Powered By Blogger

الاثنين، 25 مايو 2015

من غرائب الأزمان


من غرائب الأزمان

الأحداث الغريبة تتواتر وتنتقل من مكان إلى مكان ومن فكر إلى فكر آخر ومن موقف إلى موقف مغاير دون سبب معروف اللهم إلاّ إذا إعتبرنا ما شاع من آراء عن مصالح يفضلها البعض على مصالح البلد الذي من المفروض أنهم ينتمون إليه. وهنا نقصد إرتقاء مستوى المنافع التي تأتي من السادة الجدد على المنافع التي كانت تأتي من الأسياد العتُق
مؤخراً وكنت أستمع إلى محطة إذاعية وعلى ما كنت أظن محايدة، ولفتتني لهجة الخطاب ونوعية الخبر فاعتبرت أن الخبر وقد تأكَّد يذاع لأنه صحيح. ومع مرور الأيام وتكرار إستماعي إليها تبين لي وبوجه "شرعي" أن المحطة قد غيرت موقفها وانتمائها ودارت 180 درجة وارتمت في أحضان من كانت تنتقد ربما لمنفعة لم أعرف ماهيتها
هذه واحدة، وعلى قلة أهميتها، هي مثل من أمثال، جيوش وقبائل وتجمعات بشرية بأمها وأبيها تنتقل من ساحة إلى أخرى خوفا أو غضبا أو إيمانا بانتصار قادم للجهة التي ينتقلون إليها. عندما إحتلت أميركا العراق سلمته لإيران بعد أن حلت جيشه وإدارته المدنية وحاولت أن تجتَث أهل البعث فلم يعد العراق الذي نعرفه موجودا. فيه ميليشيات من الحشد الشعبي وقبائل الجنوب وحكومة تتبع الوالي الفقيه وتقيم جيشا من السنة لا يحارب لأن المنتصر من كان، سيُذِله ويذل أهله وينهب بيته ويهجر اأهله إلى مناطق لا ترضاهم ، ولنا في  أهل الأنبار المُهجرون القاطنون خلف حواجز تمنع مرورهم إلى بغداد مثلٌ على ما قد يصيبهم
وفي سوريا المهجر من أهلها أكثر من نصفهم بعد أن قصفهم نظام الحكم ببراميله المتفجرة ، وقبلها ساعد وبشكل مفضوح ومعروف من الجميع على إستيلاد داعش ليحارب بها من طالب من شعبه ببعض حقوقه، نظام يعرف الجميع أنه من مواليد حزب البعث الذي قررت أميركا إجتثاثه، ولكنها بهذه الحالة قررت خلاف ذلك: قررت دعمه وإبقائه حاكما ولو غير  سعيد على سوريا
وكما سلمت العراق لإيران سلمت سوريا أيضا والتي بدورها سلمته لحزب الله الذي هو على لائحة الإرهاب عندها.  وكذلك سلمت اليمن لمن سلمته العراق وسوريا وبعض لبنان
ويأتي اليوم وزير دفاعهم أشتون كارتر ليقول عن الرمادي وانسحاب الجيش العراقي منها لصالح داعش، إما عن جهل بماضي القضية أو إنسجاما مع أقاويل أوباما ، والموقفان من السوء بمكان ، أن "ما حصل على ما يبدو أن القوات العراقية لم تبدِ إرادة القتال" لدينا مشكلة قال " مشكلة مع إرادة العراقيين قتال تنظيم الدولة الإسلامية والدفاع عن أنفسهم" وإن الجنودالعراقيين "لم يعانوا نقصا في العديد بل كانوا أكثر عددا  بكثير من القوات المقابلة، إلاّ أنهم إنسحبوا من المنطقة". واستطرد ليقول بأن أميركا تستطيع تزويدهم بالسلاح والتدريب ولكنها لا تستطيع منحهم "إرادة القتال"؟
عن أي عراق يتحدث أشتون كارتر، عن عراق كان موحدا أم مجموعة عراقات اليوم. ألم يكن لأميركا بدءا ببريمر وانتهاءً بأوباما اليد الطولى لما وصل إليه العراق من شرذمة أساسها عربي إيراني وانزلق بعدها إلى شيعي سني، وهو لم يبدأ بعد إنزلاقه الأخير والذي لا نعرف كنهه ولا توقيته
أليست سوريا في نفس الوضع وقد أصبحت موئلا لشذاذ الآفاق من سنة وشيعة وعلويين بعضهم دول والبعض الآخر مشاريع دول وآخرون لم يقرروا بعد وينتظرون الفرص التي سستمنحها أميركة أوباما لهم
واليمن ما مصيره؟ أتترك لإمبراطورية فارس التي يتغنى بها صباح مساء كل من يقبل الإعلام نشر قوله بدءا بالوالي الفقيه نزولاً إلى قادة الميليشيات التي يرعاها ويحكمها . ألم يسمع أوباما ما يقولون في قُمّ وطهران ؟ ولكن المصلحة العليا له لا تحمل هذه الأمور محمل الجد ، فهي أمور مرحلية لا تضر المصالح القومية فمصانع السلاح تعمل بكفاءة عالية ولم ترى فترة ذهبية كهذه تغتنمها فهي راضية بما قسم الله لها. وتزداد العمالة وينتعش الإقتصاد ويربح من هيأ لفرص العمل هذه
ما مصير منطقة بأمها وأبيها تفككت وتدمّرت وتهجر أكثر أهلها وأصبحت مرتعا مشاعا لمليشيات تبتز مواردها وتحكم على هواها، تسبي وتذبح وتقرر المصير والعالم يتفرّج إن لم نقل يواكب ويشجع ويتشدّق بكلام غير مفهوم كما تشدق اشتون ورمى القفاز في وجه من يموت كل يوم ،في عالمنا البسيط المسكين الذي تعددت سكاكين سلخ تاريخه وحضاراته وتأتي النصائح من كل حدب وصوب داعية لحلول "سلمية" وكأنهم لا يعرفون عمق الجرح ولا سببه ولا تضميده وأن الحلول السلمية كلها باءت بالفشل
من كل  ما يعاني شرقنا ويدفع أثمان معاناته ، هناك رابحون ثلاثة هم إسرائيل التي ضمنت حدود دولتها كما هي تريد حدودها أن تكون، بعد أن لم يعد هناك مُهدِّد لأمنها، فلا سوريا ولا عراق ولا مصر ولا حتى أردن له الطاقة أو حتى الرغبة في عدائها. والإمبراطورية الفارسية وهي قيد التطوير السريع فلها العراق وسوريا وبعض لبنان واليمن وتسعى بجدية لضم البحرين وشرق السعودية،  بعد أن ضمنت توقيع الإتفاق النووي الذي يفرج عنها ضائقتها الماليةز وثالث المستفيدين هي الصناعات الحربية في أميركا وتستفيد الصناعة في أوروبا والروسيا ولو جزئيا من هذه الفرصة التي طال إنتظارها ولكنها أتت بقوة وبربح كثير فاق التوقعات
أركان 25/5/2015



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق