Powered By Blogger

الأحد، 5 أبريل 2015

مداخل التطرف : وجدانيات


مداخل التطرف : وجدانيات


مداخل التطرف ثلاثة :الفقر وظلم الحُكَّام وغياب الحرية. مظاهرها تتجَلَّى  بداية  بكثرة ارتياد  أماكن العبادة ودُورها يتضرع الناس فيها  إلى الله عزَّ وجَل أن يزيل الضيم عنهم ،  فيكرر ما سبق وأمَرَ به على لسان مرسليه ، فتعم البلاد الطمأنينة والسلام وتزول الغيمة والغَمَّة وتنتفي مداخلها.  والله ، كما تجري الأقوال على كل لسان ،  يُمهل و لا يُهمل، وفي المدة الطويلة بينهما يُجري المؤتمنون على الدين ، غسل أدمغة المرتادين ويُدخلون الغضب عليها بدل المغفرة  والثأر بدل التسامح وتنشأ الأحزاب يلوذ الناس بها من فقرهم وذُلِّهم وربط ألسنتهم ، دون أن يخطر لهم خاطرٌ بأن من يغسل أدمغتهم يقصد تلويثها لا تنقِيتها ولا يزرع الأمل فيها بل يُكَرِّس الإحباط . ويلومهم من علَّمهم عندما يخرجون عن طورهم ويقومون بما زُرع في أدمغتهم ولا يخجلون لا بما زرعوا ولا ما يحصد غيرهم منه.

ويحضرني، وإن كان الربط لا يستوفي شرطا من شروط التلاقي ،  قول عبد يغوث بن وقّاص الحارثيّ في رثاء نفسه، في قصيدة رائعة  مطلعها:    
ألا لا تلوماني كفى اللوم ما بيا             وما لكما في اللوم خير ولا ليا

  ويشتكي بها من منع آسريه له من الكلام رابطين لساته  بخيط من جلد ،فيقول:
أَقُولُ وقد شَدُّوا لسانِـي بِنِسْعَـةٍ         أَمَعْشَرَ تَيْمٍ أَطْلِقُـوا عـن لِسَانِيَـا

من حَضَّرهم وأهَّلهم وأسبغ عليهم نعمة كرمه مالاً ودعما وإعلاما  من المستفيدين ، ولم يكن يدري مدى وقوة  ومبلغ ما فعل ، لم يتوقع  أن تكون نتائج جهله بالتأهيل وغسل الدماغ  ما أصبح  همّا يوميا وخبَره على كل لسان ، ووجد نفسه في خطر عظيم؛ وهو يحاول اليوم  أن يهدى عمله إلى من سَمَّاهم "التآمرين الإستعماريين أو المتصهينين" ، وهو يسعى إلى مخرج من ورطة هو سببها فلم يجد من يقبل أن يحل محله ويدعي القدرة النافرة الجاهلة لكل المقاييس الإنسانية فيقتل ويذبح ويسبي ، ويجد من يسعى إلى مشاركته في الأسلاب  والسرقة ويكثر عدد المشاركين وتكبر الدعوة ويرتفع مقام من يأمر بإسمها، خليفة كان أو أميرا أو "قطروزاً" ، حسب من يأمر ومكان الأمر وحجم ما يؤمر ، والرغبة في تلَقِّي الأوامر والمتعلق حصرا في المنافع المتاحة للمأمور والآمر .

في الأمس "حُررت" تكريت وقامت مجموعات مذهبية شاركت في التحرير ، فسرقت ونهبت  وأحرقت مئات البيوت لمن تدين بمذهب آخر،  ولم تتدخل الدولة إلاَّ بعد أن إرتوى السارق الناهب الملتزم المحمي بأقوياء ، فقام رئيس وزرائها وطلب "منع" ما سبق وجرى. وبالله عليكم، هل من يُقنعني بأن داعش خسرت أرضا ولم تكسبت مؤيدين لم يعد لهم دور في بلدهم ولا يمكن أن يمتنعوا ، بعد ما جرى، من تأييد "داعش" ما.

والموكب يمشي، ومن يقوده لا يريد أن يترك وظيفته القيادية في دعم فكرة ومفهوم  "داعش". وتوسعت مفاهيم هذه الزمرة  فأصبح "الإرهابي" في فرنسا ولبنان وكينيا ونيجيريا والصومال وسوريا والعراق يقتل ويفتعل بما غُسل دماغه لعمله،  وإن لم يجد سببا سياسيا فالموضوع المتاح والجاهز والسهل فهو قتل من هو ليس مسلماً.  والمنظمات والفِرق كثيرة يزيد عددها في البلاد العربية عن السبعين ويتبعها في الخارج عدد يكبر يوما بعد يوم.

شرقنا غائب عن السمع وكذلك غربهم والإتفاقات الجديدة، نووية كانت  أو غيرها ،  تُستوحى مضامينها من مصالح لا تمُتُّ 
بصلة إلى مصالح البلاد والعباد أللهم إلا ما يشرح خاطر من يوقِّع ولأسباب لم تتضح بعد ونأمل أن يكون ظِنُنا في غير محله وإن كنا لا نرى إمارات تناقض ما يدفعنا إلى الظن بالمآرب والغايات.

هل حقق المتآمرون ما يصبون إليه، هل ندموا، هل أفاق الضمير عند البعض، وماذا يريدون بعد؟ هم يهدمون ويخربون ولا يزالون كما كانوا  "فذنب الكلب لا تستقيم".

سِنان 5/4/2015






ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق