Powered By Blogger

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

مآسينا سلعة تباع وتشترى


مآسينا سلعة تباع وتشترى

 

في كل بلد عربي مأساة تليها مأساة بدأت كلها في زمن غبنا عنه عقداً بعد عقد بترتيب أو بالصدفة ، لا نعرف ولا تهم المستفيد إن عرفنا أم لم نعرف. فالبازار مفتوح على مصراعيه للبيع والشراء والسلعة الأهم والأغلى هي "نحن"، عرب هذا الزمان، نفطه، ماله، الثقافات المتوارثة فيه، والديانات التي ما قامت إلا في أرضنا ، جغرافيته والإستراتيجية التي تتمتع بها ، والتي لم تأت بطلب منا ، وجودها لا علاقة له بنا. نحن نشأنا فيها صدفة ، عشنا حلوها ومرّها ، من أيام الغزو والأساطير التي تبجحنا بها ، بأبطالها ، بالشعر الذي أعطانا القدرة على تحمُّل مشاقها ، والخيل والليل وكل ما نتغنى به، والفتوحات التي تلتها والدول التي بنينا وهي فخر لنا ، والعلوم التي نشرنا في أنجاء العالم ، والعودةالسريعة إلى زمن الجهل والفساد وأيام ما قبل قيام الديانات

لم نتوانَ  في رجوعنا إلى أزمنة ما قبل التاريخ. ركضنا بكامل قوانا وبالسرعة التي نملك كي لا نُفوِّت علينا ما حذَّرت منه الديانات السماوية ، والضمير ، والخلق . هكذا نحن الآن ، وهكذا وعلى ما يظهر ، أننا في سبيل العزم على إستكمال طريقنا فيه وإليه

كنا نظن أننا في معركة عربية فارسية، ولا يمكن أن نضع هذا الظن على الرف، فهو قائم وهو أداة من أدوات في يد من له القول والفعل. أشعلوها مذهبية سنية شيعية وهي الآن كذلك وكانت كذلك "مخفية " طوال 14 قرنا من الزمن وآن أوان إيقاظها فأيقظوها. وبطريق إيقاظها لم يتوانوا عن إشعال نيرانها في وجه ما يسمونه "أقليات" فهجَّروهم ، وإن لم ينجحوا هدموا بيوتهم على رؤوسهم ، وإن لم يكن النجاح بمستوى الأمل قتلوهم وسبوا نساءهم والأطفال. وهكذا لم يعد للأقليات من وجود بين النهرين مرورا ببلاد الشام ومصر وحتى المحيط. لم نفهم مغزى هذا السلوك إلا بأنه مفيد للرابحين من بيع وشراء مآسينا في بازار لم يشهد العالم له مثيلا في مستوى تدنِّيه الخلقي والإنساني وقد قام "بالتقية " ولم يستحوا

هذه البلاد فقدت هويتها . هي بيعت لتجار السلاح في الدول المتحضرة. بيعت بأرخس الأثمان. والبائع بنفوذه وقدراته ورعايته لمن هم على الأرض ، هو المشتري، وقد بدأ جني الأرباح بشكل مفضوح

ما إن أعلنت الإتفاق- الإطار بين الخمسة زائد واحد ودولة الفرس الشيعية الإثني عشرية، فرس ولاية الفقيه ، الحائز اليوم على ثقة البائع-المشتري ، حتى بدأت الروسيا التي إدَّعت حرصها على مصالح الشعوب بنظام إشتراكي عجيب غريب ويتبدّل بتبدل الأزمان والفُرص ، فإذا بالروسيا تعلن بيعها لإيران أسلحة متطورة ، وبدأت أيضا وحالا بتجارة بنيت على "النفط مقابل الغذاء " ، قبل أن يبرد الوعد بالتوقيع . القرار المفاجيء أثار الغرب الذي قام بكل ما قام به لقنص الفُرص التي سبقتها إليها منافستها في البازار
طبعا القصة لا تنحصر في صفقة،  فالمغامرة كبيرة سببها خوف الجيران من القوة الإضافية والمستجدة التي ستحوزها دولة فارس ، وبالتالي هم يدخلون السوق ويشترون أسلحة تمنع عنهم الضرر وتقيهم شر الخسارة في حرب قد تأتي وقد لا تأتي ، من الضرورة بمكان. فالحذر يجنب عنا القدر
 
صفقات الأسلحة تجذب صفقات ، والمال الذي يأتينا من ثروات لم نؤمنها نحن بل أتتنا مع جغرافية لم نبنها نحن، هو "بنظرهم " حق لهم يريدونه مقابل سلاح الطلب عليه دائم
  
العراق الذي هدموه وشردوا أهله واستباحوا ثرواته وهدموا بالمِعول بقايا حضارات نمت فيه ، عمرها من عمر الزمن، وأدخلوا عليه "داعش" أنشأوه لإتمام الجريمة، وسوريا التي لم يتركوا فيها حجرا على حجر واستضافوا "داعش" فيها ليساعد على تهجير الملايين من شعبها، وليبيا واليمن ومصر، أم الدنيا والتي عمرها أيضا من عمر الزمن، ترطوا فيها بذرة الفوضى  وغيرها؛ كل هذه تفاصيل تستمر في دفع الثمن ويستريح الجالس على كرسيه في البيت الأبيض ويجني الأرباح والثمار هو ، وزميله الجالس سعيدا في كرِملنه في موسكو، ولا بد ان يصل الخير أو فُتاته للحلفاء الآخرين

سِنان  14|4/2015


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق