Powered By Blogger

الاثنين، 23 مارس 2015

أما آن لهذا الفارس أن يترجل (2)


أما آن لهذا الفارس أن يترجل (2)


في الأمس كتبنا وسردنا ما عانت منه أسماء بنت أبي بكر مع الحجاج بن يوسف الثقفي وصلبِه لإبنها أمير المؤمنين عبدالله بن الزبير ، خامس خمسة من كبار صحابة رسول الله، من الذين امتنعوا عن البيعة بولاية العهد ليزيد بن معاوية، فأرسل عليه جيشا عرمرما يقوده الحجاج وقام الأخير بضرب مكة بالمنجنيق ودخلها وقتل إبن الزبير وعلقه مصلوبا على باب مكة خدمة لرعاته الأمويين وطلبا لرضاهم.

وتحدثنا عما يجري في بلادنا وهي البلاد التي جرت بها الأحداث التي روينا بالأمس وقاربناها وتاريخ ماضينا البعيد فوجدنا تماثلا وكأن الزمن لم يمر وكأننا لا نزال تحت حكم الحجاج المعروف بقدرته، إن لم نقل رغبته بضرب رأس من أراد بالسيف مذنبا كان أم بريئا ما دام لا يمتثل بما هو يقرر. وتحدثنا عن الفرس، وعرب العراق وسوريا واليمن وما دهاهم ومن آزرهم ومررنا بسبب المقال مرور الكرام بفلسطين المصلوبة منذ قرن من الزمن.

المقارنة والمقاربة وتوضيح ظروفهما تقودنا لفهم عقل مريض رأينا مفاعيل تحكُّمه وربما إستنتجنا أن العقل العربي لم يخرج من عقاله ولا يزال يُشرِّع بالسيف والتعالي واعتبار البشر مواشي ، معرفة طموحاتهم وآمالهم لا تجوز ولا يسمح لهم بإعلانها ولنا في سوريا مثل وفي العراق مثلٌ وفي ليبيا أمثال.

 نستبدل العرب المقصِّرين في كل أمر وبالأخص في فلسطين،  باليهود الذين لم يُقَصِّروا في إذلال عرب فلسطين ، ونحكي قصصا لا تُصدق. إنغماس العرب في حروبهم المذهبية واعتمادهم على الخارج ، يقوم نيابة عنهم بإدارة الأزمات ولكن لحسابه ومصلحته وعلى طريقته وهواه ، تركوا لليهود الحرية الكاملة في إدارة شأن عرب مستعمراتهم في الضفة والقطاع وتركوا لهم أن ينشئوا السجن الكبير المعروف بالقطاع ( وكل سكانه موصومين بالإرهاب ) والضفة المقطعة الأوصال، الممنوع على أهلها التنقل من بلدة إلى أخرى إلا بإذن أو شبه إذن يصدره جندي قاعد على حاجزٍ ما ، ويحصلون أموال العرب ويحولونه لمنظمتهم  أو يمتنعون عن ذلك دون سؤال ودون إنتظار جواب. تنقطع الأموال عنهم وتنقطع أنفاسهم، فلا رواتب تدفع ولا ديون تُسدد وهكذا يتحول الإنتباه من السياسة، على عقم متابعتها، إلى رغيف الخبز وصراخ المحتاجين.

كل يوم تصدر إسرائيل، إداراتها أو محاكمها ، قرارت مصادرة لأراضي الناس لتنشيء عليها مستوطنات- مستعمرات يسكنها من يُستورد من مشردي يهود العالم ويضيقون الخناق على من سُلبت  أرضه أو صودرت  علّ وعسى أن يرى في الرحيل حلاًّ لتشرده. وعرب ال48 يهدَّدون يوما بعد يوم بأن وجودهم غير مرغوب فيه ويستحسن أن يرحلوا برضاهم وقبل أن يأتي وقت ترحيلهم كما جرى سنة النكبة 1948.

ونتانياهو يُصرح أن حلّ الدولتين لن يأت وهو يدير البلاد ثم ينقض ما قال قبل ساعات، ليس لأنه غيّر موقفا له بل لأن السياسة الآنية تقتضي ذلك.

المؤسف أن اميركا، ورغم الخلافات الظاهرية مؤخرا بين نتنياهو وأوباما تدعم وتستمر في الدعم ولا يغَيِّر من دعمها أي تصرفٍ خاطيء من إسرائيل. فهي الإبن المدلل ولا حدود لما تقدمه لها ولو كان ذلك تشريد من تبقى في الضفة والقطاع وحتى عرب ال48 . طبعا موضوع اللاجئين في ديار العرب الأخرى والآن هم يهجرون ثانية ولا ذكر لهم ولا لمآسيهم ولا لحاجاتهم في الإنتقال ،  ولا حتى يريدون أن يعرفوا  من أين وإلى أين يهجَّرون.

المصلوب لم يحن أوان "ترجُّله"،  ونعتقد بأنه لن يحدث في ظروف حياتنا اليوم،  ولم يحدث منذ زوال الدولة العلية  العثمانية وحتى يومنا هذا. يحين وقت الإهتمام بهم يوم يبدأ عرب هذا الزمان بإحترام ذاتهم وعقلهم وبلدانهم وشعوبهم،  ويقودونهم كالرجال لا إمَّعات تسيِّرهم مصالحهم ومصالح رعاتهم في غرب الدنيا ومشارقها.

 نطلب الكثير والطاقم الموجود ليس من طينة الرجال الأبطال لأن ماضيهم وخلفياتهم وثقافاتهم والرفاهية التي أتتهم مع ظهور  النفط لا تنتج إلا هذا النوع من القادة. تبديلهم ببشر مخلص واعٍ مطلع على شؤون الدنيا ويعرف من أين تؤكل الكتف كفيل بتغيير النمط والنتيجة.
مصلوبنا قد لا ينتظر وقد يكون له السبق في التحرر من العروبة كما هي،  ومن الإسلام كما هو ، ومن الرعاة في الغرب والشرق على حدٍّ سواء.


سِنان 22/3/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق