Powered By Blogger

الثلاثاء، 21 يوليو 2015

"القطيع" وما أدراك ما القطيع


"القطيع" وما أدراك ما القطيع

القطيع، فلسفة تصرّف وتحَرُّك جماعي يقوده مَن حضَر وقاد، وعادة ما يكون القائد عالي الصوت يُسمع القطيع ما يُبتَدَع  له من شعارات، إذ أن على قائد التحرك أن يهتِفَ، ليستجيب القطيع له، وهنا  نستعير من زهير إبن أبي سلمى، ما قال في مثيله : "إلى حيث ألقت رحلها أم قشعَمِ".؟
القول، أي الشعارات التي يرددها قائد التحرك، لها خلفيات تبتدع  لها الشعارات الهادفة  إلى سَوق القطيع إلى الحافَّة أو اللّاهدف أو السير على أجساد آخرين كما يفعل قطيع البقر عندما يندفع مذعورا دون وُجهة فارًّأ مما يخيفه إلى لا وُجهة، أو المواجهة دون تقدير لمخاطرها . وإذا تَعَذَّر على القائد المنادي أن يقود،  دخل مخططا بديلا يُكَوِّع فيه إلى المذهبية فيأمر باسم الدين رافعا ما يُشبه الصلاة ليمشي القطيع فلا يخاف أن يُتَّهم من فيه بالكفر أو ما يماثل الكفر
نحكي بحُرقة عن القطيع ، وشعوب العالم العربي أو بعضها أو مجموعات منها هي من نقصُد. مظاهرة من هنا وأخرى من هناك وتجَمُّع سياسيٌّ أو ديني أو مذهبي ينضم إليه من هو قريب له بتفكيره أو بمكان وجوده أو قريب من شخص يعرفه وينتمي إليه ، ولم نلاحظ أن من يتظاهر أو ينتمي إلى تجَمُّع من يعرف لماذا يتظاهر ولا إلى ماذا ينتمي. فقط المُوَجِّه يعرف المبدأ والقصد ومن تبقى "مواشي" تَقبل ما تؤتَمر به،  وتُقبل عليه بحماسة القطيع المذعور
الناس تتظاهر لتحتجّ وتظهر عدم رضاها أو غضبها أو حتّى ثورتها على مُجريات ما لا يتفق ومصالحها، ولكن الناس ناس، منهم الجاهل والمتعلم، الذكي والأخرق، المثَقّف والأِمّي، الرجل والإمرأة وحتى الأولاد من جميع الأعمار، يشاركون راغبين أو يُصطحبون . كلهم تندمج تصرُفاتهم وتتماثل. الجاهل والمتخرج الجامعي بأعلى الشهادات، يفقدان ميزاتهم الشخصية في عملهم الجُماعي ويصبح التصرف تصرف الأكثرية المتحمسة الغاضبة ويغيب عن المتعلم ما صرف سنوات لإكتسابه ويفقده في لحظة يغلب فيها العجز الفكري والجهل والصياح والهوس والرغبة في التخريب وإثبات القدرات الذاتية والتي تظهر فقط في المحسوس والمرئي من الأعمال
 والناس لا يشتركون فقط بل ينصهرون فكرا وعملا ويذوبون ويلتحمون وكأنهم شخص واحد متجانسون متماثلون مندمجون وكأنه كان لهم شرف المشاركة بالتخطيط ولكنهم مشوا فيما خُطط لهم ، رعاع فيما يفعلون؛ هم يتلقون الأوامر ولا يُستشارون ويقبلون. قوة الجمع في قوة أضعف أعضائه، أدناهم علما ومعرفة والجهلة منهم. والبعض يؤتى بهم حصراً وخصوصا لصفات يرذلها المجتمع  والذي إن عدل لأدخلهم في سجن  أو في مصحّة عقلية. أليس من المعيب لأي مجتمع أن يكون بعض هؤلاء ، قادة القطعان، في مراكز القرار أتوه في غفلة من الزمن أو بقرار لمعتوه يتبوأ بدوره سُدَّةً ليست له
واليوم وقد وَقعت أميركا في خطأها ووقّعت نوويها وإيران، وأصبحت جموع شعوب الجوار رهينة أطماع أوباما الذي "وصل له حَقُّه" ومُنِح الشهادة ولو بتحَفُظٍ علني في خطبة الوالي الفقيه أول أيام عيد الفطر،  والذي إرتأى وأعلن أن الإتفاق يُبقي أميركا في خانة "الشيطان الأكبر" غير المؤتمن عل ما يَعِد. وأوباما الذي أعلن نهارا جهارا أن بلاد الجوار الإيراني يجب أن تَحُل مشاكلها بيدها فيُعطي حكّامها الشعوب بعض حقِّها فتقوى وتدافع عن نفسها دون توريط غيرها في حروب هم في غنى عنها. ولم يًكتَفِ بما قال بل زاد ومنح إيران صكَّ براءة عن تدخلها في اليمن معلنا أن معلوماته ومخابراته لم تؤكد تورطها في تلك الحرب
أميركا تصرَّفت وكأن "التقية" قد ألغاها من عقيدته من وَقَّع عنها، وأميركا في ذلك على خطإ فادح
أما إيران فتتابع توسعها ما إستطاعت وإن تكن أصابتها بعض النكسات. فهي لا ترى أن الإتفاق النووي غيّر شيئا في تاريخ إعادة بناء إمبراطوريتها الفارسية في بلاد دفعت الغالي والثمين من حجر وبشرٍ وكرامة في عالم يحكمه قائد القطيع
ألم يحن الحين وتتغيَّر الأحوال فينقلب القطيع على قادته ويدوسها كما يدوس ما في طريقه عند جموحه؟. وقد قال مُسفر بن مهلهل، الذي عاش أيام الجاهلية ، حكمة عَجز عالم اليوم عن فهمها واستمر في جهالة نبذتها الجاهلية:؟
دع المقادير تجري في أعنتها. ...ولا تبيتن الا خالي البال
ما بين طرفة عين وانتباهتها ...يغير الله من حال الى حال
وغدا لناظره قريب

19/7/2015
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق