Powered By Blogger

الخميس، 11 ديسمبر 2014

من النيل إلى الفرات وأبعد

من النيل إلى الفرات وأبعد

تحدث وزير الخارجية الأميركي جون كيري في خطاب ألقاه الأحد قي مؤتمر نظمه "منبر صبان" التابع لمؤسسة بروكينغز للأبحاث، عن" احتمالات تطوير إتفاق اقليمي واسع ضد التطرف في المنطقة يفتح مجالات جديدة للتعاون بين الدول العربية وإسرائيل".

ورأى" أن وجود السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والأردن وقطر معاً في مواجهة هذا التحدي هو مؤشر  لامكان التعاون الأقليمي في مجال الأمن ومكافحة الإرهاب يمكن أن يفتح مجالات لنا جميعا، بمن في ذلك إسرائيل والفلسطينيون والأردن ومصر".

وتطرق في خطابه الطويل امام جمهور متعاطف مع إسرائيل أكثر من مرة الى "بروز هذا التحالف الإقليمي الجديد المبني على نبذ المتطرفين.. لكنني سأقول لكم ما يقولونه لي هم يقولون لي ، أنهم مستعدون للتوصل إلى سلام مع إسرائيل. ولفت إلى أن مثل هذا الإتفاق كان مستحيلا قبل ستة أشهر والآن بات ممكنا ليبنى مستقبل أفضل للشرق الأوسط ومستقبل أكثر أمانا لإسرائيل وجيرانها".

"عندما اجتمع بالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ومحمد بن زايد، ولي عهد الإمارات أو العاهل السعودي الملك عبدالله، فإنهم جميعا يرون أن تحقيق السلام سيحسن أوضاع المنطقة وهم يرون ان القوة الإقتصادية لإسرائيل هي ميزة لهم جميعا."

هذا ما تحدث به جون كيري، لا فُضَّ فوه، وهو كثير الكلام ثرثار ولم نرى عملا واحدا نجح فيه،  ننقل ترجمة جزئية لمضمون خطابه وهو يذكرنا بطموح إسرائيل لإقامة دولة لهم من النيل إلى الفرات، وهنا أضاف كيري إلى الطموح المعلن لإسرائيل طموحه هو، ربما كي ترضى عليه  الدولة اليهودية ، أضاف إلى الطموح كل المساحات ما بين النهرين من الفرات إلى دجلة وحتى جوار إيران.

لا يمكن أن نفهم إن كان كيري يفهم أهمية ما يقول. في الواقع هو يطرق موضوعين من أخطر ما يجري. أولهما هو إتهام مسؤولين عرب كبار، رئيس مصر، ملك السعودية وولي عهد الإمارات بانهم وبرأيه يقولون له خلاف ما يقولوه  لشعوبهم أي انهم بوجهين وكلامين يقولون شيئا ويضمرون لناسهم شيئا آخر.

وهم ، ثلاثتهم متفقون على الأمر نفسه ويبلغوه له كل على حدة ، ما يقوله زملاؤه وبدون مبالغة بنفس النص؛ يعني أنهم على وفاق، إتفاق تمَّ وأصبح حقيقة لم يبق إلاّ إنتظار الظروف  الملائمة لإعلانه. كلهم يقبلون "بناء ومستقبل أكثر أمانا لإسرائيل"و " وهم يرون ان القوة الإقتصادية لإسرائيل هي ميزة لهم جميعا."

والموضوع الثاني هو أن هذا النوع من المواقف تأخذه ثلاث دول من الحجم الذي ذكره كيري عن الإتفاق ،  أن "مثل هذا الإتفاق كان مستحيلا قبل ستة أشهر والآن بات ممكنا ليبنى مستقبل أفضل للشرق الأوسط ومستقبل أكثر أمانا لإسرائيل وجيرانها". ماذا عدا مما بدا كي "يكبس الزر" وفجأة يتم الإتفاق.

ألا يعني هذا أيضا أن المناورة والمتابعة الحثيثة لبناء مثل هذا الإتفاق بدأت قبل الستة أشهر التي يشير كيري إليها ومضى الوقت وفجأة قرر الملوك والرؤساء العرب الإتفاق مع إسرائيل. ألا يقرأ كيري الصحف ويرى أن تصريحاتهم العلنية تغاير ما تمَّ بموجب الإتفاق الجديد؟ ألا يعلن بكلامه هذا أن القادة المذكورين يكذبون؟ حتى لو كان ما يقوله فيه شيء من الصحة ونشك بل نرفض قوله ، اليس هو عميد الدبلوماسية في أكبر وأقوى دولة في العالم في زمننا هذا ، أليس من ابسط اللياقات الديبلوماسية أن يكون في كلامه بعض الأدب؟ لكن طموحنا بأن يكون أكثر أدبا في كلامه ، طموح أساسه واهن.

مكافحة الإرهاب يجب أن يشمل كل الإرهاب وليس جزءا منه نختاره لسبب أو آخر. سوريا وإيران وإسرائيل كلهم تاريخهم الإجرامي والإرهابي طويل. هم بدأوا بالإجرام قبل ولادة داعش والنصرة وما شاكلهم أو ماهاهُم.

روى شهود عيان أن جنوداً اسرائيليين ضربوا  بالأمس زياد أبوعين (55 سنة)الوزير الفلسطينيي لمقاومة الإستيطان أثناء مشاركته في مظاهرة ضد إنشاء مستوطنة جديدة، ضربوه بأعقاب البنادق على صدره وأمسك أحدهم بعنقه ثم دفعوه أرضاً، وتابعوا إعتدائهم عليه إلى أن قضى ومات. الأمم المتحدة تعجبت وأميركا تنطحت لإجراء تحقيق وحتى إسرائيل تريد أن تشارك في التحقيق، وماذا بعد؟ أينتظر الفلسطينيون سبعين عاما أخرى ليُطردوا من أرضهم وبيتهم وعاداتهم والتقاليد إفساحأ في المجال ليهودي من هنا أو هناك ليستقر في بلد "أكثر أمانا" على حساب من يُطرد منه؟ هل هناك تفسير آخر لما يجري؟ نحن نُقر بأن الترتيبات الممنهجه تسير دون عقبات لتحقق هذا الهدف وكلما يقال غير ذلك هو من الشيطان.

الإجرام السوي والإيراني يعرفه الجميع فلا سرّ يخفونه بل موقف يعتزون به والبعض يصفق لهم طمعا في دور يحلمون القيام به أو منفعة يرجونها. وليس من المفيد وربما ليس من حقنا أن نتدخل في أعمال السي.آي.إي"  وأساليب تعذيب تستخدمها ويثار من حولها غبار كثيف، ولكنها تحتل من الصحف صدرها ولا يمكن للمتابع والمراقب إلا أن يراها .

كيري ربما كشف المستور  أو أثار عند البعض تساؤلات لا تفيد من يقول أنهم قالوا له ما لم يقولوه لشعوبهم.
11/12/2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق