Powered By Blogger

الجمعة، 29 مايو 2015

رجع الصدى


رجع الصدى

أديب اسحاق شاعر وأديب وصحافي ثائر من القرن التاسع عشر (18561885)، أي من زمان مضى ولكن شؤون الزمن وشجونه وأساليب الحكم فيه والمباديء الخلقية التي ننتظر أن تراعى، والقرار السياسي والعسكري فيه لم تتبدل ولم تتغير. الحروب وقتل الآلاف فيها كي تتحقق أهداف وطموحات شخصية لا تزال مقبولة ومطلوبة. في زمننا هذا  تدعم ما هو مقبول ومطلوب أحلاف من دول تدعي الإلتزام بمبادىء العدل والقانون فتحاكم من يسرق الرغيف وتكافىء من يربح حربا يقتل فيها ما لا يُعدُّ ولا يُحصى من الناس.قال شاعرنا الذي أخذته منيته ولم يبلغ الثلاثين من عمره، شعرا فيه حكمة ورؤية،  يستشهد بها الكثيرون:؟
قتل امرئٍ في غابةٍ.... جريمةٌ لا تُغتَفر
وقتل شعبٍ آمنٍ.... مسأَلةٌ فيها نظر
هكذا كان الوضع منذ قرنين ونيف وهو قائم اليوم بتقنيات أعلى و أحَدّ وإعلام ناشط مؤثر يطال كل الناس في كل دقيقة ، لم يكن موجودا في ذلك الزمن.  هذه الحروب والمطامع في  يومنا تدعمها هذا مذهبيات كنا نظن أن الزمن طواها ولكنها رجعت ورجعت معها حروب،  المذهب فيها سلاح ، والسيف سلاحه في نزع الرقاب عن الأجساد ، يخيف البشر أكثر من تقنيات البراميل التي يرميها نظام حكم على مواطنيه عشوائيا فتقتل من يقف في طريقها. يقول صاحب المعلقة زهير بن أبي سلمى:؟
رَأَيْتُ  المَنَايَا خَبْطَ عَشْوَاءَ مَنْ  تُصِبْ           تُـمِتْهُ  وَمَنْ  تُـخْطِىءْ  يُعَمَّرْ  فَيَهْرَمِ
الشاعران على بعد زمانهما رأيا ما لا يراه حكام هذا الزمان. ربما يرونه بوضوح أكثر ولكن لا يهتز لهم ضمير اللهم إلا إذا لم يعد للضمير مكان أو لزوم. لا فرق في منظار ما ندَّعي بين قابعٍ في جُحر ينتظر الأمر بالقتل وصاحب الأمر الجالس سعيدا في قصر منيف يأكل ويشرب ويُنَظِّرُ  في الخُلُقيات وينام في فراش وثير ويطلق الأحكام والأوامر ليتحرك المسكين في ساحة ما ليقتل وينهب ويسبي ويهجِّر ويسمع بعدها، إذا لم تخطئه المنايا ، كلام حكامه يجَرِّمون من يقتل ويسبي، لآن عندهم في الأساس رسالتين لنوعين من البشر : القاتل والمقتول ولكل منهما عند الحاكم مقال يختص به. يسمع القاتل والمقتول كلاما من الحاكم يزين له ما كان وجرى على امل من الحاكم ان يُصًدِّق السامع قوله. الكذب لا يدوم أكان الكاذب رأس دولة أو صاحب عمامة أو ثائر مرتزق أوصاحب دويلة .نأمل أن يكون على هؤلاء ثمنا يدفعونه عندما يحين الحين وتتبلور الأمور وتتضح ويتمكن الناس من محاسبتهم
الوقاحة التي يبديها أصحاب القرار واحتقارهم للبشر وإعدادهم لأرقام القتلى والجرحى والمهجرين والمسبيين الذين هم كانوا سببه أمر قبيح. فالرقم مُذِلٌّ لمن يحتوي الجدول إسمه. كل رقم هو إنسان وله عائلة وموته للعائلة شَلٌّ لها وفجيعة لا تحتملها وليست رقما يراه حاكم وهو قاعد على أريكته مرتاحا وحوله زبانيته وربما إذا كان بشرا عائلته ولا ينظر حوله وهو هناك في أمان المكان الذي يجلس فيه ، ويرى أن هذا الرقم قد يكون لولده أو أخيه أو أي فرد منهم . ألا يتوجع؟ ألا يغَير من مساره الذي ينتج الأرقام له ليراجعها ويستعملها حجة على ما يَدَّعي؟ لكن آمالنا فيهم ضعيفة ولا يمكن أن نشير بالبنان لأحدهم ونقول هذا آدمي. الكل في السوء سواء وعلى الناس مسؤولية محاكمة كل منهم أولا لردعه وثانيا لإيقاع حَدٍّ ما عليه يساوي ما  يستحق من قصاص
كل الناس سئمت منكم ومن أفعالكم وأعمالكم وكلامكم الذي تنقصه صدقية لم تعد لكم ،وتعبنا نحن، عامة الناس،  تكرار القول الصائب في هؤلاء المتربعين اليوم على كراسي الحكم المجزي ويستبقونه للربح الذي يوفِؤُه

سنان 29/5/2015

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق