Powered By Blogger

الأحد، 7 ديسمبر 2014

لبنان والأحادية

لبنان والأحادية

لم نكتب عن لبنان لأنه، كما كنا نظن، واحة لا يجوز مزجها  أو حتى ذكرها مع صحارى الأمة العربية والتي وإن وفّر بعضها مالا  وسخر لها خبرة وإعلاما أزال عنها ولو بكشف الوجه لا اكثر غيض من فيض الواحات، ثقافتها وخضرة سهولها وجبالها وألق مفكريها والفكر فيها ومياهها وراغبوا زيارتها ، ليتفرجوا على ما أبدع به شعب فقلب رمال بلاده إلى واحة أصبح لبنان من حسادها
مشكلة من مشاكل الصحارى الطبيعي منها والمستحدث أحادية الحكم والفكر فيها .يكون لكل بلد رأس يفكر عن شعبه ويقرر عنه فيريح الناس من التفكير ومع مرور الوقت يصبح له فيهم مؤيدون ومصفقون ومعجبون وحاشية ولا يبقى من الوطن إلا غنم يسيرون لخدمة الحاكم والحاشية
لم تكن كل صحارينا هكذا دوما، فهي تطورت لتصبح على ما هي عليه الآن، أحادية التفكير والقرار تعيش لحين، ثم تسقط لتخلي المكان لحاكم جديد يطور فكر سلفه، بحيث يتمنى المحكوم عودة الحكم الذي سبق لخفة ظله  مقارنة بحاضره.  وتمر عقود ويأتي البلد من يثير  الشعور،  ويأتي ربيع تتأخر مفاعيله الحسنة وتتقدم مساوئه ويضيع الناس في حيص بيص نَفق لا ضوء في آخره
الباحثون عن الفرص لا يمكن أن يضيعوا فرصا كهذه لأنهم إن ضيعوها فإن غيرهم يملأ الفراغ والذي أحدثه طيب النية الذي جاءنا بالربيع. داعش والنصرة ،حركة الشباب المجاهدين، أنصار الله الحوثيون، حزب التحرير ، جماعة أنصار الشريعة، أحرار الشام ،أنصار الإسلام اسماء لحفنة من الباحثين عن الفرص من حفنات كثيرة إن عددناها ملأت من الأسطر الكثير
كنا بدأنا بالقول أن لبنان واحة وهو كان كذلك وله ملامح الإستمرار كواحة كما أن له ملامح السعي بمعرفة أو غباء لا فرق، إلى أحادية القرار. عائلات ثرية أتت ، البعض يقول، بخيرات لهذا البلد ولا نرفض ما يقولون، وبمرور الزمن، وهذا تعبير نكثر من استعماله للدلالة على المروحية المرنة لما يتبع،  يعتاد المُفضِلون علينا أن يلتف حولهم من يلتف من أنصار ويُختصر القرار لتصبح معالجته فيما بين الأنصار فقط ويتطور
نرى فيما نرى أن الأنصار الذين كانوا بإختيار المُفضِّل علينا أصحاب الرأي قد زَمُّوا ونقص عددهم؛ وبمرور الوقت يبقى من الأنصار المقررين فقط أفراد من العائلة وواحد أو إثنين من خارجها. نذكر عائلتين على سبيل المثال : الحريري وعون.الأولى أتى بها رفيق الحريري وهو من أبرَزها والآن العائلة ولكل من أفرادها دور حقه فيه ورثه من منشىء العائلة والثانية أتى بها جنرال سابق في الجيش، رجل طموح حلمه رئاسة الجمهورية وبأي ثمن وأفراد العائلة لهم القول لا سواهم ومركزه في الرابية
وهناك عائلة طائفة ولها مرجعيتها يمثلها حزب الله، يديره السيد حسن نصرالله،  ومرجعيته الأولى والأخيره مرشد الثورة الإسلامية الإيرانية وتفكيره أحادي باعترافه واعتراف التابعين له. وأيضا هناك عائلات قديمة في أحادِيتها الطائفية  ومقبولة  مِن مَن يتبعها وهي عائلة آل جنبلاط. في الدروز لا منافس لها
وهناك عائلات ،  الأيام هذه ليست لها،  وهي كامنة وتنتظر ظرفاً ينعشها، ومنها آل سكاف في البقاع، وآل فرنجية في جبال الأرز وآل الخازن حراس البطركية المارونية وغيرهم. طبعا وعلى مدى التاريخ وإلى أن وضعت  قُم يدها على الشيعة، عائلات لها تاريخ  ونفوذ وأنصار وتنتظر هي بدورها الفرصة لتغيير المُتغير. منهم آل الأسعد وآل الزين وآل حمادة وغيرها ممن دالت بهم دولة الحزب
لبنان وهو يسير  بالإتجاه الواضحة معالمه،  المتجه إلى الأحادية المطلقة، يدفع الثمن اليوم. هو محاط بإرهابيين في الجوار في البلد الشقيق سوريا الأسد، أما في قلب بيته وعائلته أعداء له ولبعضهم البعض يتنافسون على حساب مصيره. لا رئيس للجمهورية. ممنوع إنتخابه بقرار من الحليفين ، حزب الله والجنرال عون، أي قم والرابية. مجلس وزراء لا حق له بإتخاذ أي قرار إلا بموافقة كل أعضائه فهو إذن مُعَطَّل
مصيبة حلت بلبنان وبأهله بمجاورة داعش والنصرة اللذان هاجماه وقتلا العديد من جنوده وأسروا ثلاثين منهم وهم يذبحونهم واحدا تلو الآخر ولا تتمكن الحكومة من الإتفاق على أسلوب للحل وهكذا يقوم أهل الأسرى بقطع الطرق للضغط على الحكومة لتقوم بأقل واجباتها وهم يتلقون أفرادا وعائلات تعليمات من آسري أولادهم أوامر تنفيذها يعني البلبلة في البلد وتدهور هالة الحكومة ومصداقيتها وإن لم ينفِّذوا التعليمات يذبح الآسرون أحد المأسورين
وفيه أيضا  مليون ومايتي الف لاجئ سوري مفروض عليه إيواءهم وتحمل نفقات ذلك والقبول بمنافسة اللاجئ للمواطن في سوق العمل والأهم والأنكى والأخطر وهو ما يجلبه مثل هذا العدد من المحتاجين والمسيسين من إختلال في الأمن
البلد الواحة ، مصيف العرب ومدرستهم ومستشفاهم وطلتهم على العالم ، الوطن الوحيد المتبقي للمسيحيين في عالم إسلام هذه الأيام.  هذا البلد وحيد زمانه في الشرق هو على وشك أن ينضم إلى صحارى أين منها ما كنا نخشى أن نجد مصيرنا فيه
7/12/2014


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق