالسَّبَايَـا... وَأُبْـنَا بِالمُلُـوْكِ مُصَفَّدِيْنَــا
عمرو بن كلثوم  أغنى الشعر الجاهلي بالعناصر الملحمية والحماسية وساد قومه في الخامسة عشرة من عمره. معلقته ترفع من مركزه وقيمته كإنسان وكملك لأنه قام بما قام به دون أن يهدف إلى كسب ودون تكَلُّف،  بل ترك "النهاب والسبايا" لغيره يتلهى بها ويستفيد واكتفى هو " بِالمُلُـوْكِ مُصَفَّدِيْنَــا".
سيد العالم غصبا عنه ، باراك حسين أوباما، لم يسُد على قومه بعد ، رغم أنه تجاوز الخامسة عشرة من عمره، يؤوب بعقدٍ نووي مشكوك في فائدته ، وشهادة حسن سلوك من الدولة الفارسية بعد أن أعطاها من مالِ غيره، سوريا واليمن والعراق والنووي،  مقابل أن يُسَجِّل له تاريخ أميركا أنه نجح في أحد مساعيه،  تاركا  لخلفِه إرثا  لا يَحُلُّه  بشر ولا يحمله حجَر.  يتركه مع مخرجات حكمه االفاشل في العالم وخارج بلده زارعا له أسباب ومسبقا فشله أو هكذا يريد.
سؤال يطرح نفسه على الناس المشتَّتة أفكارهم لأنهم يسمعون منه ، وممن ولاّه حق الكلام،  القرار ونقيضه والخبر وعكسه، فلا يعرف السامعون ما يريد أو يقصد، اللهم إذا كانت هذه الإدارة هادفة وهي من الذكاء بحيث تخطّط لبقاء الأمور ضائعة يتناوشها الناس ويتناولونها  ويتقاتلون على معناها وفهم ما تسعى إليه إلى أن يأتي الفرج ويأخذ هو الموقف المختار ويعلنه على الناس بحضور شهود عدول.
في حديثه وإعلانه عن الأسد والتعاون أو التفاوض معه،  أعطى الضوء الأخضر وفتح الباب لكل شارد وارد للتعالي في خطابه ولم يبق مُعَمَّمٌ إلا وأدلى بدلوه وصال وجال، ونبَّه وتوعَّد  فقال "أنه على 14 آذار أن تشكر حزب الله لأنه يبقيهم على قيد الحياة السياسية." هذا ما قاله رئيس المجلس السياسي للحزب بعد يوم واحد من تصريح كيري معلنا "ضرورة" التفاوض مع الأسد، التصريح  الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بعد.  و14 آذار هنا تعني وتشير وتدل بوضوح تام إلى  كل من لا يسير بهُدى الحزب ويلتزم سياسته.
واليوم عَجَّت وسائل الإعلام بتصحيح! فوزارة الخارجية الأميركية قالت وأكدت أن الأسد، ذلك الذي يقتل شعب سوريا بكل الوسائل ويخترع مع رعاته أسلحة أكثر فتكا فَيَجِّد في عمله ويقتل أكثر كي يدخل موسوعة غينيس في القتل والتهجير والهدم والسبي وينافس الدولة الإسلامية المعروفة بداعش ، دون أن يشتبك معها . هو تخَصّصَ في قتل شعبه فقط، تقول الخارجية "أنه لن يكون "أبداً" في المفاوضات في سوريا".
الثرثرة  جديدة على عالم الديبلوماسية،  بَزَّت الإدارة الأميركية الحالية في إستعمالها كل من سبقها أو عاصرها . هي ترمي الكلام على عواهنه  يصيب ويخطيء ويثير البلبلة ويضرب صورة الدولة في خاصرتها وقد أصبحت سمعتها لا تتعدى، على الأقل في شرقنا، سمعة عيدي أمين أو بشار الأسد وربما الوالي الفقيه الجالس سعيدا في قم ، ودون تفكير ولا تنسيق وباقي المتحدثين بإسمها الحاملين أختامها الواثقين بما يعلنون ، القادرين على اللف والدوران وتغيير المعاني وتصحيحها كلما دقَّ الكوز بالجرة وسُمع صوت من طالب تصحيح.
حلفاء أوباما كلهم ودون إستثناء من غير اللابسين مثلنا ثيابا يلبسها  المدنيون. هم متعممون يلبسون الأسود من الثياب الفضفاضة التي تعطيهم ما ليس عندهم من هيبة مصطنعة ويرخون اللحى ويحفّون الشارب ويستعملون كل هذا مذهبيا.  يحكمون بإسم الدين كما هم يفسرونه وبالتالي فالناس تسير وراءهم لأنهم آتين من عند الله.
داعش كباقي المذهبيين لها ما لهم من مناحي القوة، يحكمون بإسم الدين ويهدمون التاريخ وشواهده ويقتلون بالسكين من ليس من تَبَعِهم والناس تتراكض للإنضمام إليهم خوفا من المعممين الآخرين.
بالله عليكم يا قادة العالم، ما الفارق بين الخليفة البغدادي وآية الله الخامنئي؟ الأول إقتطع دولة له ولأنصاره من سوريا والعراق والثاني يقتطع دولا من العراق وسوريا واليمن ويسعى جادًّا لإقتطاع ما يستطيع من لبنان؟ لماذا يكون الخامنئي حليفك ؟ أليس أعماله والبغدادي تتشابهان وربما تتكاملان ونحن لا نعرف وأنتم لا تعرفون؟
في السابق من الأيام كان كبير القوم أينما كان لا "يُعلن" قبل أن يفكر ويستشير ويدرس مخرجات ما سيقول، أما اليوم وبالأخص عند كيري وأوباما فكلام الليل يمحوه النهار، أو هكذا يأملون.
سِنان 18/03/2015


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق