Powered By Blogger

السبت، 14 مارس 2015

كلُّنا مواشي



كلُّنا مواشي

في أوائل خمسينات القرن الماضي أخبرني صديق زميلٌ من ضيعة أردنية شمالية إسمها " النعيمة" أنَّ دائرة الزراعة أبرقت لكل النواحي في الأردن تطلب إعلامها "بعدد المواشي " في القرى التابعة لها. ولما كان "فك الحرف" يستعصي على عامة الناس فقد أرسل مدير الناحية البرقية لإمام مسجدها يطلب منه أن يقرأها له كي يُحَضِّر إجابته. وبعد الدراسة والتأنّي في صياغة الإجابة، أخبر إمام المسجد مدير الناحية أن الدولة تريد معرفة عدد المواشي، أي عدد الماشين مع الدولة.
وكان بين الإمام ومدير المدرسة في تلك الناحية عداءٌ، فقد حضَّر الإجابة ليرسلها مدير الناحية إلى دائرة الزراعة في عاصمة الشمال، إربد، وفيها أن "جميع أهل الضيعة مواشي إلا معلم المدرسة". وكانت فرصة له "ليستَدّ " من عدوه واغتنمها.
تذكرت هذه القصة النكتة، هكذا كنت أعتبرها، إلى أن تطورت الأمور وتقدمت البلاد وتعولمت الدنيا وَزَمَّت  وأصبحت الكرة الأرضية ضيعة واحدة فيها على ما يظهر مواشي تماما كمواشي الضيعة الشمالية الأردنية. لا أبالغ والأمثال أكثر من أن تُعَدُّ وتحصى بفارق أن "فك الحرف" لم يعد مشكلة فالدكتوراهات من أهم الجامعات مُنِحت لجميع أنواع "المواشي" الذين إما هم مستأجرون وإما "لهم عداء مع مدير مدرسة ما" وحديثهم وآرائهم وإنتمائاتهم لا تدل إلا على ما ذلك.
يخبرنا من له القدر والقيمة، والسلطة والقدرة، أن بلاد الشرق "دودها من عودها"  فيها من المشاكل ما أنزل الله بها من سلطان و"نحن" نحاول المساعدة فنُقَدِّم المشورة للبعض ونُسَلِّح البعض الآخر، كلٌّ حسب حاجته فلا "تظبُط" لأن الجميع لا يريد لنا أن ننجح. نكتة؟ لا والله إنها واقع الحال ونذكر أمثالاً على ذلك. اليمن السعيد، يقولون " مُفَكك قبائليا ومناطقيا ومذهبيا ويتحاربون دون سبب معروف". "القاعدة" في جنوبه نحاربها من زمان ونحتاج لسنين طويلة لِنُحَجِّمها، وكنا نظن خلافا لذلك أنها ستزول بزوال راعيها وإمامها ورئيسها أسامة أفندي بن لادن. لاحقناه و"صرفنا" ما تيسر من مال وجهد وقتلناه ودفنّاه في بحر العرب وهو لا يزال هناك ولكن "القاعدة" ماشية كمواشي الضيعة في شمال بلاد أشراف مكة وسلالة رسولها.
وفي سوريا ، هو أيضا يخبرنا، إنتظرنا إلى أن إكتملت الصورة وعرفنا من يقاتل من فوجدنا أن الأمور معقدة كما هي في اليمن. في شمالها وشرقها أنشأت "داعش" دولة لها وتمددت في شمال العراق ووسطه واحتلت من سوريا نصفها ومن العراق ما يقرب من النصف. ولا يزال العلويون بمعاونة الروسيا ، وهي حليفة صاحب المنطق الذي يدفعنا لهذا التوضيح كتابة، والدولة الإمبراطورية الفارسية الصفوية الساسانية الإثني عشرية بقيادة مرشدها الوالي الفقيه تساعدها أيضا ولو كان ذلك فقط عسكريا بفيالق حزب الله وفيلق القدس ، أيضا حليفة صاحب المنطق إياه، تفاوضه و"تفاصٍله" على نووي مقابل أراضي تمتد من العراق وسوريا ولبنان إلى اليمن السعيد وغيره يُجَرُّ إلى نفس الهاوية.

يقولون وقد "إكتملت الصورة" ،  "إحترت من أين أبوسك يا قرعة". وهم ، أي "من لهم القدر والقيمة"،  يرسلون الطائرات لترمي ما تحمل من المُخَلَّفات فقط على "داعش" وبمحبة وإعتذار. أما الآخرون على الساحة السورية فلهم حرية الحركة ورمي "البراميل" المتفجرة حيث يشاؤون إلى أن "تُحَجَّم داعش" ويسمح الوقت بالتحوُّل من أولية إلى أُخرى.

عندما عُيِّن الحجاج بن يوسف الثقفي واليا على العراقين ومركزه البصرة، فوحدهما وأصبح العراقان عراق واحد. ومع تطور الأوضاع ومرور الزمن فإذا بالعراق الواحد ينقسم إلى ثلاثة . عراق البصرة الشيعي أصبح ملكا للإمبراطورية الفارسية تُحكم من عاصمة الفرس بغداد، والعراق الشمالي كردي سُني يحكم من أربيل وهو مستقِلٌّ عن باقي العراق ، وعراق الوسط والذي لم ترسم حدوده بعد والمحتل الآن من داعش ، على قائمة الإنتظار.
المشكل اليوم في رأينا، وقد بدأت أماراته تطُل، أن مملكة البحرين تسير في الإتجاه إياه ونأمل أن يَكُفُّ الحليف يده عنها فلا يساعدها كما ساعد الآخرين وقبل أن يساعد في "فرطها".
الكلام أعلاه ليس من بنات تفكيري بل إستقيته فقط مما أسمع ويُروى عن قائد العالم أو منه مباشرة ، المدعو باراك حسين أوباما،  والذي لا مانع ضميري عنده أن تخرب الدنيا إذا ساعده خراب العالم على إعلان إنجاز له يرتضيه. والمشكل الأكبر هو المسيرة التي إرتضتها شعوب وقيادات من مواشي إمام الجامع في النعيمة،  لا "تفك الحرف" و تفتقد الضمير.
 سِنان 14/3/2015



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق