Powered By Blogger

الأحد، 31 مايو 2015

براميل متفجرة والمتَلقُّون مدنيون

براميل متفجرة والمتَلقُّون مدنيون

اعرب وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند، عن إدانته للاعتداءات باستخدام براميل متفجرة في سوريا، أدت لقتل وإصابة عشرات المدنيين بمن فيهم الأطفال إذ لقى 136 حتفهم أمس السبت، مشددًا على أن موقف بلاده يظل دون تغيير بالدعوة لعملية انتقال سياسية في المستقبل لا يكون للرئيس السوري بشار الأسد أي دور فيه.  

وذكر بيان صادر عن الشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن الغارات التي شنتها طائرات ومروحيات النظام على المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة، بالأمس، أسفرت عن مقتل 90 شخصا في حلب، و20 في إدلب، و9 في ريف العاصمة دمشق، و8 في الحكسة، و4 في درعا، و3 في حمص، و2 في دير الزور.   وأشار البيان إلى أن هناك 14 طفلا و7 سيدات من بين القتلى.

البراميل المتفجرة ليست حدثا جديدا ولا فريدا ، هو أسلوب للتعاطي يفضله الأسد ومن يعاونه أو يدعمه في الروسيا وإيران وأتباعهما من حزب الله ومكونات "الحشد الشعبي" الذي إنطلق حديثا في العراق وكان له من الأفعال ما تشيب رؤوس الأطفال.

ويأتينا السياسيون من كل فجٍّ عميق يرددون مقولة وزير الخارجية البريطاني، فيليب هاموند بأن سياساتهم تدعو لعملية انتقال سياسية في المستقبل لا يكون للرئيس السوري بشار الأسد أي دور فيه.

السؤال الكبير هو  عن"  أي مستقبل يتحدثون" وقد دخلنا قي العام الخامس من حرب ضروس ليس للشعب فيها قول وكان مستقبلها ما نراه اليوم من نشوء أفكار مسلحة لم نسمع بها أو بمثلها  قبل بدء هذا التاريخ وقد إستولت على البلد بأكثره، وأرضا كانت يانعة تطعم شعبا لم يعد موجودا إذ أن ثلثيه مهجر ومن بقي لم يهاجر خوفا من الأنكى والأسوأ.

أميركة أوباما تدخلت وتوعَّدت وتراجعت وتباطأت مفسحة للأسد في المجال للإكثار من القبائح التي أصبح خبيرا فيها معتمدا على دول كبرى إن في المساعدة المباشرة له أو في تركها له حرا طليقا، وهم على ما يدّعون يريدون أن يبقى فقط ريثما يجدون من يحل محله.  فهم لا يريدون "داعش" التي كان لهم شرف المساهمة ، عن قصد أو تلكّؤ أو تردّد، لوأدها يوم كان وأدها متاحاً.

واليوم وسوريا وأهلها وحضارة التاريخ الذي مرَّ أو إستقر بها ، وقد إمَّحى وزالت آثاره، وهم يفكرون بمستقبل ما هم ينوون عمله.

الإنقسامات التي شجعوها والدول التي أفرغوها من مضامينها أكان إسمها "العراق" وقد فتتَّوه عن سوء نية وقصد، أم سوريا التي لم تعد موجودة إلا على خارطة لا روح لها، أم إيران التي أبرزوها وساعدوها لتكمل ما قاموا به ويوصلونا  إلى حيث لا نعرف ولكنهم يعرفون. ويتبجحون ويجمعون المجالس ويشحعون إصدار قرارات لا ينوون أصلا تنفيذها وينامون على حرير معرفتهم بأن "الحمار ماشي" وما عليهم إلا إنتظار إكمال الطريق الذي رسموه.

قرارات فلسطين والمآسي التي يعيشها شعبها، واليمن وما يفتعلون فيها ، وسوريا التي أنهكوها وربما أنهوها ، والعراق مهد الحضارات كلها وقد جعلوا منه مشكلة مذهبية وأخرى إثنية وأفرغوه من بقايا أهم الحضارات التي إستقرت فيه  ولا جفن يرجف ولا ضمير يراجع.

لا نقول ولا ندعي أن حضارات هذا الزمن سيئة وقد مرَّ في بلادنا من الحضارات ما يشبهها ، فالمغول زارونا والصليبيون زارونا والأتراك زارونا أيضا ولا نزال نرى ونسمع عن ونعيش في ظل حضارات ليتها لم ترينا وجهها كي لا نقارن ونرى بوضوح سوء طالعنا اليوم.

آخر من زارنا قبل محنة اليوم، بريطانيا يوم كانت عظمى، قسَّمت الديار وشرذمتها ومنحت اليهود أرضا ليست لهم ووعدت من ساندها في حربها ولم تفِ بأي وعد، وعرقوب مَثَلها، أو هي سبقته بمنخار ،  قال الأشجعي
وَعَدْتَ وَكَانَ الْخُلْفُ مِنْكَ سَجِيَّةً        مَوَاعِيدَ   عُرْقُوبٍ   أَخَاهُ    بِيَثْرِبِ

وكان لكعب بن زهير قول في عرقوب بقصيدة مدح فيها النبي:

كَانَتْ مَوَاعِيدُ عُرْقُوبٍ لَهَا  مَثَلاً        وَمَا   مَوَاعِيدُهَ   إِلاَّ    الْأَبَاطِيلُ
و قيل أيضاً: 
الْيَأْسُ أَيْسَرُ مِنْ مِيعَادِ عُرْقُوبِ
ونحن في حالة اليائس من فك الحصار العرقوبي الدولي علينا. إطلاق سراحنا لا يأتي لهم بمنفعة وليس علينا إلا أن ننفض ، نحن، عنا الطوق وننهي الحصار ونحيل غيرة دول العالم علينا إلى التقاعد.
 أركان / آخر نوار 2015


الجمعة، 29 مايو 2015

رجع الصدى


رجع الصدى

أديب اسحاق شاعر وأديب وصحافي ثائر من القرن التاسع عشر (18561885)، أي من زمان مضى ولكن شؤون الزمن وشجونه وأساليب الحكم فيه والمباديء الخلقية التي ننتظر أن تراعى، والقرار السياسي والعسكري فيه لم تتبدل ولم تتغير. الحروب وقتل الآلاف فيها كي تتحقق أهداف وطموحات شخصية لا تزال مقبولة ومطلوبة. في زمننا هذا  تدعم ما هو مقبول ومطلوب أحلاف من دول تدعي الإلتزام بمبادىء العدل والقانون فتحاكم من يسرق الرغيف وتكافىء من يربح حربا يقتل فيها ما لا يُعدُّ ولا يُحصى من الناس.قال شاعرنا الذي أخذته منيته ولم يبلغ الثلاثين من عمره، شعرا فيه حكمة ورؤية،  يستشهد بها الكثيرون:؟
قتل امرئٍ في غابةٍ.... جريمةٌ لا تُغتَفر
وقتل شعبٍ آمنٍ.... مسأَلةٌ فيها نظر
هكذا كان الوضع منذ قرنين ونيف وهو قائم اليوم بتقنيات أعلى و أحَدّ وإعلام ناشط مؤثر يطال كل الناس في كل دقيقة ، لم يكن موجودا في ذلك الزمن.  هذه الحروب والمطامع في  يومنا تدعمها هذا مذهبيات كنا نظن أن الزمن طواها ولكنها رجعت ورجعت معها حروب،  المذهب فيها سلاح ، والسيف سلاحه في نزع الرقاب عن الأجساد ، يخيف البشر أكثر من تقنيات البراميل التي يرميها نظام حكم على مواطنيه عشوائيا فتقتل من يقف في طريقها. يقول صاحب المعلقة زهير بن أبي سلمى:؟
رَأَيْتُ  المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ  تُصِبْ           تُـمِتْهُ  وَمَنْ  تُـخْطِىءْ  يُعَمَّرْ  فَيَهْرَمِ
الشاعران على بعد زمانهما رأيا ما لا يراه حكام هذا الزمان. ربما يرونه بوضوح أكثر ولكن لا يهتز لهم ضمير اللهم إلا إذا لم يعد للضمير مكان أو لزوم. لا فرق في منظار ما ندَّعي بين قابعٍ في جُحر ينتظر الأمر بالقتل وصاحب الأمر الجالس سعيدا في قصر منيف يأكل ويشرب ويُنَظِّرُ  في الخُلُقيات وينام في فراش وثير ويطلق الأحكام والأوامر ليتحرك المسكين في ساحة ما ليقتل وينهب ويسبي ويهجِّر ويسمع بعدها، إذا لم تخطئه المنايا ، كلام حكامه يجَرِّمون من يقتل ويسبي، لآن عندهم في الأساس رسالتين لنوعين من البشر : القاتل والمقتول ولكل منهما عند الحاكم مقال يختص به. يسمع القاتل والمقتول كلاما من الحاكم يزين له ما كان وجرى على امل من الحاكم ان يُصًدِّق السامع قوله. الكذب لا يدوم أكان الكاذب رأس دولة أو صاحب عمامة أو ثائر مرتزق أوصاحب دويلة .نأمل أن يكون على هؤلاء ثمنا يدفعونه عندما يحين الحين وتتبلور الأمور وتتضح ويتمكن الناس من محاسبتهم
الوقاحة التي يبديها أصحاب القرار واحتقارهم للبشر وإعدادهم لأرقام القتلى والجرحى والمهجرين والمسبيين الذين هم كانوا سببه أمر قبيح. فالرقم مُذِلٌّ لمن يحتوي الجدول إسمه. كل رقم هو إنسان وله عائلة وموته للعائلة شَلٌّ لها وفجيعة لا تحتملها وليست رقما يراه حاكم وهو قاعد على أريكته مرتاحا وحوله زبانيته وربما إذا كان بشرا عائلته ولا ينظر حوله وهو هناك في أمان المكان الذي يجلس فيه ، ويرى أن هذا الرقم قد يكون لولده أو أخيه أو أي فرد منهم . ألا يتوجع؟ ألا يغَير من مساره الذي ينتج الأرقام له ليراجعها ويستعملها حجة على ما يَدَّعي؟ لكن آمالنا فيهم ضعيفة ولا يمكن أن نشير بالبنان لأحدهم ونقول هذا آدمي. الكل في السوء سواء وعلى الناس مسؤولية محاكمة كل منهم أولا لردعه وثانيا لإيقاع حَدٍّ ما عليه يساوي ما  يستحق من قصاص
كل الناس سئمت منكم ومن أفعالكم وأعمالكم وكلامكم الذي تنقصه صدقية لم تعد لكم ،وتعبنا نحن، عامة الناس،  تكرار القول الصائب في هؤلاء المتربعين اليوم على كراسي الحكم المجزي ويستبقونه للربح الذي يوفِؤُه

سنان 29/5/2015

الأربعاء، 27 مايو 2015

ليس في بلاد الشام خيارات مقبولة



ليس في بلاد الشام خيارات مقبولة

كل عربي في بلاد الشام خائن. هكذا وبكل بساطة وبلا تعقيد. فريقان يحكمان ولا مرَدّ لأحكامهما، لا يقبلان منطقا ولا عقلا مستقلاً ، فإما انت مع أحدهما أو أنت عدوا له. لا مكان  لك في غير هذا الموقع. الأنكى أن كل فريق تحكمه عمامة ولا يحق لغيرها الإجتهاد أو حتى إبداء الرأي. الوالي الفقيه معصوم عن الخطأ والخليفة المستجد لا يخطيء أصلا. ولكل من المرجعيتين سلاحان، سلاح الكلام بصيغة الأمر  وسلاح السيف وما إستجد من تقنيات حَدَّثت فعاليته . والدين، والأصحُّ المذهب، لا يقبل الجدل، والعمامة تميز من يرتديها. من لا يعتمر تنقصه المعرفة والحق في المشاركة في القرار. هي رمز العلم والمعرفة والولاية
آية الله العظمى الوالي الفقيه المستوفي شروط الولاية من حوزات قُم يحكم بما أتاه الله جل جلاله من حكمة ومعرفة وما فوضَّ إليه من حق  رعاية شعوب العالم وتصويب خطاها. والخليفة الذي أتته الولاية من كل حدب وصوب إيمانا بما يدعو إليه أو هربا مما يفرضه عليه خصمه من قُم , فيلقى التأييد من سنة حكمت في السابق وجاء يومها فاستبد بها من كان ذليلا أمامها
كل من العمامتين سارت بمنحى يميزها عن الآخر. فإحداها بنت على زمن طويل كوادر مخفية حينا وظاهرة أحيانا في بلدان الشرق العربي ، رعتها ومولتها ودربتها ولما دقت الساعة إستنفرتها وتمددت حيثما أتيح لها وأعلنت إمبراطوريتها الفارسية الجديدة. للعلم لم تنشأ دولة فارسية في التاريخ، عدا الصفوية التي دامت لعقدين فقط، تدين بالإسلام. والأخرى وجدت في كنف الدولة السورية التي رعتها لتحارب ثورة أهلها ، فرصة استغلتها وبكافأة لافتة. إنضم إليها من "جَثَّته" أميركا من بعث في العراق ، الجيش والمنبوذين بعد صدام، فإذا بها دولة من أكبر دول المنطقة تحاربها أحلاف دولية وهي تتمدد. والأول إستغل هذه الظاهرة ونجاح تمددها "ليدب الصوت" ليخيف السنة منها وطبعا المسيحيين وباقي المذاهب والديانات.
هذا ما قام به وكيل الوالي الفقيه في لبنان وسوريا فخَيَّر الناس في البلدين بين محاربة "داعش" أو خسارة كل شيء، من سبي للنساء وهدم الكنائس وأماكن العبادة والسير معه وتحت رعايته وقبول حجَّته وولايته. لم يلجأ إلى تقية ولم يُمَوِّه هدفه ولم يترك مجالا للشك في قصده. كان حازما وصريحا ومهددا بالويل والثبور وعظائم الأمور. إما خلفي تسيرون وبما أطلب تأتمرون وإلا فلا تلوموا إلا أنفسكم. هكذا ودون مواربة. وهو كان إستعان بفئات مختلفة في بلاد ولايته، بشار العلوي في سوريا وعون المسيحي في لبنان، الأول لأنه تعهد حمايته وحارب ولا يزال يحارب من أجل بقائه في السلطة، والثاني لأنه تعهد تمويله ورعاية مصالحه ومساعدته على تحقيق طموحاته بما فيها رئاسة الجمهورية. لم يتمكن حتى الآن من الإيفاء بوعده لأي منهما ولكنه يحاول ويحاول فيمنع، مثلاً،  إلتئام مجلس النواب في بيروت لإنتخاب رئيس للجمهورية ما دام إنتخاب "زلمته" لا مضمون ولا ممكن
ساحات الحرب إتسعت ويظهر أن الوالي الفقيه تمدد أكثر مما تسمح له طاقاته وبعد مفاجئات لم يتوقعها و"عاصفة الحزم" وغيرها وما تلاها من عواصف، فإذا به يضطر إلى طلب المساعدة بالتهديد بعد فشله في الترغيب أو أساليب أخرى جربها ولم تنتج ما يريحه أو يدعم طموحاته
وهكذا فإن على كل مواطن في بلاد الشام والعراق أن يختار بين خيانة واحد أو آخر من الفريقين المتنازعين الطامحين بالحكم
أي إلتزام من أي مواطن بأحد الفريقين هو خيانة للوطن. هذه المشكلة التي يواجهها مواطنوا بلاد الشام والعراق ولا يقبل عقلي ان يكون ناسنا من ذوي الميول الخيانية
أيجوز لهذا الكاتب أن يستفيد في  مقاربته  لهذا الموضوع بالمقارنة مع وضع ذُكر في "أنساب الخيل" لافت للشبه بينه وبين ما ذكرنا عن الخيارات القليلة المتاحة أمام الناس للهروب من واقع غير مقبول ولا معقول
قال أبو المنذر هشام بن محمد بن السائب بن بشر بن عمرو بن الحارث بن عبد الحارث ، المكنى بالكلبي ، وهو مؤرخ وعالم أنساب وأخبار العرب وأيامها ووقائعها في كتابه " أنساب الخيل": قال: حدثنا الأوزاعي قال: كنا بالساحل فجيء بفحل لينزى على أمه، فأبى. فأدخلوها بيتاً، وألقوا على الباب ستراً، وجللوها بكساءٍ. قال: فلما نزا عليها وفرغ شم ريح أمه فوضع أسنانه في أصل ذكره فقطعه ومات
وهل يجوز أن يكون المتاح هو ما أتيح للحصان الفحل لا غيره
أركان 27/5/2015


الاثنين، 25 مايو 2015

من غرائب الأزمان


من غرائب الأزمان

الأحداث الغريبة تتواتر وتنتقل من مكان إلى مكان ومن فكر إلى فكر آخر ومن موقف إلى موقف مغاير دون سبب معروف اللهم إلاّ إذا إعتبرنا ما شاع من آراء عن مصالح يفضلها البعض على مصالح البلد الذي من المفروض أنهم ينتمون إليه. وهنا نقصد إرتقاء مستوى المنافع التي تأتي من السادة الجدد على المنافع التي كانت تأتي من الأسياد العتُق
مؤخراً وكنت أستمع إلى محطة إذاعية وعلى ما كنت أظن محايدة، ولفتتني لهجة الخطاب ونوعية الخبر فاعتبرت أن الخبر وقد تأكَّد يذاع لأنه صحيح. ومع مرور الأيام وتكرار إستماعي إليها تبين لي وبوجه "شرعي" أن المحطة قد غيرت موقفها وانتمائها ودارت 180 درجة وارتمت في أحضان من كانت تنتقد ربما لمنفعة لم أعرف ماهيتها
هذه واحدة، وعلى قلة أهميتها، هي مثل من أمثال، جيوش وقبائل وتجمعات بشرية بأمها وأبيها تنتقل من ساحة إلى أخرى خوفا أو غضبا أو إيمانا بانتصار قادم للجهة التي ينتقلون إليها. عندما إحتلت أميركا العراق سلمته لإيران بعد أن حلت جيشه وإدارته المدنية وحاولت أن تجتَث أهل البعث فلم يعد العراق الذي نعرفه موجودا. فيه ميليشيات من الحشد الشعبي وقبائل الجنوب وحكومة تتبع الوالي الفقيه وتقيم جيشا من السنة لا يحارب لأن المنتصر من كان، سيُذِله ويذل أهله وينهب بيته ويهجر اأهله إلى مناطق لا ترضاهم ، ولنا في  أهل الأنبار المُهجرون القاطنون خلف حواجز تمنع مرورهم إلى بغداد مثلٌ على ما قد يصيبهم
وفي سوريا المهجر من أهلها أكثر من نصفهم بعد أن قصفهم نظام الحكم ببراميله المتفجرة ، وقبلها ساعد وبشكل مفضوح ومعروف من الجميع على إستيلاد داعش ليحارب بها من طالب من شعبه ببعض حقوقه، نظام يعرف الجميع أنه من مواليد حزب البعث الذي قررت أميركا إجتثاثه، ولكنها بهذه الحالة قررت خلاف ذلك: قررت دعمه وإبقائه حاكما ولو غير  سعيد على سوريا
وكما سلمت العراق لإيران سلمت سوريا أيضا والتي بدورها سلمته لحزب الله الذي هو على لائحة الإرهاب عندها.  وكذلك سلمت اليمن لمن سلمته العراق وسوريا وبعض لبنان
ويأتي اليوم وزير دفاعهم أشتون كارتر ليقول عن الرمادي وانسحاب الجيش العراقي منها لصالح داعش، إما عن جهل بماضي القضية أو إنسجاما مع أقاويل أوباما ، والموقفان من السوء بمكان ، أن "ما حصل على ما يبدو أن القوات العراقية لم تبدِ إرادة القتال" لدينا مشكلة قال " مشكلة مع إرادة العراقيين قتال تنظيم الدولة الإسلامية والدفاع عن أنفسهم" وإن الجنودالعراقيين "لم يعانوا نقصا في العديد بل كانوا أكثر عددا  بكثير من القوات المقابلة، إلاّ أنهم إنسحبوا من المنطقة". واستطرد ليقول بأن أميركا تستطيع تزويدهم بالسلاح والتدريب ولكنها لا تستطيع منحهم "إرادة القتال"؟
عن أي عراق يتحدث أشتون كارتر، عن عراق كان موحدا أم مجموعة عراقات اليوم. ألم يكن لأميركا بدءا ببريمر وانتهاءً بأوباما اليد الطولى لما وصل إليه العراق من شرذمة أساسها عربي إيراني وانزلق بعدها إلى شيعي سني، وهو لم يبدأ بعد إنزلاقه الأخير والذي لا نعرف كنهه ولا توقيته
أليست سوريا في نفس الوضع وقد أصبحت موئلا لشذاذ الآفاق من سنة وشيعة وعلويين بعضهم دول والبعض الآخر مشاريع دول وآخرون لم يقرروا بعد وينتظرون الفرص التي سستمنحها أميركة أوباما لهم
واليمن ما مصيره؟ أتترك لإمبراطورية فارس التي يتغنى بها صباح مساء كل من يقبل الإعلام نشر قوله بدءا بالوالي الفقيه نزولاً إلى قادة الميليشيات التي يرعاها ويحكمها . ألم يسمع أوباما ما يقولون في قُمّ وطهران ؟ ولكن المصلحة العليا له لا تحمل هذه الأمور محمل الجد ، فهي أمور مرحلية لا تضر المصالح القومية فمصانع السلاح تعمل بكفاءة عالية ولم ترى فترة ذهبية كهذه تغتنمها فهي راضية بما قسم الله لها. وتزداد العمالة وينتعش الإقتصاد ويربح من هيأ لفرص العمل هذه
ما مصير منطقة بأمها وأبيها تفككت وتدمّرت وتهجر أكثر أهلها وأصبحت مرتعا مشاعا لمليشيات تبتز مواردها وتحكم على هواها، تسبي وتذبح وتقرر المصير والعالم يتفرّج إن لم نقل يواكب ويشجع ويتشدّق بكلام غير مفهوم كما تشدق اشتون ورمى القفاز في وجه من يموت كل يوم ،في عالمنا البسيط المسكين الذي تعددت سكاكين سلخ تاريخه وحضاراته وتأتي النصائح من كل حدب وصوب داعية لحلول "سلمية" وكأنهم لا يعرفون عمق الجرح ولا سببه ولا تضميده وأن الحلول السلمية كلها باءت بالفشل
من كل  ما يعاني شرقنا ويدفع أثمان معاناته ، هناك رابحون ثلاثة هم إسرائيل التي ضمنت حدود دولتها كما هي تريد حدودها أن تكون، بعد أن لم يعد هناك مُهدِّد لأمنها، فلا سوريا ولا عراق ولا مصر ولا حتى أردن له الطاقة أو حتى الرغبة في عدائها. والإمبراطورية الفارسية وهي قيد التطوير السريع فلها العراق وسوريا وبعض لبنان واليمن وتسعى بجدية لضم البحرين وشرق السعودية،  بعد أن ضمنت توقيع الإتفاق النووي الذي يفرج عنها ضائقتها الماليةز وثالث المستفيدين هي الصناعات الحربية في أميركا وتستفيد الصناعة في أوروبا والروسيا ولو جزئيا من هذه الفرصة التي طال إنتظارها ولكنها أتت بقوة وبربح كثير فاق التوقعات
أركان 25/5/2015



الاثنين، 18 مايو 2015

مفارقات


مفارقات

بكل جَدِّية ودون مواربة وبالفم الملآن تفوهَّت المصادر السورية وصرحَت  " أن القوات الخاصة الأميركية استعانت بكلاب مدربة في العملية وإن هذه الكلاب عضَّت امرأة وهو ما تطلب علاجا في المستشفى". والعملية التي تشير هذه المصادر إليها هي "هبوط قوات من الوحدة المعروفة ب "دلتا" تحت جنح الظلام في الساعات الأولى من فجر السبت في طائرات هليكوبتر لتشن هجوما نادرا في سوريا وتقنص من قيادة داعش التونسي أبو سياف".؟
لا بد أن هذا التصريح الخطير تتَتطلب الموافقة وحاز على الإعجاب من أعلى المراجع السياسية والعسكرية الشامية وكان لصدوره وقع الزلازل على أميركا وجيوشها التي لا تقدر ظروف الآخرين ولا تتردد باستعمال الكلاب في حروبها ، وهي أيضا تشن الحروب تحت جنح الظلام في الساعات الأولى من فجر يوم ما ، وقبل بزوغ الشمس وقبل أن يفيق المدافعون الجاهزون المدربون من سبات عميق أين منه سبات أهل الكهف فيجدون العدو وقد أصبح معهم يقاتلهم من الداخل دون أن ينذرهم. هذه هي مراجل أميركا وتكتيكاتها فاحذروها
لا نرى ما يمنع من التطرُّق إلى مواضيع أخرى وفي سياق مختلف ما دام التسلسل المنطقي أصبح من نافلة مطابخ السياسة والحرب في أيام مسؤولوها هم من العيار الذي ينتقد ويستغرب تصرف "عدو" له للجوئه إلى الكلاب يستعملها في حربه وينزل على خصومه من فوق وتحت جنح الظلام
في الأمس القريب جدا، قال الولي الفقيه من طهران أن أمن الخليج من أمن إيران وذلك ربما ردَّا على ما تناولته الألسن من أن إيران، بنظر العرب أجمعين ناقص بعض الشيعة منهم،  عدو يسعى إلى الإستئثار بحكم البلاد المجاورة لمركز حلم الإمبراطورية الفارسية
وفي يوم تلاه ، قال ملتزم بولاية الفقيه أمين عام حزب الله أن الشعب البحريني يرزح تحت حكم ظالم ومساعدته واجب أخلاقي . ولم نفهم هذا القول بعد كلام الوالي الفقيه الذي سبقه بساعات. هل هناك تناقض في الكلام واختلاف في الرأي؟  حتما لا،  ونُجِّل صاحب حزب الله عن مخالفة ما قاله سيده وعدم الإلتزام به
 هناك "قطبة" يراد لها أن تكون "مخفية" تربط قول الإثنين. الواضح أن الهدف واضح يرسمه الوالي الفقيه وينفذه كل من إلتزم الولاية وآمن بها. والتفسير الوحيد لهذا التباين هو اللجوء إلى التقية، وهي "من أصول الدِّين، ومن لوازم الاعتقاد، بل لا دين ولا إيمان لمن لا تقيَّة له"؟
ماذا يجب أن نقول عن الحشد الشعبي في العراق وتصرفاته وأفعاله التي أساسها كما مظهرها مذهبي وهل يتناقض ومظهر ما يقول الولي الفقيه الذي يرعى الحشد ويوجه خطاه ، والحشد له في سُنَّة الأنبار ما له من مآثر وهفوات وقتل وتهجير أين منها مآثر وهفوات الدواعش الآخرين على إختلاف مذاهبهم وانتمائاتهم واهدافهم وطموحاتهم
 في كلامنا هذا إختصار لمناحي تصرُفٍ كثيرة، معقّدة، تاريخ بعضها يعود إلى قرونٍ مضت وبعضها حديث لم يستقرُ على منهجٍ . تاريخ يعطيها قوة الفعل لا العقل وهي ترتاح بسبب القليل الذي تختزن من تجارب لم تُهضم بعد وتثور وتفور وتقول وتفعل أحياناً بسطحية قاتلة جدواها ليست بالضرورة مفيدة لها ولا للغير
لا يزال من براها وأقامها ومولها ودربها وأقام لها الحدود يرتع في قصور فارهة ،  فارغة من كل مضمون رعاه دين أو أقام له ضمير من مقومات جاءت في كل الكتب السماوية ، رغم حصرها من أولاء الذين هم  سبب هذا الكلام ، في كتاب واحد. ساكنوا القصور لا دين لهم ولا مبدأ ولا ضمير، كلهم يهدفون إلى غرض واحد ، عتيق لم تسبقه إليه إلا حرفة العهر والدعارة، وربما نمى الواحد في حضن الآخر. فالمعنى كما جاء في لسان العرب، هو إحتكاك الشَّيْءِ بالشّيْءِ حتّى يَنْجَرِدَ .قاله ابنُ دُرَيْدِ وأَنْشَدَ :؟
يَكَادُ المِرَاحُ الغَرْبُ يَمْسِى غُرُوضَهَا .... وقَدْ جَرَّدَ الأَكْتَافَ وَمْسُ الحَوَارِكِ
ألم تحتك حوارك المنافع المموَّهة بالدعارة المعلنة لتصبح حرفة واحدة بمُسَمَيين؟

أركان 18/5/2015

السبت، 16 مايو 2015

كامب ديفيد وما لم يحقق

كامب ديفيد وما لم يحقق

هل حققت قمة "كامب ديفيد" طموحات دول الخليج أو حتى طموحات أوباما؟ واقع الحال أن دول الخلج حضرت القمة بتردد واضح ومعرفة مسبقة بعدم جدواها وهي في بعض وجوهها محاولة أوباما إغلاق باب واسع من الشكاوى وتحميله مسؤولية ما جرى ويجري في الشرق الأوسط.
سوريالية هذه القمة . كأنها من ثنايا وبطون قصص وأحاديث وردت في الألف ليلة وليلة مثل""علاء الدين والمصباح السحري"، "علي بابا والأربعون لصاً"، و "رحلات السندباد البحري السبع". قمة لم يحضرها كل رؤساء الدول المشاركة، بعضهم إعتذر لأسباب "مُقنعة" وأحد ملوكها كان مشغولا بحضور عرض خيول رعته ملكة بريطانيا مفاجئا الكل بأولوياته، ولم يكن مُخطئا في قراره بل كان واقعيا ومعلنا عن موقفه.
الكل يعرف، وتأكد ذلك بعد البيان الذي صدر عن البيت الأبيض يشرح ما تمَّ الإتفاق عليه وهو قليل "لا يسمن ولا يغني من جوع". أوباما وعد دول الخليج، والتزامه وعوده السابقة لا تُبشِّر بالخير، "أن أميركا ملتزمة العمل  معهم إن هم تعرضوا لهجوم خارجي لردع هذه الهجمات والدفاع عن سيادتهم". الجميل في هذا الوعد أنه ينتظر أن تبادر إيران بالهجوم على إحدى دول الخليج لتتحرك أميركا وتدافع عنها ، إذ لا محل في سياستها  الحالية لإستباق الفاجعة فلا  يحصل هجوم ولا تتدخل أميركا ، وأميركا هي اليوم حاملة مفاتيح "منع " الإعتداء. المعتدي الوحيد الشاهر سلاحه، الطامح قولا وفعلا ، جهارا نهارا، باني الإمبراطوريات على أرض تلك الدول التي يَعِد أوباما الدفاع عنها إمباطورية الوالي الفقيه الحالّ محل كسرى في طموحاته.
وإذا ما كانت نية أوباما صادقة ولم يتردد في المبادرة قارنا ولو لِمَرَّة القول بالفعل، فلماذا لا يبدأ الآن في العراق الذي كان لأميركا القول الفصل في تدميره وتسليمه للدولة الطامحة لضمه أو ضم بغداد منها وجنوبا إلى حدود دولة الكويت، وكانت بادرت وتوسعت فضمت سوريا إليها.  ولقد وصف أوباما وضعها "المُعَقَّد وضعها ولا حلّ قريبا لها"، والتي "لم نقصفها سابقا لأن الأسد تخلص من أسلحته الكيماوية".
بيد أوباما بصفته الرسمية رئيسا لأكبر وأقوى دولة في العالم وربما في التاريخ أن يحُدَّ من طموحات إيران ويتروى في تتبع هدفه بإنجاز يضعه في مصاف الكبار من دولته، لأنه لن يتمكن من ذلك ويمتنع عن مساعدة الدولة الفارسية في توسيع إمبراطوريتها والتي سبق الفضل واحتلت اليمن . ولها أيضا في لبنان ما لها من نفوذ وقدرة على الحركة، تدرب الجيوش فيها ، تؤهلهم، تأخذ اأولادهم من حضن أمهاتهم، ترسلهم  إلى ساحات القتال قبل أن ينضجوا  ويموت منهم من يموت، لا بأس ما دامت الأهداف تتحقق. أوباما يغض الطرف عن كل ذلك لأنه لا يريد أن يرى أو يسمع أمرا يتناقض مع أحلامه الشخصية.
فشل أوباما، برأينا المتواضع، في إنجاح قمة دعى إليها في "كامب ديفيد" فعاد من حضر الإجتماع بخُفي حنين، كما فشل في إيجاد مساحة تقارب بين أهل فلسطين ودولة نتنياهو، فسلم للأخير مفاتيح القدس ليبني حولها مستوطنات تزيل عنها كليا ما هو ليس يهودي. أهذا كل ما يملك أوباما من طاقة؟ وهل يجوز أن نستشهد بالتميمي يوم قال: 
ما كلف الله نفسًا فوق طاقتها *** ولا تجود يد إلاّ بما تجد
المنطقة تتأزّم والحروب تترى والدول تتفكك وتُقّسَّم وتُهَدَّم، يُهَجَّر أهلها داخل البلاد وخارجها ويبقى الطغاة من حجار شطرنج أبدع الفرس في لعبها، يديرون شؤونها وينعمون بما ينهبون مما تبقى من خيراتها ؛أوباما لا يرى ولا يسمع ولا يعرف أن من وعدهم بالأمس الدفاع عن سيادتهم  هم بالفعل مهددون اليوم، فالأعداء على الحدود يعلنون بالفم الملآن عن طموحاتهم ومنها إحتلال الجزيرة العربية بأكملها حماية للأماكن المقدسة فيها والتي هم أحق بتولي حمايتها. عندهم والي فقيه أحق من أي مسلم في مداراة وحماية مكة والمدينة ولا مانع إن ضم ذلك مورد سياحة لا مثيل له أو إحتياطات نفط يعدون بالمحافظة عليها.
مؤسف أن لا نرى حرجا فيما نكتب لأن من يحكم العالم لا يرجع إلى ضمير ربما فقده منذ أن بلينا بيوم مولده.
سؤالنا ؟ متى يبادر أوباما فيُعمل الضمير والقدرة معا فيمنع الشر ويساند الخير والغنم له والغرم عليه.
 أبو جوهر الأصبهاني 16/5/2015



الثلاثاء، 12 مايو 2015

القذى في عين والخشبة في عين

القذى في عين والخشبة في عين

يظهر أن خبرة أوباما ومعرفته بتاريخ وعادات وتقاليد شعوب الشرق الأوسط ينقصها الكثير. ركاكة تعبيراته وسلوكياته وهو العالم  بكل شيء، يقول لحكام دول الخليج  أن مشاكلهم  تنبع من الداخل ومن عدم رضى الشعوب عليهم  . وارتأى ، أعان الله  البشرية عليه وعلى من يوافقه الرأي ، على كثرة هفواته،  بأن  يعلم من دعى إلى كامب ديفيد من ملوك وأمراء ومشايخ، بما توصًّل إليه من رؤى وحكم ونصائح لا بد وأن تستخلص منها
 ونحن لا نعلم ولا غيرنا إدّعى أنه يعلم، من أين أتته هذه المعلومة ولماذا قذفها في وجوه مدعويه قبل وصولهم وقبيل إلتئام الإجتماع الرئاسي لحكامها السبع والإستماع إليه في كامب ديفيد. فتقززت النفوس وتغيرت الموازين وتردد الحكام في حضور الإجتماع وفوجيء أوباما، على لسان الناطق باسمه، بهذا التغير
الناطق بإسم الرئاسة في واشنطن يستغرب كيف أن خمسة من رؤساء الدول المدعوة للإجتماع أنابوا عنهم من يمثلهم وأنهم لن يحضروا الإجتماع شخصيا؛ إرتأوا أن لا يسمعوا ما قرر أوباما أن "يُبلغهم" ، وذلك وبالتأكيد ، رغبة منهم في إبقاء العلاقة مع الولايات المتحدة على حالها
هو أعلمهم بمشكلتهم وترك الأمر لهم لحلها بعد أن ضمَّن كلامه ما قصد أو لم يقصد،  أمورا ثلاثة:  أولها أن لا خطر يأتي من إيران ولا من سواها ، وإن كل ما يحدث في العراق وسوريا واليمن ولبنان هو أمر داخلي. ناتج عن رضى الشعوب أو قرفهم من حكامهم.  والثاني أن حبه لإيران نهائي وقطعي ولم يبق  لإعلانه إلا مراسم شكلية ستأتي في الأسابيع االقليلة القادمة. والثالث أن إيران النووية لم تعد نووية بعد أن وافقت على تغيير نمط عملها في التخصيب وما شاكله ، تماما كسوريا الأسد التي سلمت كامل سلاحها الكيماوي، ويظهرأنه صدَّق ما قاله الأسد كما يصدق اليوم وعود روحاني  . أوباما يدرس الآن صحة ما يشاع وينشر بان الأسد اليوم يستعمل الغازات السامة سلاحا "دفاعيا" ضد كل داعش
وطبعا ما ينطبق على دول الخليج لا ينطبق على إيران، فشعبها على رأيه مرتاح والخطر على إيران خارجي ولم يبق لإستتباب الأمن وإرساء السلام في الشرق إلا أن ينظر حكام الخليج في أمورهم الداخلية ويُخَلِّصوا الدنيا من إستفزازاتهم لشعوبهم وهكذا يزول الغم ويأتي الفرج، كما أتى ليبيا وسوريا والعراق ومؤخرا اليمن الذي قيل انه كان في تاريخه سعيدا
نيات أوباما، على ما يقال حسنة ولكن تاريخه في النيات لا ينقصها إلا الإداء الصادق وهذا لم يحصل. وعد في خطبتيه  الشهيرتين في القاهرة وأنقرة بالكثير وتراجع ، على ما عوَّدنا، فلم يترك للمصداقية مكانا ولا حيزا يرجع سامعوه إليه.  مراده، دخول التاريخ كرجل سلام بعقد إتفاق مع إيران يتعلق بالنووي والذي لن يتحقق، أعني رجوع إيران عن طموحاتها النووية، وقعت أم لم توقع ، بعد أن فشل كليا في تحقيق أي أمر آخر يضعه في مصاف رؤساء أميركا الكبار
قرر أوباما أن إيران حسنة النية وصادقة في أقوالها وتستسحق أن تكافأ مقابل تخليها عن النووي بمئات بلايين الدولارات المحجوبة عنها مؤقتا فتسترد الروح وتنتفخ ميزانية إرساء الإمبراطورية الفارسية على كامل المنطقة وتعود الأمور إلى نصابها القانوني والعادي ويتمدد نفوذ الوالي الفقيه على الدنيا قضما وممارسة فيها التقية أسلوب عمل لا يفقهه  أوباما  ولن يفهمه إلا بعد فوات الأوان
قال الرسول صلى الله عليه وسلم: يبصر احدكم القذى في عين اخيه وينسى الجذع في عينه
وورد في إنجيل متى: لماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها

أبو جوهر الأصبهاني 12/5/2015
 

الاثنين، 11 مايو 2015

مدلول كلمة "عرب"

مدلول كلمة عرب

نتوقف عند كلمة عرب لنتعرف باختصار الى الوقت الذي ظهر فيه العرب في التاريخ وما هو مدلول كلمة عرب في الفترة السابقة للاسلام

 وللتعرف على ذلك نلخص الآتي مما أورده في هذا الصدد الدكتور جواد علي (المفصل في تاريخ العرب، ج 1 )،  جاءت أول إشارة إلى العرب فى الكتابات الأشورية في نص يعود إلى منتصف القرن التاسع ق.م.، وقد قصد بلفظ عرب في النص "الأعراب" أي البدو. وقد وردت كلمة عرب في التوراة، وفي اللغة العبرية وفي لغات سامية أخرى بمعنى "البداوة والأعرابية والجفاف والفقر ... فلفظ عرب في تلك اللغات المتقاربة هو البداوة وحياة البادية"؟

ووردت كلمة عرب في النصوص العربية القديمة أيضا بمعنى البداوة وسكان البادية، أما سكان الحضر فى شبه الجزيرة فقد كانوا يعرفون بأسماء المناطق التي يقيمون فيها أو التسميات القبلية التي اشتهروا بها مثل سبأ وهَمدان وحمير. وعندما أطلق البابليون أو الأشوريون أوالفرس عبارة "بلاد العرب" فإنهم قصدوا بها البادية التي في غرب نهر الفرات الممتدة إلى تخوم بلاد الشام... وقد أدخل بعض االعلماء طور سيناء فى جملة هذه الأرضين

وعلى ذلك فكلمة عرب – كما عبر جواد علي في أكثر من موضع - لم تكن قد صارت علما على جنس معين بالمعنى المفهوم من اللفظة عندنا الآن. وكلمة عرب بالمعنى المعروف اليوم ترجع إلى ما قبل الاسلام بزمن وجيز، ولكنه لا يرتقي تاريخياًّ إلى ما قبل الميلاد بل لا يرتقي عن الاسلام إلى عهد جدّ بعيد. ويضيف الدكتور السيد عبد العزيز سالم (تاريخ العرب قبل الاسلام ج 1 ص 44): "ولا نعرف على وجه الدقة متى استخدم لفظ "عرب" للدلالة على معنى قومي يتعلق بالجنس العربي، والقرآن الكريم هو أول مصدر - ولا يرتقي عن الاسلام إلى عهد جدّ بعيد – استخدم فيه لفظ العرب للتعبير بوضوح عن الجنس العربي." وبناءً على ذلك فإن كلمة "العرب" قبل الاسلام لم تكن تعني جنسا معينا بل كان تطلق على البدو الذين كانوا يتجولون في مناطق بادية الشام والعراق مثل مناطق شمال الجزيرة العربية وبعض مناطق سوريا وفلسطين والأردن كما يرى البعض

وذكر جواد علي أن اليونايين والرومان أطلقوا لفظ بلاد العرب للدلالة على جزيرة العرب  وسكانها على اختلاف لغاتهم لاعتقادهم أن البداوة هي السمة الغالبة على كل تلك المناطق، وتصوروا أن  كل سكانها بدواً،  لأن فكرتهم عن حَضَرْ العرب لم تكن ترتفع عن فكرتهم عن البدو. فأصبح مدلول كلمة العربي عندهم هو البدوي

فالكتاب اليونانيون والرومان استخدموا كلمة عرب بنفس معناها السابق للاسلام، فعندما يشيرون إلى العرب يقصدون البدو بغض النظر عن سلالاتهم. فالاشارة إلى العرب في صحراء مصر الشرقية يراد بها البدو الذي كانوا منتشرين في تلك المناطق منذ آلاف السنين قبل اطلاق كلمة عرب على جنس معين. كما يلاحظ أيضا انه في السودان – في الوقت الحاضر – نستخدم كلمة عرب بمعنى أعراب أي سكان البادية، وتَصِف البدوي بالعربي

أما المصادر العربية المبكرة فقد استخدمت كلمة العرب بمعناها الذي ورد في القرآن أي كل سكان شبه الجزيرة العربية البدو منهم والحضر. وقسمت كتب التراث العربي المبكر مثل كتب التاريخ والأدب والأنساب وغيرها العرب إلى قسمين: العرب البائدة أي القديمة التي بادت قبل ظهور الاسلام مثل:
عاد وثمود وطسم وجديث والعرب الباقية وهم على قسمين أحدهما: عرب الجنوب وينسبون إلى قحطان، والقسم الآخر عرب الشمال وينتسبون إلي اسماعيل بن ابراهيم

وتوسع البعض الآخر في نظرته للشعوب العربية كما فعل جرجي زيدان الذي جعل البابليين والهكسوس عربا (جرجي زيدان، العرب قبل الاسلام) وقد اقترح البعض الآخر إهمال كلمتى الشعوب السامية والساميين وعدم استخدامهما واستبدالهما بكلمتي الشعوب العربية والعرب، ووفقا لذلك تكون كل الشعوب التي خرجت من شبه الجزيرة عربا منذ فجر التاريخ مثل البابليين والفينيقيين والعبرانيين وغيرهم
__________


الخميس، 7 مايو 2015

التكليف الشرعي وشروطه


التكليف الشرعي وشروطه


التكليف الشرعي،  يصدر بالضرورة عن مرجعية دينية يكون منها حصرا وفقط من حاز شروطها. والتكليف مفهوم شيعي معناه رجوع المسلمين الشيعة إلى من بلغ رتبة الاجتهاد والأعلمية في استنباط الأحكام الشرعية. ومن أصبح مؤهلاً لمنصب الإفتاء وأصدر آرائه في الأحكام الفقهية يعبّر عنه بـ (المرجع الديني) أو (آية الله العظمى ، ويرجع الشيعة إلى المراجع أو مراجع التقليد لمعرفة الأحكام الفقهية

 والمرجع هو طالب علوم دينية درس في الحوزات العلمية (النجف وقم غالباً) وقضى سنيناً في الدراسات العليا حتى حاز على رتبة الاجتهاد وأصبح مؤهلاً للإفتاء.  وعندها يبلغ سن الرشد الديني ويُفتي ويُكَلِّف ويكون إفتاؤه وتكليفه مستوفياٍ للشروط الدينية والأخلاقية والمنطقية. هذا مبدأ في التكليف وأسلوب لا يخرج عنه مجتهد

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيل﴾تشير هذه الآية الشريفة إلى الأشخاص الواجب إطاعتهم، وهم بالدرجة الأولى النبي الأكرم ، ومن يجب أن تتبعهم وهم العلماء الجامعون للشرائط . والإمتثال للتكليف لا يخرج عن عنوان طاعة الله تعالى، ولا يخضع لمزاج الأشخاص والأفراد ورؤيتهم الخاصة للأمور، وإلا فإن نظام القيادة في الإسلام يختل

في هذه الأيام العجاف ، التكليف الشرعي، عبارة يستعملها معممٌ  لا تنطبق عليه هذه الشروط  ويسعى ويبرر ما يقوم  أو ينوي القيام به من أعمال وأفعال لا يقبلها االناس ولا الشرع ولا الدين ولا الأخلاق. في التكليف، هناك من يُكلف ومن يُكلف، ولم يذكر التاريخ من كلَّف نفسه وألزم ناسه بالمشي وراءه لتحقيق غايات لا تنسجم ومصالحهم أو مصالح الأمة التي أفتى لها

يظهر أمامنا أمين عام حزب الله يكلف الناس بالتعبئة والإنضمام إلى صفوف مقاتلين في بلد ليس له وخدمة لنظام يعرف أنه لا يستحق الموت في سبيله، ولا هو حائز على شرعية وطنية في بلد قد ينتهي به الأمر إلى دمار . هو لا يمثل شعب البلد الذي سيدفع الثمن بل هو يعرف أنه لا يحوز على أكثرية ينطق بإسمها بل يعتدى على دولة يُفترض أنه من مواطنيها لصالح دولة غريبة عنه مذهبا ودينا ولغة ومصلحة

ومن الحزب نفسه نستمع إلى معممين آخرين  يقلدونه قولاً وإفتاءا وتكليفا "والطاسة ضايعة" وهؤلاء المعممون لا يرعوون ويعجبهم رفع الأصابع والتهديد والوعيد ، ونحن لم نرَ في الدين ما يسمح لهم بالكلام لأن شروط التكليف كما وردت في كتبهم لا تنطبق على أيٍّ  منهم

لبنان الآن على كفِّ عفريت لا نريد أن نشير بالبنان إليه ولا تسميته، فالعفريت يعرفهم وهم يعرفونه وكلاهما مرتاح إلى واقع الحال والرفقة والصُحبة

التكليف "للجهاد " في حروب مستعرة في سوريا والعراق واليمن ، ونخشى أن تشمل لبنان أيضا، وطبعا نحن لا نعرف ماهية "المكاسب" التي تنتظرنا ولكن هم المُفتون يعرفون ولا يهمهم ما يتأتى عن إستعمالهم للتكليف الذي يليه تكليف والفتاوى تليها فتاوى ، والمساكين الذين يقبلون التكليف إيمانا أو بأجر يدفعون الأثمان دما وثُكلا ويُتما ولا يعلمون إن كان موئلهم الجنة فلا ينتفعون لا في ا|لأرض ولا في الآخرة، وهم مظلومون

أكتب ولم أكن أنوي أن أدخل ميدانا أنا غريب عنه ولكن الأمور تتردى ، يُسرعها معممون واجبهم خدمة الناس ورعاية مصالحهم وحمايتهم ونُصحهم وتصويب مسيرتهم ، لا أن يكونوا عملاء لمن لا يريدون الخير لهم وللشعب الذي يداريهم ويُنشئهم ويرعاهم إلى أن يبلغوا عمر العمل فيعيثوا فيهم وفي أرضهم فسادا موصوفا

أبو جوهر الأصبهاني 7/5/2015