Powered By Blogger

الجمعة، 5 يونيو 2015

معنى الشهادة

معنى الشهادة

الأيام تَمُرّ والأسابيع والشهور والسنون تمُر والمستبدين والطامحين والأشرار والفاسدين بأنواعهم وعقائدهم ومذاهبهم وما قتلوا وأذلُّوا وهجَّروا وسَبوا  لا يمَلٌّون ولا يتعبون ولا ينوون أن "يأخذوا نفسا" فيستريحوا ويريحوا غيرهم ولو للحظة.

هم في العهر سواء مع من يدعمهم. ومن يدعمهم ليس بالضرورة مثلهم فهو أسوأ لأنه  يعمل بعقل وتخطيط، ويستغِل جهلهم وانسياق قادتهم  وراء من يدعمهم فيدينون  له لا فرق إن أسميناه عِمَّامة في إيران أو  رأس مكشوف في الغرب. المال يلعب في القيادات ويوجههم  و"المجاهدون في سبيل الله" والمؤمنون بقداسة زعمائهم ، يقاتلون ولا يبغون أقل من الجنة مصيرا لهم لما في الجنة من مغريات حِسِّية. الحواري والغلمان المُرد والشراب والبساتين التي تجري من تحتها أنهار،  ليست إلا مقدمة للائحة طويلة تقدمها الجنة لهم.

تُمنع مثل هذه اللذات عنهم في الأرض فيطمحون لنيلها حيث تباح، وهل خير من الجنة ليشفي كلٌّ غليله ويغرف من اللذات ما طاب ويلعق منها حتى الثمالة  دون خوف من حسيب أو رقيب أو رجل دين يضع عليه حَدٌّا ما . الدين لا يبيحها هناك فقط،  بل يجعل منها هدف يرتجى وثمنه في هذه الأيام أن تموت "شهيدا". والشهادة يقررها سيد الحرب وقائدها ، من كان. والحروب لها تاريخ طويل وقادة مختلفون ، بعضهم جيدون وبعضهم مرتزقة أو مغامرون. النبي العربي الكريم كان قائدا مشى الناس وراءه إيمانا به وبما يقوم به وحق لهم ذلك وكانت تبعيتهم له نقية طاهرة ومن مات منهم في سبيل الله كان شهيدا. 

وجاء  هولاكو وكان قائدا مرموقا ذو رؤية وطموح ، وغزا ، ولم تكن غزواته تتعدى طموحه لحكم شعوب لا تعرفه ولا هو يعرفهم. مات في سبيل غزواته الألاف من قومه ومن العرب، وسرق ونهب وأحرق المكتبات ودور العبادة وسبى النساء والأطفال. من مات في سبيل طموحه ليس شهيدا بل مات فقيدا وربما ذليلا لا غير. و"ما الشهادة إلا االموت في سبيل الله وإلا  بذل النفس في نصرة الحق وبذل المهجة في حفظ الدين ".

قال سبحانه وتعالى:﴿إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ1

وهل أصدق من هذه الأقوال في الشهادة وشروطها؟ الموت في أي معركة نشهدها هذه الأيام لا تمنح من مات صفة الشهادة. ومن يزُج الشباب في معاركه لن تكون الجنة مصيره. نكتب ولسنا من أصحاب الإختصاص في معنى الشهادة وما يدور حولها من تفسيرات واجتهادات ولكننا نكتب بثقة لأن من يمنح المقاتل هذه الأيام الشهادة ليس مرجعا دينيا فهناك ما يزيد على السبعين منظمة إسلامية تنغمس في قتال ما، تتقاتل فيما بينها وتقاتل آخرين يقفون بطريق تمددها ، وكل هذه المنظمات تعتبر قتلاها شهداء.

نبدأ بالقاعدة وفلذات أكبادها النصرة وداعش ونعرف من تقاتل ومن تقتل ونمر بأنصار الإسلام، وحزب التحرير، وأنصار الشريعة، وأحرار الشام، وحركة الشباب المجاهدين، وأنصار الله الحوثيون، وجند الخلافة، ومنظمة بدر ، ثم حزب الله، وصولا إلى بوكو حرام المندمجة حديثا بالدولة الإسلامية. نسوق هذه الأسماء فقط للدلالة على أن أكثرها علاقته بالدين لا تؤهله للفظ كلمة "شهيد" فكم بالحري منح الصفة لمقاتل لا نعرف نواياه ،ومعرفتهم بمعنى "الشهادة" ضحل لا يجوز قبوله.

وأبلغ ما في ما نقول أن تتقاتل منظمتان إسلاميتان ويموت للطرفين مقاتلين ويعلن كل فريق أن قتلاه شهداء. أفواج تتقاتل في سوريا دفاعا عن "رئيس" نقاء سيرته حمّال أوجه أو حربا عليه ، و"الشهداء" يتساقطون من الطرفين.  أليس في هذا الواقع اليومي والمستمر ما يثير دهشة من يتساءل. ألم يحن الوقت لمعالجة هذا الموضوع البالغ الحساسية ؟ أهو واجب الأئمة وأصحاب السماحة وآيات الله إيجاد حل يضع الأمور في نصابها؟ أم تترك الألقاب تُمنح بالسياسة لا بالدين؟

أبو جوهر الأصبهاني 5/6/2015


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق